الرئيسية تحقيقات مواضيعية قصف الأعيان والمرافق المدنية في الغوطة الشرقية يحرم الآلاف من الخدمات

قصف الأعيان والمرافق المدنية في الغوطة الشرقية يحرم الآلاف من الخدمات

"خروج المجلس المحلي لمدينة دوما عن الخدمة نتيجة الاستهداف المتكرر من قبل الحلف السوري/ الروسي"

بواسطة wael.m
276 مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية حجم الخط ع ع ع

مقدّمة: لم تكتفِ القوات النظامية السورية/الروسية وحلفاؤها باستهداف تجمعات المدنيين خلال حملاتها العسكرية المتتالية على مدن وبلدات الغوطة الشرقية، بل كان للمؤسسات الخدمية والمدنية نصيب أيضاً من تلك الحملات، وكان أحدها المجلس المحلي لمدينة دوما[1]، إذ أن تعرضه للقصف أربع مرات متتالية، تسبّب في خروجه عن الخدمة وتدميره بشكل كبير.

وبحسب تقرير سابق أعدته سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فإنّ الاستهداف الأول للمجلس المحلّي في مدينة دوما وقع بتاريخ 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، وذلك عقب (48) ساعة فقط على دخول قافلة الأمم المتحدة إلى مدينة دوما، حيث تعرضت مستودعات المجلس المحلي للقصف الجوي، وهو ما أدى إلى إتلاف جزء كبير من المساعدات الإنسانية التي أودعت في تلك المستودعات.

وبتاريخ 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، عاودت القوات النظامية السورية وحلفائها استهداف المجلس المحلي للمرة الثانية، إذ تمّ قصفه بصواريخ محملة بذخائر عنقودية، وهو ما أدى إلى مقتل أحد موظفيه.

ومع بداية العام 2018، وتحديداً بتاريخ 13 كانون الثاني/يناير 2018، تمّ استهدافه للمرة الثالثة بصواريخ أرض-أرض، وهو ما ألحق أضراراً مادية كبيرة فيه.

وبتاريخ 6 شباط/فبراير 2018، تمّ استهداف المجلس المحلي للمرة الرابعة على التوالي، حيث تعرض لقصف جوي أدى إلى خروجه عن الخدمة، وتعليق الدوام فيه.

أولاً: الحملات العسكرية المتتالية على الغوطة الشرقية:

تنوعت الحملات العسكرية التي شنتها القوات النظامية السورية وحلفائها على كافة مدن وبلدات الغوطة الشرقية، إذ بدأت الحملة الأولى بتاريخ 15 تشرين الثاني/نوفمبر2017، عقب معركة "بأنهم ظلموا"[2] التي أطلقتها "حركة أحرار الشام الإسلامية" المعارضة بتاريخ 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، وذلك من أجل السيطرة على "إدارة المركبات العسكرية" في في مدينة حرستا، وقد استمرت هذه الحملة حتى أواخر الشهر ذاته، مخلفة مئات القتلى والجرحى في صفوف المدنيين، وما إن انتهت الحملة الأولى حتى ألحقتها القوات النظامية السورية بحملة ثانية ابتدأت بتاريخ 29 كانون الأول/ديسمبر 2017، وذلك بالتزامن مع إعلان "حركة احرار الشام الإسلامية" عن المرحلة الثانية[3] من المعركة، إذ استمرت هذه الحملة حتى منتصف شهر شباط/فبراير 2018، وكانت هدف القوات النظامية السورية من الحملة هو استعادة السيطرة على المباني التي خسرتها في "إدارة المركبات العسكرية" في مدينة حرستا شرقي دمشق.

وفي يوم 17 شباط/فبراير 2018، قامت القوات النظامية السورية والميليشيات التابعة لها بحشد عدد كبير جداً من الآليات والجنود في عدّة نقاط متاخمة للغوطة الشرقية، وبحسب مصادر عسكرية فإنّ هذه الحشود جاءت كجزء من تحضيرات للعمليات العسكرية التي تشارك فيها "قوات النمر" التابعة ل"سهيل الحسن" من أجل السيطرة على عموم منطقة الغوطة الشرقية، وقد بدأت هذه الحملة بقصف مكثف، سواء من خلال الطيران الحربي و طائرات هلكوبتر أوالمدفعية الثقيلة، مخلفةً منذ بداية هذه الحملة وحتى تاريخ إعداد هذا التقرير، أكثر من (200) قتيل مدني بحسب الباحثة الميدانية لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة.

