مقدمة: بتاريخ 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، جرت عملية تبادل ما بين القوات النظامية السورية، وعدد من فصائل المعارضة المسلّحة المدعومة من تركيا، وأبرزها الجبهة الشامية، حيث أجريت هذه المبادلة في منطقة "معبر أبو زندين" بريف حلب الشمالي[1]، وقد تّمت هذه العملية بإشراف الهلال الأحمر العربي السوري. ووفقاً للعديد من الشهادات التي حصلت عليها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فقد تمّ الإفراج عن 10 أشخاص غالبيتهم من المدنيين، وتحديداً ممن كانوا محتجزين حديثاً لدى القوات النظامية السورية لأسباب مختلفة، وذلك مقابل إطلاق فصائل المعارضة المسلّحة المدعومة من تركيا، سراح 10 أشخاص بينهم امرأة، كانوا محتجزين لديها، حيث أفاد العديد من شهود العيان بأنّ بعضاً من هؤلاء المحتجزين، هم مدنيين والبعض الآخر هم عناصر تابعين للقوات النظامية السورية.
ووفقاً للباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فإنّ صفقة التبادل تلك هي أولى التطبيقات العملية لمؤتمر أستانا[2]، والذي عقد بتاريخ 24 كانون الثاني/يناير 2017، وكانت الدول الراعية له "روسيا وتركيا وإيران".
كما أشار الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، إلى أنه وعلى الرغم من السرعة التي نفذت من خلالها عملية التبادل الأخيرة، والتي جرت بعيداً عن الإعلام ولم يستطع أي من الناشطين السوريين تغطية الأحداث فيها، إلا أنّ هنالك وعوداً كثيرة بأنّ هذه العملية ستكون جزءً بسيطاً من عمليات أخرى سوف تتم في خلال الفترة المقبلة.
ومن الجدير ذكره إلى أنّ عملية التبادل تلك، جرت قبيل أيام فقط من لقاء أستانا الذي عُقد في يومي 28 و29 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، في العاصمة الكازاخستانية أستانا، حيث كان المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا "ألكسندر لافرينتيي" والذي يرأس الوفد الروسي إلى لقاء أستانا الدولي الـ 11 ، قد قال: "بأن خبراء عملية "أستانا" يعملون على التوصل إلى تفاهمات جديدة بخصوص تبادل الأسرى والمحتجزين بين الحكومة السورية والمعارضة المسلّحة، متوقعاً تنظيم جولة تبادل جديدة تشمل 50-60 شخصاً في غضون الأشهر المقبلة."[3]
تفاصيل عملية التبادل/المبادلة:
جرت عملية التبادل الأخيرة بشكل مفاجئ ما بين القوات النظامية السورية من جهة وعدد من فصائل المعارضة المسلّحة المدعومة من تركيا، بالقرب من مدينة الباب في ريف حلب الشمالي، وذلك دون أي علم مسبق لأهالي المنطقة أو تواجد أي ناشطين إعلاميين، وهو ما أكده "بكر السليم" وهو أحد ناشطي ريف حلب الشمالي، حيث تحدّث لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة في هذا الصدد قائلاً:
"عند ظهيرة يوم 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، لاحظنا بعض التحركات في منطقة معبر "أبو الزندين"[4] التي تقع بالقرب من مدينة الباب، فظنّ العديد من أهالي المنطقة بأنه قد تمّ التفاهم على فتح المعبر بين منطقة درع الفرات والمناطق التي يسيطر عليها النظام السوري، لنفاجئ لاحقاً بورود معلومات عن إجراء صفقة تبادل للأسرى بين قوات النظام السوري وفصائل المعارضة المسلّحة وأبزرها فرقة السلطان مراد والجبهة الشامية، في منطقة درع الفرات، وذلك برعاية روسية تركية وبمساعدة من الهلال الأحمر العربي السوري."
وبحسب "السليم" فإنّ الأشخاص الذي خرجوا في صفقة التبادل تلك، والذين كانوا محتجزين لدى فصائل المعارضة المسلّحة في منطقة درع الفرات، بعضهم عسكريين وبعضهم الآخر مدنيين، ومن بينهم امرأة، وهم كالتالي:
-
أحمد قاج.
-
إبراهيم كيالي.
-
خالد الأحمد البدر.
-
حافظ عبد السلام.
-
محمد سعيد صباحي.
-
مأمون حبابة.
-
عبد العال مصطفى الجاسم.
-
أحمد رمضان القاسم.
-
عبد الرحمن محمد.
-
فاديا سنان.
فيما أشار "السليم" إلى أنّ الأشخاص الذين كانوا محتجزين لدى القوات النظامية السورية وتمّ الإفراج عنهم في صفقة التبادل تلك، غالبيتهم من المدنيين، وهم كالتالي:
-
محمد علي محمد.
-
عمر علي الفريج.
-
هشام سليمان الخالد.
-
محمد محمد خالد الجربان.
-
قاسم محمد الدرزي.
-
شادي أحمد الديري.
-
أمجد ظاهر الجاموس.
-
كاين أحمد السبتي.
-
أحمد علي الحاري.
-
كريم إسماعيل المحمد.
ومن جانب آخر، نفى عضو المكتب الإعلامي لفرقة السلطان مراد "محمد نور"، ما ذكر سابقاً حول كون فرقة السلطان مراد طرفاً في عملية التبادل الأخيرة، إذ قال لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة بأنها كانت مشرفة فقط على تلك العملية، مشيراً إلى أنّ "أسرى قوات النظام" لم يكن أحداً منهم محتجزاً لدى فرقة السلطان مراد.
وقد أظهر مقطع فيديو نشرته وكالة الأناضول[5] بتاريخ 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، جانباً من عملية التبادل التي جرب ما بين القوات النظامية السورية وعدد من فصائل المعارضة المسلّحة المدعومة من تركيا.
صورة مأخوذة من مقطع الفيديو السابق، تظهر جانباً من الأشخاص الذين تمّت مبادلتهم بتاريخ 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2018.
من جانبه قال "حمزة العمر" وهو أحد القادة العسكريين في فرقة السلطان مراد، بأنه تمّ تبادل المحتجزين بين الطرفين برعاية الهلال الأحمر العربي السوري، وتحت إشراف فرقة السلطان مراد، حيث تحدّث لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة في هذا الصدد قائلاً:
"جرى التحضير لصفقة التبادل هذه، منذ حوالي ستة أشهر، ولم يتم التوافق عليها إلا حديثاً، وهي تعدّ إحدى مخرجات مؤتمر الآستانة التاسع، وقد كان معظم المحتجزين الذين تمّ التفاوض عليهم لدى قوات النظام، هم إما من الذين قد غرّر بهم بالمصالحات وتمّ اعتقالهم بعد تسوية أوضاعهم، أو مدنيين تمّ اعتقالهم على حواجز النظام السوري، وأغلبهم من مدينة درعا، وأحدهم شاب عمره 20 عاماً تقريباً وهو مدني ليس له أي صفة عسكرية، وكان قد تمّ اعتقاله على أحد الحواجز بمدينة اللاذقية، كما كان معظمهم قد تمّ احتجازهم حديثاّ."
صورة تظهر جانباً من عملية التبادل ما بين القوات النظامية السورية وفصائل المعارضة المسلّحة المدعومة من تركيا بريف حلب الشمالي، وذلك بتاريخ 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، مصدر الصورة: الهلال الأحمر العربي السوري.
فيما أكدّ "حمزة البكر" وهو أحد قادة فصائل المعارضة المسلّحة في منطقة درع الفرات، على أنّ صفقة التبادل الأخيرة تمّت برعاية تركية وروسية، دون مشاركة أي طرف أممي، حيث تحدّث لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة في هذا الصدد قائلاً:
"لقد كان من المقرّر أن تشرف الأمم المتحدة على عملية التبادل تلك، كونها تنفيذاً لإحدى مخرجات مؤتمر أستانا، إلا أنّ سرعة تنفيذ الاتفاق من قبل الرعاة له وهم الروس والأتراك، حال دون ذلك، ومن المؤكد بأنّ أي عملية تبادل لاحقة ستكون تحت رعاية أممية، كما أنّ هذه الصفقة قد تمّت لإعطاء بوادر حسن نية من قبل كل الأطراف الضامنة لاتفاق الآستانة، وعزماً منهم على المضي بتبادل الأسرى بين أطراف الحرب السورية وإطلاق سراح المعتقلين."
وكانت وزارة الخارجية التركية قد أصدرت بياناً بتاريخ 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، تحدثت فيه عن عملية التبادل الأخيرة واصفة إياها بالخطوة الأولى والهامة، من أجل بناء الثقة بين الأطراف المتنازعة في سوريا.
صورة تظهر البيان الصادر عن وزارة الخارجية التركية بتاريخ 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، مصدر الصورة: وزارة الخارجية التركية.
وبدوره أكدّ "أحمد طعمة" وهو أحد ممثلي المعارضة السورية في مؤتمر أستانا، بأنّ عملية التبادل الأخيرة تعدّ مبادرة حسن نية وتفعيلاً لبند الإفراج عن المعتقلين في مسار "أستانا"، وذلك عبر تغريدة له نشرها على حسابه الرسمي على موقع التويتر بتاريخ 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2018. إلاّ أنّ طعمة ذكر بأنّ الحكومة السورية قد أفرجت عن عشرين شخصاً مقابل إفراج المعارضة عن عشرة أشخاص، وهو ما نفته مصادر أخرى.
تغريدة "أحمد طعمة" حول عملية التبادل الأخيرة، وذلك بتاريخ 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، مصدر الصورة: حساب "أحمد طعمة" على موقع تويتر
[1] سيطرت فصائل المعارضة المسلّحة المدعومة من تركيا على ريف حلب الشمالي بتاريخ 24 آب/أغسطس 2016 وكان من أبرزها فرقة السلطان مراد والجبهة الشامية وفرقة الحمزات، وذلك من خلال عملية عسكرية جرت لطرد تنظيم "داعش" من المناطق المحيطة بجرابلس والراعي والباب شمالي حلب.
[2] "حصاد أستانا" موقع روسيا اليوم في 24 كانون الثاني/يناير 2017. (آخر زيارة 18 كانون الأول/ديسمبر 2018). https://arabic.rt.com/news/860190-%D8%AD%D8%B5%D8%A7%D8%AF-%D8%A3%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%86%D8%A7/amp/.
[3] "لافرينتيف: مستعدون لمساعدة المعارضة المعتدلة في تطهير إدلب من النصرة" موقع روسيا اليوم في 28 تشرين الثاني/نوفمبر 2018. (آخر زيارة 18 كانون الأول/ديسمبر 2018). https://arabic.rt.com/middle_east/985608-%D9%84%D8%A7%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%86%D8%AA%D9%8A%D9%81-%D9%85%D8%B3%D8%AA%D8%B9%D8%AF%D9%88%D9%86-%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%B9%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%B1%D8%B6%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%AA%D8%AF%D9%84%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%AA%D8%B7%D9%87%D9%8A%D8%B1-%D8%A5%D8%AF%D9%84%D8%A8-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B5%D8%B1%D8%A9/#.
[4] يقع معبر أبو الزندين بالقرب من مدينة الباب ويعد نقطة التقاء بين القوات النظامية السورية وفصائل المعارضة المسلّحة بالشمال السوري.
[5] "إتمام عملية تبادل أسرى بين النظام والمعارضة في سوريا"، وكالة الأناضول التركية. 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2018. (آخر زيارة 3 كانون الثاني/يناير 2019). https://www.aa.com.tr/ar/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9/%D8%A5%D8%AA%D9%85%D8%A7%D9%85-%D8%B9%D9%85%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%A8%D8%A7%D8%AF%D9%84-%D8%A3%D8%B3%D8%B1%D9%89-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B8%D8%A7%D9%85-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%B1%D8%B6%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7/1320444.