أفادت أربع شهادات حصرية حصلت عليها “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” بقيام عناصر من الجيش الوطني السوري/المعارض وتحديداً من فصيلي “أحرار الشرقية” و”صقور السنة“،[1] بعدد من الانتهاكات بحقّ نساء نازحات حاولن الوصل من مناطق نفوذ الإدارة الذاتية شمال شرق سوريا، إلى مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في منطقة رأس العين/سري كانيه (نبع السلام).
تضمّنت تلك الانتهاكات حالة اعتداء جنسي، إلى جانب محاولة اعتداء جنسي وحالة تحرّش، وجاءت تلك الممارسات ضمن عدد من المضايقات التي يقوم بها مقاتلو الفصائل على طول خط “التهريب” بين مناطق نفوذ الطرفين الممتد على محاذاة طريق M4 السريع، الذي يفصل ما بين مناطق السيطرة في شمال سوريا.
- حادثة اعتداء جنسي وتحرّش على يد عناصر من فصيل “أحرار الشرقية”:
تحدثت “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” مع مصدر، كان شاهداً على حادثة تحرش ومضايقات تعرضت لها سيدتان على يد عناصر من فصيل “أحرار الشرقية” أثناء عبورهما عبر طرق التهريب بين مناطق سيطرة كل من الإدارة الذاتية وفصائل المعارضة في المنطقة التي تقع بين طريق M4 وبلدة المبروكة وتعرف نقطة التهريب هذه باسم “معبر تفاحة”.
المصدر الذي أدلى بشهادته لسوريون بشرط عدم نشر معلوماته الشخصية، ضمن مجموعة تتألف من 10 مدنيين بينهم سيدتان، عبروا الطريق بين مناطق نفوذ الطرفين خلال شهر آذار/مارس 2022، حين وقعت الحادثتين. وقال في شهادته التفصيلية ما يلي:
“انطقنا من مناطق نفوذ الإدارة الذاتية في دير الزور وكان هدفنا التوجه إلى مدينة تل أبيض الحدودية، من أجل العبور إلى تركيا، وقد كنّا مجموعة من الشبّان وامرأتين. أوصلنا المهرب إلى نقطة العبور عند طريق M4 وبعدها قمنا بعبور الساتر الترابي واستقبلنا هناك عناصر قاموا بالتعريف عن أنفسهم بأنهم من فصيل أحرار الشرقية، ونقلونا إلى مقرّ قريب لهم من الطريق حيث رأينا أعلام الفصيل فوق تلك المقرات، وأخبرونا أننا سوف نبقى عندهم في المقر إلى أن يقوم المهرب من الطرف الآخر بتحويل المبلغ المتفق عليه بينهم.”
وتابع المصدر شهادته قائلاً:
“بقينا في مقر الفصيل بضعة أيام. في اليوم الأول: وضعوا المجموعة كاملة في غرفة واحدة، وقاموا بتفتيشنا وأخذ الهواتف الجوالة منا. عند عملية التفتيش قام العناصر بتفتيش إحدى السيدات بطريقة قذرة جداً، حيث تعمدوا لمس جسدها والمناطق الحساسة بشكل مسيئ لها. ومن ثم قضينا الليلة الأولى في الغرفة، وفي صباح اليوم التالي أخبرنا العناصر أن المهرب لم يقم بدفع المبلغ وأنه يجب على كل شخص دفع 400 دولار كي يسمحوا لنا بالعبور، وأعطونا الهواتف كي نتواصل مع عائلاتنا ونطلب منهم إيداع المبلغ لصالح مكتب حوالات في رأس العين، وهنا قام العناصر بنقل السيدة الأخرى إلى غرفة ثانية بحجة أن أهلها يريدون التحدث معها على انفراد، وبعدها سمعنا صوت صراخها واستنجادها وسمعنا أصوات ضحكات العناصر، وبقيت الفتاة عندهم، أمّا باقي المجموعة فقد خرجت تباعاً بعد دفع مبالغ متفاوتة وبعد أن أخذوا ملابسنا وهواتفنا وأعطونا ملابس ممزقة وقذرة عوضاً عنها.”
“سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” تحدّثت مع السيدة التي تعرّضت للتحرّش، وأكّدت المعلومات التي تم الحصول عليها من المصدر الأول. ثم قامت المنظمة بالحديث مع مقربين من السيدة الثانية، وحصلت على المعلومات التالية:
“أخبرتني قريبتي، أنّها تعرضت للاعتداء الجنسي على يد عناصر أحرار الشرقية في تلك الأيام، وأنها استطاعت التعرف على بعض الأشخاص الذين قاموا بالاعتداء عليها. قالت لي أنّه وبعد أن تم نقلها إلى غرفة منفصلة عن المجموعة، بدأوا بلمسها بحجة تفتيشها وكانت تنبعث منهم رائحة تشبه الكحول الخاص بالمشافي، وثمّ تطور الأمر إلى الاعتداء عليها جنسياً، ومن ثمّ أطلق سراحها وتوجهت إلى مدينة تل أبيض. لقد نصحتُ الفتاة بالتقدم بشكوى لاسيما أنها تعرفت على بعض العناصر، ولكنها ترفض بسبب الخوف والعار.”
- حادثة تحرش ومحاولة اعتداء جنسي على يد عنصر من “صقور السنة”:
في حادثة أخرى، أقدم قائد مجموعة ضمن فصيل “صقور السنة” واسمه “ن.ع” على التحرّش مرات عدة بفتاة تنحدر من بلدة الشدادة محاولاً الاعتداء عليها، للتمكن الفتاة من الهرب والاستنجاد بمجموعة من عناصر “أحرار الشرقية” لتندلع اشتباكات بين المجموعتين أسفرت عن وقوع جرحى.
شاهد عيان وهو أحد العناصر العسكرية ضمن مجموعة “ن.ع” تحدث إلى الباحث الميداني لدى “سويون من أجل الحقيقة” وأخبره بتفاصيل القضية، التي كانت كالتالي:
“وقعت الحادثة في قرية تل ثلاج، نهاية العام 2021، حين جائت الفتاة مع مجموعة من المدنين من مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية ودخلت المنطقة عبر نقطة تهريب يديرها المدعو (ن.ع) قرب صوامع العالية، بهدف التوجه إلى تركيا عبر المهرّب نفسه، وتمّ نقل المجموعة كاملة إلى مقر يتبع للقائد (ن.ع) في قرية (تل ثلاج) لحين تمهيد طريق التهريب إلى تركيا، وخلال اليومين اللذين قضتهما الفتاة بانتظار فتح الطريق، قام (ن.ع) عدة مرات بالتحرش بها وحاول الاعتداء عليها جنسياً، وتمكنت الفتاة من الهرب من المقر وغادرت القرية متوجهة إلى قرية العدوانية، ويبدو أنها التقت على الطريق بمجموعة من عناصر أحرار الشرقية واحتمت بهم، ليقوم هؤلاء العناصر بعد يومين بالتوجه إلى قرية (تل ثلاج) لمحاسبة (ن.ع) على فعلته، بعد أن ساعدوا الفتاة على العودة إلى بلدتها عبر نقطة تهريب قبالة بلدة تل نمر.”
وختم الشاهد:
“خلال الحديث الذي دار بين (ن.ع) وبين عناصر الشرقية، اعترف (ن.ع) بتحرشه بالفتاة وبرر ذلك أنها تتبع لقسد، وتبين لاحقاً أن الفتاة تنحدر من قبيلة عناصر مجموعة أحرار الشرقية الذين حاولوا القاء القبض على (ن.ع) لتندلع اشتباكات بين الطرفين وانتهت بوقوع ثلاث جرحى بعد تدخل قادة من الفصيلين.”
تمّ رسم هذه الخارطة من قبل “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” وهي تُظهر أماكن حادثتي التحرش والاعتداء الجنسي. (الحادثة الأولى بالقرب من نقطة عبور تفاحة – الحادثة الثانية بالقرب من الحدود التركية السورية). إضافة إلى أبرز نقاط التهريب بين مناطق السيطرة بشمال شرق سوريا.
____
[1] تنضوي مجموعة “صقور السنة” ضمن فيل “الفرقة عشرون” والذي ينضوي بدوره مع فصيل “أحرار الشرقية” ضمن “حركة التحرير والبناء” التي تأسست في 15 شباط/فبراير 2022، وتضم فصائل “أحرار الشرقية” و”جيش الشرقية” و”الفرقة عشرون” و”صقور الشام- قطاع الشمال”.
2 التعليقات
[…] منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” اعتداءات بحق نساء عند نقاط تهريب تديرها فصائل […]
[…] منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” اعتداءات بحق نساء عند نقاط تهريب تديرها فصائل […]