ثانياً: استهداف المجلس المحلي أربع مرات متتالية:

تعرض المجلس المحلي لمدينة دوما خلال الحملات السابقة إلى الاستهداف أربع مرات متتالية، كانت أولها بتاريخ 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، وذلك عقب (48) ساعة فقط من دخول وفد الأمم المتحدة إلى مدينة دوما لإدخال المساعدات الإنسانية، حيث قام المجلس المحلي لمدينة دوما باستقبال الوفد واستلام السلات الغذائية المخصصة لأهالي دوما ووضعها في المستودع الرئيسي للمجلس ليعمل على توزيعها على الأهالي، إلا أنّ القصف الجوي كان الأسبق حيث تعرضت المستودعات للقصف المباشر بغارة جوية أدت إلى تلف ما يقارب (40 %) من المواد الغذائية المودعة فيه وحرمان المدنيين المحاصرين منها. وذلك بحسب تقرير أعدته سوريون من أجل الحقيقة والعدالة.

وبعد أربعة أيام فقط من الاستهداف الأول، وتحديداً بتاريخ 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، تمّ استهداف المجلس المحلي للمرة الثانية، وتعرض للقصف الجوي بصواريخ محملة بذخائر عنقودية، وهو ما أدى إلى إصابة أحد موظفي المكتب الرئاسي في المجلس، والذي قضى بعد أيام متأثراً بجراحه التي أصيب بها.

صورة خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تظهر جانباً من الدمار الذي لحق بمبنى المجلس المحلي لمدينة دوما، إثر القصف الجوي الذي تعرض له بتاريخ 6 شباط/فبراير 2018

صور خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تظهر مستودع الأغذية التابع للمجلس المحلي الذي تم استهدافه للمرة الأولى بتاريخ 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2017.

ومع انتهاء العام 2017، ازدادت الحملة العسكرية التي قامت بها القوات النظامية السورية وحلفاؤها على الغوطة الشرقية عنفاً وشراسة، وهو ما أعاق وصول العديد من موظفي المجلس المحلي إلى عملهم، الأمر الذي أدى إلى إقرار عطلة مدتها ثلاثة أيام، إذ بدأت اعتباراً من تاريخ 31 كانون الأول/ديسمبر 2017.

صورة تظهر قرار العطلة الذي أقره المجلس المحلي بتاريخ 30 كانون الأول/ديسمبر 2017، مصدر الصورة: المجلس المحلي لمدينة دوما.

وبتاريخ 13 كانون الثاني/يناير 2018، تعرض المجلس المحلي لمدينة دوما إلى استهداف ثالث بأربع صواريخ أرض-أرض شديدة الانفجار، وهو ما أدى إلى تضرر المرآب هذه المرة، وتعطل عدد من الآليات الخدمية التي كانت تستخدم لتسيير الخدمات في المدينة، من فتح طرقات وإزالة الردم الناجم عن القصف وتفقد البنى التحتية وما إلى ذلك، وهو ما تسبّب في الإضرار بمصالح المدنيين نتيجة إعاقة عمل الهيئات الخدمية.

وعلى إثر ذلك أصدر المجلس المحلي لمدينة دوما بياناً بتاريخ 20 كانون الثاني/يناير 2018، أدان فيه القصف الذي أدى إلى دمار البنية التحتية لمرآب المجلس المحلي.

صورة تظهر جانباً من آثار القصف الذي طال المرآب في المجلس المحلي لمدينة دوما، وذلك بتاريخ 13 كانون الثاني/يناير 2018، مصدر الصورة:  المجلس المحلي لمدينة دوما.

صورة أخرى تظهر جانباً من آثار الدمار الذي لحق بآليات المجلس المحلي المخصصة لرفع الردم، وذلك نتيجة القصف الذي تعرض له المرآب بتاريخ 13 كانون الثاني/يناير 2018، مصدر الصورة: المجلس المحلي لمدينة دوما.

صورة تظهر البيان الصادر عن المجلس المحلي لمدينة دوما بتاريخ 20 كانون الثاني/يناير 2018، والذي أدان فيه قصف المجلس وإلحاق الضرر بالآليات، مصدر الصورة: المجلس المحلي لمدينة دوما.

أما الاستهداف الرابع فقد وقع بتاريخ 6 شباط/فبراير 2018، حيث تعرض المجلس المحلي إلى قصف عنيف من قبل الطيران الحربي، وهو ما أدى إلى خروجه عن الخدمة وتدمير جزء منه، فضلاً عن الأضرار المادية التي لحقت بمكاتب الموظفين.

وعلى إثر ذلك أصدر المجلس المحلي بياناً بتاريخ 6 شباط/فبراير 2018، أعلن فيه إيقاف العمل بشكل كامل نتيجة تعذر تسيير الأعمال بسبب الضرر اللاحق فيه.

وبعد عدة أيام تمّ الإعلان عن خطة طوارئ، تتضمن عودة بعض مكاتب المجلس المحلي إلى دوام جزئي، ومنها مكتب النظافة، وإزالة الردم وفتح الطرقات والمكتب الرئاسي، وذلك نظراً لحاجة المدينة إلى تفعيلها ولا سيما في ظل الوضع الأمني المتردي واحتياج المدنيين إلى تسيير الخدمات.

صور خاصّة بسوريّون من أجل الحقيقة والعدالة تظهر جانباً من الدمار الذي لحق بمبنى المجلس المحلّي لمدينة دوما، إثر القصف الجوّي الذي تعرّض له بتاريخ 6 شباط/فبراير 2018

صورة تظهر القرار الصادر عن المجلس المحلي بتاريخ 6 شباط/فبراير 2018، والذي تضمن إيقاف الدوام إلى أجل غير مسمى، مصدر الصورة: المجلس المحلي لمدينة دوما.

صورة تظهر القرار الصادر عن المجلس المحلي لمدينة دوما بتاريخ 12 شباط/فبراير 2018، والذي أعلن فيه عن بدء الدوام الجزئي في المجلس ضمن خطة طوارئ.
 مصدر الصورة: المجلس المحلي لمدينة دوما.

وحسبما أكدت الباحثة الميدانية لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فإنّ هدف القوات النظامية السورية من استهداف المجلس المحلي أربع مرات على التوالي، هو الرغبة في ضرب وسائل تسيير الخدمات والأمور الحياتية والبنى التحتية في الغوطة الشرقية، والتي تعين المدنيين على تجاوز الحصار المرهق المفروض عليهم منذ عدة أعوام، ويُضاف إلى ذلك رغبة القوات النظامية السورية في تعطيل الحياة في الغوطة الشرقية، والضغط على المدنيين للقبول بأي خيار يطرح في أي جلسة تفاوض.

"بيان ريحان" وهي رئيسة المكتب الإعلامي في المجلس المحلي لمدينة دوما، تحدثت حول الاستهدافات المتكررة التي تعرض لها المجلس وعن الأهداف وراء ذلك، حيث قالت:

"قام النظام باستهداف المجلس المحلي أربع مرات متتالية منذ شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2017 وحتى يومنا هذا، وذلك من خلال الطيران الحربي والقصف المدفعي، ومن اللافت بأنّ هذا الاستهداف هو استهداف مباشر ومتعمد للمجلس المحلي من أجل تعطيل مصالح المدنيين، بما أنّ المجلس المحلي هو المؤسسة المدنية الخدمية في المدينة. وقد ألحق القصف أضراراً بعدد من المشاريع كمشروع الكهرباء الذي عملنا عليه بالتعاون مع منظمة "تطوير" من أجل تغذية مدينة دوما بالكهرباء، وإنشاء محطة توليد رئيسية مع ملحقاتها اللازمة، كما أنه ألحق أضراراً بمشاريع أخرى كالمشاريع الزراعية إضافة إلى الأعمال الإدارية، ويمكننا القول بأنّ عمليات الاستهداف ألحقت أضراراً بالمجلس المحلي بنسبة (90 %)، فضلاً عن الأساسات التي تأثرت بالقصف والبنية التحتية، ومنذ قرابة شهر تم تدمير أربع آليات تستعمل لرفع الأنقاض تتبع للمجلس بسبب القصف الذي طالها. ونحن الآن في المجلس المحلي بحاجة إلى إعادة تأسيس حتى نتمكن من العودة إلى العمل."

وأضافت ريحان بأنّ موظفي المجلس كان لهم أيضاً نصيب من الحملات والقصف، حيث قُتل اثنان منهم الأول (رياض نعسان) وهو أحد موظفي المجلس المحلي، إذ تعرض للإصابة عقب استهداف المجلس المحلي بتاريخ 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، وقضى متأثراً بجراحه بتاريخ 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، بينما قُتل الآخر مع عائلته المؤلفة من زوجة وطفلين في قصف طال منزله في مدينة دوما، وذلك بتاريخ 4 شباط/فبراير 2018.

وقد كانت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة قد أصدرت تقريراً/ورقة حقائق بعنوان "كأنّها القيامة" لخّصت فيه أبرز الهجمات والمجازر التي تعرّضت لها مدن وبلدات الغوطة الشرقية ابتداءاً من نهاية شهر كانون الأول/ديسمبر 2017.

 


[1] تخضع مدينة دوما إلى سيطرة جيش الإسلام.

[2] أسفرت المعارك خلال المرحلة الأولى من معركة "بأنهم ظلموا"، عن مقتل عدد من عناصر القوات النظامية السورية إلى جانب سيطرة حركة أحرار الشام الإسلامية على أجزاء كبيرة من إدارة المركبات العسكرية في مدينة حرستا

[3] أدت المعارك في المرحلة الثانية، إلى فرض حصار على إدارة المركبات العسكرية من قبل حركة أحرار الشام الإسلامية، إضافة إلى السيطرة على كلٍ من "حي العجمي" و "الفرن الآلي" و "حي الحدائق" الممتدة على الطريق الواصل مابين مدينتي حرستا وعربين من جهة غرب إدارة المركبات العسكرية.

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد