مقدمة: بتاريخ 3 كانون الثاني/يناير 2018، تمكنت القوات النظامية السورية من فرض سيطرتها بالكامل على منطقة بيت جن الواقعة في ريف دمشق الغربي، وذلك بعد حصار كانت قد فرضته على عدة قرى فيها منذ أكثر من أربعة أعوام مثل (بيت جن ومزرعة بيت جن ومغر المير)[1]، إذ أنها دفعت/أجبرت تلك القرى على الدخول في اتفاق تسوية[2] بتاريخ 27 كانون الأول/ديسمبر 2017، وذلك مقابل وقف الحملة العسكرية العنيفة التي كانت قد بدأتها على تلك القرى اعتباراً من شهر أيلول/سبتمبر 2017، والتي استخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة إلى جانب استخدام الطيران الحربي، وهو ما أسفر عن سقوط العديد من الضحايا المدنيين، فضلاً عن الدمار الذي لحق بممتلكاتهم.
ووفقاً للعديد من الشهادات التي حصلت عليها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في أواخر شهر كانون الأول/ديسمبر 2017، وبدايات شهر كانون الثاني/يناير 2018، فقد تمّ البدء بتنفيذ البعض من بنود هذا الاتفاق بتاريخ 29 كانون الأول/ديسمبر 2017، إذ تمّ إخراج عشرات المقاتلين من "هيئة تحرير الشام، جبهة النصرة سابقاً" وعائلاتهم إلى جانب البعض من مقاتلي فصائل المعارضة الأخرى، باتجاه محافظتي إدلب ودرعا.
وبتاريخ 30 كانون الأول/ديسمبر 2017، تمّت مبادلة الأسرى وجثث المقاتلين الذين سقطوا خلال الحملة العسكرية الأخيرة على المنطقة، حيث استلمت القوات النظامية السورية (10) أسرى وجثة واحدة لأحد مقاتليها، فيما استلمت قوات المعارضة السورية أسيرين وأربع جثث لعناصر من مقاتليهم.
وفي يومي 2 و3 كانون الثاني/يناير 2018، تمّ تسليم عدة مواقع عسكرية استراتيجية بمحيط بلدة مزرعة بيت جن للقوات النظامية السورية، ومن أهمها (التلول الحمر وتل اللوز)، وفي يومي 7 و8 كانون الثاني/يناير 2018، تمّ استكمال تنفيذ بنود الاتفاق، إذ توجّه عشرات الشبان المقاتلين من قريتي بيت جن ومزرعتها إلى قرية حينة المجاورة، وذلك من أجل "إجراء تسوية" مع القوات النظامية السورية وتعهدّهم بأداء خدمة العلم الإلزامية ضمن صفوفها.
ووفقاً لمراسل سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فإنّ القوات النظامية السورية في المقابل لم تلتزم حتى الآن بكافة بنود الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه بدون وجود أي طرف ضامن، إذ أنها لم تسمح بفتح الطرقات وإدخال المواد الغذائية والطبية إلى منطقة بيت جن، كما أنها لم تسمح للمدنيين النازحين من أهالي المنطقة بالعودة إلى منازلهم حتى الانتهاء من كتابة هذا التقرير (أواخر شهر كانون الثاني/يناير 2017)، ماجعل العديد منهم يتخوفون من مصير مجهول.
خارطة توضيحية تظهر المناطق التي كانت محاصرة في الغوطة الغربية بريف دمشق الغربي.
خارطة توضيحية تظهر الغوطة الغربية بريف دمشق الغربي بعد سيطرة القوات الحكومية السورية عليها.
صورة خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تظهر الدمار الذي حلّ بقرية بيت جن في ريف دمشق نتيجة قصف القوات النظامية السورية لها في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2017، وقد تمّ التقاط هذه الصورة بتاريخ 20 تشرين الثاني/نوفمبر2017.
أولاً: أهمية منطقة بيت جن:
تعتبر بلدات (بيت جن ومزرعة بيت جن ومغر المير) في الغوطة الغربية ذات موقع جغرافي هام، وذلك بسبب موقعها المطل على الجولان السوري المحتل من قبل اسرائيل، فضلاً عن قربها من مزارع "شبعا" في الجنوب اللبناني والتابع لسيطرة حزب الله اللبناني، ومع سيطرة القوات النظامية السورية على هذه المناطق، يصبح ريف دمشق الغربي خالياً تماماً من وجود فصائل المعارضة المسلحة أو الفصائل الجهادية المناهضة لها.
ثانياً: الأيام التي سبقت عملية التسوية:
في بداية شهر أيلول/سبتمبر 2017، بدأت القوات النظامية السورية مدعومة بالقوات الحليفة لها من بعض القرى مثل (حضر وحرفا والمقروصة[3] وحينة[4])، حملة عسكرية عنيفة بهدف السيطرة على بلدات (بيت جن ومزرعة بيت جن وقرية مغر المير)، حيث لجأت إلى استخدام مختلف أنواع الأسلحة بما فيها من القصف بالبراميل المتفجرة ووصواريخ تم إطلاقها عن طريق غارات جوية نفذها الطيران الحربي، وهو الأمر الذي تسبّب في مقتل وإصابة العديد من المدنيين، وقد استمرت هذه الحملة العسكرية إلى أن سيطرت القوات النظامية السورية على قرية "مغر المير" بعد انسحاب قوات المعارضة السورية المسلحة منه، وذلك بتاريخ 26 كانون الأول/ديسمبر 2017. وعلى إثر ذلك أصبحت القوات النظامية السورية على بعد (1) كم تقريباً من بلدة "مزرعة بيت جن".
كما تسبّب ذلك في تقطيع أوصال المناطق المتبقية تحت سيطرة قوات المعارضة السورية المسلحة في بلدة بيت جن ومزرعتها، حيث أصبحت جميع هذه المناطق مستهدفة نارياً من قبل القوات النظامية السورية، علماً بأنّ بلدة "مغر المير" يحيط بها تلال استراتيجية وجميعها تابعة لسيطرة القوات النظامية السورية مثل (البرادعية والظهر الأسود).
عقب التقدم العسكري الذي أحرزته القوات النظامية السورية، وافقت قوات المعارضة السورية المسلحة على دخول وفد مفاوض إلى بلدة "بيت جن" للبحث في وقف تلك الهجمة العسكرية، وتحديداّ بتاريخ 27 كانون الأول/ديسمبر 2017، وفي هذا الصدد تحدث "محمد عمر" وهو أحد نشطاء بلدة بيت جن قائلاً:
"تضم منطقة بيت جن عدداً من القرى وهي (بيت جن ومزرعة بيت جن ومغر المير وبيت سابر وبيت تيما وكفرحور إضافة إلى قسم من بلدة سعسع)، وقد خضعت بعض هذه القرى لسيطرة فصائل المعارضة المسلحة على مراحل مختلفة، ففي العام 2012 سيطرت الأخيرة على بلدة بيت جن ومزرعة بيت جن، وأصبحت المنطقة في هذه الفترة شبه محاصرة وصعب الوصول إليها، أما بلدة مغر المير فقد تمّ السيطرة عليها من قبل فصائل المعارضة في العام 2014، وقاموا بالانسحاب منها بتاريخ 26 كانون الأول/ديسمبر 2017، مع الإشارة إلى أنّ معظم قاطني هذه البلدة ينتمون للطائفة الدرزية. لقد بدأت فكرة المصالحات في المنطقة عندما تمّ عقد تسوية في منطقة "خان الشيح" وتحديداً بتاريخ 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2016، ومنذ ذلك الوقت دخل ملف المصالحات إلى الغوطة الغربية بشكل واسع، فبدأت عملياً في منطقة حسنو ومنطقة سعسع، حيث تمّ ذلك بوساطة مباشرة من قبل مذيعة في التلفزيون السوري وتدعى (كنانة حويجة) وبدعم من القوات الروسية، وعلى إثر ذلك تمّ عقد تسوية في منطقة سعسع ومن ثمّ تسويات في مناطق( بيت سابر وبيت تيما وكفرحور)."
وتابع محمد بأنّه وعقب التوصل إلى تلك التسويات تمّ تشكيل ماسُمي بفوج الحرمون[5]، إذ ضمّ في صفوفه مقاتلين معارضين سابقين كانوا قد رفضوا الخروج إلى محافظة إدلب، كما أصبح ذلك الفوج تابعاً لمركز الدفاع الوطني في القنيطرة، فضلاً عن أنه يتلقى الدعم بشكل مباشر من "فرع سعسع الأمني" والتابع لشعبة المخابرات العسكرية في مدينة دمشق، وتابع محمد قائلاً:
"بعد عقد هذه المصالحات اشتد الحصار أكثر فأكثر على منطقة بيت جن، وعملياً أصبحت فصائل المعارضة المسلة مسيطرة على عدة مناطق فقط وهي بيت جن ومزرعة بيت جن ومغر المير، وكان هنالك تعهد من جانب فوج الحرمون بعدم مهاجمة المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، إلا أنّ القوات النظامية السورية كانت قد بدأت حملة عسكرية على تلك المناطق قبل حوالي أربعة أشهر، وكانت الفرقة الرابعة هي من تقود تلك الحملة بقيادة العميد "غيث دلّة"، إلى جانب ميليشيا قوات "الفارس"[6] والتي يترأسها العقيد "فراس كريدي"، وعقب ثلاثة أشهر من تلك الحملة أحرز النظام تقدماً كبيراً وسيطر على عدد من التلال الاستراتيجية (البرادعية والظهر الأسود)، وقد بدا واضحاً فشل فصائل المعارضة المسلحة في فك الحصار عن منطقة بيت جن، فبدأت بعدها جولة مفاوضات جديدة بقيادة المذيعة "كنانة حويجة" مقابل خمسة مفاوضين من المعارضة السورية المسلحة وهيئة تحرير الشام، وبالفعل تمّ توقيع اتفاق التسوية بتاريخ 27 كانون الأول/ديسمبر 2017، وبدأ انسحاب فصائل المعارض المسلحة وتسليمها جميع النقاط التي كانت تسيطر عليها."
ثالثاً: بنود اتفاق التسوية:
وفقاً لمراسل سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فإنّ وفداً تابعاً للقوات النظامية السورية كان قد دخل إلى منطقة بيت جن بتاريخ 24 كانون الأول/ديسمبر 2017، وعرض مبادرة تتضمن خيارين لا ثالث لهما، وهما إما الاستسلام أو إبادة المنطقة، وقد جاء ذلك بعد سيطرة القوات النظامية السورية على سلسلة من التلال الاستراتيجية التي تطل على بلدة مغر المير مثل (البرادعية والظهر الأسود وتل مروان)، وذلك بتاريخ 17 كانون الأول/ديسمبر 2017.
وبسبب هذا الضغط العسكري وافقت قوات المعارضة السورية المسلحة على البدء بالتفاوض، إذ كان من نتائج ذاك التفاوض ترحيل مقاتلي هيئة تحرير الشام/جبهة النصرة سابقاً، مع عائلاتهم إلى محافظتي إدلب ودرعا، وذلك مقابل وقف الحملة العسكرية، وبتاريخ 29 كانون الأول/ديسمبر 2017، تمّ البدء بتطبيق هذا الاتفاق، وفي هذا الخصوص تحدث فايز الجنايني-اسم مستعار- وهو أحد ناشطي بلدة بيت جن المطلعين على اتفاق التسوية ذاك، حيث قال:
"خلال الهجوم العنيف الذي تعرضت له منطقة بيت جن في منتصف شهر كانون الأول/ديسمبر 2017، بعث النظام بعدة رسائل لفصائل المعارضة المسلحة، وطالبهم فيها بتسليم المنطقة مهدداً إياها بتدمير المنطقة إن لم يتم ذلك، وبسبب هذا الضغط العسكري من قبل قوات النظام، وبتاريخ 24 كانون الأول/ديسمبر 2017، تمت الموافقة على دخول وفد تفاوضي تابع للنظام بقيادة الإعلامية "كنانة حويجة" وشخصيات عسكرية أخرى، إذ تمّ الاتفاق على خروج مسلحي هيئة تحرير الشام من قرية مغر المير مقابل وقف القصف الحاصل من قبل قوات النظام، ومن ثمّ البدء في مفاوضات التسوية التي تشمل قريتي بيت جن ومزرعتها، وبالفعل وبتاريخ 26 كانون الأول/ديسمبر 2017، دخلت قوات النظام إلى قرية مغر المير بعد انسحاب هيئة تحرير الشام منها."
وتابع الجنايني بأنّ وفد القوات النظامية السورية عاد في اليوم التالي وتحديداّ بتاريخ 27 كانون الأول/ديسمبر 2017، إذ أنه اجتمع مع وفد المعارضة المكون من ثلاثة قادة عسكريين ومتحدث باسم قوات اتحاد "جبل الشيخ" إضافة إلى ناشط إعلامي من قرية بيت جن، موضحاً بأنه تمّ الاتفاق على مايلي:
- إعادة سيطرة القوات النظامية السورية على عدة نقاط تحيط بمنطقة بيت جن مثل (التلول الحمر وتل اللوز)، إلى جانب تسليم المعارضة السورية المسلحة سلاحها الثقيل وجزء من السلاح المتوسط.
- تسوية أوضاع مقاتلي المعارضة السورية المسلحة بحيث تضمن القوات النظامية السورية بقاءهم ضمن منطقة بيت جن وأداءهم خدمة العلم الإلزامية داخل قراهم.
- خروج مسلحي هيئة تحرير الشام وعائلاتهم إضافة إلى من يرغب من بقية فصائل المعارضة، من منطقة بيت جن إلى محافظتي إدلب ودرعا، ويجب على مقاتلي المعارضة المسلحة الذين قدموا من درعا، ودخلوا منطقة بيت جن عبر الجولان السوري من أجل مؤازرة باقي فصائل المعارضة، أن يعودوا من ذات الطرق التي جاءوا منها.
- عودة المدنيين الذين نزحوا من منطقة بيت جن خلال فترة الحصار، وعدم التعرض لهم أو اعتقالهم من قبل القوات النظامية السورية.
- إعادة إعمار منطقة بيت جن وعودة الخدمات وإدخال جميع المواد الغذائية والطبية إليها.
- التعهد من قبل القوات النظامية السورية بعدم السماح لعناصر فوج "الحرمون" بالدخول إلى قريتي بيت جن ومزرعتها.
- انخراط كافة عناصر المعارضة المسلحة ضمن تشكيل جديد بقيادة "إياد الكمال" والملقب "مورو"، بحيث يكون تابعاً لشعبة المخابرات العامة التابعة للقوات النظامية السورية، وذلك لحفظ الأمن داخل قررية بيت جن ومزرعتها.
- تبادل أسرى وجثث موجودة لدى الطرفين.
- وقف الحملة العسكرية على منطقة بيت جن في حال الموافقة على جميع البنود السابقة.
رابعاً: البدء بتنفيذ اتفاق التسوية:
وأضاف الجنايني بأنّ الاتفاق الذي تمّ التوصل إليها مع غياب أي ضامن، قضى بأنّ يتم تنفيذ تلك البنود تدريجياً اعتباراً من تاريخ 29 كانون الأول/ديسمبر 2017، وفي هذا الخصوص تابع قائلاً:
"بتاريخ 29 كانون الأول/ديسمبر 2017، دخلت عشر حافلات إلى قرية بيت جن ومعها عدد من سيارات الإسعاف وسيارات تابعة للهلال الأحمر العربي السوري، إذ قامت بنقل عناصر من هيئة تحرير الشام مع عائلاتهم إلى محافظتي درعا وإدلب، فتوجه إلى محافظة إدلب أربع حافلات وعلى متنها (94) شخصاً من ضمنهم (60) مسلحاً من هيئة تحرير الشام إلى جانب (5) من مسلحي المعارضة، أما البقية فقد كانوا عائلات المسلّحين المهجرين، بينما توجهت إلى محافظة درعا ست حافلات وسيارتي إسعاف، وعلى متنها مايقارب (165) شخصاً ومن ضمنهم (80) مسلحاً من هيئة تحرير الشام فيما كان البقية من عائلات المسلحين المهجرين، ومن اللافت الإشارة إلى أنّ جميع مسلحي هيئة تحرير الشام الذين خرجوا من منطقة بيت جن، كانوا قد جاءوا إليها من مناطق مجاورة، مثل (قطنا وحسنو وسعسع) وبعضهم من جنسيات لبنانية وأردنية، ولم يخرج من منطقة بيت جن سوى خمس عائلات من سكانها الأصليين."
وأشار الجنايني إلى أنه وبتاريخ 30 كانون الأول/ديسمبر 2017، تمت مبادلة الأسرى وجثث المقاتلين الذي سقطوا خلال الحملة الأخيرة على منطقة بيت جن، حيث استلمت القوات النظامية السورية (10) أسرى وجثة واحدة ومعظمهم من المقاتلين، فيما استلمت قوات المعارضة السورية أسيرين وأربع جثث من مقاتليهم، وفي يومي 2 و3 كانون الثاني/يناير 2018، تمّ تسليم عدة مواقع عسكرية استراتيجية بمحيط بلدة مزرعة بيت جن للقوات النظامية السورية، ومن أهمها (التلول الحمر وتل اللوز)، وأضاف الجنايني قائلاً:
"في يومي 7 و8 كانون الثاني/يناير 2017، تمّ استكمال تنفيذ ما اتُفق عليه، حيث توجه عشرات الشبان المقاتلين من قريتي بيت جن ومزرعتها إلى قرية حينة المجاورة، وذلك من أجل إجراء تسوية إذ تمّ توقيعهم على تعهد يقضي بعدم القيام بعمليات "إرهابية" مرة أخرى، مع الإشارة إلى عدم معارضة النظام السوري في المستقبل، كما تمّ إعطاؤهم وعود بتأدية خدمة العلم الإلزامية داخل قريتي بيت جن ومزرعتها."
خامساً: القوات النظامية السورية لم تلتزم بتعهداتها :
وقال الجنايني لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ المعارضة السورية المسلحة نفذت كامل البنود التي تمّ الاتفاق عليها، وفي المقابل لم تلتزم القوات النظامية السورية بكامل ماتعهدت به، ولا سيّما فيما يتعلق بفتح الطرقات وإدخال المواد الغذايئة والطبية، كما أنها لم تسمح للمدنيين النازحين بالعودة إلى منازهم، ولم تدخل أي فرق لإصلاح البنية التحتية التي تمّ تدميرها بالكامل نتيجة القصف العنيف الذي تعرضت له على مدار أربعة أعوام من قبل القوات النظامية السورية، وفي هذا الخصوص تحدث "مؤيد سالم" وهو أحد أهالي قرية مزرعة بيت جن لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلاً:
"خلال شهر أيلول/سبتمبر 2017، تمكنت من إخراج زوجتي وطفلي من منطقة بيت جن إلى قرية بيت سابر، من أجل حمايتهم من خطر الحملة العسكرية الأخيرة التي بدأتها قوات النظام على منطقة بيت جن، وقد قدم لنا النظام السوري خلال إجراء التسوية، وعوداً عدة ومنها فتح الطرقات وعودة المدنيين الذين فروا من المنطقة نتيجة الحرب، إلا أنّ ذلك لم يتم حتى الآن، فهنالك العديد من المنازل التي تعرضت للدمار الكلي أو الجزئي، كما أنّ هنالك العديد من القذائف التي أطلقتها قوات النظام ومازالت متواجدة بين منازل المدنيين دون أن تنفجر، فضلاً عن أنّ شبكة الكهرباء مازالت معطلة، ولاتوجد أي بوادر تدل على أنّ النظام السوري جاد بإصلاح كل ذلك، كما أننا لا نعلم من سيجبر النظام على الوفاء بكافة العهود والالتزامات التي تمّ الاتفاق عليها في نهاية عام 2017، ولا نعلم ما هو مصيرنا في حال قررت قوات النظام سوقنا للمشاركة معها في المعارك ضد قوات المعارضة السورية في مناطق أخرى من سوريا."
صورة خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تظهر إحدى القذائف غير المنفجرة بين منازل المدنيين في قرية بيت جن في ريف دمشق الغربي، وقد تم التقاط هذه الصورة بتاريخ 25 تشرين الثاني/نوفمبر2017.
[1] وفقاً لمراسل سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فإنّ هذه القرى كانت تخضع لسيطرة فصائل المعارضة السورية المسلحة متمثلة باتحاد قوات "جبل الشيخ"، والذي تشكل مع بداية العام 2017، وذلك نتيجة اتحاد ستة فصائل تابعة للمعارضة السورية، أهمها: جبهة ثوار سوريا ولواء جبل الشيخ ولواء عمر بن الخطاب وحركة أحرار الشام الإسلامية، إضافة إلى فصائل أخرى مثل هيئة تحرير الشام/جبهة النصرة سابقاً.
[2] يقصد بمصطلح "التسوية" هو الوصول إلى نوع معين من الاتفاقيات مع قوات الحكومة السورية، والتي تتضمن أشكالاً مختلفة من البنود، منها فك الحصار ووقف القصف من قبل الجيش النظامي وإدخال المواد الغذائية وغيرها من البنود، وتختلف بنود التسويات في سوريا من منطقة إلى أخرى، ومصطلح التسوية يختلف عن مصطلح "الهدنة أو وقف الأعمال القتالية أو وقف إطلاق النار "، ويشير في بعض الأحيان في السياق السوري إلى تحييد المنطقة بشكل ما وإخضاعها لسيطرة الحكومة المركزية في دمشق.
[3] من الجدير ذكره أنّ قرية حضر ذات غالبية درزية، وكذلك الأمر بالنسبة إلى قريتي المقروصة وحرفا.
[4] أما قرية حينة فغالبية قاطنيها من معتنقي الديانة المسيحية.
[5] تم تشكيله في بداية العام 2017، وتحديداً من قبل أبناء قرى الغوطة الغربية التي خضعت لتسوية مع القوات النظامية السورية مثل (بيت سابر وبيت تيما وكفرحور)، فأصبح الفوج حليفاً لها في هجومها على المناطق المحاصرة لمعرفتهم بجغرافية المنطقة جيداً، وأيضاً شارك أفراد هذا التشكيل في معارك أخرى في سوريا إلى جانب القوات النظامية السورية.
[6] وهي قوات تابعة للفرقة الرابعة في الجيش النظامي السوري، وتنتشر في منطقة جبل الشيخ وبعض مدن وبلدات محافظة القنيطرة، وتضم مئات المقاتلين من الطائفة الدرزية.