الرئيسية تحقيقات مواضيعية فرار سجناء للمرة الثالثة من محكمة دار العدل في حوران يزيد التوتر في بعض مناطق ريف درعا الغربي

فرار سجناء للمرة الثالثة من محكمة دار العدل في حوران يزيد التوتر في بعض مناطق ريف درعا الغربي

تقرير خاص يسلّط الضوء على حادثة فرار (23) سجيناً من سجن "غرز" في محافظة درعا، آذار/مارس 2018

بواسطة wael.m
525 مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية حجم الخط ع ع ع

مقدمة: بتاريخ 16 آذار/مارس 2018، أقدم ثلاثة وعشرين سجيناً على الفرار من سجن غرز[1] الواقع في محافظة درعا والذي تتولى إدارته محكمة دار العدل في حوران[2]، وكان قد تمّ توقيف أولئك السجناء في وقت سابق من العام 2017، وذلك بعد توجيه تهمٍ لهم بالقتل والانتماء لتنظيم الدولة الإسلامية أو ما يعرف باسم تنظيم "داعش".

ووفقاً العديد من الشهادات التي حصلت عليها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فقد تمّ إلقاء القبض على (18)[3] من السجناء الفارين في أواخر شهر آذار/مارس 2018، فيما لايزال البحث مستمراً عن الباقين، كما من اللافت الإشارة إلى أنها ليست المرة الأولى التي يعمد فيها سجناء إلى الفرار من "سجن غرز"، ففي تاريخ 29 تشرين الأول/أكتوبر 2017، أقدم (20) سجيناً على الهروب من السجن للمرة الأولى، وبتاريخ 19 كانون الثاني/يناير 2018، نجح (22) سجيناً في الفرار من السجن للمرة الثانية، وكانت قد تنوعت التهم الموجهّة إلى أولئك الفارين ما بين السرقة والقتل والانتماء لتنظيم "داعش"، وقد استطاعت محكمة دار العدل في حوران القبض على عدد منهم في وقت لاحق.

وبحسب الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فقد أدت عملية الفرار الأخيرة إلى زيادة التوتر في بعض مناطق ريف درعا الغربي والتي ينحدر منها عدد من السجناء الفارين والمتهمين بجرائم قتل، مشيراً إلى أنّها أسفرت في اليوم ذاته عن اندلاع اشتباكات مسلحة ما بين عائلتي "الحلقي والجرادات" في قرية العالية بريف درعا الغربي، وذلك إثر فرار ستة سجناء من عائلة "الجرادات"، كانوا قد أدينوا بقتل شابين من عائلة "الحلقي" في وقت سابق من العام 2017.

أمّا السجناء الفارين فهم: (مؤيد خير الدين الجراد وأحمد رشيد الحريري ويونس خليل الجباوي وعلي حسن الجراد وأسعد عدنان الزرقان وإيهاب خير الدين الجراد وبلال سعيد الزرقان وخالد جمال المصري وشيراز ياسر الجراد وعبد الله نصر الحمد وأحمد ابو السل وعمر أحمد الجلم وعمر حمزة زين العابدين وعمران حسين القسيم وناصر حسين القسيم وقصي إبراهيم كناكري ومحمد أحمد الجراد ومحمد أحمد خير البريدي ومحمد أحمد البوش ومحمد تركي السموري ومحمد عدنان الزرقان ومصطفى عبد الله الجراد وأحمد جاسم حسون)،

 

أولاً: تفاصيل هروب ثلاثة وعشرين سجيناً من محكمة دار العدل:

نجح السجناء في الفرار من "سجن غرز"، من خلال إحداث فجوة أمنية بمساعدة رئيس نوبة الحرس، حيث تمكنوا من الخروج عبر الجزء المهدم من السجن والذي تمّ تدميره نتيجة قصف القوات النظامية السورية عام 2017، وهو الأمر الذي أكده لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة "عصمت العبسي" وهو رئيس محكمة دار العدل في حوران، حيث قال بأنّ العقل المدبر لحادثة الفرار تلك، هم سجناء يواجهون تهماً بالقتل وهم (بلال سعيد الزرقان وأسعد عدنان الزرقان ومحمد عدنان الزرقان)، وفي هذا الخصوص تابع قائلاً:

