مقدمة: قُتل ما لا يقل عن (29) شخصاً وأصيب أكثر من (150) آخرين، إثر انفجار ضخم هزّ أحد الأحياء السكنية في مدينة إدلب[1] مركز المحافظة، وذلك بتاريخ 9 نيسان/أبريل 2018، وبحسب العديد من الشهادات التي حصلت عليها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فمن المرّجح أنّ يكون سبب الانفجار هو صاروخ بعيد المدى كان قد تمّ إطلاقه من البوارج الروسية في البحر المتوسط، وذلك نظراً للأضرار المادية الكبيرة التي أحدثها، إذ تسبّب الانفجار في انهيار أحد الأبنية السكنية المكونة من سبعة طوابق، كما ألحق أضراراً مادية كبيرة في المباني المجاورة، ووفقاً لشهادة أحد خبراء محافظة إدلب في مجال مخلفات الحرب، فإنّ عمق الحفرة التي سبّبها الانفجار والتي وصلت حتى (7) أمتار وبقطر وصل حتى (14) متر، تشير إلى أنّ هذا الانفجار قد يكون ناجماً عن إطلاق صاروخ بعيد المدى، فيما أفاد أحد المشرفين على مراصد الطيران الحربي في محافظة إدلب، بأنه كان قد وجه تعميماً إلى أهالي المحافظة، من أجل توخي الحذر من إطلاق صاروخ بعيد المدى من البحر المتوسط، وذلك قبيل وقوع الانفجار بلحظات.
وبحسب الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فقد تضاربت الأنباء في محافظة إدلب عمّا إذا كان الانفجار ناجماً عن سيارة مفخخة أو صاروخ بعيد المدى، مشيراً إلى أنه لم يتم العثور على أي مخلفات أو دلائل حتمية تؤكد سبب الانفجار، إلا أنه أفاد بأنّ حجم الدمار الهائل الذي سببّه هذا الانفجار، وتأكيدات شهود عيان بأنهم سمعوا صوت أحد الصواريخ بشكل واضح قبيل وقوع الانفجار بلحظات، قد تشير إلى أنّ هذا الدمار ناجم عن انفجار صاروخ بعيد المدى.
وكان قد سبق لمحافظة إدلب أن تعرضت لهجمات عنيفة من قبل القوات النظامية السورية وحلفائها في وقت سابق، إذ أعدت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة تقريراً بعنوان "مجزرة مروّعة تودي بحياة (20) شخصاً معظمهم أطفال في بلدة كفربطيخ بريف إدلب، الهجوم وقع على أحد الملاجئ في البلدة عقب احتماء المدنيين بداخله من الطيران الحربي بتاريخ 21 آذار/مارس 2018". كما كانت المنظمة قد اعدت تقريراً آخراً بعنوان "تصعيد عسكري خلال شهر آذار/مارس في محافظة إدلب"، وهو تقرير يوثق وقوع هجمات على منشآت تعليمية في إدلب المدينة ووقوع مجزرة في كفرسجنة بريف إدلب.
تفاصيل الحادثة:
في تمام الساعة (6:00) مساءً من يوم 9 نيسان/أبريل 2018، وقع انفجار ضخم جداً وسط إدلب المدينة وتحديداً في منطقة "النسيم" التي تعتبر منطقة سكنية، وقد تسبّب هذا الانفجار في مقتل وإصابة العديد من المدنيين، فضلاً عن دمار مبنىً مكون من سبعة طوابق، وهو الأمر الذي أكده "صافي حمام" وهو أحد الناشطين الإعلاميين في إدلب المدينة، إذ تحدث لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلاً:
"بمجرد سماعي للانفجار، توجّهت بسيارتي الخاصة إلى مكان الحدث حتى أوثق ما يحصل، ففوجئت بحجم الدمار الهائل الذي خلّفه الانفجار، ناهيك عن حالة الذعر والخوف التي سيطرت على كل الموجودين، نظراً لكثرة أعداد الإصابات والقتلى، إذ استمرت فرق الدفاع المدني بعمليات إخراج العالقين من تحت الأنقاض رغم صعوبة المهمة، فقد كانت معظم الأبنية المجاورة لمكان الانفجار مدمرة بشكل كبير، وتمّ توثيق مقتل (29) شخصاً، و أكثر من (150) إصابة، ولم يتبين لنا سبب هذا الانفجار لكن وبحسب الدمار الهائل الذي خلّفه، فمن الممكن أنّ يكون ناجماً عن صاروخ شديد الانفجار أطلق من البوارج الروسية، ولا سيّما أنني قمت بالبحث ولم أشاهد أي آثار أو مخلفات لسيارة مفخخة، وبحسب شهود عيان من المدينة فقد سمع أهالي المدينة صوت أحد الصواريخ بشكل واضح قبيل وقوع الانفجار بلحظات".
صورة مأخوذة بواسطة القمر الصناعي تبين موقع الانفجار
تحليل الأدلة البصرية
صورة خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تظهر جانباً من حجم الدمار الحاصل في إدلب المدينة، وذلك إثر وقوع انفجار ضخم بتاريخ 9 نيسان/أبريل 2018.
"مصطفى الحاج علي" وهو المدير الإعلامي في مديرية التربية والتعليم في محافظة إدلب، أكدّ هو الآخر لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، على أنّ العديد من شهود العيان كانوا قد سمعوا صوت سقوط صاروخ قبيل وقوع الانفجار بلحظات، وفي هذا الخصوص تحدث قائلاً:
"لقد وقع الانفجار بالقرب من مدرستي (نجيب فالح والظاهر بيبرس) في حي النسيم، وهو ما تسبّب في دمار الأثاث والوثائق في هاتين المدرستين كما أدى إلى مقتل بعض الطلاب، وعلى إثر ذلك الانفجار وما خلّفه من قتلى ومصابين، قررنا إغلاق المدارس مدة ثلاثة أيام، ولاسيما أنّ هنالك طلاب أطفال قُتلوا في الحادثة ومنهم (عبيدة نجيب وفرح كدرش)، وبحسب شهود عيان من أهالي المدينة، فمن المرّجح أن يكون الانفجار ناجم عن صاروخ بعيد المدى كان قد أطلق من البوارج الروسية."
صورة خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تظهر محاولات فرق الدفاع المدني انتشال الضحايا من تحت الأنقاض، وذلك جرّاء الانفجار الضخم الذي وقع في إدلب المدينة بتاريخ 9 نيسان/أبريل 2018.
"أحمد شيخو" وهو مدير مركز الدفاع المدني في محافظة إدلب، قال لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة بأنّ (29) مدنياً وقعوا ضحية انفجار مجهول المصدر، كان قد استهدف حياً سكنياً في إدلب المدينة، وأدى إلى أضرار مادية كبيرة، وتابع قائلاً:
"في تمام الساعة (6:00) مساءً سمعنا دوي انفجار ضخم، فتوجهنا بسرعة كبيرة إلى مكان الانفجار، إلا أنّنا صُدمنا من هو ل المشهد، فقد كان هنالك مبنى مكون من سبعة طوابق وقد سوي بكامله على الأرض فوق رؤوس ساكنيه، وبدأت فرق الدفاع المدني بإخلاء المصابين من مكان الانفجار، واستمرت بالعمل المتواصل حتى (16) ساعة تقريباً، إلى أنّ تمكنت من إخراج القتلى من بين الأنقاض وإنقاذ أربعة أشخاص على قيد الحياة، كما قامت أيضاً بإسعاف (155) شخصاً إلى عدد من النقاط الطبية."
صورة خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تظهر جانباً من الدمار الحاصل في حي "النسيم" في مدينة إدلب، وذلك إثر الانفجار الضخم الذي وقع بتاريخ 9 نيسان/أبريل 2018.
وفي شهادة أخرى أدلى بها "أبو محمد "وهو المشرف على أحد مراصد الطيران الحربي في محافظة إدلب، إذ قال لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّهم وجهوا تعميماً إلى جميع أهالي محافظة إدلب، من أجل توخي الحذر من صاروخ بعيد المدى تمّ إطلاقه من البوارج الروسية في البحر المتوسط، وذلك عند الساعة (5:55) مساءً من يوم 9 نيسان/أبريل 2018، أي قبيل دقائق فقط من وقوع الانفجار، وتابع قائلاً:
"لا تستغرق هذه الصواريخ عادةً وقتاً طويلاً حتى تصل إلى هدفها بشكل مباشر، طبعاً نحن لم نشاهد الصاروخ بالعين المجردة، لكنّ بعض المراصد القريبة من الساحل أنبأتنا بأنهم رصدوا صاروخاً بعيد المدى كان قد أطلق من البوارج الروسية، لذا قمنا بتوجيه التعميم إلى جميع أهالي محافظة إدلب في مساء ذلك اليوم، وبعد عدة دقائق فقط تمّ التعميم من قبل مرصد إدلب المدينة عن وقوع انفجار ضخم في حي النسيم."
صورة خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تظهر جانباً من الدمار الذي حلّ في حي النسيم بإدلب المدينة، وذلك إثر وقوع انفجار ضخم هناك بتاريخ 9 نيسان/أبريل 2018.
"محمد الحسين" وهو خبير في مجال مخلفات الحرب في محافظة إدلب، رجّح لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة بأنّ الانفجار الذي هزّ مدينة إدلب بتاريخ 9 نيسان/أبريل 2018، هو انفجار ناجم عن صاروخ بعيد المدى، وفي هذا الخصوص تحدث قائلاً:
"بعد معاينة موقع الانفجار، تبين لنا أنّ عمق الحفرة التي خلفها الانفجار وصلت إلى أكثر من (7) أمتار، وبقطر وصل إلى (14) متر تقريباً، وباعتقادي هذا دليل على وجود مخزون كبير من مادة (TNT) المتفجرة يمكن أن يحملها صاروخ بعيد المدى أو ما يسمى بالصاروخ العابر للقارات، ونظراً لحجم الدمار الهائل فإنّ هذا الاحتمال قد يكون مرّجحاً، أما فرضية أن يكون الانفجار ناجم عن سيارة مفخخة فحتى الآن لا توجد أي دلائل تشير إلى ذلك، بمعنى آخر فإنّ انفجار السيارة المفخخة ومهما كانت حجمه، لا يستطع إحداث حفرة بهذا العمق، ولا يمكن أن يلحق الأضرار المادية بأبنية سكنية تقع على قطر مساحته (500) متر من مكان الانفجار."
وقد استطاع الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، توثيق أسماء المدنيين الذين قضوا إثر وقوع انفجار ضخم في إدلب المدينة وذلك بتاريخ 9 نيسان/أبريل 2018، وقد كان من بينهم نساء وأطفال، وهم كالتالي:
-
سيلا زكور (طفلة).
-
سيف زكور (طفل).
-
عبيدة زيدان (طفل).
-
سنا الأسعد (طفلة).
-
اسماعيل الاسعد (طفل).
-
شهلا غاصي (طفلة).
-
غزل شاوي (طفلة).
-
ليال شاوي (طفلة).
-
خالد حمامي (طفل).
-
فرح كدرش (طفلة).
-
بشرى الأسعد.
-
عائشة الأسعد.
-
سميرة شاوي.
-
رغد جركس.
-
عهد جركس.
-
ولاء معتوق.
-
عهد شاوي.
-
مريم شاوي.
-
وفاء هنو.
-
مها هنو.
-
مروة عثمان حبق.
-
هبة ريحاوي.
-
حسناء صفية.
-
اويس البكور.
-
ياسر بطل.
-
محمد الفصيل.
-
عبيدة حازم نجيب.
-
وحيد حمادة.
-
قتيل مجهول الهوية.
[1] تخضع مدينة إدلب إلى سيطرة هيئة تحرير الشام/جبهة النصرة سابقاً.