قُتل ما لا يقل عن (24) نازحاً (ممن تمّ توثيقهم بالاسم) وفُقد (8) نازحين، وأصيب أكثر من (115) أخرين، إثر انفجار سيارتين مفخختين في تجمّع/رتل ضمّ الآلاف من النازحين القادمين من محافظة دير الزور المنكوبة إلى محافظة الحسكة التي تخضع لقوات سوريا الديمقراطية، وذلك في مساء يوم الخميس 12 تشرين الأول/أكتوبر 2017.
وكانت الألغام الأرضية المزروعة على جانبي الطريق قد أدّت إلى ارتفاع عدد القتلى، فعقب الهجوم الأولى هرب الأهالي وخاصة الأطفال والنساء باتجاه العراء (أراضي قاحلة على جانبي الطريق) مما أدى إلى مقتل العديد من المدنيين الآخرين بسبب انفجار ألغام أرضية بهم كان قد زرعها تنظيم داعش. وذلك وفقاً لمراسل سوريون من أجل الحقيقة والعدالة.
"خالد .ح" أحد الناجين من التفجير، وأحد الذين أصيبوا نتيجة هذا الانفجار، وتمّ إسعافه إلى المشفى الوطني في مدينة الحسكة، تحدّث لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة حول ماجرى قائلاً:
"في يوم 1 تشرين الأول/أكتوبر 2017، نزحتُ برفقة عائلتي من منطقة القورية الكائنة في محافظة دير الزور، وذلك بسبب اشتداد المعارك مابين قوات سوريا الديمقراطية من جهة وتنظيم "داعش" من جهة أخرى، واستغرقت رحلتنا مدة يوم ونصف بغية الوصول إلى الحاجز العسكري التابع لقوات سوريا الديمقراطية في منطقة "أبو خشب"، ومن ثم توجهنا إلى الطريق الذي يعرف باسم الطريق "الخرافي" بناء على طلب من قوات الأسايش، حيث يربط هذا الطريق مابين محافظتي دير الزو والحسكة ومنطقة "أبو فاس"، أذكر تماماً كيف كان هنالك حوالي (50) سيارة تنتظر دورها للمرور على الحاجز العسكري التابع لقوات سوريا الديمقراطية، ومن ثم ّالدخول إلى أحد المخيمات في مدينة الحسكة، إلا أنه وفي تمام الساعة (6:30) مساءً من يوم 12 تشرين الأول /أكتوبر 2017، وقع انفجار كبير ثم تلاه انفجار آخر وسط رتل السيارات، فتعرضت للإصابة في قدمي نتيجة إحدى الشظايا، وبعد أقل من نصف ساعة، تمّ إسعافي ونقلي إلى المشفى الوطني في مدينة الحسكة، إضافة إلى بقية المصابين."
وفي شهادة أخرى، أكدّ "محمد علي" وهو أحد الناجين من حادثة الانفجار، على أنه تعرّض لإصابة بليغة في منطقة الظهر والركبة، نتيجة الشظايا الناجمة عن شدة الانفجار، حيث قال:
"عندما وقع الانفجار، كنت داخل السيارة برفقة أمي وأختي، وكل ما أذكره أنني فقدت الوعي ووجدت نفسي مرمياً على الأرض، إلى أن قام أحد عناصر الهلال الأحمر بتحريكي، وساعدني في الوقوف على قدميّ، فسارعت للبحث عن أمي وأختي، فوجدتهما غائبتان عن الوعي بينما كان عناصر الهلال الأحمر يحاولون إخراجهما من السيارة التي تضررت كثيراً من شدة الانفجار، ومن ثم سمعت بعض عناصر الهلال الأحمر وهم يتحدثون مع بعضهم حول ضرورة نقل الجرحى وتجاهل القتلى، وعندما نظرت خلفي شاهدت أربع سيارات فقط للهلال الأحمر، وعلمت حينها لماذا كانوا يقولون ذلك."
الصحفي أكرم صالح، أدلى بشهادته هو الآخر لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، وكان قد زار مكان التفجير يوم الجمعة 13 تشرين الأول/أكتوبر 2017 وأعدّ تقريراً صحفياً، ظهر فيه وجود جثث في العراء مع صعوبة الوصول إليها بسبب الخوف من الألغام، حيث قال في شهادته عن الحادثة:
"هنالك قصف شديد على منطقة الميادين من قبل الطيران الروسي وطيران النظام، علماً أنّ الأهالي أرسلوا نداءات تفيد بخروج تنظيم داعش من الميادين بشكل كامل ولكن رغم ذلك استمر القصف الشديد، وتحدّث العديد من النازحين عن طيران حربي مصري أيضاً (حيث تمّ ملاحظة العلم المصري على بعض الطائرات)، حيث كان النازحون يقصدون أحد المخيمات، وهذا المخيم يتميز بقدرته على استيعاب (19200) نازح، إلاّ أنّ العدد الفعلي الموجود في المخيم هو (30000) نازح، وكان هنالك الآلاف من النازحين ينتظرون على الطرقات للدخول إلى مناطق قوات سوريا الديمقراطية، وقد حدث التفجير بواسطة سيارتين مفخختين مساء يوم الخميس، حيث شاهدتُ بأم عيني محركات سيارات (عدد 2) للسيارت التي تمّ تفخيخها أثناء زيارتي للمكان يوم الجمعة. وبعد حدوث التفجير اتجه النازحون بشكل عشوائي نحو الأراضي القاحلة بجانب الطريق حيث دخلوا في حقول ألغام كان قد زرعها التنظيم مما أدى إلى سقوط ضحايا آخرين.
التفجير حدث تماماً عند قرية مالحة، الواقعة على الطريق الدولي ما بين دير الزور والحسكة، وكان من بين القتلى أربع عناصر تابعة لقوات الأسايش (جهاز الأمن الداخلي لدى الإدارة الذاتية).
لا توجد إحصائية دقيقة لأعداد القتلى بعد، فعند ذهابنا إلى مكان التفجير وجدنا العديد من الأشلاء (أقدام وأرجل ورؤس مقطعة ….)، كما شاهدنا عدداً من القبور التي تمّ دفن بعض القتلى فيها عقب التفجير مباشرة وخاصة ممن احترق بشكل كامل في التفجير.
قمتُ بتصوير (7) جثث في برادات المشفى الوطني في محافظة الحسكة، وجميع الإحصائيات تفيد بمقتل ما بين (40 إلى 50 قتيل) وأعتقد أن العدد سوف يصل إلى (100) قتيل بسبب الإصابات الخطيرة، حيث مات (7) مصابين لاحقاً. شاهدتُ أيضاً (8) جثث في حقول الألغام التي لم يستطع أحدٌ الاقتراب منها، كان من بينهم أربع أطفال تمّ سحب الأطفال لاحقاً، وقد تم إرسال المصابين إلى المشفى الوطني في الحسكة ومشفى الحكمة (وهو مشفى خاص في مدينة الحسكة) إضافة إلى إرسال قسم آخر إلى المشفى الوطني في القامشلي/قامشلو. وكان من بين ضحايا التفجير[1] أيضاً الصحفية "دليشان إيبش" مراسلة وكالة هاوار الإخبارية التابعة للإدارة الذاتية."
صورة خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تظهر إحدى العائلات الناجية من التفجير الذي وقع بتاريخ 12 تشرين الأول/أكتوبر 2017، وذلك بعدما تم إسعافهم إلى أحد مشافي مدينة الحسكة.
وحسبما أكدّ مراسل سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فقد تم نقل المصابين جرّاء هذا الانفجار، إلى عدة مشافي في مدينة الحسكة ومنها المشفى الوطني الذي تشرف عليه منظمة أطباء بلا حدود، في حين تمّ نقل قسم آخر من الجرحى إلى مشفى الحكمة الخاص والواقع بالقرب من المربع الأمني الكائن في مدينة الحسكة، والذي يتبع لسيطرة قوات الحكومة السورية وقسم ثالث إلى المشفى الوطني في مدينة القامشلي.
صور خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تظهر قائمة بأسماء بعض الجرحى الذي أصيبوا جراء تفجير سيارة مفخخة بتجمع للمدنيين الفارين من مناطق سيطرة تنظيم "داعش" في محافظة دير الزور، بتاريخ 12 تشرين الأول/أكتوبر 2017.
وقد أظهر مقطع فيديو خاص بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، عمليات الإسعاف ونقل المصابين جرّاء هذا الانفجار إلى مشافي مدينة الحسكة، كما أظهر مقطع فيديو آخر طفلة مصابية نتيجة التفجير.
ومن الجدير ذكره أنّ قوات سوريا الديمقراطية كانت قد سيطرت على قرية أبوفاس بتاريخ 27 آذار/مارس 2016، وذلك بعدما كانت خاضعة لسيطرة تنظيم "داعش" على مدار عامين متتالين.
وكانت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد أدانت بشدّة في بيان لها هذا الهجوم، وذكّرت جميع أطراف النزاع بالتزامها بحماية المدنيين بموجب قانون الأمم المتحدة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي والحاجة لممرات آمنة للأشخاص الذين يحاولون الفرار من القتال.