الرئيسية تحقيقات مواضيعية تصعيد عسكري في الغوطة الشرقية وقصف بصواريخ محمّلة بمواد حارقة على حرستا

تصعيد عسكري في الغوطة الشرقية وقصف بصواريخ محمّلة بمواد حارقة على حرستا

بواسطة wael.m
279 مشاهدة هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية حجم الخط ع ع ع

شهدت عدة مدن وبلدات في الغوطة الشرقية بريف دمشق، تصعيداً عسكرياً من جانب القوات النظامية السورية وحلفائها، وذلك بتاريخ 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، إذ شنّ الطيران الحربي التابع للقوات النظامية السورية حوالي (19) غارة على كل من بلدات ومدن عربين وسقبا وحمورية ودوما، وكان من أشدها الغارات التي استهدفت مدينة حرستا[1]، إذ ألقى الطيران الحربي صواريخ محملة بمواد حارقة (تشبه مادة النابالم الحارق)، وذلك حسبما أكدّ العديد من شهود العيان وأهالي المدينة لمراسل سوريون من أجل الحقيقة والعدالة.

أحمد جلال وهو أحد أهالي مدينة حرستا الذين كانوا متواجدين بالقرب من مكان القصف الذي تعرضت له مدينة حرستا بتاريخ 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، حيث تحدّث لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة حول ماجرى قائلاً:

"في تمام الساعة (12:55) ظهراً، شنّ الطيران الحربي أول غارة على المدينة ولم نسمع لها أي صوت انفجار، وبعد حوالي خمس دقائق، وقعت الغارة الثانية، إذ ألقى الطيران الحربي صواريخ بالقرب من منزلي، بينما كان أطفالي في الداخل، وعلى الفور سارعت بإنزالهم إلى الطوابق السفلية. لم يسبق لي أن رأيت مثل هذه الحرائق التي سببتها الصواريخ، فقد حاولت جاهداً إخماد الحريق الذي امتد إلى منزلي وانتشر فيه، وحتى الألمنيوم الموجود على النوافذ ذاب بشكل كامل، فقمت بوضع بعض البطانيات فوق أماكن الاشتعال، وخلال قيامي بذلك كنت أشتم روائح كريهة جداً لم أستطع تحملها، ماسبب لي آلاماً في الرأس وضيقاً في التنفس، وعلى إثر ذلك تمّ إسعافي إلى أحد المراكز الطبية في المدينة، وتمّ علاجي مدة ساعتين حتى تحسنت حالتي."

صورة تظهر محاولات الدفاع المدني إخماد الحرائق التي اندلعت داخل الأبنية السكنية في مدينة حرستا، وذلك نتيجة قصف القوات النظامية السورية بصواريخ محملة بمواد حارقة
بتاريخ 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، مصدر الصورة: صفحة الفيس بوك الخاصة بتنسيقية مدينة حرستا.

صورة أخرى تظهر الأضرار الناجمة عن اندلاع الحرائق داخل الأبنية السكنية في مدينة حرستا، وذلك عقب تعرضها للقصف بصواريخ محملة بمواد حارقة بتاريخ 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، مصدر الصورة: : صفحة الفيس بوك الخاصة بتنسيقية مدينة حرستا.

وقد أظهر مقطع فيديو نشره مركز الغوطة الإعلامي بتاريخ 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، عناصر من الدفاع المدني وهم يقومون بإخماد الحرائق داخل مدينة حرستا، حيث قالوا أنها نتيجة استهداف المدينة بصواريخ محملة بمادة النابالم الحارقة من قبل القوات النظامية السورية.

يحيى سلوم وهو أحد القائمين على مركز الدفاع المدني في مدينة حرستا، قال لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ الطيران الحربي التابع للقوات النظامية استهدف الحيين الوحيدين المكتظين بالسكان في مدينة حرستا، مشيراً إلى أن المدنيين قاموا بمغادرة منازلهم فور الغارة الأولى، ما أدى إلى عدم وقوع قتلى، كما أكدّ هو الآخر على أنّ أول غارة شنها الطيران الحربي لم يكن لها أي صوت انفجار، وفي هذا الصدد تابع قائلاً:

"كنا قد تعودنا على سماع صوت انفجار شديد بعد أي غارة يقوم بها الطيران الحربي، إلا أننا في ذاك اليوم لم نسمع أي شيء، وحينما سارع عناصر الدفاع المدني إلى مكان وقوع الصواريخ، صدمنا عندما شاهدنا كل شيء يحترق، إذ أنّ الحرائق كانت قد التهمت أكثر من عشرين منزلاً، وعلى إثر ذلك أصيب العديد من المدنيين بحالات اختناق كما تعرض بعضهم لجروح طفيفة، وبسبب كثرة الحرائق، لم يستطع فريق الدفاع المدني إخمادها، فقمنا بالاستعانة بعدد من المراكز الأخرى في الغوطة الشرقية، وعلى الرغم من ذلك استمرت محاولاتنا في إخماد الحرائق حتى السابعة مساءً، حيث كنا مجهزين بأكثر من ثماني سيارات وأكثر من أربعين عنصراً من عناصر الدفاع المدني، ولدى محاولاتنا إخماد الحرائق كانت تعود للاشتعال مرة أخرى، لقد استنفرنا بشكل كامل حتى استطعنا السيطرة على تلك الحرائق."

ورجّح يحيى سلوم بأن المواد التي كانت تحويها الصواريخ هي مواد حارقة نظراً لأنهم كلما حاولوا إخمادها كانت تعود للاشتعال مرة أخرى، بمجرد أن تتعرض للهواء والأوكسجين، كما أشار إلى أنّ تلك المواد كانت تتميز برائحة كريهة جداً، ماتسبّب في حالات ضيق تنفس لبعض عناصر الدفاع المدني، وعلى إثر ذلك تمّ إسعاف ثلاثة أشخاص منهم، حيث أجريت لهم جلسات "رذاذ" – أي تمّ وضعهم على أجهزة تنشق الأوكسجين النظيف-  نتيجة استنشاقهم بعض الروائح خلال عملية إطفاء الحرائق، وأضاف سلّوم قائلاً:

"كانت مدينة حرستا قد تعرضت في وقت سابق من هذا العام، وتحديداً بتاريخ 23 شباط/فبراير 2017، إلى قصف جوي بواسطة صواريخ تحمل مواد حارقة وشبيهة بمادة النابالم ايضاً، أذكر حينها كيف كانت الروائح كريهة والحرائق منتشرة في كل مكان تماماً مثل الحادثة الأخيرة، لكن هذه الصواريخ كانت تحمل مواداً أشد تركيزاً من الصواريخ التي ألقيت بتاريخ 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، وذلك نظراً لشدة الأعراض والروائح الكريهة التي أحدثتها في ذاك الحين."

وأظهر مقطع فيديو نشره مركز الغوطة الإعلامي بتاريخ 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، بعض الأبنية السكنية وهي تحترق داخل مدينة حرستا، حيث قال أنها نتيجة قصف القوات النظامية السورية بصواريخ محملة بمادة النابالم الحارقة.

ومن الجدير ذكره أنّه وبتاريخ 4 أيار/مايو 2017، كانت الدول الراعية لمحادثات آستانة (روسيا وتركيا وإيران) قد وقعت على مذكرة تفاهم لإقامة مناطق خفض التصعيد في سوريا، حيث شملت تلك المناطق كلاً من الغوطة الشرقية في ريف دمشق، ومحافظة إدلب وبعض أجزاء شمال محافظة حمص، إضافة إلى بعض أجزاء المحافظات المتاخمة لها (اللاذقية، وحماة، وحلب) وبعض أجزاء جنوب سوريا، وكان من أبرز بنودها وقف الاعمال العدائية بين الأطراف المتصارعة وتوفير الظروف لإيصال المساعدات الطبية.

وفي تاريخ 22 تموز/يوليو 2017، شارك جيش الإسلام في التوقيع على اتفاقية خفض التصعيد في سوريا، ثم تبعه فصيل فيلق الرحمن بتاريخ 18 آب/أغسطس 2017، حيث اتفق الجانب الروسي وفصيل فيلق الرحمن على وقف إطلاق النار ومواصلة محاربة تنظيم جبهة النصرة أيضاً.

وكانت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة قد نشرت في وقت سابق تقريراً يتحدث عن مقتل وإصابة عدد من الضحايا المدنيين الأطفال، وذلك نتيجة قصف القوات النظامية السورية على مدرستين في الغوطة الشرقية بريف دمشق. كم وأصدر المركز تقريراً آخراً يسلّط الضوء على خروقات مناطق "خفض التصعيد" في الغوطة الشرقية.

 


[1] تخضع مدينة حرستا لسيطرة كاملة من قبل حركة أحرار الشام الإسلامية/لواء فجر الأمة سابقا.

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد