الرئيسية تحقيقات مواضيعية أخطاء طبيّة تودي بحياة أشخاص في مناطق الإدارة الذاتية شمال شرقي سوريا

أخطاء طبيّة تودي بحياة أشخاص في مناطق الإدارة الذاتية شمال شرقي سوريا

وثقت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة وفاة ثلاثة أشخاص وتضررّ اثنين آخرين حتى 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2018

بواسطة wael.m
527 مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية حجم الخط ع ع ع

ملّخص: شهدت مناطق محافظة الحسكة، الخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية شمال شرقي سوريا، وفاة ثلاثة أشخاص وتضرّر اثنين آخرين أحدهما طفل، على الأقل، نتيجة وقوع أخطاء طبّية مختلفة، كان قد ارتكبها إما أطباء مختصّين أو أشخاص ينتحلون صفة الأطباء، وذلك بحسب العديد من الشهادات التي حصلت عليها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة.

ففي تاريخ 11 تموز/يوليو 2018 توفيت سيدة تبلغ من العمر 29 عاماً وهي أم لطفلين، إثر وقوع خطأ طبي أثناء خضوعها لعملية "ولادة قيصرية"، من قبل طبيبة مختصة في أحد المشافي الخاصة في مدينة القامشلي/قامشلو، في محافظة الحسكة. وبتاريخ 31 أيار/مايو 2017، وتحديداً في مدينة رأس العين/سري كانيه، توفي رجل مسّن، نتيجة خطأ طبي ارتكبه طبيب مختص.

وفي بلدة "السويدية" الواقعة جنوب شرقي مدينة المالكية/ديريك، وتحديداً في العام 2015، أصيب طفل يبلغ من العمر 4 أعوام بمرض عصبي أفقده القدرة على تحريك طرفه السفلي لفترة مؤقتة من الزمن، وذلك نتيجة خطأ طبي ارتكبه شخص كان قد انتحل صفة طبيب في البلدة، وفي العام 2016، أدّى خطأ طبي آخر ارتكبه نفس الشخص المذكور، في البلدة ذاتها، إلى إصابة شاب يبلغ من العمر 36 عاماً بمرض عصبي لفترة من الزمن. كما شهدت البلدة في العام 2017، وفاة شخص مسّن نتيجة وصف الشخص المذكور "الذي انتحل صفة طبيب" أدوية مسّكنة له، والتي لا تتناسب مع وضعه الصحي، حيث كان الضحية مصاباً بمرض نقص التروية القلبية.

وبحسب الباحثين الميدانيين لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فإنّ ذوي هؤلاء الضحايا والمتضرّرين، لم يتقدموا بأي دعوى أو شكوى رسمية إلى المحاكم التابعة للإدارة الذاتية، موضحاً أنّ الأخيرة لم تستقبل منذ بداية تأسيسها في العام 2014 سوى دعوى قضائية واحدة، رفعتها سيدة من مدينة القامشلي/قامشلو، بتاريخ 2 أيار/مايو 2017، ضدّ أحد الأطباء المختصين بتهمة أنه نسي حالبها مربوطاً، وذلك عندما أجرى لها عملية جراحية لاستئصال بيت الرحم.

ومن الجدير ذكره بأنّ مدن محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا تضمّ 8 مشافٍ عامة، وأكثر من 25 مشفى خاصاً، والعديد من المستوصفات العامة، بالإضافة إلى عشرات الأطباء باختصاصات مختلفة، وتقع جميع مشافي المحافظة في المناطق الخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية، باستثناء المشفيين الوطنيين في كل من مدينتي القامشلي/قامشلو، والحسكة، إذ يقعان في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية، والتي تتقاسم إدارة المنطقة مع الإدارة الذاتية.

انتحال صفة طبيب يودي بحياة عدد من الأشخاص:

خلال أعوام 2017 و2016 و2015، توفي رجل مسّن، وأصيب شخصان آخران، أحدهما طفل، في قرية "السويدية" بالقرب من مدينة المالكية/ديريك، وكل ذلك نتيجة أخطاء طبية ارتكبها شخص كان قد انتحل صفة طبيب عام، على الرغم من أنه لا يحمل أي شهادة طبية، إذ كان هذا الشخص قد افتتح عيادة إسعافية تضم صيدلية في القرية، منذ عام 2012، وذلك بحسب شهادات عدّة حصلت عليها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة.

وبحسب الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فإنّ (ع.ن) البالغ من العمر 66 عاماً، ينحدر من ريف مدينة المالكية/ديريك، وكان قد انتحل صفة طبيب، حيث كان يقدّم خدمات المعاينة والتشخيص والدواء ضمن العيادة الإسعافية التي كان قد افتتحها في قرية "السويدية"، وذلك على الرغم من أنه لا يحمل أي شهادة طبية تؤهله لممارسة مهنة الطب، لذا فإنّ مديرية الصحة التابعة للإدارة الذاتية في المالكية/ديريك قد قامت بإغلاق عيادته ومنعه من ممارسة مهنة الطب، في آذار/مارس 2018، بعد ورود بلاغ إليها من أحد أهالي القرية.

وقال أحد قاطني قرية "السويدية وهو والد لأحد ضحايا الأخطاء الطبية، بأنّ (ع.ن) كان موظفاً في إحدى النقاط الطبية التابعة للحكومة السورية في القرية، قبيل العام 2011، وقد استغلّ ذلك من أجل افتتاح عيادة إسعافية، بعد خضوع المنطقة لسيطرة وحدات حماية الشعب عام 2012، وكان قد ادّعى بأنه طبيب متمرّس، لكن ذلك أدى إلى وقوع إصابات عدّة نتيجة الأخطاء الطبية التي ارتكبها، ومنها عدم قدرة ابن "الشاهد" على تحريك طرفه السفلي لفترة من الزمن، حيث تحدّث لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة في هذا الصدد قائلاً:

"في عام 2015 أصيب ابني البالغ من العمر أربعة اعوام بمرض عصبي أفقده القدرة على تحريك طرفه السفلي لفترة من الزمن، وذلك بعد أن قمت بأخذه إلى العيادة الإسعافية التي كان يديرها الشخص المذكور، نتيجة لارتفاع حرارته، فأعطاه ذلك الشخص "حقنة عضلية"، أفقدته قدرته على تحريك طرفه السفلي، لذا قد قمت بعلاجه لدى طبيب مختص فترة من الزمن، وقد استطاع ابني بعدها تحريك أطرافه مجدداً، وأكدّ لي الأطباء بأنّ "الحقنة العضلية" التي أعطاها ذلك الشخص لابني، هي التي أفقدته قدرته على تحريك طرفه السفلي، وأنّ ذلك يعتبر خطأ لا يقع فيه الأطباء المتمرّسون."

شاهد آخر من قرية "السويدية" قال لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ ارتكاب (ع.ن) "الذي كان قد انتحل صفة طبيب" لخطأ طبي مماثل، خلال العام 2016، كان قد أدى إلى إصابة شخص آخر "بنكين جندي" يبلغ من العمر 36 عاماً بمرض عصبي أيضاً، وقد استمرّ ذلك فترة من الزمن، مبيناً أنّ الضحية شُفي منه بعد تلقيه العلاج على يد طبيب مختص. كما توفي المسّن "هسام عصاف" البالغ من العمر 68 عاماً، والذي كان يعاني من مشاكل قلبية، خلال العام 2017، وذلك بعد أن وصف له المدعو (ع.ن) أدوية مسكنة (أبرة مختلطة "ديكون + ديكسون")، والتي لم تتوافق مع وضعه الصحي، نظراً لأنه كان مصاباً بـ "نقص التروية القلبية"، ما أدى إلى وفاته، إذ يشير الأطباء إلى أنّ إعطاء مرضى "نقص التروية القلبية، وقصور القلب" الحقنة المذكورة خطأ طبي خطير، وقد يكون قاتلاً.

وحول هذا الأمر، قال عضو مديرية الصحة في مدينة المالكية/ديريك "آلان أحمد"، في حديث مع سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، يوم 12 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، بأنّ المديرية كانت قد أغلقت عيادة (ع.ن) الذي كان انتحل صفة طبيب، في آذار/مارس 2018، وذلك بعد ورود بلاغ إليها من أهالي قرية "السويدية"، وتابع في هذا الصدد قائلاً:

"في شهر آذار/مارس 2018، وصلنا بلاغ من أحد أهالي قرية السويدية، إلى مديرية الصحة في مدينة المالكية/ديريك، يفيد بوجود عيادة إسعافية في القرية، يديرها شخص يدّعي أنه طبيب وممّرض، ويقوم بمعاينة المراجعين، وتقديم الوصفات الدوائية لهم، إلى جانب بيع أنواع مختلفة من الدواء في صيدلية صغيرة ضمن العيادة، لذا قمنا بإرسال لجنة الرقابة في المديرية إلى القرية للتأكد من البلاغ، إذ تبيّن بأنه صحيح، فقامت اللجنة بإنذار صاحب تلك العيادة ومنحه مهلة خمسة عشر يوماً ليقوم بإغلاقها، نظراً لأنه لا يحمل أي شهادة طبية تؤهله لممارسة المهنة، وبعد انقضاء المهلة المحددة قامت المديرية بإغلاق تلك العيادة، وتنبيه صاحبها بعدم ممارسة أي مهنة صحية مجدداً، وذلك تحت طائلة المسائلة القانونية."

وأضاف "أحمد" بأنّ مديرية الصحة في مدينة المالكية/ديريك وهيئة الصحة في إقليم الجزيرة، لم يتلقيا أي بلاغ أو شكوى حول وقوع ضحايا أو إصابات نتيجة أخطاء طبية ارتكبها الشخص المذكور، مشيراً إلى أنّ هيئة الصحة التابعة للإدارة الذاتية كانت قد افتتحت في تموز/يوليو 2017 مستوصفاً عاماً في قرية "السويدية" في ريف المالكية/ديريك لتقديم الخدمات الصحية والطبية لأهالي القرية والقرى المجاورة لها.
 

أخطاء طبية قاتلة من قبل أطباء مختصين:

في حادثة أخرى، توفي المسّن (م.ك) 75 عاماً، في مدينة رأس العين/سري كانيه، وذلك بتاريخ 31 أيار/مايو 2017، نتيجة خطأ طبي ارتكبه طبيب مختص بأمراض القلب، وقال حفيد (م.ك) في حديث مع سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، يوم 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، أنّ جده كان يعاني من مشاكل قلبية، وقد ارتفعت حرارته فجأة في 25 أيار/مايو 2018، فاستدعت العائلة طبيب أمراض القلب "م.ع" لمعاينته، والذي حقنة بابرة مختلطة "ديكلون + ديكسون"، وقد أدى ذلك إلى تشكّل خثرة دموية في الأوردة الرئيسية في قدمه، ما سبّب وفاته بعد نحو أسبوع، نتيجة الخطأ الطبي الذي ارتكبه الطبيب المذكور.

كما توفيت السيدة (طوبى ابراهيم) 29 عاماً، وهي أم لطفلين، بتاريخ 11 تموز/يوليو 2018، بعد خضوعها لعملية ولادة قيصرية، أجرتها الطبيبة "إ.ح" في مشفى "فرمان" الخاص في مدينة القامشلي/قامشلو -لا يتبع لأي جهة رسمية- وقال مصدر من عائلة الضحية  لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، إنها توفيت نتيجة خطأ طبي وقع أثناء العملية الجراحية التي أجرتها الطبيبة "إ.ح"، وذلك وفقا لما أخبرهم إياه أطباء مدينة دمشق، والتي نُقلت إليها الضحية قبل وفاتها، وتابع في هذا الصدد قائلاً:

"بتاريخ 10 تموز/يوليو 2018، خضعت "طوبى" لعملية ولادة قيصيرية، أجرتها الطبيبة (إ.ح)، واستمرّت العملية أربع ساعات، أصيبت المريضة خلالها بنزيف دموي، فأضافت الطبيبة 6 أكياس من الدم إلى جسمها لتعويض كمية الدم التي فقدتها، وعند الانتهاء من العملية أخبرتنا الطبيبة أنّ صحتها جيدة وقد تمّ إنقاذ الطفلة أيضاً، ولكن مع حلول منتصف ليل ذاك اليوم ساء الوضع الصحي للمريضة، وتمّت إحالتها من قبل إدارة مشفى فرمان "الخاص" إلى المشفى الوطني التابع للحكومة السورية في القامشلي، فأجرى لها الأطباء هناك بعض التحاليل، التي بينت بأنها قد أصيبت بانحلال كلوي، لأنّ جسمها لم يتحمل كمية الدم التي أعطتها إياها الطبيبة، لذا فقد تمّت إحالتها إلى إحدى مشافي مدينة دمشق في محاولة لإنقاذ حياتها، لكنها توفيت هناك، يوم 11 تموز/يوليو 2018، وأخبر الأطباء زوجها إنها قد توفيت نتيجة خطأ طبي حدث أثناء عملية الولادة، إذ أنه كان يجب إيقاف نزيف الدم بعد استئصال الرحم، لكن الطبيبة وقعت في خطأ قد أودى بحياة المريضة."

وأنهى قريب الضحية حديثه:

"لم يتقدّم ذوي الفقيدة بأيّ دعوى قضائية ضدّ الطبيبة (إ.ح)، لأنّ ذلك لن يعيدها إلى الحياة مجدداً، كما لم يتم فتح أي تحقيق رسمي في الموضوع من قبل هيئة الصحة التابعة للإدارة الذاتية."
 

"الطبيب يُسأل عن خطأه أياً كان جسامته":

إلى ذلك قالت الحقوقية "صفية العمو" لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ  قانون العقوبات المعمول به لدى الإدارة الذاتية ينصّ على أنّ الطبيب يُسأل عن خطأه أياً كان جسامته، عندما يرتكب تقصيراً في سلوكه الطبي لا يتفق مع سلوك "طبيب يقظ" وجد في نفس الظروف الخاصة التي أحاطت بالطبيب المسؤول، مع مراعاة ذات التخصّص، ويُفرض على الطبيب المسؤول عن الضرر، دفع تعويض تقدّره هيئة الحكم، كما أنّ العقد الاجتماعي الخاص بمناطق الإدارة الذاتية ينصّ على "إن لم يكن هناك قوانين خاصة بروجآفا، تطبّق القوانين السورية المرعية".

كما أضافت "العمو" بأنه يتوجب على ذوي ضحايا هذه الأخطاء، اللجوء إلى المحاكم القانونية المتواجدة في مناطقهم، سواء أكانت تابعة للحكومة السورية أو الإدارة الذاتية، ولكن بعد التأكد من حدوث الأخطاء الطبية، مشيرةً إلى ضرورة تخصيص السلطة والجهات المعنية لجان من الأطباء، يترّكز دورها في إجراء تحاليل لجثة الضحية وتشريحها إن احتاج الأمر، وذلك بغية الوصول إلى النتيجة المؤكدة التي تثبت أو تنفي الادّعاء بوجود خطأ طبي، سواء أكان ذلك مقصوداً أو نتيجة إهمال الطبيب، ومن ثمّ محاسبة الأطباء من مرتكبي تلك الأخطاء عن طريق المحاكم التي تقرر طريقة العقوبة ودفع التعويضات.

كما أشارت الناشطة الحقوقية "هيفا جاجان"، لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، إلى ضرورة وجود لجان طبية تضمّ مختصين لمراقبة عمل الأطباء، والوقوف على الدعاوى المرفوعة من الأهالي، دون التشهير بالأطباء المدّعى عليهم، نظراً لأن بعض الأخطاء الطبية قد تكون قاتلة، على الرغم من أنها قد تكون غير مقصودة، على حد قولها.

من جهتها قالت المستشارة القانونية المحلية لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ التزام الطبيب اتجاه المريض حسب القانون السوري هو التزام ببذل عناية؛ أي يجب على الطبيب أن يبذل قصارى جهده المتفق مع أصول مهنة الطب، ويلحق الأطباء مسؤولية جزائية ومدنية من جرّاء الخطأ الطبي الذي يرتكبه، والخطأ الطبي بالتعريف: هو انحراف الطبيب عن السلوك الطبي العادي والمألوف وما يقتضيه من يقظة وحذر لدرجة أن يلحق بالمريض ضرر جرّاء إهمال الطبيب، وأضافت بأنّ المسؤولية عند الطبيب نوعين، جزائية ومدنية:

  1. المسؤولية الجزائية:

  1. المادة 185من قانون العقوبات السوري[1] الفقرة 2 البند ب: "يجيز القانون العمليات الجراحية والعلاجات الطبية المنطبقة على أصول (فن مهنة الطب) شرط أن تجري برضى العليل أو رضى ممثليه الشرعيين أو حالات الضرورة الماسة. أمّا العقوبات التي يُعاقب بها الطبيب عن الضرر الذي يسببّه تكون حسب مدة التعطيل عن العمل وفق نص قانون العقوبات.

  2. المادة 540: تُعاقب على الإيذاء -الذي لا ينجم عنه تعطيل عن العمل يزيد عن عشرة أيام- بالحبس لمدة لا تزيد عن ستة أشهر على الأكثر أو الحبس "التكديري" والغرامة.

  3. المادة 541: تصبح العقوبة حبس لمدة لا تزيد عن السنة وغرامة 2000 ليرة سورية إذا تجاوز التعطيل عن عشرة أيام وفي حالة تنازل الشاكي تخفف العقوبة للنصف.

  4. المادة 542: إذا تجاوز التعطيل العشرين يوماً، تصبح العقوبة حبس من 3 أشهر إلى 3 سنوات وغرامة مالية تصل إلى حوالي 25 ألف ليرة سورية.

  5. المادة 543: في حالة سبب الإيذاء عاهة دائمة أو بتر عضو أو تشويه جسم أو تعطيل حاسة يعاقب مسبّب الضرر بالأشغال الشاقة المؤقتة عشر سنوات على الأكثر.

  6. المادة 550: تنصّ على أنه من سبّب موت أحد عن إهمال أو قلة احتراز أو عدم مراعاة القوانين والأنظمة عوقب المسبب بالحبس ستة أشهر إلى ثلاث سنوات.

وأشارت المستشارة القانونية لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة بأنّه على المتضرّر التقدّم بادعاء شخصي إلى النيابة العامة والتي بدورها تحيله إلى فرع نقابة الأطباء، لإجراء التحقيق المسلكي وبعدها تقدّم تقريرها إلى النيابة العامة، وبناءً على التقرير تتحرك دعوى الحق العام، ثم تصدر مذكرة توقيف بحقّ الطبيب وبعدها تحال الدعوى إلى المحكمة المختصة.

  1. المسؤولية المدنية:
    تكون هذه المسؤولية للمطالبة بالتعويض المادي فقط دون الجزائي على أساس المسؤولية التقصيرية للطبيب، استناداً للمادة 164 من القانون المدني السوري[2] والذي ينصّ على ما يلي: "كل خطأ سبّب ضرر للغير يلزم مرتكبه بالتعويض"، ويتحدد التعويض حسب جسامة الضرر اللاحق بالمريض استناداً للخبرات الطبية ولتقدير المحكمة.
     

موقف سلطات الإدارة الذاتية من الأخطاء الطبية:

على الرغم من تسجيل عدّة حالات للأخطاء الطبية في المناطق الخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا، منذ تأسيسها في العام 2014، وحتى مطلع تشرين الثاني/نوفمبر 2018، لم تستقبل المحاكم التابعة لها سوى دعوى قضائية واحدة بهذا الخصوص، إذ رفعت سيدة من مدينة القامشلي/قامشلو دعوى قضائية على أحد الأطباء، بتاريخ 2 أيار/مايو 2017، بتهمة أنه نسي حالبها مربوطاً، عندما أجرى لها عملية جراحية لاستئصال بيت الرحم.

وأوضح الوكيل القانوني لتلك السيدة "سمير شيخ موسى" لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، أنّ المحكمة قد قررت سجن الطبيب "المدّعى عليه" مدة ثلاث سنوات وفرضت عليه دفع غرامة مالية تبلع عشرة ملايين ليرة سورية، بالإضافة إلى إيقافه عن ممارسة مهنة الطب مدة عام واحد، مبيّناّ أنه تمّ تحويل القرار إلى محكمة التمييز في مدينة الحسكة للمصادقة عليه ودخوله حيز التنفيذ.

وفي هذا السياق، حاولت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، التواصل مع هيئة الصحة التابعة للإدارة الذاتية، وتحديداً بتاريخ 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، من أجل تحديد الأساس الذي تقوم بموجبه بمتابعة قضايا الأخطاء الطبية التي تُرتكب في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وماهية القوانين المتّبعة لديها بهذا الخصوص. لكنّ المنظمة لم تتلقَ رداً على هذه الرسالة حتى تاريخ إعداد هذا التقرير في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2018.

وكانت قوى الأمن الداخلي "الأسايش" التابعة للإدارة الذاتية، قد اعلنت في بيان، صدر عنها بتاريخ 25 تشرين الأول/أكتوبر 2018، أنها ألقت القبض على شخص كان قد انتحل صفة طبيب بشري في مدينة رأس العين/سري كانيه، وذلك بعد أن كان قد اشترى مصدقة تخرّج "مزوّرة" من كلية الطب البشري، بمبلغ ستمائة ألف ليرة سورية، وقال مصدر طبي في "مشفى روج" التابع للإدارة الذاتية في مدينة رأس العين/سري كانيه، في حديث مع سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، يوم 12 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، أنّ المتهم خريج معهد زراعي، وكان قد تعلم أصول التمريض والطبابة، أثناء تأديته للخدمة العسكرية الإلزامية في صفوف الجيش السوري، وكان قد تم تعيينه كطبيب عام في "المشفى العسكري" المجاور لمشفى روج في رأس العين/سري كانيه، مطلع أيلول/سبتمبر 2018، لكنّ أمره انكشف من قبل أطباء المشفى، نظرا لجهله بالمصطلحات الطبية، لذا فقد تمّ الإبلاغ عنه لدى الجهات المختصة.

وقال المصدر نفسه، إنّ المتهم تم تحويله إلى هيئة الادّعاء والتحقيق في مدينة رأس العين/سري كانيه، لكي تتم محاكمته حسب الأصول القانونية، وذلك بعد أن اعترف خلال التحقيق بالتهمة الموجهة إليه، كما أشار المصدر إلى عدم تسجيل أخطاء طبية، ارتكبها الشخص المذكور أثناء فترة انتحاله صفة طبيب، والتي استمرت 55 يوماً.

صورة تظهر البيان الذي أصدرته قوى الأمن الداخلي "الأسايش" التابعة للإدارة الذاتية، بتاريخ 25 تشرين الأول/أكتوبر 2018، حول إلقاء القبض على شخص كان انتحل صفة طبيب في مدينة رأس العين/سري كانيه.
 مصدر الصورة:
الصفحة الرسمية لقوى الأسايش.

 


[1] "قانون العقوبات السوري"، وزارة العدل، آخر زيارة بتاريخ 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2018. http://www.moj.gov.sy/.

[2] "القانون المدني السوري". آخر زيارة بتاريخ 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2018. https://www.qanoon-online.com/.

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد