قامت أجهزة أمن سورية باعتقال ما لا يقل عن 35 طفلاً/طالباً في منطقة الرستن بريف حمص الشمالي، حيث شنّت حملات دهم واعتقال على عدة مدارس وأحياء سكنية على مدار يومي 26 و27 شباط/فبراير 2019، وذلك بعد انتشار صور على مواقع التواصل الاجتماعي تشير إلى وجود فصيل "حركة أحرار الشام" في المنطقة التي سيطرت عليها القوات النظامية السورية في أيار/مايو 2018.
الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في ريف حمص الشمالي قال إن صوراً لقصاصات ورقية انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وتم تصويرها في مدينتي الرستن وتلبيسة حملت تاريخ 21 و22 شباط/فبراير 2019 مع الجملة التالية: "حركة أحرار الشام الإسلامية/قوات المغاوير/فوج أبو بكر الصديق خلف خطوط العدو"، وعلى إثر ذلك شن جهاز المخابرات الجوية حملة دهم واعتقال واسعة طالت عدداً من الطلاب في المدارس والأحياء السكنية.
تشير سوريون من أجل الحقيقة والعدالة أنها تحفظت على نشر أسماء المدارس والأحياء التي شهدت عمليات الدهم والاعتقال وذلك بناء على طلب شهود العيان وأهالي المنطقة خوفاً من إلحاق ضرر آخر بهم.
صورة نشرت على مواقع الواصل الإجتماعي يوم 22 شباط/فبراير 2019 يظهر فيها جسر تلبيسة، وتشير الكتابات في الورقة إلى تواجد فصيل "حرجة أحرار الشام الإسلامية" في المنطقة.
تحليل الأدلة البصرية:
الدائرة الزرقاء تُظهر موقع "جسر تلبيسة/تحويلة الحولة".
صورة أقرب لجسر تلبيسة/تحويلة الحولة.
وأضاف الباحث الميداني ما يلي :"بتاريخ 26 شباط تم مشاهدة سيارات مغلقة قادمة من مدينة حمص تحمل عناصر يرتدون الزي العسكري، ودخلت السيارات إلى مدينة الرستن من مدخلها الجنوبي وداهمت أربع مدارس وعدداً من المنازل في ثلاث أحياء بالمدينة، واقتادوا الأطفال الذين اعتقلوهم مع ممارسة الضرب والشتم عليهم وساقوهم إلى جهة غير معروفة."
وفي يوم السبت 2 آذار/مارس 2019 تم الإفراج عن عدد من الأطفال المعتقلين، حيث قال بعض ذويهم إنهم دفعوا مبلغ 200 ألف ليرة مقابل الإفراج عن الطفل الواحد وذلك بعد أن قام أحد المحامين بالمدينة بالتوسط لهم، في حين ما يزال مصير الأطفال الآخرين مجهولاً.
ويشير الباحث الميداني إلى أن سبب الإعتقال المباشر والتهمة الموجهة لهؤلاء الطلاب المعتقلين ليس معروفة بشكل دقيق، حيث أن إدارة المدارس التي شهدت عمليات الدهم والاعتقال تنشر معلومات حول كون الاعتقال على خلفية اتهام الأطفال بسرقة كبلات كهربائية أو على خلفية مشاجرة بين الطلاب أنفسهم.
وحول الحادثة قال أحد أقارب طفل معتقل للباحث الميداني ما يلي:
"إبن قريبي عمره 16 عاماً وهو طالب في المدرسة، تم اعتقاله من الحارة قرب منزله مع خمسة آخرين، ومن الحارة المجاورة اعتقلوا نحو ثلاثة أيضاً ومن حارة أخرى اعتقلوا اثنين، ونفذ عملية الاعتقال تلك المخابرات الجوية من مدينة حمص وساندهم عناصر من المخابرات من فرع مدينة الرستن كانوا قد تطوعوا مؤخراً، وبعد اعتقال هؤلاء تم اعتقال أطفال آخرين بعدهم حيث أن الطلاب قد ذكروا أسماء أصدقائهم بالتحقيق على ما يبدو ما دفع المخابرات لشن حملة مداهمة أخرى في المدارس بحثاً عن المذكورين، حيث أنهم اعتقلوا من المدرسة التي فيها إبن قريبي نحو ستة طلاب بعد أن قامت سيارتان مغلقتان باقتحام المدرسة."
ونقل الشاهد ذاته عن والد أحد الأطفال المعتقلين ما يلي:
"ذهبت إلى مخفر الشرطة لأسأل عن إبني وقالوا أنه ليس موجوداً عندهم ولا يعرفون أين هو، أحد العاملين هناك نصحني أن أذهب إلى شخص محدد (لم يسمه الشاهد) وأخبرني أنه يستطبع إخراج ابني مقابل دفع مبلغ 200 ألف ليرة سورية، وبالفعل هذا ما حدث ودفعت وخرج ابني."
وتضيف إمرأة تسكن بجوار مدرسة تمت مداهمتها:
"رأيت سيارتين مغلقتين تدخلان ساحة المدرسة وكان العناصر يرتدون زياً عسكرياً، لقد رأيت أحد العناصر يدفع طالباً من أعلى الدرج ويضربه بقدميه، رأيتهم يعتقلون نحو عشرة طلاب من ساحة المدرسة."
صورتان نشرتا على مواقع الواصل الإجتماعي يوم 22 شباط/فبراير 2019 يظهر في إحداها المسجد العمري بمدينة الرستن وفي الثانية مديرية الاتصالات في مدينة تلبيسة، وتشير الكتابات في الورقة إلى تواجد فصيل "حرجة أحرار الشام الإسلامية" في المنطقة.
وقد أشار الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة إلى أنباء عن شن حملات اعتقال مماثلة في مدينة تلبيسة أسفرت عن اعتقال نحو 10طلاب منتصف شباط/فبراير 2019، إلا أن سوريون من أجل الحقيقة والعدالة لم تستطع التأكد من صحة تلك الأنباء بعد.