الرئيسية تحقيقات مواضيعية هجمات على مرافق طبّية في ريف إدلب تحرم عشرات الآلاف من الخدمات الطبّية

هجمات على مرافق طبّية في ريف إدلب تحرم عشرات الآلاف من الخدمات الطبّية

"تقرير خاص يوثّق استهداف مشفى "شام الجراحي" في حاس و"بنك الدم" في سراقب في شهر شباط/فبراير 2018"

بواسطة wael.m
381 مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية حجم الخط ع ع ع

مقدّمة: تعرّضت عدة مشافٍ في ريف إدلب، إلى هجمات عنيفة من قبل القوات النظامية السورية وحلفائها، وذلك خلال شهر شباط/فبراير 2018، وقد تسبّبت هذه الهجمات في دمار تلك المشافي وخروجها عن الخدمة بشكل كامل. ففي تاريخ 14 شباط/فبراير 2018، تمّ استهداف مشفى "شام الجراحي" الكائن في بلدة حاس[1] بريف إدلب الجنوبي، بأربع غارات من قبل طيران حربي يُعتقد أنه روسي، وهو ما تسبّب في خروجه عن الخدمة بشكل كامل، وحسبما أكدّ الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فإنّ معظم المرافق الطبية في ريف إدلب الجنوبي أصبحت خارجة عن الخدمة ولا سيّما بعد استهداف مشفى "شام الجراحي" في بلدة حاس وهو آخر مرفق طبّي تمّ استهدافه.

 

ومن جانب آخر، فقد بات حوالي (65) ألف مدني في مدينة سراقب[2] بريف إدلب الشرقي، محرومون من أي خدمات طبية ومجبرون على التنقل إلى أماكن أخرى من أجل الحصول على العلاج، ولاسيما بعد سلسلة الاستهدفات التي أخرجت معظم المشافي والنقاط الطبية عن الخدمة في المدينة، والتي كان آخرها بتاريخ 5 شباط/فبراير 2018، حيث تمّ استهداف بنك الدم-مركز علاج التلاسيميا من قبل طيران حربي يُعتقد أنه روسي، وهو ما تسبّب في خروجه عن الخدمة بالكامل، وكان قد سبق للقوات النظامية السورية وحلفائها استهداف مشفى "عدي الحسين" وهو المشفى الوحيد في المدينة بتاريخ 29 كانون الثاني/يناير 2018، وهو ماحرم آلاف المدنيين من خدمات هذه المشفى وتسبّب في دماره بشكل شبه كامل.

 

وتأتي هذه الهجمات في إطار الحملة العسكرية التي شنتها القوات النظامية السورية وحلفاؤها على عموم مدن وبلدات محافظة إدلب اعتباراً من شهر تشرين الأول/أكتوبر 2017، والتي بدأتها بمحاولات للسيطرة على قرى وبلدات في ريف حماه الشمالي[3] ومن ثمّ قرى وبلدات أخرى في ريف إدلب الشرقي والجنوبي، وقد خلفت هذه الحملة عدداً من المجازر التي ارتكبت بحق المدنيين، وكان من بينها مجزرتان مروعتان وقعتا في مدينة معرة النعمان وبلدة حاس خلال شهر شباط/فبراير 2018، وذلك بحسب تقرير سابق أعدته سوريون من أجل الحقيقة والعدالة.

 

وكانت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، قد أعدت في وقت سابق تقريراً مشتركاً مع (الأرشيف السوري وبيلنغكات) بعنوان "بعد ستّة أشهر! مرافق صحية تحت النار"، وقد وثق هذا التقرير تعرض أربع مشافٍ في محافظة إدلب، لهجمات بسلاح الجو وذلك خلال الفترة الممتدة من تاريخ 3 كانون الثاني/يناير 2018، وحتى تاريخ 5 كانون الثاني/يناير 2018. كما كانت المنظمة قد نشرت بالشراكة مع منظمة الأرشيف السوري ومنظمة العدالة من أجل الحياة، وبلينغكات، ومؤسسة للرصد الجويّ تقريراً بعنوان "مرافق صحيّة تحت النار: هجمات مُمنهجة ضد مشافي إدلب خلال نيسان / إبريل 2017". يُفصّل هجمات استهدفت ثماني مشافٍ أو مرافق طبيّة خلال شهرٍ واحد ضمن محافظة إدلب.

 

أولاً: استهداف مشفى "شام الجراحي" آخر المرافق الطبية الفعّالة في ريف إدلب الجنوبي:

بتاريخ 14 شباط/فبراير 2018، تعرض مشفى "شام الجراحي" في بلدة حاس إلى قصف جوي، حيث شنّ طيران حربي يُعتقد أنه روسي أربع غارات على المشفى، أسقط خلالها عدة صواريخ شديدة الانفجار، وهو ماخلف دماراً كبيراً في أقسام المشفى وأخرجه عن الخدمة بشكل كامل، وفي هذا الخصوص تحدث "واصل الجرك" وهو مدير مشفى "شام الجراحي"، حيث قال:

"إنّ مشفى شام الجراحي هو آخر المشافي الفعّالة التي تمّ استهدافها بريف إدلب الجنوبي، وكان المشفى يخدم قرابة (88) ألف نسمة، ولاسيما بعد خروج معظم المشافي الجراحية والنسائية عن الخدمة في ريف إدلب الجنوبي بسبب تعرضهم للقصف أيضاً، وقد وصل عدد المستفيدين من خدماته في شهر كانون الثاني/يناير 2018 وحده، حوالي (8000) ألف شخص، وكان المشفى يقدم خدمات الأشعة والمخبر والعيادات الداخلية والاختصاصات الجراحية العامة، لكن وفي تمام الساعة (7:45) مساءً من يوم 14 شباط/فبراير 2018، تعرض المشفى إلى أربع غارات بصواريخ شديدة الانفجار من قبل طائرة حربية روسية-بحسب ما أنبأنا به مرصد الطيران الحربي- وقد أصابت إحدى هذه الغارات مبنى المشفى بشكل مباشر، وأدت إلى دماره بشكل شبه كامل، إضافة إلى الأضرار التي لحقت بغرف العمليات ومستودع الأدوية، كما تعرض حارس المشفى إلى إصابة خفيفة. لقد استهدفت هذه الغارات مبنى المشفى بشكل مباشر وأدت إلى خروجه عن الخدمة بشكل كامل."

 

صورة خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تظهر جانباً من الدمار الذي لحق بمشفى "شام الجراحي" في بلدة حاس بريف إدلب الجنوبي، وذلك بتاريخ 14 شباط/فبراير 2018.

 

 

وفي شهادة أخرى أدلى بها أحد الممرضين الذين كانوا متواجدين في المشفى لحظة وقوع الهجوم، مؤكداً لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ الغارات التي استهدفت مشفى "شام الجراحي" جاءت عقب تعرض بلدة معرة حرمة في ريف معرة النعمان، إلى قصف طيران حربي يُعتقد أنه روسي ايضاً، حيث تمّ نقل المصابين الذين خلّفهم هذا الهجوم إلى مشفى "شام الجراحي"، حيث تابع قائلاً:

"قبيل ساعة فقط من تعرض مشفى شام الجراحي إلى القصف، كانت بلدة معرة حرمة في ريف معرة النعمان قد تعرضت لقصف طيران حربي روسي، وذلك بحسب العديد من المراصد التي أخبرتنا بذلك، وكان هنالك عدة إصابات تمّ نقلها إلى مشفى شام الجراحي، وفي هذه الأثناء كانت طائرات الاستطلاع ترصد حركة سيارات الإسعاف وهي تتجه نحو المشفى، وفي تمام الساعة (7:55) مساءً، تمّ قصف المشفى بأول غارة، وعلى الفور قمنا بإخلاء المرضى خارج المشفى، إلا أنّ الطيران الحربي عاد ليستهداف المشفى من جديد بغارة ثانية، ووقع الصاروخ هذه المرة وسط مبنى المشفى بشكل مباشر، وهو ما أدى إلى خروج المشفى بشكل كامل عن الخدمة، والآن نحن امام كارثة إنسانية بكل معنى الكلمة، فهنالك أكثر من (300) ألف شخص مابين سكان أصليين للمنطقة ونازحين، باتوا محرومين من خدمات هذا المشفى."

 

وأظهر مقطع فيديو بثته قناة الأورينت، جانباً من الأضرار والدمار الذي حلّ بمشفى "شام الجراحي" في بلدة حاس، إثر تعرضه لقصف جوي بتاريخ 14 شباط/فبراير 2018.

 

صوؤرة خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تظهر جانباً من الدمار الذي لحق بمشفى شام الجراحي في بلدة حاس، إثر تعرضه لقصف جوي بتاريخ 14 شباط/فبراير 2018.

 

وبحسب الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فإنّ الطيران الحربي التابع للقوات النظامية السورية وحلفائها ركزّ خلال حملته العسكرية الاخيرة على ريف إدلب، على قصف المرافق الطبية ومنظومات الإسعاف، مسجلاً استهداف أكثر من (21) نقطة طبية ومشفى طبي من قبل الطيران الحربي، وكان أبرزها  مشفى "عدي الحسين" في بلدة سراقب بريف إدلب الشرقي، والمشفى الوطني في منطقة معرة النعمان ومشفى "كفرنبل الجراحي". وأضاف الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة بأنّ هدف القوات النظامية السورية من ذلك، هو إيصال مناطق ريف إدلب إلى مرحلة العجز الطبي والإنساني والخدمي من خلال استهداف المرافق الخدمية بشكل مستمر.

 

كما أصدر مكتب التنسيق والدعم لمنسقي الاستجابة في شمال سوريا بتاريخ 15 شباط/فبراير 2018، إحصائية تضمنت (21) من النقاط والمشافي الطبية التي خرجت عن الخدمة بسبب تعرضها لقصف الطيران الحربي في ريف إدلب، وذلك حتى تاريخ 15 شباط/فبراير 2018.

 

صورة تظهر الإحصائية التي أصدرها مكتب التنسيق والدعم لمنسقي الاستجابة في شمال سوريا، والتي تضمنت عدد النقاط الطبية والمشافي التي خرجت عن الخدمة في ريف إدلب، وذلك حتى تاريخ 15 شباط/فبراير 2018، مصدر الصورة: صفحة منسقو الاستجابة شمال سوريا.

 

 

ثانياً: أكثر من (65) ألف نسمة دون خدمات طبية في مدينة سراقب بريف إدلب الشرقي:

بتاريخ 5 شباط/فبراير 2018، أعلن المجلس المحلي مدينة سراقب مدينة منكوبة، وذلك بعد استهداف المنشآت الطبية والخدمية فيها وخروجها عن العمل بشكل كامل، بسبب الحملة العسكرية الأخيرة التي قامت بها القوات النظامية السورية وحلفائها والتي كان لها الدور الأكبر في قصف المراكز الصحية والمشفى الوحيد في المدينة، وهو مشفى "عدي الحسين" الذي تعرض لقصف جوي أخرجه عن الخدمة بتاريخ 29 كانون الثاني/يناير 2018، وذلك بحسب تقرير سابق أعدته سوريون من أجل الحقيقة والعدالة بالاشتراك مع "الأرشيف السوري وبيلنغكات"،  وحمل عنوان "بعد ستة أشهر المرافق الطبية مازالت تحت النار" .

 

صورة تظهر البيان الصادر عن المجلس المحلي لمدينة سراقب بتاريخ 5 شباط/فبراير 2018، والذي أعلن من خلاله سراقب مدينة منكوبة بسبب الحملة العسكرية الأخيرة للقوات النظامية السورية وحلفائها، مصدر الصورة: المجلس المحلي لمدينة سراقب.

 

 

مثنى المحمد وهو رئيس المجلس المحلي لمدينة سراقب، أكدّ لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة بأنّ الحملة العسكرية الأخيرة التي استخدمت فيها القوات النظامية السورية وحلفاؤها أنواع عديدة من الأسلحة في قصف مدينة سراقب، أدى إلى خروج جميع المنشآت الطبية والخدمية عن العمل بشكل كامل، وتابع قائلاً:

"يوجد في مدينة سراقب قرابة (65) ألف نسمة، قسم كبير منهم من النازحين الوافدين إلى المدينة، وهم يعيشون حالياً داخل هذه المدينة المنكوبة دون أي خدمات طبية، ونحن في المجلس المحلي نوجه نداءً إلى كل المنظمات الإنسانية للتدخل وتوفير الدعم المطلوب للاهالي في مدينة سراقب، فحتى الآن لايوجد أي دعم مقدم من جانب أي جهة، من أجل تفعيل المنشآت الخدمية والمرافق الصحية، ويواجه المدنيون حالياً أوضاعاً طبية مأساوية، ويعمل العديد منهم على التوجه إلى مناطق أخرى في المحافظة من أجل الحصول على بعض الخدمات الطبية."

 

حسن قدور وهو أحد الأطباء في مدينة سراقب، قال لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة بأنّ جميع النقاط الطبية في المدينة خرجت عن الخدمة بسبب تعرضها للقصف، وكان أبرزها مشفى "عدي الحسين"، إضافة إلى "بنك الدم -مركز علاج مرض الثلاسيميا"، إذ أنه تعرض لاستهداف مباشر من قبل طيران حربي يُعتقد أنه روسي بتاريخ 5 شباط/فبراير 2018، وهو ما أدى إلى خروجه عن الخدمة بشكل كامل، فضلاً عن إصابة ثلاثة من كوادره، مشيراً إلى أنّ بنك الدم كان يعتبر الأول من نوعه في محافظة إدلب، ويقدم خدماته إلى جميع سكان المحافظة، وفي هذا الخصوص تابع قائلاً:

"كان بنك الدم يقدم خدماته لكل من هو بحاجة إلى مشتقات دموية لاتتوافر في محافظة إدلب، مثل كريات الدم الحمر وصفيحات البلازمة الطازجة والمجمدة، وفي شهر كانون الثاني/يناير 2018 وحده، تمّ صرف (1240) وحدة دم، ووصل عدد المتبرعين بالدم حتى (650) شخص، بينما بلغ عدد المستفيدين من خدماته (550) مريض، إضافة إلى أنه أجرى (200) عملية نقل دم في مركز الثلاسيميا في مدينة سراقب، والآن أصبح العديد من أولئك المرضى بلا هذه الخدمات، كما أصبح هنالك حاجة ملحة إلى إعادة تأهيل بنك الدم وتوفير أجهزة طبية جديدة لمركز الثلاسيميا حتى يعود إلى العمل من جديد، ولاشك أن ذلك سيزيد من الأزمة الإنسانية الحاصلة في المدينة."

 

صورة خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تظهر جانباً من الدمار الذي تعرض له بنك الدم-مركز علاج الثلاسيميا في مدينة سراقب، وذلك إثر تعرضه لقصف جوي بتاريخ 5 شباط/فبراير 2018.

 

صورة خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تظهر جانباً من الدمار الذي لحق  ببنك الدم-مركز علاج الثلاسيميا في مدينة سراقب، إثر القصف الجوي الذي تعرض له بتاريخ 5 شباط/فبراير 2018.

 

 

تحليل الأدلة البصرية التي تُظهر
"بنك الدم" بعد استهدافه بتاريخ 5 شباط/فبراير 2018.

 

وبحسب الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فإنّ استهداف المرافق الخدمية والمنشآت الطبية في مدينة سراقب، من قبل القوات النظامية السورية وحلفائها، أدى إلى شلّ الحركة في مدينة سراقب، كما أدى إلى نزوح العديد من سكانها إلى مناطق أكثر أماناً مثل (مدينة إدلب وسرمدا وأطمة)، مشيراً إلى أنّ آلاف المدنيين في ريف إدلب الشرقي إضافة إلى ريفها الجنوبي الشرقي باتوا محرومين من الخدمات الطبية، بسبب خروج أغلب المشافي والنقاط الطبية عن الخدمة في تلك المناطق.

 

 


[1] تخضع بلدة حاس إلى سيطرة هيئة تحرير الشام/جبهة النصرة سابقاً.

[2] تخضع مدينة سراقب إلى سيطرة لواء ثوار جبهة سراقب.

[3] ويأتي هذا التصعيد من حانب القوات النظامية السورية، عقب تمكن هيئة تحرير الشام/جبهة النصرة من السيطرة على قرية أبو دالي في الريف الشمالي الشرقي لمحافظة حماة وذلك بتاريخ 9 تشرين الأول/أكتوبر 2017، إلا أنّ القوات النظامية السورية استطاعت مدعومة بالطيران الحربي التابع لسلاح الجو الروسي، استعادة هذه القرية إضافة إلى عدة قرى في ريف حماة الشمالي، وذلك بتاريخ 29 كانون الأول/ديسمبر 2017، كما تمكنت القوات النظامية السورية وحلفاؤها من التقدم بإتجاه ريف ادلب الجنوبي الشرقي، حيث سيطرت على عدة قرى مثل (عطشان و الخوين و سنجار) بتاريخ 7 كانون الثاني/يناير 2018، وذلك بهدف الوصول الى مطار "أبو الضهور" العسكري في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، ووفقاً لباحثي سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فإنّ العمليات العسكرية أسفرت عن السيطرة على المطار من قبل القوات الحكومية السورية والميليشيات المتحالفة معها بتايخ 27 كانون الثاني/يناير 2018.

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد