الرئيسية صحافة حقوق الإنسانقصص وشهاداتقصص مكتوبة فصيل معارض يعتقل ويهين أحد النشطاء الإعلاميين في محافظة درعا

فصيل معارض يعتقل ويهين أحد النشطاء الإعلاميين في محافظة درعا

عناصر من فصيل "شباب السنّة" يقومون باعتقال وإهانة الإعلامي "محمد هيثم الغزاوي"

بواسطة wael.m
601 مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية حجم الخط ع ع ع

مقدمة: عمل الإعلامي "محمد الغزاوي" على توثيق انتهاكات القوات النظامية السورية بحق المدنيين منذ بداية النزاع السوري عام 2011، دون أن يكون في حسبانه أنّه سوف يتعرض للاعتقال على يد إحدى فصائل المعارضة السورية المسلحة في محافظة درعا وتحديداً في مدينة بصرى الشام، وذلك بسبب انتقاده لفصيل قوات "شباب السنة"[1]، إذ أنه وبتاريخ 11 كانون الأول/ديسمبر 2017، تعرض للاحتجاز والتهديد بالقتل من قبل عناصر تابعين لقوات "شباب السنة"، وذلك بعد إجباره على خلع ملابسه والقيام بأفعال منافية للأخلاق، ومن ثم إرغامه على التحدث أمام الكاميرا والادعاء بانه يرّوج للمواد المخدرة، كما أنه يقوم بالتعامل مع القوات النظامية السورية في محافظة درعا.

وحول ماجرى معه تحدث الناجي "محمد الغزاوي" أو كما يعرف باسم "محمد الحوراني" لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة في شهر كانون الأول/ديسمبر 2017، فاستهلّ حديثه قائلاً:

"بينما كنت متواجداً في مدينة بصرى الشام لتغطية إحدى الفعاليات الخاصة بالشرطة المجتمعية[2]، تمّ اقتيادي إلى قلعة بصرى الشام والتي يبدو أنها تحوي على مركز احتجاز يشرف على إدارته أفراد من فصيل قوات "شباب السنة"، ومن ثمّ تمت إهانتي وأجبروني على خلع ملابسي بينما كان يتناهى إلى مسامعي صراخ محتجزين آخرين في الغرفة المجاورة جرّاء تعرضهم لعمليات تعذيب."

 

أولاً: لمحة عن حياة الصحفي "محمد هيثم الغزاوي":

محمد هيثم الغزاوي من مواليد مدينة الشيخ مسكين في ريف درعا عام (1989)، وهو حاصل على إجازة في إدارة الأعمال من جامعة دمشق، بدأ العمل كناشط إعلامي منذ بداية الحراك السلمي الذي عمّ كافة المدن والبلدات السورية عام 2011، ثم عمل كمراسل ميداني في المركز الإعلامي السوري، حيث قام بتوثيق العديد من الانتهاكات التي ارتكبتها القوات النظامية السورية في محافظة درعا، وفي العام 2013 بدأ العمل كمراسل ميداني وصحفي لصالح قناة "الآن" الفضائية، حيث أطلق على نفسه اسم "محمد الحوراني" خوفاً من الملاحقة الأمنية في مناطق سيطرة القوات النظامية السورية.

 

ثانياً: "الانتقاد" هو سبب الاعتقال:

بتاريخ 11 كانون الأول/ديسمبر 2017، تعرض الصحفي محمد الغزاوي للاعتقال، وذلك على خلفية انتقاده لفصيل قوات "شباب السنة" والتي تعتبر إحدى فصائل المعارضة المسلحة التي تسيطر على قرية الخربا في ريف السويداء الغربي -والتي تعرف بأنّ أغلب قاطنيها من أتباع الديانة المسيحية- حيث أقدم محمد على انتقاد ذاك الفصيل من خلال تقرير أعده بتاريخ 30 آب/أغسطس 2016، حيث أورد التقرير مقطعاً يتحدث عن قيام إحدى الكتائب المسلحة التي تنتمي لفصيل قوات "شباب السنة" بالاعتداء على سكان قرية خربة، والتعدي على حريتهم في وقت سابق، وهو الأمر الذي اعتبرته قوات "شباب السنة" أمراً مسيئاً لهم، وفي هذا الخصوص تحدث محمد الغزاوي لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلاً:

"كأي ناشط وصحفي يعمل في الثورة السورية، ويحمل على عاتقه مهمة نقل الانتهاكات التي تقع على الأرض من قبل كافة الأطراف، قمت بانتقاد إحدى الكتائب المسلحة التي تنتمي إلى فصيل قوات "شباب السنة"، فتمّ اتهامي بالإساءة لهم وبتشويه سمعتهم، ناهيك عن اتهامي بتصوير تقرير سري يتحدث عن انتهاكاتهم وإرساله إلى الأمم المتحدة مع الإشارة إلى أنّ هذا لم يحدث مطلقاً، وفي ذلك الوقت كانت ردة الفعل الصادرة عن قوات "شباب السنة" تتمثل بمشادات كلامية بيني وبينهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، دون أي تهديد مباشر بالخطف أو الاعتقال، لكنّ أحد القادة العسكريين ويدعى "أبو صدام"، كان قد أرسل لي عدة رسائل شفهية على لسان أحد الزملاء الإعلاميين، حيث كان مفادها بأنّ "الصحفي محمد الحوراني قد أساء لنا وبناءً على ذلك ستتم معاقبته ومنعه من دخول قرية خربة أو أي منطقة تقع تحت سيطرة قوات "شباب السنة"."

 

مع بداية شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2017، تلقى محمد دعوة رسمية من قبل قائد فصيل قوات "شباب السنة" "أحمد العودة"، وذلك بغية الاجتماع به في مدينة بصرى الشام في محافظة درعا، وبلا أي تردد اجتمع محمد مع الأخير وتمّ حل الخلاف القائم بعد توضيح عدة أمور، ومن جانبه تعهد "أحمد العودة" بعدم التعرض للصحفي محمد الغزاوي مرة أخرى، على أن يقوم بإعلامه مباشرة في حين ملاحظته لأي خطأ أو انتقاد يتعلق بقوات "شباب السنة"، ومنذ ذلك الحين لم يقم محمد الغزاوي بتوجيه أي انتقاد بحق قوات "شباب السنة" على حد قوله.

 

ثالثاً: مركز احتجاز داخل قلعة "بصرى الشام":

وتابع محمد بأنه تلقى دعوة أخرى من قبل المدير الإعلامي في فصيل قوات "شباب السنة" "محمود أبو غازي"، وتحديداً بتاريخ 10 كانون الأول/ديسمبر 2017، وذلك من أجل حضور ندوة عن االشرطة المجتمعية والتي كان من المقرر عقدها بتاريخ 11 كانون الأول/ديسمبر 2017، وتمّ توجيه الدعوة له كما العديد من الوكالات والقنوات الإعلامية في الجنوب السوري، وفي هذا الصدد تابع محمد قائلاً:

"في يوم 11 كانون الأول/ديسمبر 2017، تأخرت عن حضور الندوة لأسباب شخصية، فقمت بالتواصل مع المدير الإعلامي في فصيل قوات "شباب السنة"، وذلك بغية الحصول على بعض المقاطع والصور الخاصة بالندوة للعمل والكتابة عنها، فطلب مني الأخير التوجه إلى مكتبه الكائن في قلعة بصرى الشام، وفي تمام الساعة (12:45) ظهراً من ذات اليوم، وصلت إلى تلك القلعة والتي تضم مكاتب تخص قوات "شباب السنة"، ولدى سؤالي أحد الحراس المتواجدين هناك عن مكان مدير المكتب الإعلامي، أجابني بأنه غير موجود في الداخل، وعلى إثر ذلك قمت بالتواصل مرة أخرى مع المدير الإعلامي لقوات "شباب السنة" عبر الهاتف، فأخبرني بضرورة القدوم إلى منزله الواقع في مدينة بصرى الشام أيضاً، وفي هذه الأثناء اقترب مني أحد الحراس المتواجدين على باب القلعة، وقال لي بأنّ المدير الإعلامي ينتظرني في الداخل، ومن ثمّ تمّ اقتيادي إلى داخل القلعة بعد مصادرة هاتفي المحمول."

 

ثالثاً: ساعات الاعتقال:

فور دخوله إلى القلعة، لم يجد محمد من كان من المفترض أن يلتقيه، إلا أنه تفاجأ بعدة أشخاص كانوا بانتظاره ومن بينهم "أحمد عبد الله الطعمة" وهو مدير الجهاز الأمني في فصيل قوات "شباب السنة"، وبصحبته مايقارب تسعة عناصر آخرين، لم يتمكن محمد من التعرف إلا على ثلاثة منهم وهم (ياسر قاسم الدوس وصلاح عبد الرحيم الحيفاوي ومصطفى محمد الفاضل)، وفي هذا الصدد تابع محمد قائلاً:

"تمّ استقبالي بطريقة مهينة مع توجيه عبارات نابية بحقي، وقال مدير الجهاز الأمني في قوات "شباب السنة"، بأنه كان ينتظرني منذ فترة طويلة لمحاسبتي على الإساءة التي ارتكبتها بحق قوات "شباب السنة"، وعلى الفور قمت بنفي ماقيل وأكدت له بأنني لم أتجاوز حدود حرية الإعلام، وبأنني حللت الخلاف السابق مع القائد المسؤول عن الفصيل "أحمد طعمة"، إلا أنه لم يكترث بذلك وقام بنقلي إلى غرفة أخرى تحوي ألعاب حديدية، حيث أقدم العناصر على تعريتي بشكل كامل، وطلبوا مني القيام بحركات منافية للحشمة والأخلاق وتوجيه الشتائم بحق عائلتي، وطبعاً كان يتم تصوير ذلك عبر عدسة جوال يعود لأحد العناصر، ومن ثمّ تمّ تقييدي ونقلي إلى مايشبه السجن الانفرادي، والذي تضمن سلاسل حديدية وأدوات تعذيب، حيث بقيت هناك مايقارب الساعة، بينما كنت أسمع صراخ معتقلين آخرين في الغرفة المجاورة نتيجة تعرضهم للتعذيب، وبعد ذلك تمّ إخراجي وتصويري وأنا أحمل مواد مخدرة (كالحشيش والترامادول) وتمّ إجباري على القول بأنني أقوم بترويج تلك المواد داخل مدينة بصرى الشام وبالتعاون مع قوات النظام السوري المتواجدة في محافظة السويداء."

 

وأشار محمد إلى أنّ العناصر قاموا بإطلاق سراحه بعد توعدهم بنشر تلك المقاطع في حال أقدم على البوح بما جرى معه داخل قلعة بصرى الشام، أو أنه تجرأ على الكلام مرة أخرى فيما يخص فصيل قوات "شباب السنة"، كما أكد الصحفي محمد الغزاوي بأنّ مدير الجهاز الأمني في قوات شباب السنة "أحمد طعمة"، عمد إلى تهديده بالقتل كما وجه له نصيحة بعدم مزاولة مهنة الصحافة والإعلام، وقال له حرفيا: "سنتركك هذه المرة حتى تكون درساً لبقية الإعلاميين."

 

رابعاً: المطالبة بمحاسبة العناصر المذنبين:

عقب الإفراج عن الناجي محمد الغزاوي في تمام الساعة (4:30) عصراً من يوم 11 كانون الأول/ديسمبر 2017، سارع للتوجه إلى بلدة صيدا في محافظة درعا، حيث التقى هنالك بمسؤول إداري في فصيل "جيش الثورة[3]" ويدعى "رمزي الرفاعي"، فروى له ما جرى معه، باعتبار أن لمحمد علاقات طيبة تربطه بفصيل"جيش الثورة" على حد قوله، وبدوره قام "رمزي الرفاعي" بالتواصل مع قيادة قوات "شباب السنة" مستنكراً ماجرى مع الصحفي محمد الغزاوي من أحداث، وحول ماجرى بعد ذلك أضاف محمد قائلاً:

"بعدما تدخلت قيادة "جيش الثورة" وأبدت استيائها مما حصل معي، قامت عدة هيئات مدنية بالتدخل أيضاً ومنها "مجلس حوران الثوري"[4]، وذلك في سبيل حل القضية، وبتاريخ 12 كانون الأول/ديسمبر 2017، جاء إلى منزلي وفد ممثل عن قيادة قوات "شباب السنة"، فطلبت منهم أن تتم محاسبة العناصر المسيئين عبر القانون، كما طالبتهم بإصدار بيان اعتذار، وهو الأمر الذي تمّ رفضه جملة وتفصيلاً، إلا أنّهم أكدوا لي بأنهم سيتولون بانفسهم محاسبة الفاعلين، وفي تاريخ 26 كانون الأول/ديسمبر 2017، تمّ الاتفاق مابين فصيلي "قوات شباب السنة" و"جيش الثورة" وذلك برعاية "مجلس حوران الثوري" بخصوص قضيتي، حيث تمّ توجيه اعتذار شفهي لي من قيادة "قوات شباب السنة"، لكن دون تقديم أي وعود بمحاسبة المذنبين أو تحويلهم إلى القضاء."

 

وفي نهاية حديثه لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة حول حادثة اعتقاله، اكتفى الصحفي محمد الغزاوي بالقول:

"لا أعتبر ماحدث معي موضوعاً شخصياً، وإنما هو قضية كافة الإعلاميين والصحفيين في سوريا، ولاسيما أنّ السكوت على مثل هذه الأفعال في السابق حمل البعض على التمادي في الإساءة، فنحن الإعلاميون نُعتبر الحلقة الأضعف بسبب تعدد القوات العسكرية المسلحة واختلاف التوجهات السياسية والفكرية لها، إلا أنّني أؤكد لكم بألا صوت يعلو فوق صوت حرية الإعلام والصحافة."

 

 


[1] تشكلت بتاريخ 21 آب/أغسطس 2016 بقيادة"أحمد العودة"، وذلك نتيجة اندماج (21) فصيلاً عسكرياً تابعاً للمعارضة السورية المسلحة في محافظة درعا وتعتبر مدينة بصرى الشام مقراً رئيسياً لها.

[2] تمّ إنشاؤها في أيار/مايو 2016 في مدينة بصرى الشام، وذلك بدعم من شركة "آدم سميث إنترناشيونال"البريطانية التي تدير برنامج (أجاكس)، حيث خضع أكثر من (60) ضابطاً وعنصراً منشقاً عن جهاز الشرطة التابع للحكومة السورية إلى أربع دورات تتعلق بالأمان والعدالة الاجتماعية، وتمّ إنشاء مركزين آخرين في بلدتي الجيزة وأم المياذن، ومن مهام الشرطة المجتمعية حماية وتأمين المدنيين إضافة إلى حل القضايا التي تقدم لهم بالتعاون مع عدد من القضاة والحقوقيين، فيما يتم تحويل القضايا الجنائية والمعقدة لمحكمة دار العدل في حوران.

[3] تشكّل بتاريخ 4 كانون الأول/ديسمبر 2016، وذلك نتيجة الاندماج مابين أربعة فصائل عسكرية تابعة للمعارضة السورية المسلحة في محافظة درعا وهي "جيش اليرموك" و"جيش المعتز" و"المهاجرين والأنصار" و"لواء الحسن بن علي".

[4] تم عقد مؤتمره الأول بتاريخ 30 تشرين الأول/أكتوبر 2017، ويتكون من (300) شخصية مدنية وعسكرية معارضة للقوات النظامية السورية، وهي تمثل كافة مناطق محافظة درعا، ويهدف إلى إنشاء واجهة سياسية وعسكرية واحدة لمحافظة درعا لتمثيلها في المؤتمرات الداخلية والخارجية.

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد