مقدمة: منذ بدء الحملة العسكرية الأعنف للقوات النظامية السورية وحلفائها الروس على الغوطة الشرقية بتاريخ 18 شباط/فبراير 2018، أُجبر العديد من المدنيين على الاحتماء داخل أقبية أو حفرٍ تمّ حفرها بوسائل بدائية، ظناً منهم أنها ستكون الملاذ الآمن من الموت، إلا أنّ القصف العنيف من قبل القوات النظامية السورية وحلفائها، استطاع الوصول إلى باطن الأرض، وحوّل حياة العديد من المدنيين إلى جحيم، ودمرّ عدد من الملاجئ فوق رؤوس من فيها.
ففي تاريخ 19 آذار/مارس 2018، تعرّض أحد الملاجئ في مدينة عربين إلى قصف جوي بواسطة صاروخ شديد الانفجار، وهو ما أودى بحياة عشرين مدنياً معظمهم من النساء والأطفال، وكان قد سبقها بعدة أيام وتحديداً بتاريخ 16 آذار/مارس 2018، مقتل (15) مدنياً إثر القصف الجوي الذي طال أحد الملاجئ في مدينة زملكا.
وبتاريخ 20 شباط/فبراير 2018، وقعت مجزرة مرّوعة في بلدة بيت سوى، إذ راح ضحيتها (50) قتيلاً مدنياً جلّهم من النساء والأطفال وذلك إثر القصف الذي طال أحد الملاجئ في البلدة بواسطة البراميل المتفجرة.
وبحسب الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فمنذ بدء الحملة العسكرية الأخيرة على الغوطة الشرقية وطيران الاستطلاع التابع للقوات النظامية السورية، لا يفارق سماء الغوطة الشرقية وهو يقوم بتصوير كافة المناطق وأماكن تجمعات المدنيين فيها بقصد قصفها، مشيراً إلى أنّ العديد من الأقبية في الغوطة الشرقية كانت قد تعرضت إلى قصف متعمّد، وذلك بعد توجيه عدة ضربات لها من قبل الطيران الحربي.
وكانت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة قد أعدت في وقت سابق تقريراً بعنوان "حفر الأنفاق تحت الأرض بات الأمل الوحيد للنجاة والبقاء على قيد الحياة في الغوطة"، وهو تقرير موجز يسلّط الضوء على الحالة الإنسانية المزرية لأشخاص يعيشون في أقبية تحت الأرض بسبب الحملة العسكرية الوحشية على الغوطة الشرقية، كما كانت المنظمة قد نشرت أيضاً تقريراً آخراً بعنوان "المثلث الآمن المحايد" يتحول إلى مثلثٍ للموت!"، وهو تقرير موجز يوثق التصعيد العسكري على زملكا-الغوطة الشرقية بتواريخ 11 و12 و13 و14 و15 آذار/مارس 2018.
ومن الجدير ذكره إلى أنّ القوات النظامية السورية وحلفائها كانت قد توصلت إلى اتفاق مع جيش الإسلام بتاريخ 8 نيسان/أبريل 2018، وقد قضى هذا الاتفاق بإفراج مسلحي جيش الإسلام عن جميع المخطوفين المحتجزين[1] لديهم، مقابل السماح لهم بالخروج مع أهاليهم غير الراغبين بالتسوية، إلى شمال البلاد. وكان قد سبق هذا الاتفاق اتفاقان مشابهان، الأول مع فيلق الرحمن بتاريخ 23 آذار/مارس 2018، وقد قضى هذا الاتفاق بإخراج مسلحي فيلق الرحمن وهيئة تحرير الشام/النصرة وعائلاتهم، إضافة إلى من يرغب من المدنيين إلى شمال سوريا، وقد شمل هذا الاتفاق كل من بلدات (عربين وزملكا وعين ترما وجوبر)، أما الاتفاق الثاني فقد كان مع حركة أحرار الشام الإسلامية في مدينة حرستا، وذلك بتاريخ 21 آذار/مارس 2018، وقد قضى هذا الاتفاق بإخراج مسلحي حركة أحرار الشام الإسلامية مع عائلاتهم إضافة إلى من يرغب من المدنيين إلى شمال سوريا أيضاً.
وكان مجلس الأمن الدولي قد تبنّى القرار رقم (2401) بتاريخ 24 شباط/فبراير 2018، وسط ترحيب من الأمم المتحدة، والذي طالب بوقف الأعمال العدائية في جميع أنحاء سوريا في مدّة لا تقل عن (30) يوماً متتالياً، وذلك للتمكين من إيصال المساعدات الإنسانية وتقديم خدمات الإجلاء الطبّي للمرضى والمصابين. وكان مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة قد وصف الوضع في سوريا ب"القاتم" وذلك على الرغم من صدور قرار مجلس الأمن الدولي الداعي لوقف الأعمال القتالية لمدة 30 يوما في جميع أنحاء البلاد.
أولاً: (16) طفلاً و(4) نساء ضحايا القصف على أحد الأقبية في عربين:
في تمام الساعة (6:30) مساءً من يوم 19 آذار/مارس 2018، قام طيران حربي يُعتقد أنه روسي بقصف أحد الملاجئ الكائنة في حي "الساروت" بمدينة عربين، حيث راح ضحية هذا القصف عشرين مدنياً معظمهم من النساء والأطفال، وهو الأمر الذي أكده "محمد القالش" وهو أحد أهالي مدينة عربين، حيث تحدث لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلاً:
"خلال الحملة العسكرية الأخيرة، لم يكن أهالي الغوطة الشرقية يروون ضوء الشمس، فقد أصبح الليل يستوي عندهم بالنهار، ولاسيما بعد لجوئهم إلى الأقبية والأنفاق هرباً من القصف، إلا أنّ الموت أصبح يلاحقهم حتى إلى باطن الأرض، ففي مساء يوم 19 آذار/مارس 2018، قام الطيران الحربي الروسي بقصف أحد الملاجئ الكائنة في حي الساروت بمدينة عربين، إذ تمّ قصف الملجأ بصاروخ شديد الانفجار كان قد أُطلق مباشرة باتجاه البناء الذي يوجد فيه الملجأ، فاخترق الصاروخ ثلاثة أسقف وانفجر داخل القبو، مزهقاً حياة أطفال أبرياء لا يعرفون معنى الحرب ودناءتها، فقد قتل جرّاء هذا القصف عشرين شخصاً، بينهم (16) طفلاً وأربعة نساء، مع العلم بأنّ هذا القبو كان قد تحول من مدرسة أطفال إلى ملجأ، وذلك بسبب اشتداد القصف على المدينة."
صورة مأخوذة بواسطة القمر الصناعي تبين موقع حي "الساروت" في مدينة عربين.
صور تظهر جانباً من الدمار الذي حلّ في أحد الملاجئ في مدينة عربين، إثر القصف الجوي الذي تعرض له بتاريخ 19 آذار/مارس 2018، مصدر الصورة: تنسيقية مدينة عربين.
وقد استطاع الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، توثيق أسماء الضحايا من المدنيين الذين قُتلوا نتيجة القصف على أحد الملاجئ في عربين بتاريخ 19 آذار/مارس 2018، وهم:
- الطفل محمد الحشاش.
- الطفلة ريماس الحشاش.
- الطفلة رغد ياسين.
- الطفلة رؤى ياسين.
- الطفلة نسرين العطار.
- الطفلة دعاء عباس.
- الطفلة سيدرا الشيخ قويدر.
- الطفلة سلام عبد الهادي.
- الطفلة ليلاس السقرق.
- الطفلة سلام السقرق.
- الطفلة صفا السيد إسماعيل.
- الطفلة تسنيم الشيخ قويدر.
- الطفلة نور سامر السيد حسن.
- الطفلة ياسمين سامر السيد حسن.
- الطفلة ريم علي موسى.
- الطفلة حلا عرابي.
- الشابة زينب الطويل.
- الشابة بتول البغدادي.
- الشابة هادية عرابي.
- الشابة نوال عبد الهادي.
ثانياً: ضحايا أطفال في قصف على أحد الملاجئ في زملكا:
لم تكن مجزرة عربين هي الوحيدة من نوعها في الغوطة الشرقية، فقد سبقها عدة مجازر أخرى من هذا النوع، إذ تعرّض أحد الملاجئ في مدينة زملكا إلى قصف جوي من قبل طيران حربي يُعتقد أنه روسي، وذلك بتاريخ 16 آذار/مارس 2018، وقد كان هذا الملجأ يضم العديد من الأهالي الذين نزحوا إليه من بلدات أخرى، وفي هذا الخصوص روى "علي محي الدين" وهو أحد الناشطين الإعلاميين في زملكا لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلاً:
"في تمام الساعة (8:00) صباحاً، تمّ استهداف أحد الملاجئ الواقعة بجانب جامع التوفيق في شرق مدينة زملكا، وكان يحوي بداخله على عدد كبير من العائلات النازحة، إذ تمّ استهدافه بصاروخ موجّه من قبل الطيران الحربي الروسي، وكان الصاروخ قد دخل بشكل مباشر من أحد النوافذ الصغيرة في أعلى القبو، وكانت هذه النافذة تتواجد عادة من أجل دخول بعض الهواء والضوء، إلا أنّ الصاروخ دخل منها وانفجر داخل القبو ليوقع (15) قتيلاً مدنياً جلّهم من الأطفال والنساء."
صورة مأخوذة بواسطة القمر الصناعي تبين المنطقة التي تعرضت للهجوم حيث يتواجد الملجأ.
ثالثاً: مجزرة مرّوعة في بيت سوى إثر قصف أحد الملاجئ:
بتاريخ 20 شباط/فبراير 2018، ارتكب الطيران المروحي التابع للقوات النظامية السورية، مجزرة أخرى راح ضحيتها ما لا يقل عن (50) مدنياً معظمهم من النساء والأطفال في بلدة بيت سوى، إذ قام بإلقاء برميلين متفجرين سقطا على أحد المباني التي تضم قبواً يحتمي به عدد كبير من الأهالي، وفي هذا الصدد تحدث "محمد جمعة" وهو أحد أهالي بلدة بيت سوى لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلاً:
"في تمام الساعة (4:00) عصراً وبينما كنت متواجداً في منزلي، قام الطيران المروحي بإلقاء برميلٍ متفجر على أحد المباني في البلدة، لكنني لم أسمع له أي صوت انفجار، وبعدها مباشرة عاود الطيران المروحي إلقاء برميل آخر، فانفجر البرميلين معاً، وعندما علمت بسقوط ضحايا، توجهت مباشرة إلى مكان الهجوم، والذي يقع عند مدخل بلدة بيت سوى من ناحية مدينة حمورية، فصُدمت عندما شاهدت هول الكارثة، إذ كان البرميل الأول قد سقط فوق سطح البناء المؤلف من طابقين وقبو بشكل مباشر، إلا أنه لم ينفجر، أما البرميل الثاني فكان قد سقط أمام باب القبو، لينفجر حينها وينفجر معه البرميل الأول مدمراً البناء والقبو بشكل كلّي."
وتابع جمعة بأنّ جميع الأهالي الذين كانوا يحتمون داخل القبو، إما قُتلوا من شدة الانفجار، أو أنهم قضوا خنقاً بعد تهدم المبنى فوق رؤوسهم، مشيراً إلى أنّ عائلات بأكملها قضت إثر هذه المجزرة المرّوعة وأضاف قائلاً:
"ما زاد من هول المأساة، أنّ فرق الإسعاف تأخرت في الوصول إلى مكان الهجوم، ولا سيما بعدما أضحت فرق الإسعاف والإطفاء هدفاً للطيران المروحي والحربي. لقد قاموا بانتشال جثث الضحايا بمعدات بسيطة، واستمروا بذلك مدة ثلاثة أيام متواصلة، وخصوصاً أنّ القبو كان يضم عدداً كبيراً من أهالي البلدة والنازحين إليها، كما كان هنالك عائلات قضت بأكملها خلال هذه المجزرة ومنها عائلة بيت قلاع والبقاعي والمصري وجمعة وكلهم كانوا قد دفنوا بمقبرة جماعية حفرت على عجل، وكان جلّهم من النساء والأطفال."
صورة مأخوذة بواسطة القمر الصناعي تبين المنطقة التي تعرضت للهجوم حيث يتواجد الملجأ.
صور تظهر جانبا من جثث القتلى الذين راحوا ضحية القصف على أحد الملاجئ في بلدة بيت سوى، وذلك بتاريخ 20 شباط/فبراير 2018، مصدر الصورة: المجلس المحلي الثوري لبلدة بيت سوى.
كما أظهر مقطع فيديو بثه ناشطون، شهادات حول المجزرة التي وقعت في بلدة بيت سوى، إثر القصف الذي تعرضت له أحد الأقبية هناك بتاريخ 20 شباط/فبراير 2018. حيث يُظهر الفيديو والذي تمّ تصويره بواسطة (الجمعية الطبّية الأمريكية-سامز) أحد شهود العيان والذي أفاد بالتالي:
"لقد دمر قصف الطيران الحربي مبنىً مؤلفاً من طابقين كان يضم بداخله قبواً يحتمي به العديد من المدنيين، وقد راح ضحية هذا القصف (42) مدنياً، معظمهم من النساء والأطفال".
كما روى حمزة السيد حسن وهو مدير مكتب (الجمعية الطبّية الأمريكية-سامز) في الغوطة الشرقية، حيث قال كما جاء في الفيديو:
"لم تستطع فرق الدفاع المدني الوصول إلى موقع المجزرة التي وقعت في بيت سوى، وذلك بسبب الهجمات المتكررة التي كانت تتعرض لها من قبل النظام، كما أنّ فرق الإسعاف لم تتمكن من ذلك بسبب شدة القصف على البلدة."
فيما أظهر مقطع فيديو آخر نشرته صفحة "الشرقية برس"، بعض جثامين الضحايا القتلى الذين سقطوا إثر المجزرة التي وقعت في بلدة بيت سوى بتاريخ 20 شباط/فبراير 2018.
وقد استطاع الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة توثيق أسماء (42) قتيل مدني، إثر الهجوم الذي وقع أحد الملاجئ في بلدة بيت سوى وذلك بتاريخ 20 شباط/فبراير 2018، وهم:
- الطفلة وئام شمو.
- الطفلة لينا شمو.
- الطفل زيد شمو.
- الطفلة تقى شمو.
- الطفلة عفاف شمو.
- الطفلة نجاح سلام.
- الطفلة ريما سلام.
- الطفلة نور قلاع.
- الطفلة هند قلاع.
- الطفل علي قلاع.
- الطفل حسن قلاع.
- الطفلة هاجر قلاع..
- الطفل محمد قلاع.
- الطفلة بشرى قلاع.
- الطفلة تغريد قلاع.
- الطفلة بشرى الشامي.
- الطفلة أروى سلام.
- الطفلة غزل المصري.
- الطفل أحمد المصري.
- الطفلة أريح المصري.
- الطفل عمر الديري.
- الطفل أحمد الديري.
- الطفل محمد كريم.
- الطفلة نور المصري.
- الطفلة جنان الشمال.
- فاطمة خالد عبد الرزاق وأطفالها.
- ندى كبارة.
- تهاني البقاعي.
- إسراء البقاعي.
- مريم البقاعي.
- فاطمة المدني.
- حمودة كريم.
- فاطمة مصطفى قلاع امرأة واطفالها.
- فاطمة فاروق قلاع وأطفالها.
- آلاء قلاع.
- فريال قلاع.
- رائدة جباوي.
- زهرة البقاعي.
- نور البقاعي.
- أسيمه جباوي.
- رفيقة البقاعي.
- فاتن جمعه.
[1] يُقصد بهم المحتجزين الذين تمّ اعتقالهم بسبب اتهاهم بتأييد النظام السوري.