مقدمة : بتاريخ 15 تموز/يوليو 2017، شهدت مناطق واسعة في محافظة إدلب وريفها، اشتباكات ومواجهات عسكرية مابين حركة أحرار الشام الإسلامية[1] من جهة وهيئة تحرير الشام[2] من جهة أخرى، وبحسب باحثي سوريون من أجل الحقيقة والعدالة فقد اندلعت المواجهات بين الطرفين إثر خلافات حاد واستفزازات متبادلة بينهما سبقت المواجهات، وذلك رغبةً من كل طرف في بسط أكبر لسيطرته على مدينة إدلب مركز المحافظة.
ووفقاً لمراسل سوريون من أجل الحقيقة والعدالة فقد شملت تلك المواجهات معظم محافظة إدلب من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، ما أسفر عن وقوع العشرات ما بين قتلى وجرحى ضمن صفوف المدنيين. وكانت تلك المواجهات قد انتهت بسيطرة هيئة تحرير الشام على كامل "إدلب المدينة" ومناطق واسعة من ريفها وذلك حتى تاريخ 23 تموز/يوليو 2017، بعد انسحاب حركة أحرار الشام الإسلامية من تلك المناطق والتوصل إلى اتفاق فيما بينهما، حيث نص هذا الاتفاق في بعض بنوده على وقف إطلاق النار وإخلاء المحتجزين بين الطرفين.
وكانت المحافظة قد شهدت في وقت سابق اندلاع مواجهات بين حركة أحرار الشام الإسلامية و"هيئة تحرير الشام-جبهة النصرة" في العام 2016، وذلك على خلفية "تصفية حسابات" ومحاولات بسط نفوذ بحسب مراسلي المنظمة، وقد أتت هذه الخلافات عقب تحالف وثيق جمع الطرفين في وقت سابق، وأدى إلى سيطرتهما على كامل محافظة إدلب في صيف العام 2015.
خارطة تبين المناطق التي تتبع لسيطرة هيئة تحرير الشام في محافظة إدلب وريفها، حتى تاريخ 15 آب/أغسطس 2017. كما تظهر المناطق التي تتبع لسيطرة فصائل المعارضة السورية المسلحة في المحافظة وريفها، مصدر الصورة: مركز عمران للدراسات الاستراتيجية.
أولاً: تراشق البيانات بين الطرفين:
في يوم السبت الموافق 15 تموز/يوليو 2017، أصدرت حركة أحرار الشام الإسلامية بياناً تحدثت فيه عن استمرار تدفق حشود تابعة لهيئة تحرير الشام لمناطق عديدو ورغبتها في اقتحام مدينة سراقب شرقي إدلب إضافة إلى مناطق في جبل الزاوية، وذلك رغم وجود "هيئة شرعية" مشتركة ومتفق عليها بين الطرفين، كما أشارت الحركة في بيانها إلى أنها "ستتصدى بكل قوة لأي عمل قد يستهدف قطاعاتها"، في إشارة منها إلى التصعيد الأخير بين الطرفين في الشمال السوري.
صورة تظهر البيان الذي صدر عن حركة أحرار الشام الإسلامية بتاريخ 15 تموز/يوليو 2017، والذي تحدثت فيه عن استمرار اعتداء هيئة تحرير الشام وإلى أنها ستتصدى بكل قوة إلى أي عمل يستهدف أياً من قطاعاتها، مصدر الصورة: الصفحة الرسمية لحركة أحرار الشام الإسلامية.
بدوره نفى القائد العسكري لقطاع البادية[3] التابع لهيئة تحرير الشام (معاوية الهاشمي)، عبر تصريح صحفي نشرته وكالة إباء -المقربة للهيئة- بتاريخ 15 تموز/يوليو 2017، عن استقدام أي تعزيزات عسكرية لاقتحام مدينة سراقب وجبل الزاوية نافياً ما نشرته حركة أحرار الشام على موقعها الرسمي، كما تحدث في تصريحه عن أسباب الخلاف الحاصل مع حركة أحرار الشام والذي تطور إلى مواجهات بين الطرفين لاحقاً، حيث قال بأن المشكلة بدأت عندما قام أحد قيادي حركة أحرار الشام بمنع عمال الصيانة من إصلاح خطوط التيار الكهربائي في محطة رأس العين قرب مدينة سراقب، بحجة أنها تتبع للإدارة العامة للخدمات، وعلى إثر ذلك قامت هيئة تحريرالشام باعتقال ذلك القيادي، ولدى تواصلها مع نائب القائد العام لقطاع البادية التابع لحركة أحرار الشام بهدف حل المشكلة، رفض ذلك وأكد على أن الحل سيكون بنشر حواجز تابعة للحركة واعتقال عناصر الهيئة.
كما أكد الهاشمي على أن حركة أحرار الشام قامت باعتقال قائد عسكري تابع للهيئة مع مرافقيه في بلدة تل الطوفان بريف إدلب بتاريخ 14 تموز/يوليو 2017، مبيناً أن عناصر من حركة أحرار الشام انتشروا بين المدنيين وبادروا إلى إطلاق النار على عناصر الهيئة، وكنتيجة لذلك تمت محاصرة بلدة تل طوفان من قبل الهيئة، حتى تم تشكيل لجنة لحل الخلاف بين الطرفين، والاتفاق على إطلاق سراح المعتقلين وانسحاب حركة أحرار الشام من البلدة.
صورة تظهر التصريح الصحفي الذي نقلته وكالة إباء الإخبارية والمقربة من هيئة تحرير الشام بتاريخ 15 تموز/يوليو 2017، على لسان القائد العسكري لقطاع البادية (معاوية الهاشمي)، والذي نفى فيه استقدام أي تعزيزات عسكرية لاقتحام مدينة سراقب وجبل الزاوية وتحدث فيه عن أسباب الخلاف مع حركة أحرار الشام الإسلامية، مصدر التصريح: حساب التلغرام الخاص بوكالة إباء الإخبارية.
ثانياً: احتدام المواجهات وتفاصيل إطلاق النار على المتظاهرين في مدينة سراقب من قبل هيئة تحرير الشام:
وفي يوم الأحد الموافق 16 تموز/يوليو 2017، احتدمت المواجهات مابين حركة أحرار الشام الإسلامية من جهة وهيئة تحرير الشام من جهة أخرى، وتطورت الاشتباكات فيما بينهما مستخدمين أسلحة متوسطة وثقيلة في أما كثيرة من محافظة إدلب، ابتداءً من بلدة الهبيط وخان شيخون جنوباً، ومروراً بجبل الزاوية ثم وصولاً إلى بلدتي الدانا وسرمدا شمالاً، وذلك سعياً من الطرفين إلى بسط سيطرتهما على المحافظة، وفي هذا الصدد تحدث عمر علوان وهو أحد ناشطي مدينة سراقب، لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلاً:
"استمر الوضع على ماهو عليه حتى يوم الأربعاء الموافق 19 تموز/يوليو 2017، حيث استمرات المواجهات العسكرية بين الطرفين بصورة أعنف، ودخلت والآليات العسكرية بشكل كبير، وبدأ التمهيد العسكري بين الطرفين بقذائف الهاون دون أدنى مراعاة لوجود المدنيين داخل مناطقهم، ففي صبيحة يوم الأربعاء سمع أهالي مدينة سراقب صوت إطلاق نار كثيف، كان سببه هجوم هيئة تحرير الشام على نقاط تابعة لحركة أحرار الشام وقد تزامن ذلك مع إجراء انتخابات المجلس المحلي في مدينة سراقب، حيث استمرت المواجهات بين الطرفين حتى ظهيرة يوم الأربعاء، إلى أن قام عناصر الحركة أخيراً بالانسحاب من مدينة سراقب، وسيطرت هيئة تحرير الشام بشكل كامل على المدينة، ثم قامت بحملة اعتقالات[4]، كما أنها داهمت منازل تعود لعناصر حركة أحرار الشام في المدينة."
وأضاف علوان بأنه وعقب سيطرة هيئة تحرير الشام على مدينة سراقب، قام عناصر الهيئة بإرغام بعض شبان المدينة على إنزال علم الثورة، ما أدى إلى غضب شعبي كبير، فعمت المظاهرات المناهضة لسياسية الهيئة مدينة سراقب، وطالب الأهالي بانسحاب الهيئة بشكل كامل من المدينة، وتسليمها لجبهة ثوار سراقب[5]، واستمرت المظاهرات حتى مساء يوم الأربعاء الموافق 19 تموز/يوليو 2017، حيث تدفق آلاف من أبناء المدينة مطالبين الهيئة بالخروج، فإذ بعناصر الهيئة وهم يشرعون بإطلاق النار على المتظاهرين بشكل عشوائي، وحول تفاصيل تلك الحادثة تابع علوان قائلاً:
"أدى إطلاق الرصاص على المتظاهرين من قبل هيئة تحرير الشام إلى مقتل الناشط مصعب العزو، وهو أحد أبناء مدينة سراقب الذين شاركوا يتنظيم المظاهرات ضد النظام السوري منذ اندلاع الثورة، كما أسفر عن وقوع عدة جرحى، واحتشد أكثر من (4000) متظاهر في الساحات، وهم يهتفون ضد هيئة تحرير الشام، ومن ثم توجهوا إلى مقر المحكمة الشرعية محاولين اقتحامه وسط إطلاق رصاص من قبل عناصر الهيئة المتمركزين في مقر المحكمة ومحيطها، إلا أن هؤلاء لم يكونوا قادرين على مواجهة آلاف الشبان الغاضبين الذين نجحوا في اقتحام مقر المحكمة، وكنتيجة لذلك انسحب عناصر الهيئة من المدينة بتاريخ 21 تموز/يوليو 2017."
صورة تظهر الناشط مصعب العزو عقب مقتله بتاريخ 19 تموز/يوليو 2017، على أيدي عناصر من هيئة تحرير الشام نتيجة إطلاقهم الرصاص على المتظاهرين في مدينة سراقب، مصدر الصورة: نشطاء المدينة.
قال أحد نشطاء المدينة والذي رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية وفضّل استخدام لقب "أحمد الإدلبي" في شهادته لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة حول الحادثة قائلاً:
"أصرّ العديد من أمراء حركة أحرار الشام الإسلامية على عدم الخروج من مدينة سراقب منهم أمير لواء المثنى "أبو عزام سراقب" والذي كان ينتظر مؤازرة من بعض مقرات الحركة التي تسقط بيد هيئة تحرير الشام، ولكن كان هنالك أيضاً محاولات من الحركة لتجنّب القتال مع الهيئة. بعد تفاقم الوضع بشكل عام وخروجه عن السيطرة تدريجياً، وبعد سيطرة هيئة تحرير الشام على "مقر صوامع الحبوب" وهو أحد أهم المقرات والمستودعات التابعة لحركة أحرار الشام، بالإضافة إلى سيطرة الهيئة على مقر آخر ضمن المدينة والسيطرة أيضاً على "مقر الإذاعة"، اضطر قائد لواء المثنى "أبو عزام سراقب" وقادة آخرون من الحركة بعد حصار سراقب من قبل الهيئة إلى الدخول لمقر "جبهة ثوار سراقب" لحمايتهم من الاعتقال على يد الهيئة (كون أنّ جبهة ثوار سراقب بقيت على الحياد من الاقتتال الحاصل بين الفصيلين).
قامت هيئة تحرير الشام بعد ذلك على مداهمة مقر "جبهة ثوار صراقب" واعتقال قادة الحركة، إضافة إلى تخريب المقرّ وإطلاق الرصاص على كافة المكاتب داخل المقر وسرقة السلاح، واستطاع عدّة قادة من الحركة من الهروب منهم "أمني لواء المثنى ولقبه أبو محمد فرقان وقيادي أمني آخر".
على خلفية ذلك قام المدنيون في مدينة سراقب بالخروج بمظاهرات حاشدة بجانب مقر جبهة ثوار سراقب طالبت الهيئة بالخروج من المدينة وذلك أثناء عملية مداهمة مقر "جبهة ثوار سراقب" من قبل الهيئة لاعتقال قادة الحركة، وواجهت الهيئة تلك المظاهرة بالرصاص الحي، مما أدى إلى مقتل الناشط مصعب العزو وإصابة اثنين آخرين.
وفي صبيحة اليوم التالي وبعد سيطرة الهيئة بشكل كامل على سراقب قامت بمداهمة واعتقال بعض أفراد الحركة منهم القيادي الأمني "أبو علي شعبان" كما قامت بالسيطرة على مقر المحكمة الشرعية التابعة لحركة أحرار الشام الإسلامية وطرد عناصرها وانزال علم الثورة من على عامود الإذاعة في سراقب وعلى مدخل المدينة (بالتزامن مع القيام بحرق إحدى غرف المحكمة والتي تحتوي على أضابير ووثائق للمحكمة)، ولكنّ هيئة تحرير الشام قالت أنّها لم تقم بحرق أي ملفات ووثائق واعتبرت الحادثة "ضدد مجهولين" مستغلين الاشتباكات بين الطرفين.
ومع سيطرة الهيئة على المحكمة الشرعية خرجت مظاهرات حاشدة أخرى في مدينة سراقب طالبت الهيئة بالخروج من المدينة وقوبلت تلك المظاهرة باطلاق الرصاص العشوائي لتفرقة المظاهرة ومع إصرار المتظاهرين على خروجهم ولكثرة أعداد المتظاهرين طلبت الهيئة مؤازة من عناصر "مقر الصوامع" المسيطر عليه حديثاً من قبلهم، وذلك لمساعدة العناصر المسلّحة من الخروج من "مقر المحكمة الشرعية" تخلل ذلك أيضاً اطلاق رصاص كثيف لفتح ممر لخروجهم ومغادرتهم المدينة باتجاه مقر الصوامع الواقع جنوب سراقب ب 3 كم." ومن المهم التأكيد على أنّ من قام باقتحام المدينة هم مقاتلين من "عشيرة الشيعطات" وقدموا من أحد أضخم مقرات "هيئة تحرير الشام" والكائن في "مطار أبو الظهور"، إضافة إلى وجود عناصر من سراقب نفسها كانوا قد انتموا للهيئة في فترات سابقة حيث ساعدوا العناصر الغريبة في الاستدلال على بيوت العديد من الأشخاص ومعرفة شوارع المدينة."
صورة أخرى تظهر انسحاب عناصر هيئة تحرير الشام من مدينة سراقب بتاريخ 21 تموز/يوليو 2017، وذلك على خلفية الغضب الشعبي والمظاهرات التي قوبلوا بها من قبل الأهالي. مصدر الصورة: نشطاء من المدينة.
ووفقاً لمراسل سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فقد بقي الوضع هادئاً في مدينة سراقب، ولاسيما عقب التوصل إلى اتفاق مابين حركة أحرار الشام الإسلامية وهيئة تحرير الشام بتاريخ 26 تموز/يوليو 2017، والذي اتفقا بموجبه على إنهاء المواجهات وتحرير الأسرى ووقف التحريض الإعلامي فيما بينهما في منطقة جبل الزاوية وغيرها (متضمناً مدينة سراقب)، إلا أنه وفي يوم الخميس الموافق 27 تموز/يوليو 2017، عاودت قوة من هيئة تحرير الشام اقتحام مقر المحكمة الشرعية في مدينة سراقب، وعاودت إنزال علم الثورة الذي تم رفعه في وقت سابق، إلى أن تمكنت من بسط سيطرتها على المحكمة الشرعية ومن ثم على المدينة.
صورة تظهر الاتفاق الذي تم ما بين حركة أحرار الشام الإسلامية وهيئة تحرير الشام في منطقة جبل الزاوية وغيرها (متضمناً مدينة سراقب) بتاريخ 26 تموز/يوليو 2017، والذي اتفقا بموجبه على إنهاء المواجهات وتحرير الأسرى ووقف التحريض الإعلامي، مصدر الصورة: نشطاء من المدينة.
ثالثاً: قتلى وجرحى مدنيون نتيجة الاشتباكات بين هيئة تحرير الشام وحركة أحرار الشام الإسلامية:
وكنتيجة لتوسع رقعة المواجهات العسكرية بين حركة أحرار الشام الإسلامية وهيئة تحرير الشام في محافظة إدلب وريفها، فقد تم تسجيل وقوع عدد من القتلى والجرحى بين صفوف المدنيين، وهذا ما أكده محمد الضاهر وهو مديرمركز معرة النعمان الإعلامي في مدينة معرة النعمان بريف إدلب، حيث قال لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة:
"قتل وجرح عشرات المدنيين نتيجة الاشتباكات العسكرية وإطلاق الرصاص العشوائي مابين الطرفين، وكان من بين القتلى المسعف "يوسف اسماعيل فضل" وهو من قرية إبلين في جبل الزاوية، حيث قتل بتاريخ 18 تموز/يوليو 2017، كما قضى الطفل"صبحي ابراهيم موسى" وهو من قرية شنان بجبل الزاوية بتاريخ 19 تموز/يوليو 2017، وتم توثيق مقتل الشاب "مصطفى عصام الدين" وهو من قرية حزانو بريف إدلب الشمالي بتاريخ 20 تموز/يوليو 2017."
وفي سياق متصل فقد أظهر شريط فيديو نشرته وكالة خطوة الإخبارية بتاريخ 21 تموز/يوليو 2017، إحدى النساء من قرية بينين بجبل الزاوية، وهي تروي ما حصل لأسرتها على خلفية المواجهات الأخيرة بين حركة أحرار الشام وهيئة تحرير الشام حيث قالت بأن زوجها وابنتها قد تعرضا للقتل على يد عناصر أحد الحواجز التابعة لهيئة تحرير الشام، كما أشارت إلى أن أحد أطفالها أصيب إصابة خطيرة نتيجة إطلاق الرصاص عليه، وذلك خلال رحلة نزوح العائلة إلى مدينة معرة النعمان، عقب سيطرة الهيئة على قريتهم، حيث قالت:
"بدأ عناصر الحاجز بإطلاق النارعلينا، وكان زوجي يصرخ ويقول "أنا مدني" ويطلب منهم ألا يطلقوا النار لأن أطفاله برفقته، إلا أنهم لم يستجيبوا لطلبه فاخترق الرصاص جسده وأردوه قتيلاً ، كم أنهم قتلوا ابنتي الكبرى بخمس رصاصات، بينما أصيبت ابنتي الصغرى "ميس" إصابة خطيرة سببت شللاً كاملاً في أطرافها."
ووفقاً لمراسل سوريون من أجل الحقيقة والعدالة فقد تسببت الاشتباكات أيضاً في انفجار سيارة مفخخة بالقرب من منطقة "دوار المزرعة" في مدينة إدلب بتاريخ 23 تموز/يوليو 2017، حيث استهدف التفجير تجمعاً لعناصر هيئة تحرير الشام وأسفر عن وقوع عشرات القتلى والجرحى من مقاتلي الهيئة، كما أنه أدى إلى مقتل وجرح عدة مدنيين.
رابعاً: إنهاء المواجهات وسيطرة هيئة تحرير الشام على كامل مدينة إدلب ومناطق واسعة من ريفها:
بتاريخ 23 تموز/يوليو 2017، تمكنت هيئة تحرير الشام من بسط سيطرتها على كامل مدينة إدلب (مركز المحافظة) ومناطق واسعة من ريفها (باستثناء قرى جبل الزاوية [6]وقرى جبل الوسطاني[7]) ، وذلك بعد انسحاب حركة أحرار الشام الإسلامية إلى مناطق في ريف حماة الشمالي، حيث جاء ذلك بعد اتفاق بين الطرفين تضمن انسحاب حركة أحرار الشام الإسلامية من معبر باب الهوى الذي سيطرت عليه بتاريخ 20 تموز/يوليو 2017 وتسليمه لإدارة مدنية، كما تضمن العودة والعمل باتفاق يوم الجمعة الذي تم توقيعه بين الطرفين بتاريخ 21 تموز/يوليو 2017 – إلا أن الطرفين لم يلتزما به حينها فتجددت المواجهات بينهما- وقد قضى هذا الاتفاق بوقف إطلاق النار وإخلاء المحتجزين [8]بين الطرفين.
صورة تظهر الاتفاق الأول الذي تم بين حركة أحرار الشام الإسلامية وهيئة تحرير الشام بتاريخ 21 تموز/يوليو 2017، والذي تضمن وقف إطلاق النار وإخلاء المحتجزين من الطرفين، إلا أن هذا الاتفاق لم يتم العمل به فتجددت المواجهات بين الطرفين، مصدر الصورة: الصفحة الرسمية لحركة أحرار الشام الإسلامية.
صورة تظهر الاتفاق الثاني بين هيئة تحرير الشام وحركة أحرار الشام الإسلامية بتاريخ 23 تموز/يوليو 2017 والذي قضى بوقف القتال بين الطرفين والعودة والعمل بالاتفاق الأول، كما قضى بوقف الاعتقالات وحالة الاستنفار بين الطرفين، مصدر الصورة: نشطاء من ريف إدلب.
ووفقاً لمراسل سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فمازال الأهالي في عموم محافظة إدلب وريفها يتخوفون من تجدد المواجهات العسكرية بين الطرفين، في حين أن المنطقة تشهد حالة من عدم الاستقرار والاحتقان، ولا سيما أن حركة أحرار الشام الإسلامية كانت قد أعلنت بتاريخ 1 آب/أغسطس 2017، عن استقالة قائدها السابق علي العمر وتعيين قائد جديد لها وهو أبو البراء.
[1] تم تشكيلها بتاريخ 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2011، ويقدر عدد مقاتليها 25 ألف مقاتل، وهي تنشط في حلب ومناطق بإدلب، ويترأسها حالياً (هاشم الشيخ) إلا أن هناك أنباء عن إقالته و تعيين (أبو البراء) بدلاً عنه.
[2] بتاريخ 28 كانون الثاني/يناير 2017، أعلنت عدّة فصائل جهادية في شمال سوريا الإندماج تحت مسمّى "هيئة تحرير الشام" وكانت الفصائل التي أعلنت عن حلّ نفسها والاندماج تحت المسمّى الجديد هي جبهة فتح الشام – تنظيم جبهة النصرة سابقاً، وحركة نور الدين الزنكي، ولواء الحق، وجبهة أنصار الدين، وجيش السنّة، إلا أنه وعلى خلفية اندلاع المواجهات الأخيرة بين حركة أحرار الشام وهيئة تحرير الشام في الشمال السوري بتاريخ 15 تموز/يوليو 2017، أعلنت حركة نور الدين الزنكي انفصالها عن الهيئة بتاريخ 20 تموز/يوليو 2017.
[3] ويشمل شرقي محافظة ادلب وبالتحديد شرقي مدينة سراقب و شرقي بلدة سنجار و شرقي مدينة حلب حتى الرقة والحدود العراقية إضافة إلى شرقي محافظة حماه حتى البادية السورية والحدود العراقية والريف الشرقي لحمص .
[4] أفاد شاهد آخر أنّ الاعتقالات وقعت بعد عدّة أيام من السيطرة على المدينة وحدثت بحق مدنيين بحجة تعاملهم التجاري مع حركة أحرار الشام الإسلامية، كما شملت الاعتقالات أفراد من الحركة نفسها.
[5] أعلنت عن تشكيلها في 3 تشرين الأول/أكتوبر عام 2012 تحت اسم جبهة ثوار سراقب، وهي تضم مجموعة من الكتائب المسلحة من أبناء مدينة سراقب وهم: كتيبة الشهيد أسعد هلال وكتيبة الشهيد محمد حاف و كتيبة الفرقان و كتيبة شهداء سراقب و كتيبة الحسين وكتيبة السلطان محمد الفاتح، وكتيبة أسود الله.
[6] مثل بلدات إحسم و بليون و ابلين و الرامي و مرعيان و البارة، حيث بقيت تحت سيطرة حركة أحرار الشام.
[7] مثل بلدات مشمشان و عين السودة و البشرية و الكستن و بزيت، حيث بقيت تحت سيطرة حركة أحرار الشام.
[8] قال مصدر خاص لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة أنّ هيئة تحرير الشام لم تطلق سراح معتقلي حركة أحرار الشام (حتى تاريخ 18 آب/أغسطس 2017) ومنهم أمير لواء المثنى أبو عزام سراقب و الأمني أبو علي شعبان.