بتاريخ 11 كانون الأول/ديسمبر 2018 داهمت "هيئة تحرير الشام" مبنى مديرية "صحة حماة الحرة" التابعة للحكومة السورية المؤقتة واعتقلت ثلاثة أطباء أثناء اجتماع لهم في مبنى المديرية الكائن في مدينة كفرنبل جنوب إدلب، وذلك بتهمة "الفساد الأخلاقي" إلى جانب تهم أخرى، بحسب شهادة مفصلة حصلت عليها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة.
تحدث الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة مع أحد العاملين في مديرية الصحة الحرة، يوم 11 كانون الأول/ديسمبر 2018، الذي كان شاهداً على الحادثة، وروى تفاصيل ما حدث قائلاً:
"صباح يوم الثلاثاء 11كانون الأول/ديسمبر 2018 وخلال عقد اجتماع ضم مدراء مشافٍ مع مدير المديرية، جاءت خمس سيارات عسكرية ترفع رايات هيئة تحرير الشام، نزل منها عناصر ملثمين ومسلحون وبدأوا بإطلاق الرصاص الحي بالهواء أمام مبنى المديرية ما تسبب بحالة إرباك وخوف بين الموظفين ليقوم المداهمين بعدها بدخول المبنى وإغلاق باب المديرية، وهنا قام الموظفون بالاحتماء تحت مكاتبهم، وقام العناصر بحمل أجهزة الكمبيوتر وحجزوا الموظفين في غرفة بعيداً عن مكاتبهم، ومن ثم قام العناصر بالتوجه إلى مكتب الإدارة الذي يعقد فيه الأطباء اجتماعهم، وقاموا باعتقالهم وتوجهوا لهم بألفاظ مسيئة وقاموا بضربهم، ولاسيما الطبيب مرهف رعدون حيث تم ضربه بشدة لرفضه إعطائهم هاتفه الخلوي بالبداية، ومن ثم اقتادوا الأطباء إلى جهة غير معروفة، كما أنهم قاموا بحجز سيارات الأطباء الخاصة ومصادرة أجهزتهم الخلوية، كما صادروا سيارتين تابعتين للمديرية."
وبحسب الشاهد فإن الأطباء الذين تم اعتقالهم هم: مرام الشيخ مدير مديرية صحة حماه؛ وهو جراح الأوعية الدموية الوحيد في الشمال السوري، ومرهف رعدون؛ المدير الإداري لمستشفى قلعة المضيق الإسعافي، ومصطفى المصري؛ مدير مستشفى شام 4 الجراحي، حيث ان تلك المشافي تابعة لمديرية صحة حماة الحرة.
وحول سبب الاعتقال؛ أفاد ناشطون محليون للباحث الميداني أن السبب الرئيسي هو أن تحرير الشام ادعت أن "مديرية الصحة بحماه" أصدرت أمراً إدارياً بعدم السماح للمشافي التابعة لها بمعالجة العناصر الجرحى التابعين لها خلال الاقتتال الذي حصل مؤخراً بينها وبين حركة أحرار الشام الإسلامية.
من جانبها، نقلت وكالة "إباء" الإخبارية التابعة لهيئة تحرير الشام رواية أخرى حول سبب الاعتقال، حيث قال المسؤول الأمني "علي الأحمد" في تصريحه إن سبب الاعتقال هو اتهمامات للأطباء المعتقلين بـ"الفساد الأخلاقي" وشكاوى باستغلال النساء لأغراض جنسية، إضافة إلى اتهامات بسرقة معدات ومحاولة نقل مركز المديرية من المناطق الحاضعة لسيطرة تحرير الشام إلى أخرى خارجها.
وهنا قال شاهد العيان الذي تحدث للباحث الميداني إن هناك قراراً داخلياً صدر منذ مدة بنقل مبنى المديرية من بلدة كفرنبل إلى بلدة قلعة المضيق بحماه، دون توضيح سبب قرار النقل. وتحضع بلدة كفرنبل لسيطرة هيئة تحرير الشام في حين تخضع بلدة قلعة المضيق لسيطرة الجبهة الوطنية للتحرير.
وأضاف شاهد العيان أن هيئة تحرير الشام أفرجت عن مدير مديرية التربية "مرام الشيخ" في اليوم التالي وذلك بعد أن أرغمته على توقيع تعهد مكتوب بعدم نقل مبنى المديرية من بلدة كفرنبل.
صورة عن التصريح الذي نشرته وكالة "إباء" الإخبارية التابعة لهية تحرير الشام حول حادثة مداهمة مبنى "مديرية صحة حماه الحرة" في بلدة كفرنبل بإدلب يوم 11 كانون الأول/ديسمبر 2018.
وكانت "مديرية صحة حماة الحرة" قد تعرضت لعملية سلب ونهب من قبل مجهولين مسلحين خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر، حيث نشرت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة خبراً مفصل عن الحادثة حينها، وتأسست مديرية صحة حماة الحرة في نيسان/إبريل 2014، ويتبع لها 18 منشأة صحية بين مستوصف ومستشفى ومركز لقاح في محافظة حماة وخارجها.