مقدمة: عقب سيطرة هيئة تحرير الشام[1] على كافة مناطق ريف حماه في أوائل شهر كانون الثاني/يناير 2019، سارعت إلى القيام بعمليات استيلاء ومصادرة واسعة طالت العديد من المرافق العامة والأملاك الخاصة، كما عمدت إلى فرض أتاوات/ضرائب على معظم المدنيين القاطنين فيها، وذلك بحسب العديد من الشهادات التي حصلت عليها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة مؤخراً.
ففي شهر شباط/فبراير 2019، صادرت هيئة تحرير الشام ما لا يقلّ عن 60 منزلاً ومحلاً تجارياً إضافة إلى عدد من الأراضي الزراعية في بلدة كفرنبوذة، وذلك بحجة تواجد مالكيها في مناطق سيطرة القوات الحكومية السورية، كما قامت بفرض أتاوات/ضرائب على المدنيين الذين ما زالوا متواجدين في البلدة، والذين يبلغ عددهم حوالي 2500 عائلة، حيث ألزمتهم بدفع مبلغ 1500 ليرة سورية، على كل “أمبير كهرباء” يتم استهلاكه شهرياً، رغم أنّ الكهرباء تأتي من مناطق سيطرة القوات الحكومية السورية وبشكل مجاني.
وفي منتصف شهر كانون الثاني/يناير 2019، قامت هيئة تحرير الشام بمصادرة 42 شقة سكنية تابعة لمؤسسة الإسكان العامة الحكومية في ناحية الزيارة بريف حماه الغربي، وكانت حركة أحرار الشام الإسلامية، قد استولت على هذه الشقق في العام 2014، لكن ومع سيطرة هيئة تحرير الشام على ناحية الزيارة، أصبحت هذه الشقق تحت تبعية هيئة تحرير الشام، حيث أخطرت جميع المقيمين من النازحين في منازل الإسكان هذه، بوجوب دفع إيجار الشهري وقدره 4000 ليرة سورية شهرياً، كما أنذرت كل من يتخلف عن دفع الإيجار بمغادرة المنزل.
ولم يقتصر الأمر على ذلك فحسب، بل كانت هيئة تحرير الشام قد أعلنت بأنّ سد قسطون (2700 دونم) أصبح تحت تصرف المكتب الاقتصادي التابع لهيئة تحرير الشام، وعمدت إلى تأجير الأراضي الزراعية في منطقة السد، للمزارعين بأسعار متفاوتة، مع العلم بأنّ السد يعدّ من المصادر الأساسية للمياه، حيث يعتمد عليه المزارعون بالدرجة الأولى لإرواء أراضيهم.
وفي ناحية قلعة المضيق، فرضت هيئة تحرير الشام أتاوات/ضرائب على المدنيين المقيمين في هذه الناحية، وألزمتهم بدفع مبلغ وقدره 2000 ليرة سورية مقابل استهلاك أمبير واحد من الكهرباء شهرياً، إضافة إلى مبلغ وقدره 1000 ليرة سورية شهرياً لقاء الحصول على مياه الشرب، فضلاً عن استيلائها بشكل كامل على محطة كهرباء الشريعة في ناحية قلعة المضيق، مع السماح للموظفين المرتبطين بالحكومة السورية، بالدخول والخروج إليها لإدارتها.
وفي أوائل العام 2019، واصل “الحزب الإسلامي التركستاني” أعمال السلب والنهب لمحطة كهرباء زيزون في منطقة سهل الغاب، لكن هذه المرة تحت رعاية وإشراف هيئة تحرير الشام التي سيطرت على كامل مناطق ريف حماه، حيث عمد عناصر من الحزب وبشراكة عناصر من هيئة تحرير الشام، وتحديداً في أوائل العام 2019، إلى فكّ برج التبريد المنصوب في المحطة، وفكّ العوارض الحديدية والألواح تمهيداً لبيعها، علماً بأنّ الحزب الإسلامي التركستاني كان قد قام بعمليات نهب وسلب واسعة للمحطة طالت العديد من مستلزماته ومحتوياته في أعوام سابقة.
وبحسب الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فقد كانت هيئة تحرير الشام قد أتمّت سيطرتها الكاملة على ريف حماة وذلك بتاريخ 9 كانون الثاني/يناير 2019، عقب اشتباكات دارت ما بينها وبين “الجبهة الوطنية للتحرير”، وقد اندلعت هذه الاشتباكات نتيجة رغبة الجبهة الوطنية للتحرير، بالتمدد من خلال إنشاء مقرات عسكرية ومجالس محلية في ناحية محمبل في محافظة إدلب، لا سيّما في قرية جدرايا، الأمر الذي اعتبرته تحرير الشام تعدياً على مناطقها العسكرية والمدنية، لا سيّما أنّ ناحية محمبل خاضعة لسيطرتها.
وأفضت هذه الاشتباكات إلى استيلاء هيئة تحرير الشام على كامل مناطق ريف حماه الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية، بما فيها المرافق العامة والخدمات والمباني الحكومية والمشاريع العائدة لملكية الحكومة السورية قبيل العام 2011، كما أفضت أيضاً إلى سيطرة هيئة تحرير الشام على كامل محافظة إدلب عسكرياً.
وليست المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلّحة في محافظة حماه، وحدها من شهدت عمليات مصادرة وسلب ونهب واسعة، بل كانت العديد من المرافق والأملاك العامة والخاصة في محافظة إدلب، والخاضعة بمعظمها لسيطرة هيئة تحرير الشام، قد تعرّضت للاستيلاء والنهب والسلب أيضاً وذلك في أوائل العام 2019، وكان أبرز هذه المرافق، المؤسسة العامة للحبوب في مدينة إدلب، ومطحنة معرة مصرين وصوامع حبوب “راعة”.[2]
- تنظيمات معارضة ومتشدّدة تتناوب على مصادرة حوالي 60 منزلاً ومحلاً تجارياً في ريف حماه:
في شهر شباط/فبراير 2019، قامت هيئة تحرير الشام بالاستيلاء على 60 منزلاً ومحلاً تجاري في بلدة كفرنبوذة بريف حماة الشمالي والغربي، وتعود ملكية هذه العقارات لمدنيين كانوا قد نزحوا عن البلدة في الأعوام الماضية نتيجة القصف الذي تعرضت له من قبل القوات النظامية السورية، وقد عمدت هيئة تحرير الشام إلى مصادرة هذه الأملاك الخاصة، بحجة تواجد مالكيها في مناطق سيطرة القوات النظامية السورية، بحسب ما أفاد أحد أقارب المدنيين الذين تمّت مصادرة منزله مؤخراً، حيث تحدّث لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة في هذا الصدد قائلاً:
“كان قريبي قد نزح إلى مناطق سيطرة القوات النظامية السورية منذ عدّة أعوام، هرباً من القصف الذي تعرّضت له البلدة، وفي العام 2018، قامت مجموعة مسلّحة تتبع لحركة أحرار الشام الإسلامية، بمصادرة منزل قريبي، مع عدد من المنازل والمحلات التجارية، كما أسكنوا في المنزل عائلات لعناصر تابعين لها، أما المحلات تجارية فقد تمّت مصادرتها من قبل محكمة تابعة لهم، من أجل تأجيرها بعقود تجارية، لأشخاص مقرّبين منهم، ولكن بعد أن سيطرة هيئة تحرير الشام على البلدة، وتحديداً في بداية شهر شباط/فبراير 2019، قامت الأخيرة بمصادرة جميع المنازل والمحلات تجارية التي كانت تسيطر عليها حركة أحرار الشام الإسلامية، كما عمدت للسيطرة على مبنى الشرطة الحرّة، واستدعت الأشخاص الذين تمّ تأجيرهم المحلات التجارية والمنازل من قبل المحكمة التابعة لحركة أحرار الشام الإسلامية، وقامت بتجديد العقود بينها وبين أولئك الأشخاص مقابل مبلغ مادي.”
أحد ناشطي بلدة كفرنبوذة، قال لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ هيئة تحرير الشام لم تكتفِ فقط بمصادرة حوالي 60 منزلاً ومحل تجاري في البلدة، بل قامت أيضاً وبتاريخ 15 شباط/فبراير 2019، بفرض أتاوات/ضرائب، على من تبقى من المدنيين في البلدة، من خلال دفع مبلغ 1500 ليرة سورية مقابل استهلاك “أمبير واحد” من الكهرباء شهرياً، علماً أنّ الكهرباء تأتي من مناطق سيطرة القوات النظامية السورية/منطقة محردة كما أنها مجانية.
وبحسب الباحثة الميدانية لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فقد قُدّر عد العائلات المتواجدة حالياً في بلدة كفرنبوذة حتى بدايات شهر نيسان/أبريل 2019، ب 2000 عائلة، فضلاً عن 500 عائلة نازحة من مناطق ريف حماة الشمالي وريف حماه الشمالي والغربي.
ولم تقم هيئة تحرير الشام بمصادرة المنازل والمحال التجارية في بلدة كفرنبوذة بل عمدت أيضاً إلى مصادرة عدد من الأراضي الزراعية بحجة تواجد مالكيها في مناطق سيطرة القوات النظامية السورية، حيث أفاد قريب أحد المدنيين الذين تمّت مصادرة أرضه الزراعية في البلدة، قائلاً:
“أجبرت عائلة عمي على النزوح من بلدة كفرنبوذة، نتيجة القصف الذي كانت تتعرض له، حيث كانت حركة أحرار الشام الإسلامية، هي من تسيطر على البلدة آنذاك، فقامت بمصادرة الأراضي الزراعية في البلدة، وكان عمي يمتلك 45 دونم من الأرض المزروعة بالزيتون، و17 دونم أرض غير مزروعة، فقامت مجموعة مسلّحة تابعة لحركة أحرار الشام الإسلامية بمصادرة هذه الأرض إضافة إلى أراضٍ زراعية أخرى، و تأجيرها إلى شخص آخر، مقابل دفع مبلغ وقدر300 ألف ليرة سورية، ولكن بعد سيطرة هيئة تحرير الشام على بلدة كفرنبودة، قامت باستدعاء الأشخاص الذين استأجروا هذه الأراضي الزراعية، وقامت بتجديد العقود معهم مقابل مبالغ مادية.”
صورة خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تظهر أحد الأراضي الزراعية التي تمّت مصادرتها مؤخراً في بلدة كفرنبوذة من قبل هيئة تحرير الشام
- مصادرة 42 شقة سكنية في ناحية الزيارة بريف حماه:
ناحية الزيارة في ريف حماه الغربي، لم تسلم هي الأخرى من ممارسات هيئة تحرير الشام، ففي منتصف كانون الثاني/يناير 2019، دخلت هيئة تحرير الشام إلى ناحية الزيارة، والمؤلفة من 23 قرية وبلدة، أبرزها بلدة الزيارة وبلدة قسطون وبلدة زيزون وقرى الدقماق وقرية قليدين، وتضمّ هذه البلدات، العديد من المرافق والأملاك العامة والخاصة، وأبرزها 42 شقة سكنية في بلدة زيزون، و محطة كهرباء زيزون، و أراضي زراعية في منطقة سد قسطون، وقد كانت حركة أحرار الشام الإسلامية، قد استولت على هذه المرافق في العام 2014، لكن ومع دخول هيئة تحرير الشام إلى ناحية الزيارة، استولت الأخيرة على هذه المرافق.
وكان من أبرز تلك الممتلكات التي استولت هيئة تحرير الشام، منازل تتبع لمؤسسة الإسكان العامة في بلدة زيزون، وكان يقطنها موظفون حكوميون قبيل أن ينزحوا من البلدة في العام 2014، ويبلغ عدد هذه المنازل 42 منزلاً، وبتاريخ 18 كانون الثاني/يناير 2019، أخطرت هيئة تحرير الشام جميع المقيمين من النازحين في منازل الإسكان هذه، ليتم الاجتماع بهم من قبل مسؤول المكتب الاقتصادي التابع لهيئة تحرير الشام في المنطقة “طارق نصار أبو مجاهد”، حيث أنذر سكان هذه المنازل، بوجوب دفع إيجار الشهري يقدّر ب 4000 ليرة سورية شهرياً، كما أنذر كل من يتخلف عن الدفع بمغادرة المنزل.
“أحمد منصور” وهو أحد النازحين الذين يسكنون أحد منازل مؤسسة الإسكان في بلدة زيزون، حيث قال لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنه كان قد لجأ إلى بلدة زيزون في العام 2018، بعد الدمار الذي طال قريته تل أواسط في ريف حماه، والقصف المتواصل الذي كانت تشهده آنذاك من قبل القوات الحكومية السورية، حيث قال:
“بتاريخ 18 كانون الثاني/يناير 2019، دُعيت إضافة إلى كلّ رب أسرة يسكن بمنازل الإسكان، لاجتماع مع هيئة تحرير الشام، من أجل مطالبتنا بدفع إيجار عن المنازل التي نسكنها، بقيمة 4000 ليرة شهرياً، وتمّ تبليغنا شفهياً بأنه إذ لم ندفع، فسيتم إخراجنا بالقوة من المنازل، والمشكلة أننا مضطرون للبقاء في هذا المنزل، حيث لا يوجد لنا مأوى، بعد دمار منزلي الأصلي، وحالي كحال باقي النازحين الذين يسكنون في منازل الإسكان والبالغة عددهم 42 منزلاً.”
وفي شهادة أخرى أدلى بها رئيس المجلس المحلي لبلدة زيزون سابقاً، حيث قال لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة بأنّ هيئة تحرير الشام استولت على منازل الإسكان العامة الحكومية دون أن تقوم باستشارة المجلس المحلي في البلدة، بل على العكس طلبت من المجلس أن يكون مسؤولاً عن الجباية، ويوصلها للمكتب الاقتصادي الكائن في بلدة محمبل غرب إدلب.
- مصادرة الأراضي الزراعية في سد قسطون بريف حماه:
عقب سيطرة هيئة تحرير الشام على ناحية الزيارة بريف حماه الغربي في أوائل العام 2019، أعلنت بأنّ سد قسطون (2700 دونم) أصبح تحت تصرف المكتب الاقتصادي التابع لهيئة تحرير الشام، والذي بات يشرف على تأجير الأراضي الزراعية في منطقة السد للمزارعين بأسعار متفاوتة، ويُعدّ “سد قسطون” الواقع في شمال سهل الغاب بريف حماة من المصادر الأساسية للمياه، حيث كان يعتمد عليه المزارعون بالدرجة الأولى لإرواء أراضيهم.
“عبد المجيد الحنوش” أحد المزارعين في بلدة قسطون، قال لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة بأنه مع بداية انحسار المياه في سد قسطون، نتيجة توقف الضخ عليه من نهر العاصي منذ العام 2014، عاد الكثير من المزارعين لزراعة أراضيهم الموجودة في جسم السد، قبيل أن تشتريها منهم الحكومة السورية، وتحولها الى مكان مخصص لتخزين مياه الري، حيث قال:
“بتاريخ 2 شباط/فبراير 2019، أنذر المكتب الاقتصادي التابع لهيئة تحرير الشام، معظم المزارعين الذين يشغلون أراضي زراعية في سد قسطون، وأخبرهم بضرورة دفع ايجارات شهرية عن الأراضي التي يشغلونها، وإلا سوف يجبرون على مغادرتها، حيث أنّ إيجار الدونم الواحد بلغ 11 ألف ليرة سورية، وقد تمّ دفعها من قبل كل المزارعين، كي لا يخسروا موسم عملهم الذين شرعوا فيه قبل القرار المذكور، ويشغل المكتب الاقتصادي لهيئة تحرير الشام بناحية الزيارة كل من “علي حمدان” المدعو أبو عمر، و”طارق نصار” المدعو أبو مجاهد”، إذ يعدّ هذان الشخصان ذراع حكومة الإنقاذ في المنطقة من جمع ضرائب وأتاوات من السكان.”
صورة مأخوذة بواسطة القمر الصناعي، تبين موقع سد قسطون في ريف حماه ومنطقة الأراضي التي تمّت مصادرتها.
وبحسب الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فإنّ أراضي زراعية تعود ملكيتها لمواطنين سوريين من الديانة المسيحية، وتقع غرب بلدة الزيارة وتبلغ مساحتها 500 دونم، كانت هي الأخرى قد تمّ مصادرتها في بداية شهر شباط/فبراير 2019 من قبل هيئة تحرير الشام والحزب الإسلامي التركستاني، حيث قام كل من ممثل المكتب المالي لدى الحزب الإسلامي التركستاني والمدعو ب”زيد” ومندوب المكتب الاقتصادي لدى هيئة تحرير الشام والمدعو “طارق النصار” باقتسام عملية تأخير أراضي المسيحيين لمزارعين، مقابل مبلغ وقدره 12000 ليرة سورية للدونم الواحد، مناصفةً بين التركستاني وهيئة تحرير الشام.
- هيئة تحرير الشام تفرض ضرائب/أتاوات على أهالي ناحية قلعة المضيق:
ولم تقتصر ممارسات هيئة تحرير الشام على ناحية الزيارة فحسب، بل امتدت حتى ناحية قلعة المضيق، فقعب سيطرتها على هذه الناحية والتي تضم بلدات (العمقية والحوش والشريعة وقيراطة وقلعة المضيق) بتاريخ 1 كانون الثاني/يناير 2019، سارعت هيئة تحرير الشام إلى تغيير المجالس المحلية بناحية قلعة المضيق، وإعلان تبعية المنطقة لحكومة الإنقاذ، والاجتماع بوجهاء وممثلين للقرى والبلدات في الناحية، لإبلاغهم بالقرارات والضرائب المفروضة على المياه والكهرباء، وتبعية كل ما هو حكومي لحكومة الإنقاذ.
“ليث العلاوي” وهو أحد ناشطي ناحية قلعة المضيق، والذي كان متواجداً في الاجتماع الذي ضمّ ممثلين عن المكتب الاقتصادي التابع لهيئة تحرير الشام وهم “حمدان أبو عمر وطارق نصار” من جهة، وما بين ممثلين عن قرى وبلدات ناحية قلعة المضيق من جهة أخرى، حيث قام مندوبي هيئة تحرير الشام بإبلاغ كافة المدنيين الذين يقطنون منازل في ناحية قلعة المضيق، بأنّ عليهم دفع اشتراك للحصول على الكهرباء، تصل قيمته إلى 2000 ليرة سورية للأمبير الواحد، إضافة إلى أنّ على كل عائلة تقطن في المنزل الواحد أن تقوم بدفع مبلغ وقدره 1000 ليرة سورية شهرياً لقاء الحصول على مياه الشرب.
كما أضاف بأنّ بلدات وقرى ناحية قلعة المضيق، تتغذى على كهرباء محطة محردة الواقعة تحت سيطرة القوات الحكومية السورية، لكن وبسبب وجود محطة كهرباء رئيسية في بلدة الشريعة بناحية قلعة المضيق والواقعة تحت سيطرة هيئة تحرير الشام، اضطرّ النظام لإمداد القرى والبلدات في ناحية قلعة المضيق، بالكهرباء في سبيل المحافظة على محطة تحويل كهرباء الشريعة المسؤولة عن إيصال الكهرباء لقرى وبلدات جورين وشطحا والسقيلبية الواقعة تحت سيطرة القوات الحكومية السورية في محافظة حماه.
وأشار “العلاوي” إلى أنّ حكومة الإنقاذ التابعة لهيئة تحرير الشام كانت قد استولت بالكامل على محطة كهرباء الشريعة في ناحية قلعة المضيق عقب سيطرتها عليها، مع السماح للموظفين المرتبطين بالحكومة السورية، بالدخول والخروج إليها لإدارتها، كما يوجد بالقرب من بلدة الشريعة مطار زراعي تبلغ مساحته 5000 دونم، وكانت هيئة تحرير الشام، قد أبلغت المجلس المحلي لبلدة الشريعة، أنها سوف تقوم بتأجير المساحات الزراعية فيه ابتداءً من العام المقبل.
وبحسب الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فقد كانت هيئة تحرير الشام قد استولت أيضاً على مشتل زراعي تبلغ مساحته 400 دونم في مدينة كفرزيتا، وتحديداً بتاريخ 4 شباط/فبراير 2019، حيث قامت بتأجيره بقيمة 1000 ليرة سورية للدونم الواحد شهرياً.
- الاستمرار في أعمال السلب والنهب لمحطة كهرباء زيزون:
لازالت غالبية مدن وبلدات محافظة إدلب وأجزاء من ريفي حماه واللاذقية وريف حلب الغربي، محرومة من الكهرباء التي غابت عنها منذ العام 2015، بسبب خروج محطة كهرباء زيزون في منطقة سهل الغاب، عن الخدمة بالمطلق، إثر عمليات السلب والنهب التي طالتها على أيدي تنظيمات معارضة متشددة، أبرزها الحزب الإسلامي التركستاني، فضلاً عن تضرّرها إثر المعارك التي دارت في العام نفسه، ما بين تنظيمات معارضة من جهة والقوات النظامية السورية من جهة أخرى.
تعود بدايات السيطرة على محطة كهرباء زيزون، إلى شهر نيسان/أبريل من العام 2015، عندما شنّت تنظيمات معارضة ومتشدّدة أبرزها تنظيم جبهة النصرة والحزب الإسلامي التركستاني وحركة أحرار الشام الإسلامية، هجوماً على القوات النظامية السورية، المتمركزة في إدلب المدينة، نتج عنه انسحاب الأخيرة من مدينة ادلب، لتتابع هذه التنظيمات هجومها باتجاه مناطق سيطرة القوات النظامية السورية في بلدات المسطومة وأريحا ومحمبل في محافظة إدلب، لتصل المعارك الى محطة كهرباء زيزون في شهر حزيران/يونيو 2015، حيث تمكنت هذه التنظيمات المعارضة من بسط سيطرتها النهائية والفعلية على المحطة في مطلع شهر آب/أغسطس من العام ذاته.
حينما دخلت هذه التنظيمات المعارضة إلى محطة كهرباء زيزون، كانت الكهرباء لازالت تعمل بالمحطة وتغذي الكثير من المناطق، ونتيجة القصف المتبادل ما بين المعارضة المسلّحة من جهة والقوات النظامية السورية من جهة أخرى، لا سيّما قصف الطيران الحربي الذي طال مراكز حساسة في المحطة، تعطّلت الأخيرة عن توليد الكهرباء ودمرّ فيها الطيران خزانات الفيول وبرج التبريد وبعض العنفات الفرعية المسؤولة عن تدوير الغاز، لتتحول المحطة على إثرها إلى منشاة خارجة عن الخدمة وتحديداً في شهر أيلول/سبتمبر 2015، وفي تشرين الأول/أكتوبر 2015، أعلن الحزب الإسلامي التركستاني، أنّ محطة كهرباء زيزون أصبحت تحت تصرفه، بعد موافقة حركة احرار الشام الإسلامية على ذلك، والتي كان يتزعم نفوذها آنذاك المدعو “أبو عبد الرحمن الغاب”، وفي المقابل استحوذت حركة أحرار الشام الإسلامية على ناحية قلعة المضيق بما فيها من ثروات ومنتجات ومنشآت حكومية.
مع بداية العام 2016، طالت محطة كهرباء زيزون عمليات سلب ونهب بغطاء واستثمار من التنظيمات المعارضة التي سيطرت على المنطقة، والتي انتهت بإفراغ المحطة من أهم مقتنياتها وبيعها لتجار مرتبطين بالقوات الحكومية السورية، وفي هذ الخصوص روى أحد سكان قرية مرج زهور المحاذية لمحطة كهرباء زيزون، عمّا شاهده من أعمال سلب ونهب طالت المحطة، حيث قال:
“مع دخول شهر كانون الثاني/يناير من العام 2016، بدأت سيارات صغيرة من نوع سوزوكي بالدخول إلى محطة كهرباء زيزون، لتخرج منها بعد ساعات محمّلة بأكبال نحاسية، إلا أنّ البيع أثناءها كان محدوداً ومقتصراً على بعض العناصر المتمركزين في المحطة، حيث كان سعر الكيلوغرام من النحاس يفوق ال 6 دولار أميركي، وفي شهر نيسان/أبريل من العام نفسه، تطور الأمر، حيث دخلت ورشات من الحدادين ومعها معدّات القص والفكّ ورافقتها سيارات تابعة للحزب الإسلامي التركستاني، تعمل على فكّ الأثاث والتجهيزات الكهربائية والنوافذ والأبواب من بيوت الموظفين بالمحطة، والتي يبلغ عددها أكثر من 300 منزلاً، ضمن أبنية طابقية، ليتم تحميلها بسيارات كبيرة وتتوجه باتجاه أوتوستراد اللاذقية حلب.”
وأضاف الشاهد بأنّ الحزب الإسلامي التركستاني استجلب ورشات أخرى، توزعت بكافة أرجاء المحطة، لاسيّما برج التبريد وخزانات الوقود والأنابيب المعدنية واللوجستيات البسيطة، والتي تمّ تصريفها بالسوق المحلية.
وفي شهادة أخرى، أكدّ أحد العمال الذي كان يعمل ضمن تلك الورشات، بأنه وفي صيف العام 2016 أصبح يأتي إلى المحطة خبراء وتجار يتكلمون بلهجة حلبية، كي يطلبوا من عناصر الحزب الإسلامي التركستاني، فكّ قطع محددة، حيث أنّ هؤلاء العناصر كانوا يستعينون بالعمال، كي يتولوا مهمة الترجمة لهم إلى اللغة العربية.
وأكمل الشاهد بأنّ التجار كانوا يدفعون ثمن كل قطعة على حدة بعملة الدولار، بعد أن يتم تحميلها، وذكر أنّ بعض القطع كانت تتطلب عمل 3 أيام، ليتمكن العمال من فكّها.
لم تكن هناك سوق لتصريف الأجهزة واللوجستيات التي تمّ سلبها من محطة كهرباء زيزون في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلّحة، لذا كان المنفذ الوحيد باتجاه مناطق سيطرة الحكومة السورية، بحسب أحد عمال ورشات فكّ محطة كهرباء زيزون والذي كان شاهداً حينها على عمليات السلب والنهب، حيث تحدّث لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلاً:
“إنّ أحد التجار الذين كانوا يشترون مقتنيات وأجهزة المحطة، طلب مني ان أترجم للمسؤول المالي في الحزب الإسلامي التركستاني، والمدعو “زيد” بأنّ سعر الشراء يجب ان يراعي الضرائب التي يدفعها التجار لحواجز النظام من حلب الى حماة، وبأنّ على الحزب أن يخفّض سعر كل قطعة بمقدار 10% كأقل تقدير حتى يبقى للتاجر هامشاً من الربح.”
من جهته أكدّ أحد أعضاء فريق إدارة محطة كهرباء زيزون، بأنّ معظم الأجهزة الثقيلة التي سُلبت من محطة كهرباء زيزون، تمّ إخراجها من المحطة باتجاه مدينة حلب ومن ثم باتجاه مدينة حماه، كما أشار الشاهد إلى أنّ الأسعار التي دفعها التجار لهذه التنظيمات المعارضة مقابل حصولهم على تجهيزات من محطة كهرباء زيزون، ومهما بلغت فإنها لا تساوي 4% من الثمن الأساسي لتلك التجهيزات، والتي تقدر بملايين الدولارات.
وبحسب الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فإنه وعقب سيطرة هيئة تحرير الشام على كامل مناطق ريف حماه، لم يتوقف الحزب الإسلامي التركستاني عن أعمال السلب والنهب لمحطة كهرباء زيزون في منطقة سهل الغاب، لكن هذه المرة تحت إشراف وموافقة هيئة تحرير الشام، حيث مازال الحزب يقوم وحتى تاريخ إعداد هذا التقرير في 9 نيسان/أبريل 2019، ببيع باقي الخردوات والحديد الموجود في محطة كهرباء زيزون، بعد أن قام ببيع كل اللوازم الاستراتيجية للمحطة في الأعوام السابقة، حيث عمد عناصر من الحزب الإسلامي التركستاني وعناصر من هيئة تحرير الشام في أوائل العام 2019، إلى فكّ برج التبريد المنصوب في المحطة، وفكّ العوارض الحديدية والألواح تمهيداً لبيعها، كما لازالت سيارات تجار الخردة والحديد المستعمل تدخل الى محطة كهرباء زيزون، وتخرج محمّلة منها، وذلك بعد تحويلها إلى ثكنة ومنبع اقتصادي للتنظيمين.
صورة تظهر جانباً من محطة كهرباء زيزون بعد الاستيلاء عليها ونهبها من قبل الحزب الإسلامي التركستاني، مصدر الصورة: ناشطون إعلاميون.
[1] بتاريخ 28 كانون الثاني/يناير 2017، أعلنت عدّة فصائل جهادية في شمال سوريا الاندماج تحت مسمّى “هيئة تحرير الشام” وكانت الفصائل التي أعلنت عن حلّ نفسها والاندماج تحت المسمّى الجديد هي جبهة فتح الشام – تنظيم جبهة النصرة سابقاً، وحركة نور الدين الزنكي، ولواء الحق، وجبهة أنصار الدين، وجيش السنّة، وحركة أنصار الشام الإسلامية، إلا أنه وعلى خلفية اندلاع المواجهات الأخيرة بين حركة أحرار الشام وهيئة تحرير الشام في الشمال السوري بتاريخ 15 تموز/يوليو 2017، أعلنت حركة نور الدين الزنكي انفصالها عن الهيئة بتاريخ 20 تموز/يوليو 2017.
[2] “هيئة تحرير الشام تمارس عمليات سلب ومصادرة واسعة لممتلكات عامة وخاصّة” سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في 19 آذار/مارس 2019. (آخر زيارة بتاريخ 10 نيسان/أبريل 2019). https://stj-sy.org/ar/view/1225.