سيطرت هيئة تحرير الشام[1] عسكرياً على كافة محافظة إدلب شمال سوريا باستثناء مدينتي أريحا ومعرة النعمان، كما سيطرت عسكرياً على مدن وبلدات في ريف حلب الغربي وريف حماه الشمالي، وذلك بعد اندلاع مواجهات عسكرية بينها وبين فصائل معارضة مسلّحة، وتحديداً حركة "أحرار الشام الإسلامية" وفصيل "نور الدين الزنكي"، وانتهت تلك المواجهات بحلّ الفصائل المعارضة لنفسها في المناطق التي خسرتها وانسحاب الجزء المتبقي منها باتجاه مناطق في ريف حلب الشمالي وتحديداً مدينة عفرين، وذلك خلال الفترة الواقعة بين 4 كانون الأول/ديسمبر 2018 و10 كانون الثاني/يناير 2019.
التقى الباحثون الميدانيون لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في كل من محافظة إدلب وريف حلب الغربي وريف حماه الشمالي في الفترة الواقعة ما بين 4 و8 كانون الثاني/يناير 2019 عدداً من الأهالي وشهود العيان المدنيين الذين أفادوا بتفاصيل أكثر حول سيطرة هيئة تحرير الشام عسكرياً على المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة فصائل المعارضة المسلّحة. وكانت المعلومات التالية:
في محافظة إدلب، سيطرت هيئة تحرير الشام على معظم المحافظة ودخلت قواتها العسكرية إلى المدن والبلدات كما تسلّمت "حكومة الإنقاذ/الذراع الخدمي للهيئة"[2] الأمور الخدمية والإدارية في المحافظة، باستثناء مدينتي معرة النعمان وأريحا اللتان لم تدخلهما القوات العسكرية التابعة للهيئة وبقيت فيهما فصائل المعارضة المسلحة المنضوية في الجبهة الوطنية للتحرير، ولكن تمّ الإعلان عم تبعيتهما إدارياً وخدمياً إلى "حكومة الإنقاذ" أيضاً، بموجب اتفاق بين الطرفين العسكريين تمّ التوصل إليه يوم 10 كانون الثاني/يناير 2019، ونصّ على مايلي:
1- الوقف الكامل لإطلاق النار بين الطرفين وإزالة السواتر الترابية والحواجز.
2-تبادل الموقوفين من الطرفين على خلفية الأحداث الأخيرة.
3-تتبع المنطقة بالكامل من الناحية الإدارية لحكومة الإنقاذ.
أمّا في ريف حماه الشمالي ومنطقة سهل الغاب، رصد الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة الأوضاع العسكرية وتحدّث إلى شهود عيان وأهالي أفادوا بأن هيئة تحرير الشام كانت قد بدأت هجومها على المنطقة بتاريخ 4 كانون الأول/ديسمبر 2018، حين سيطرت على بلدة قسطون التي كانت تحت سيطرة فصيلي "حركة أحرار الشام" و"صقور الشام" المنضوية تحت لواء "الجبهة الوطنية للتحرير"، ومن ثمّ، وبتاريخ 8 كانون الثاني/يناير 2019 استقدمت تحرير الشام قوات عسكرية وسيطرت على قرى استراتيجية تضم مقرات هامة لتلك الفصائل العسكرية المعارضة وهي؛ قرى قليدين والدقماق والعنكباوي والعميقة، وذلك بعد اشتباكات بين الطرفين أسفرت عن قتلى من كل منهما، ليقوم وجهاء من العشائر في المنطقة بالتوسط بين الطرفين لوقف الاقتتال وتجنيب المدنيين تبعاته، وتوصل الطرفان إلى اتفاق يقضي بسيطرة هيئة تحرير الشام على كامل سهل الغاب -الذي يعد منطقة استراتيجة واقتصادية هامة حيث يصل بين مناطق سيطرة القوات السورية النظامية وبين محافظة إدلب- وحلّ حركة "أحرار الشام الإسلامية" في المنطقة بشكل كامل وتسليمها السلاح المتوسط والثقيل ومغادرة عناصرها المنطقة باتجاه مدينة عفرين بحلب.
وبهذا الاتفاق؛ باتت جميع الأمور الخدمية والإدارية في ريف حماه الشمالي وسهل الغاب تتبع لـ"حكومة الإنقاذ" أيضاً، مع بقاء الوجود العسكري فقط دون إدارة المناطق لكل من "جيش العزة" و"جيش النصر" و"جيش النخبة" التابعة للجيش السوري الحر/معارضة سوريّة مسلّحة، إلى جانب هيئة تحرير الشام.
وفي ريف حلب الغربي، قال شهود عيان وأهالي للباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة إن هيئة تحرير الشام سيطرت مطلع العام 2019 على مدينة دارة عزة وقرى استراتيجية كانت تحت سيطرة حركة "نور الدين الزنكي" بعد اشباكات بينهما، وهي، عنجارة والهونة وبابيص ومعارة الأرتيق وعرب فطون وقبتان الجبل وبازيهر وجمعية بركات وريف المهندسين ودير سمعان والقلعة الأثرية وجبل الشيخ بركات الاستراتيجي، وتعد هذه المناطق هي الواصلة بين محافظة إدلب ومنطقة عفرين، وقد تم انسحاب قوات "الزنكي" منها يوم 5 كانون الثاني/يناير 2019 باتجاه عفرين بعد أن حلت الحركة نفسها في المنطقة، وكذلك سيطرت هيئة تحريرالشام على مدينة الأتارب يوم 6 كانون الثاني/يناير 2019 بعد توسط واتفاق مع وجهاء المدينة لوقف اقتحام المدينة.
وجميع هذه المناطق المذكورة في ريف حلب الغربي أصبحت تتبع خدمياً وإداراياً لـ"حكومة الإنقاذ"، وتحت سيطرة تحريرالشام عسكرياً دون وجود أي قوى عسكرية أخرى على الأرض.
وكانت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة أعدت تقريراً عن الضحايا المدنيين الذين قتلوا نتيجة الرصاص العشوائي أثناء الاشباكات التي خاضتها هيئة تحرير الشام مع فصائل المعارضة المسلحة في كل من حلب وإدلب.[3]
نسخ مصورة عن نصوص الاتفاقت التي عقدتها هيئة تحرير الشام مع عدة جهات مدنية وعسكرية في محافظات حلب وحماه وإدلب:
نص الاتفاق ما بين وجهاء من قرية حزانو وممثلين عن هيئة تحرير الشام والذي تمّ بموجبه تسليم المنطقة إدارياً وخدمياً لحكومة الإنقاذ.
نص الاتفاق ما بين أطراف الجبهة الوطنية للتحرير وهيئة تحرير الشام حول تبعية مدينة أريحا ومعرّة النعمان لحكومة الإنقاذ.
صور عن نصوص اتفاقيات أخرى ما بين هيئة تحرير الشام والجهات المناهضة لها.
[1] بتاريخ 28 كانون الثاني/يناير 2017، أعلنت عدّة فصائل جهادية في شمال سوريا الاندماج تحت مسمّى "هيئة تحرير الشام" وكانت الفصائل التي أعلنت عن حلّ نفسها والاندماج تحت المسمّى الجديد هي (جبهة فتح الشام – تنظيم جبهة النصرة سابقاً وحركة نور الدين الزنكي ولواء الحق وجبهة أنصار الدين وجيش السنّة) إلا أنه وعلى خلفية اندلاع المواجهات الأخيرة بين حركة أحرار الشام وهيئة تحرير الشام في الشمال السوري بتاريخ 15 تموز/يوليو 2017، أعلنت حركة نور الدين الزنكي انفصالها عن الهيئة بتاريخ 20 تموز/يوليو 2017.
[2] بتاريخ 7 تشرين الأول 2017، تم الإعلان عن تشكيل "حكومة الإنقاذ" لإدارة محافظة إدلب والمناطق الخاضعة لسيطرة "هيئة تحرير الشام"، حيث انبثقت حكومة الإنقاذ عن "هيئة تأسيسية" انبثقت بدورها عن "المؤتمر السوري العام" الذي دعت إلى عقده هيئة تحرير الشام" في 17 أيلول/سبتمبر 2017، وعقدت جميع جلساته وجلسات تشكيل الحكومة في معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا.
[3] مقتل 8 مدنيين وإصابة 17 آخرين نتيجة اقتتال بين فصائل عسكرية في إدلب وحلب، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة بتاريخ 4 كانون الثاني/يناير 2019، آخر زيارة بتاريخ 10 كانون الثاني/يناير 2019. https://stj-sy.org/ar/view/1135.