"تعتبر حادثة الهروب الأخيرة هي الثالثة بتاريخ المحكمة، والأسباب هي ذاتها في كل مرة، فلا يوجد استجابة أو تعاون معنا من قبل فصائل المعارضة السورية المسلحة في درعا لحل هذه المشكلة، والتي تتمثل في قلة عدد عناصر الحراسة بسبب عدم استلامهم لرواتبهم منذ فترة، فضلاً عن النقص الكبيرة في الإعداد والعتاد المناسب لعناصر الحرس، كما أن السجن بحاجة للترميم خاصة وأنه تعرّض لقصف من قبل قوات النظام السوري العام الماضي مما أدى إلى دمار أحد أجزائه، ولا تملك المحكمة قدرة مادية لتجاوز هذه المعوقات، وكان عدد السجناء الفارين (23) سجيناً، (15) منهم أُدين بتهم القتل وأما البقية فوجهت لهم تهم بالانتماء لتنظيم "الدولة الاسلامية"، ومنذ تاريخ الهروب إلى الآن  تمّ إلقاء القبض على (18) سجيناً هارباً، ومعظمهم قام بتسليم نفسه، وهذا بسبب وعي أهلهم وأقاربهم فجميع هؤلاء السجناء كان قد ارتكب جريمة قتل وقد تمّ تسليمه للمحكمة بموجب صلح عشائري تمّ في السابق بين أولياء القاتل وذوي الضحايا، وبالتالي هنالك إجماع على وجوب إبقاء هؤلاء القتلة في السجن حتى ينالوا عقابهم، وإنّ الإخلال بهذا الاتفاق قد يؤدي إلى نشوب توتر في المناطق التي تم ارتكاب جرائم القتل فيها، وأما المتهمين بالانتماء لتنظيم الدولة الاسلامية فأحكام السجن الصادرة بحقهم تتراوح ما بين الستة أشهر والخمس سنوات، وقد تواصل معي العديد من السجناء من أجل العودة للسجن. ومن خلال تحقيقاتنا مع السجناء الذين عادوا وسلموا أنفسهم، تبيّن أن المسؤولين عن حادثة الهروب هم (بلال سعيد الزرقان وأسعد عدنان الزرقان ومحمد عدنان الزرقان) وهناك تهم موجهة لهم بالقتل وقد أجبروا بقية السجناء على الهروب معهم، وبالنسبة إلى بقية السجناء الفارين فما زالوا مختفين عن الأنظار وسيتم معرفة مكانهم وإلقاء القبض عليهم."

 

صورة تظهر قائمة بأسماء السجناء الفارين من محكمة دار العدل، وذلك بتاريخ 16 آذار/مارس 2018، مصدر الصورة: محكمة دار العدل في حوران.

 

ثانياً: الإجراءات المتّخذة من قبل محكمة دار العدل في حوران لعدم تكرار حوادث الفرار:

تعاني محكمة دار العدل في حوران من عدم القدرة على القيام بالإجراءات الأمنية الخاصة بالأمور القضائية، فهنالك العديد من المتهمين بحوادث الخطف التي وقعت ما بين محافظتي درعا والسويداء، وهم يتواجدون ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية المسلحة، إلا أنّ المحكمة لم تتمكن حتى الآن من إلقاء القبض عليهم، نظراً لعدم وجود قوة أمنية مناسبة، كما أن حوادث الهروب المتكررة من سجن المحكمة، استوجبت من إدارة المحكمة القيام بإجراءات احترازية لمنع حصول حوادث مشابهة مستقبلاً، وفي هذا الخصوص تابع العبسي قائلاً:

"تمّ تقديم طلب إلى قيادة الشرطة ومجلس المحافظة في درعا اللتين تتبعان للحكومة السورية المؤقتة، بأن يستلم جهاز الشرطة مهمة حراسة السجن، وقد تمت الموافقة على هذا الطلب منذ بداية العام 2018، وما زلنا حتى الآن في انتظار التنفيذ، كما تمّ تخصيص (25 %) من إيرادات محكمة دار العدل لتكون مبالغ مالية تُسلَم لعناصر الحراسة الحاليين، مع العلم أن إيرادات المحكمة بالكاد تكفي للإطعام ونفقات السجن الأخرى، كما سيتم زيادة عناصر الحراسة ضمن الامكانيات المتاحة، وتمّ الاتفاق مع بعض فصائل المعارضة السورية المسلحة المتعاونة مع المحكمة مثل "جيش الثورة[4]" لكي تستلم مهمة حراسة مبنى المحكمة من الخارج، إلى جانب أنه سيتم تشديد العقوبة بحق عناصر الحراسة الذين تواجدوا أثناء عملية الهروب الأخيرة."

 

ثالثاً: توتر في ريف درعا الغربي نتيجة هروب بعض السجناء المتهمين بجرائم قتل:

بحسب الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فإنّ غالبية الفارين من "سجن غرز" بتاريخ 16 آذار/مارس 2018، هم من ريف درعا الغربي، وقد أصدرت عدة جهات مدنية بيانات استنكار حول حادثة الفرار الأخيرة، وطالبت بعودة هؤلاء إلى السجن وتطبيق الأحكام القضائية بحقهم.

 ففي تاريخ 16 آذار/مارس 2018، أصدرت عائلة "الجراد والمطاوعين" والتي تنحدر من مدينة الحارة في ريف درعا الغربي، بيان استنكار حول هروب ثلاثة سجناء وهم (بلال سعيد الزرقان ومحمد عدنان الزرقان وأسعد عدنان الزرقان)، ولا سيّما أنهم العقل المدبر لعملية الهروب من السجن، كما أنهم متهمون بقتل "بدران أحمد الجراد" الذي ينتمي إلى عائلة "الجراد والمطاوعين"، وقد حمَلت العائلة مسؤولية ما حدث لمحكمة دار العدل وقالت:

"نأسف على العهود والمواثيق التي التزمنا بها مع دار العدل، لذلك نحمل دار العدل مسؤولية أي تصرف تقوم به عشيرة الجراد والمطاوعين في حال مشاهدة أحد من هؤلاء في أي مكان وخاصة في مدينة الحارة."

 

صورة تظهر البيان الصادر عن عائلة "الجراد والمطاوعين" بتاريخ 16 آذار/مارس 2018، مصدر الصورة: نشطاء من مدينة الحارة.

 

 

وفي قرية العالية المجاورة لمدينة جاسم، وقعت اشتباكات مسلحة ما بين عائلتي "الحلقي والجرادات" في ذات اليوم الذي هرب فيه السجناء، وذلك إثر فرار ستة سجناء من عائلة "الجرادات"، كانوا قد أدينوا بقتل شابين من عائلة "الحلقي"، وكان قد صدر حكم بالإعدام بحقهم ثم تقدّم الطرف الآخر في القضية بطعن قضائي أدى إلى تأجيلٍ في تنفيذ الحكم، وهو ما دفع "عائلة الحلقي" إلى إصدار بيان بتاريخ 16 آذار/ارس 2018، هددت فيه بالتصعيد إن لم يقم السجناء بتسليم أنفسهم.

 

صورة تظهر البيان الصادر عن عائلة "الحلقي" وذلك بتاريخ 16 آذار/مارس 2018، مصدر الصورة: نشطاء من قرية العالية.

 

 

"محمد أبو عبد الله" هو ناشط إعلامي من مدينة جاسم، تحدث لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، حول تداعيات عملية الفرار الأخيرة على قرية العالية بريف درعا الغربي، حيث قال:

"تعود الخلافات ما بين عائلتي (الحلقي والجرادات) إلى زمن بعيد، وقد تطورت العام الماضي حيث قُتل كل من الشابين "حسان زياد الحلقي وابراهيم خليل الحلقي" على أيدي أشخاص من عائلة "الجرادات"، وذلك بتاريخ 9 كانون الثاني/يناير 2017، وبعد عدة أيام تمّ إبرام صلح عشائري فيما بينهما، وتمّ بموجبه تسليم ستة أشخاص من عائلة الجرادات إلى محكمة دار العدل وهم (مؤيد خير الدين وعلي حسن وإيهاب خير الدين وشيراز ياسر ومحمد أحمد ومصطفى عبد الله الجرادات)، وهؤلاء شاركوا بقتل الشابين من عائلة الحلقي، لكن وبعد هروب السجناء من مقر المحكمة بتاريخ 16 آذار/مارس 2018، عاد التوتر من جديد بين العائلتين، حيث أقدم عدة شبان من عائلة الحلقي على تفجير أحد المنازل وحرق أخرى تعود ملكيتها لأهالي السجناء الفارين، وتم ترحيل أهل السجناء الستة قسراً من القرية، كما أصُيبت امرأة من عائلة الحلقي بجراح نتيجة الاشتباكات، وبعد تطور الأحداث تدخلت عدة فصائل من المعارضة السورية المسلحة ومنها جيش الإسلام كقوات فصل في القرية، وفي تاريخ 19 آذار/مارس 2018، سلّم الهاربون أنفسهم لجيش الإسلام، وتمّ الاتفاق بتاريخ 24 آذار/مارس 2018، على إعادة العمل باتفاق الصلح الموقع بين العائلتين، واستكمال الحكم القضائي بحق القتلة وتنفيذه خلال الأيام القادمة."

 

 


[1] تمكنت المعارضة السورية المسلحة من السيطرة على سجن غرز في شهر آذار/مارس 2014، ويقع هذا السجن بالقرب من بلدة النعيمة الى الشرق من مدينة درعا، حيث كانت تستخدمه الحكومة السورية كسجن مدني أو كما يعرف باسم "سجن درعا المركزي"، لكن وبعد تشكيل محكمة دار العدل في حوران تم اتخاذ السجن كمقر رئيسي لها، كما تمت إعادة تفعيل السجن من جديد.

[2] في شهر تشرين الثاني/نوفمبر2014، أعلنت قيادات عسكرية وهيئات مدنية وإغاثية عن تشكيل دار العدل في حوران، على أن تكون الهيئة القضائية الوحيدة التي تمثل القضاء في محافظتي درعا القنيطرة، مع إلغاء كافة المحاكم الأخرى التابعة للفصائل المسلحة، وتتألف من عدة قضاة ويرأسها حالياً "عصمت العبسي" وتتخذ من "القانون العربي الموحد" مرجعية لها في حل الخلافات التي تحوَل إليها.

[3] لم يتمكن الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، من الحصول على أي معلومات تفيد بأسماء السجناء الفارين الذين تمّ إلقاء القبض عليهم لاحقاً، وبحسب عدة مصادر من محكمة دار العدل في حوران، فإنّ خمسة من السجناء الفارين الذين ما زالوا طليقين كانوا قد توجهوا إلى مناطق سيطرة تنظيم "داعش" في حوض اليرموك أما البقية فلم يعرف مكانهم بعد.

[4] تشكّل بتاريخ 4 كانون الأول/ديسمبر 2016، وذلك نتيجة الاندماج ما بين أربعة فصائل عسكرية تابعة للمعارضة السورية المسلحة في محافظة درعا، وهي "جيش اليرموك" و"جيش المعتز" و"المهاجرين والأنصار" و"لواء الحسن بن علي"، وفي نهاية عام 2017 انضم إليه "لواء عمر المختار".

 

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد