مقدمة: ما زالت المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة المسلّحة/الفصائل المناهضة للحكومة السورية في محافظتي حماه وإدلب، تشهد حالة من الفلتان الأمني، والتي كشفت عن ازدياد كبير في حوادث السرقة والقتل التي طالت العديد من المدنيين، خلال شهر شباط/فبراير 2019، وقبلها شهر كانون الثاني/يناير 2019، حيث لم تعد عمليات القصف الهاجس الوحيد الذي يؤرق أهالي هذه المناطق، بل أصبح انتشار حوادث القتل والسرقات هاجساً آخراً، يؤثر سلباً على حياة الأهالي ويمنعهم من ممارسة حياتهم الطبيعية.
وبحسب الباحثة الميدانية لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فقد تمّ تسجيل ما لا يقلّ عن 12 حادثة قتل في محافظتي إدلب وحماه، وذلك خلال شهري شباط/فبراير وكانون الثاني/يناير 2019، مشيرة إلى أنّ غالبية حوادث القتل كانت تتم بهدف الحصول على المال، وعزز ذلك الفلتان الأمني وانتشار السلاح بشكل عشوائي بدون مراقبة أو محاسبة من قبل فصائل المعارضة المسلّحة.
وأضافت الباحث الميدانية لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ بلدة معردبسة بريف إدلب، كان قد شهدت وحدها تسجيل وقوع أكثر من 30 حالة سرقة، في أوائل العام 2019، الأمر الذي أثار سخطاً كبيراً بين الأهالي، بسبب عدم تحقيق أدنى متطلباتهم، وهو توفير الأمان والاستقرار، فلا يكاد يمرّ يوم دون حصول سرقات من قبل أشخاص ملّثمين ومسلّحين.
وكانت حوادث الخطف قد بلغت ذروتها في محافظة إدلب، نتيجة الفلتان الأمني، وذلك في أوائل العام 2019، حيث تمّ تسجيل ما لا يقلّ عن 23 حالة خطف في مناطق محافظة إدلب وحدها، وكانت غالبية هذه الحوادث تتم بغرض الحصول على المال، بحسب تقرير سابق أعدته سوريون من أجل الحقيقة والعدالة.[1]
- حوادث القتل لا تميز بين صغيرٍ وكبير في محافظة إدلب:
أثار ازدياد حوادث القتل في محافظة إدلب الخاضعة بمعظمها لسيطرة هيئة تحرير الشام، قلق العديد من الأهالي، وخاصةً أنّ هذه الحوادث لم تميز ما بين صغير أو كبير، وفي كثير من الأحيان لم يتمّ التعرّف على مرتكبيها، بحسب العديد من الشهادات التي حصلت عليها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة.
- مقتل طفلة ومعلمتها في ظروف غامضة في مدينة جسر الشغور:
بتاريخ 11 شباط/فبراير 2019، تمّ تسجيل مقتل الطفلة “مريم البكري” 5 أعوام، برفقة معلمتها “فاطمة محمد العمري” 30 عاماً، في مدينة جسر الشغور بريف إدلب، حيث كانت الضحيتان قد توجهتا صباحاً إلى مدرسة “مأمون حاج بكري”، إلا أنهما لم تعودا قط، بحسب ما روى والد الطفلة “مريم”، متزوج ولديه ثلاثة أطفال، لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلاً:
“كانت مريم قد توجهت صباحاً مع معلمتها إلى روضة الأطفال الواقعة ضمن مدرسة “مأمون حاج بكري”، والتي تبعد عن المنزل مسافة 500 متر، وفي ذلك اليوم تأخرت مريم في العودة إلى المنزل، فشعرت بالقلق وعلمت بأنّ معلمتها لم تعد هي الأخرى، فسارعنا إلى إبلاغ القوى الأمنية في مدينة جسر الشغور والشرطة الحرّة، والدفاع المدني، واستنفرت كل المنطقة وشرع العديد من الأهالي في البحث معنا، إلا أننا لم نجد أي أثر لهما، وأخبرني زوج المعلمة “فاطمة” أنها كانت تشعر أنها مراقبة من قبل أشخاص، وأنها لا تعرف سبب ذلك، فأيقنت حينها أنّ ابنتي والمعلمة كانتا قد تعرضتا للخطف من قبل مجهولين، ومضى اليوم دون أن تعثر الشرطة الحرة أو الدفاع المدني عن ابنتي مريم ومعلمتها، فشعرت حينها أنّ الساعات التي مضت على اختفاء مريم، وكأنها أعوام، وكان كل ما أريده أن أسمع خبراً عن طفلتي، فدعوت الله أن لا يكون قد أصابها مكروه، وفي الوقت ذاته كان يعتريني شعور غريب وخوف كبير من أن يأتي الصباح ولا أرى “مريم”، وفي صباح اليوم التالي، جاء إليّ أحد أقاربي، وأخبرني أن نذهب إلى مكتب الأمن، فخرجت مسرعاً ومشيت في الشارع ، وإذ بالأهالي وقد تجمعوا قبالة أحد المباني المهجورة بالقرب من منزلي، وعلى الفور دخلت إلى البناء وبدأت بالبحث، وهنا كانت الصدمة الكبرى، فقد رأيت ابتني ومعها المعلمة، وهما مقتولتان بطريقة وحشية وبدم بارد، فصُدمت ووقفت أصرخ بأعلى صوتي، فجاء الناس والأمن، وتمّ تطويق المنطقة، ومن ثمّ تمّت معاينة الجثث من قبل الدفاع المدني، ولم يتم التعرف على الفاعلين، ومازالت متابعة القضية جارية حتى اللحظة من قبل مكتب الأمن في مدينة جسر الشغور، ويبدو أنّ الفاعلين كان ينوون سرقة مصوغات الذهب التي ترتديها المعلمة، وقد راحت ابنتي معها ضحية.”
صورة تظهر الضحية “مريم البكري” قبيل مقتلها بتاريخ 11 شباط/فبراير 2019، مصدر الصورة: عائلة الضحية “مريم البكري”.
2-اتّهام عناصر من المعارضة السورية المسلّحة بسرقة وقتل شاب في ريف إدلب:
وفي حادثة أخرى، كان “أنس العسكر” 30 عاماً، أحد النازحين من بلدة جليان إلى بلدة جوزيف بريف إدلب، متزوج ولديه ثلاثة أطفال، قد تعرّض للقتل من قبل أشخاص مسلّحين وملّثمين، وذلك بتاريخ 18 كانون الثاني/يناير 2019، بحسب ما روى شقيق الضحية لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلاً:
“في صبيحة ذلك اليوم، غادرت المنزل مع شقيقي، وكنا نريد التوجه إلى أحد مكاتب الحوالات المالية والصرافة في بلدة فريكة بريف جسر الشغور الغربي، والتي تبعد عن بلدة جوزيف ما يقارب 11كيلو متر، فركبنا سيارة تكسي، وبينما كنا متجهين إلى الغرب، تفاجئنا بخروج فان من وراء ساتر ترابي قطعت الطريق علينا، وكان يستقلّها أشخاص ملثمين، كما كان هنالك شخصان يجلسان خلف السيارة، وشرعا بإطلاق النار علينا مباشرة، ومن جميع الجهات، حيث أطلقا ما يقارب الأربعين رصاصة، ثمّ ترجّل أحد المسلحين من السيارة، وتوجه إلي فتعاركت معه بالأيدي، وإذ بشخصين ملّثمين قد أتيا من خلفي وأطلقا علينا النار، فأصبت بأربع طلقات نارية، كما أصيب شخصان من العصابة عن طريق الخطأ وأعتقد أنّ أحدهما قد قُتل، وفي هذه الأثناء زحفت أرضاً مسافة 7 أمتار، وكان وجهي ملطخاً بالدماء، وأصبحت أصرخ منادياً على أخي “أنس”، لكن دون رد، فأيقنت حينها أنّ أخي قد قٌتل.”
وتابع شقيق الضحية حول ما جرى قائلاً:
“لاذ الملّثمون بالفرار، بعدما سرقوا ما كان بحوزتنا من المال، والذي يقدّر ب 30 ألف دولار أميركي، ولم يمضِ الكثير من الوقت حتى رآني أحد رعاة الغنم، وجاء إليّ مسرعاً، فأخبرته أنّ لي أقارب على مسافة 200 متر، ورجوته أن يذهب إليهم ويخبرهم أن يأتوا كي يقوموا بإسعافي، وبالفعل هذا ما حدث، ثمّ جاء اليّ شخصان من عناصر هيئة تحرير الشام، كانا متواجدين على حاجز يبعد عن مكان الحادث ما يقارب 2 كيلو متر، وفي هذه الأثناء وصل أقاربي وقاموا بإسعافي مع شقيقي أنس، والذي كان قد تلّقى طلقاً نارياً في خده خرج من رأسه، ثمّ تمّ إسعافنا إلى أحد مشافي ريف إدلب، لكنّ شقيقي كان قد فارق الحياة حينها، ورحل تاركاً غصّة في قلبي، كما ترك خلفه أولاده الثلاثة وطفله الصغير الذي لم يتجاوز سبعة أعوام بعد.”
وأضاف الشاهد بأنه روى لعناصر هيئة تحرير الشام تفاصيل الحادثة بينما كان في المشفى، وأخبرهم بأنّ أحد السارقين، كان قد أصيب بطلق ناري، ومن المحتمل أن يكون قد تمّ إسعافه إلى مشفى قريب من مكان الحادثة، وتابع حول ما جرى قائلاً:
“غباء العصابة كشف أمرهم، حيث تمّ إسعاف أحد أفراد العصابة إلى مشفى جسر الشغور، ويدعى “م.ع”، فتمّت مراقبتهم ونصب كمين لهم في مشفى جسر الشغور، إلى أن تمّ إلقاء القبض عليهم آخر الأمر، وهم “م.أ” من قرية تل واسط بريف إدلب، وأحد عناصر هيئة تحرير الشام” إضافة إلى خمس عناصر تابعين لفصائل المعارضة السورية المسلّحة[2]، إلى جانب “ع. ع” من ريف معرة النعمان، وهو من عناصر تنظيم حراس الدين، إضافة إلى “م.ج” من بلدة صريف بريف إدلب، وهو من عناصر الجبهة الوطنية للتحرير، وهذا الشخص الوحيد الذي لاذ بالفرار وهو موجود الآن في مدينة منبج بريف حلب.”
وأضاف الشاهد بأنّ أحد عناصر المعارضة المسلّحة المتّهمين، كان قد فرّ وبحوزته المال إلى بلدة اطمة بريف إدلب، وكان ينوي الفرار لاحقاً إلى تركيا، لكنّ عناصر تابعين لفصيل معارض، تمكنوا من إلقاء القبض عليه، مشيراً إلى أنّ الأخير لم يقم بإرجاع المال، متحججاً بأنّ عناصر هذا الفصيل قاموا بسرقته، حيث مازالت مجريات القضية مستمرة حتى يومنا هذا، كما لا زال أحد عناصر الجبهة الوطنية للتحرير، فاراً في مدينة منبج حتى اللحظة، وتابع شقيق الضحية حول هذا قائلاً:
“تمّ معرفة المكان الذي يتواجد فيه “م.ع” بعد هروبه إلى مدينة منبج، حيث تمّ التأكد أنه كان قد انتمى عقب هذه الحادثة إلى فصيل معارض آخر، فأخبرت مكتب التحقيقات الأمينة في ريف حلب الغربي الشهر بتاريخ 28 شباط/فبراير 2019، وقدّمت لهم الأدلة الكافية حول تورط الأخير بقتل وسرقة أخي، إلا أنهم أخبروني بأنّ القضية ستستغرق مدة طويلة، لأنها تحتاج إلى لجنة وإلى تصديق الأحكام، حيث مازلت منتظراً حتى اللحظة تحويل “م.ع” لمحاكمته مع باقي أفراد العصابة، حيث لم يصدر حتى اللحظة أي حكم بحق أولئك المجرمين.”
صورة تظهر الضحية “أنس العسكر” وأحد أطفاله، قبيل مقتله في شهر كانون الثاني/يناير 2019، مصدر الصورة: عائلة الضحية.
3-اتّهام عناصر من تنظيم “داعش” بقتل وسرقة شاب من ريف إدلب:
“حسين معروف” 30 عاماً، متزوج ولديه ثلاثة أطفال، كان ضحية أخرى من ضحايا حوادث القتل في محافظة إدلب، وتحديداً في مدينة سرمدا، حيث كان يعمل في أحد مكاتب الحوالات المالية في المدينة، إلى أنّ أردي قتيلاً بتاريخ 29 كانون الأول/ديسمبر 2018، وذلك بينما كان برفقة قريبه “محمد منديل” وهو صاحب إحدى المحال المخصصة لبيغ المصوغات الذهبية في المدينة، حيث روى قريب الضحية لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، قائلاً:
“في الساعة (5:00) مساءً من ذلك اليوم، قام “حسين” بإغلاق مكتب الحوالات، كما قام “محمد منديل” بإغلاق محله المخصص لبيع المصوغات الذهبية، وكان قد وضع معظم المصوغات في حقيبة، ثمّ استقلّ سيارته برفقة قريبي “حسين” من أجل العودة إلى المنزل، وقبل أن يصلا، قام أشخاص ملّثمون ومسلّحون بإطلاق النار على “حسين” فتوفي مباشرة، وكانت بحوزته حقيبة الذهب، أما “محمد” فقد ترجلّ بسرعة من السيارة محاولاً الفرار، إلا أنّ العصابة عمدت إلى اللحاق به، فما كان منه إلا الصراخ منادياً بأعلى صوته “سارقين سارقين”، وحينها تلقى “محمد” إحدى الطلقات النارية في قدمه، وقد كان بعض أولئك المسلحين يستقلّون دراجة نارية، فيما كان بعضهم الآخر يستقل سيارة، وقد لاذوا بالفرار بعد سرقة الذهب والمال، وتمّ إسعاف “محمد” على الفور إلى إحدى المشافي، في حين كان “حسين” قد فارق الحياة.”
وأضاف الشاهد، بأنّ المسلّحين عمدوا إلى سرقة الحقيبة التي تحوي 7 كيلو و200 غرام من الذهب، إضافة إلى مبلغ مالي وقدره 5000 دولار أميركي و300 ألف ليرة سورية، وأردف أنه وبعد مرور حوالي ثلاثة أسابيع على وقوع الحادثة، وتحديداً بتاريخ 18 كانون الثاني/يناير 2019، اتصل بهم أحد الأشخاص ممن يملكون محلاً لبيع مصوغات الذهب في منطقة الباب بريف حلب، وأبلغهم أنّ أحدهم عرض عليهم بيع كيلو غرام من الذهب، وهو يناسب مواصفات الذهب المسروق والذي تمّ تعميمه من قبل الجهات الأمنية، وأكمل الشاهد حديثه قائلاً:
“عندما تمّ إبلاغنا عن الذهب المسروق، تمكنت الجهات الأمنية من إلقاء القبض على الفاعلين، وتمّ تحويلهم إلى مخفر هيئة تحرير الشام في مدينة سرمدا، كما تمّت إعادة الذهب المسروق إلينا، لكن كان هناك حوالي 600 غرام من الذهب قد فُقدت، ومن بين أفراد العصابة الذي تمّ إلقاء القبض عليهم، تاجر يدعى “سمير السالم”، كان يحاول الفرار بالمسروقات إلى خارج البلاد، وخاصةً بعد ورود معلومات عن تورطه بعملية السرقة، وكذلك قام عنصرين من العصابة بتنفيذ عملية السرقة والقتل، أحدهما يدعى “حسن البعاج”، وقد تبين لاحقاً من خلال التحقيقات، أنهم عناصر يتبعون لتنظيم “داعش”، وتمّ تحويل المجرمين للقضاء الشرعي لينالوا جزاءهم العادل.”
- سرقات بالجملة في محافظة إدلب:
حوادث السرقة كانت قد ازدادت هي الأخرى وبكثرة في محافظة إدلب، وخاصةً في أوائل العام 2019، حيث تمّ تسجيل العديد من حوادث السرقة التي انتهى بعضها بالنجاح، فيما آل بعضها الآخر إلى الفشل والإحباط، بحسب ما روى “خالد دعبول” 40 عاماً، أحد أهالي بلدة معردبسة، والذي كاد أن يتعرّض لحادثة سرقة، في شهر شباط/فبراير 2019، بحسب ما روى لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلاً:
“في حوالي الساعة (1:00) ليلاً من يوم 7 شباط/فبراير 2019، وبينما كنت في المنزل مع شقيقي، تناهى إلى مسامعنا أصوات تأتي في الخارج، فخرجت أنا وشقيقي لأجد أشخاصاً ملّثمين وهم يحاولون سرقة سيارتي، وعلى الفور لاذوا بالفرار، وقمت بإبلاغ الجهات الأمنية التابعة لهيئة تحرير الشام، لكننا لم نجد أي دليل على الجهة الفاعلة، ولم يتم التعرف عليهم حتى الآن.”
وفي حادثة أخرى، روى “عبدو أحمد السليمان” من بلدة معردبسة، متزوج ولديه أطفال، بأنه كان قد تعرّض هو الأخر لحادثة سرقة طالت سيارته، وتحديداً في أواخر شهر كانون الثاني/يناير 2019، حيث تحدّث لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة في هذا الخصوص قائلاً:
“بتاريخ 31 كانون الثاني/يناير 2019، قام مجهولون بسرقة سيارتي من أمام منزلي، إذ أنني لم أجد لها أي أثر، فقمت بتعميم خبر سرقة السيارة ومواصفاتها على وسائل التواصل الاجتماعي، وقمت بإبلاغ الاجهزة الأمنية التابعة لهيئة تحرير الشام، لكن لم يّتم معرفة مرتكبي هذه الحادثة حتى يومنا هذا، وتعتبر هذه السيارة بمثابة مصدر رزقي الوحيد، فقد كنت أقوم بنقل العمال يومياً من خلالها.”
“رمضان الأبرش” شاهد آخر من بلدة معردبسة، قال لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة بأنّ سيارته كادت أن تتعرّض للسرقة، بتاريخ 3 شباط/فبراير 2019، من قبل أشخاص ملّثمين، لولا أنه شعر على السارقين وعمد إلى الصراخ عليهم، فلاذوا بالفرار، كذلك حال “أحمد داوود” من ريف إدلب، ففي تاريخ 2 شباط/فبراير 2019، كاد هو الأخر أن يفقد سيارته في حادثة سرقة، من قبل أشخاص ملّثمين لم يتم التعرف عليهم أيضاً.
وبحسب الباحثة الميدانية لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فقد كانت بلدة معردبسة بريف إدلب الشرقي، قد شهدت في أوائل العام 2019، عمليات قتل طالت العديد من المدنيين، إما بواسطة العبوات ناسفة أو إطلاق الرصاص من قبل أشخاص ملّثمين.
ففي تاريخ 26 كانون الثاني/يناير 2019، تعرّض “صبحي سيف الدين جديع” لمحاولة اغتيال برفقة عائلته، بعد زرع عبوة ناسفة في سيارته من قبل مجهولين، ما أدى إلى إصابته إصابات خطيرة، ثمّ وفاته بعد حين، فضلاً عن تعرض زوجته وأولاده لإصابات خفيفة، وبتر قدم أخيه.
وبتاريخ 18 كانون الثاني/يناير 2019، تعرّض “محمد أمين الراغب” لإطلاق الرصاص في بلدة معردبسة، من قبل مجهولين لاذوا بالفرار، ولم تسفر الحادثة عن أي إصابات.
- انتشار حوادث القتل والسرقة في محافظة حماه:
مناطق ريف حماه الغربي الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة المسلّحة[3]، كانت قد شهدت هي الأخرى ازدياداً ملحوظاً في حوادث القتل، والتي راح ضحيتها العديد من المدنيين، دون أن يتم التعرّف على الجهات التي ارتكبت هذه الجرائم، بحسب العديد من الشهادات التي حصلت عليها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة.
“سليمان علوش” 50 عاماً، من بلدة الجويز في ريف حماه الغربي، كان قد قُتل بتاريخ 26 كانون الثاني/يناير 2019، وذلك بينما كان الضحية متواجداً في منزله، حيث روى أحد أقارب “سليمان” لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة في هذا الخصوص قائلاً:
“كان سليمان شخصاً بسيطاً ومحبوباً من قبل أهالي بلدته ولم يكن لديه أي أعداء، فمعظم وقته يقضيه مع أسرته التي تتألف من ثلاث بنات وولدين، وبتاريخ 26 كانون الثاني/يناير 2019، كان سليمان قد استلم مرتبه التقاعدي والبالغ 100 ألف ليرة سورية إضافة إلى مرتب قريبه والبالغ 500 دولار أمريكي، وعاد إلى المنزل، لكن وفي صباح اليوم التالي، فوجئت شقيقته عندما وجدت باب غرفته مفتوحاً، بينما كانت الدماء تملأ أرجاء الغرفة، فبدأت بالصراخ وكان حينها لايزال على قيد الحياة، إذ كان قد تعرّض للإصابة في رأسه، وذُهلت شقيقته عندما وجدت المقلاة وهي ملطخة بالدماء، ويبدو أنّ المجرم قام بضربه بواسطتها، وعلى الفور تمّ إسعاف سليمان إلى مشفى مدينة إدلب، حيث مكث مدة 12 يوماً في العناية المشددة، وهو غائب عن الوعي، إلى أن توفي آخر الأمر، وقمنا بإبلاغ الجهات الأمنية في البلدة، إلا أنهم لم يتمكنوا حتى اللحظة من التعرف على الفاعل.”
لم يقتصر انتشار حوادث السرقة على محافظة إدلب وحدها، فقد كان قد امتد حتى مناطق ريف حماه، بحسب ما روى “علقمة القصاب” 28 عاماً، أحد أهالي ريف حماه الغربي، فقد كان قد تعرّض منزله الكائن في بلدة الصهرية، للسرقة هو الآخر من قبل مجهولين، وتحديداً بتاريخ 23 كانون الثاني/يناير 2019، حيث تحدّث لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة في هذا الصدد قائلاً:
“في ذلك اليوم وبينما كنت متواجداً في المنزل مع عائلتي، تناهى إلى مسامعي أصوات تأتي من الخارج، وعندما ذهبت كي أتحقق مما يحصل، فوجئت بشبان مسلّحين وملّثمين أمام منزلي، فشعرت حينها بالخوف الشديد، وألقوا عليّ التحية، وسألتهم عن هويتهم، فقالوا لي بأنهم عناصر من هيئة تحرير الشام ويريدون تفتيش المنزل بحثاً عن مطلوبين، فأخدت الإذن بالدخول من أهل بيتي، وماهي إلا دقائق حتى وضعوا السلاح في رأسي، وقام أحدهم بتلقيمه، ثمّ قاموا بتقييدي أنا ووالدي وزوجة أخي، والذي أصيب بنوبة قلبية جرّاء ما حدث، حتى أنّهم منعوه من تناول دوائه، أما والدتي فقد أغمي عليها من شدّة الخوف، فهي مريضة وتعاني ارتفاعاً في ضغط الدم، وخلال هذه الأثناء قاموا بسرقة كل شي في المنزل، وكانوا سبعة أشخاص، كما قاموا بسرقة 1500دولار أمريكي و400 ألف ليرة سورية، و 128 غرام من الذهب، إضافة إلى عصا أثرية عثمانية ورثتها عن جدي، وخمسة جوالات، ثمّ أخدوا مفاتيح السيارة وسرقوها بعد أن قاموا بوضعنا في إحدى الغرف، وأغلقوا الباب علينا، ومن ثمّ لاذوا بالفرار، وبعدها تمكنت زوجة أخي من فك وثاقها وقامت بفك وثاقي، وذهبت مسرعاً مسافة 700 متر، حيث يوجد مزرعة وهي أقرب مزرعة علينا، وقمنا بإبلاغ الجهات الأمنية، وعممّنا على نوع السيارة التي سرقوها، وبعدها قمنا بإسعاف والدي ووالدتي إلى مشفى في ريف إدلب، ولم يتم القبض على العصابة التي داهمت منزلنا وقامت بسرقتنا حتى اللحظة.”
صورة تظهر منزل الشاهد “علقمة القصاب” في ريف حماه، والذي كان قد تعرّض للسرقة بتاريخ 23 كانون الثاني/يناير 2019، مصدر الصورة: الشاهد نفسه.
[1] “حوادث الخطف وأخذ الرهائن تبلغ ذروتها في محافظة إدلب في أوائل 2019” سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في 21 آذار/مارس 2019. (آخر زيارة بتاريخ 22 آذار/مارس 2019). https://www.stj-sy.org/ar/view/1230?fbclid=IwAR2EaFhcKS-EvncHBjIZDBg3Wlm-tl0dVJT7ivKEjXjfKQJlw5UL4yPsoBg.
[2] من الجدير ذكره بأنّ سوريون من أجل الحقيقة والعدالة تحفظت على ذكر أسماء الأشخاص المتورطين، لأسباب أمنية.
[3] أبرزها هيئة تحرير الشام وجيش العزة.