الرئيسية بيانات صحفية منظمات غير حكومية تطالب مجلس حقوق الإنسان بضمان العودة الطوعية، والآمنة، والكريمة للاجئين السوريين

منظمات غير حكومية تطالب مجلس حقوق الإنسان بضمان العودة الطوعية، والآمنة، والكريمة للاجئين السوريين

تؤيد سوريون من أجل الحقيقة والعدالة الآراء الواردة في هذا البيان إلى جانب منظمات غير حكومية أخرى لا تتمتع بمركز استشاري

بواسطة communication
155 مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية حجم الخط ع ع ع

عقدٌ وعام مرّوا على اندلاع الانتفاضات الشعبية في سوريا ولا تزال البلاد تعيش أزمة تشرد هي الأكبر في العالم. تقول الإحصائيات أنَّ هناك اليوم 6.8 مليون سوري يلتمسون اللجوء خارج بلادهم، و 6.7 مليون آخرون مشرّدون داخلياً.(1) وعلى الرغم من الوضع الاقتصادي المزري(2) الذي تعيشه البلاد وحقيقة أنَّ الحرب في سوريا لم تحط رحاها بعد، رصدت منظمات المجتمع المدني تزايداً في حالات الترحيل والإعادة القسرية للاجئين السوريين من قبل عدد من الدول المضيفة.

اتخذت الدول المضيفة قراراتها لترحيل اللاجئين السوريين من أراضيها، بناءً على مزاعم بأنَّ هناك أجزاء في سوريا أصبحت الآن آمنة، بيد أنَّ هذه الادعاءات غير دقيقة، حيث أنَّ توقف العمليات العسكرية في بعض مناطق لا يعني أنَّها أصبحت مؤهلة لعودة المهجرين إذ يجب أخذ الوضع الخدمي والأمني لهذه المناطق بعين الاعتبار. فلقد تمَّ توثيق حالات كثيرة لعائدون تعرَّضوا لضروب مختلفة من سوء المعاملة بما فيها الاعتقال، والتعذيب، والاختفاء القسري، وكذلك الإعدام بإجراءات موجزة.(3)

وعلاوة على ذلك، من المرجح أن يكون لعمليات الإعادة القسرية عواقب على المدى الطويل، وذلك نظراً لأنَّ الآلاف من العائدين لم يستطيعوا العودة إلى مناطقهم الأصلية إما لأسباب أمنية أو بسبب دمار هذه المناطق، وعليه، تمَّ توطينهم في مناطق أخرى كان قد هُجِّر سكانها الأصليون منها، تماماً كما حدث في مناطق شمال شرق سوريا. ومن المرجح أن تؤدي عمليات التوطين هذه إلى إحداث تغيير ديموغرافي في البلاد سيكون له التأثير الأكبر على مناطق الأقليات، الأمر الذي سيسهم بالتالي في زعزعة الاستقرار وتقويض مبادرات العدالة الانتقالية مستقبلاً.

  1. تزايد ملحوظ في عمليات ترحيل اللاجئين وملتمسي اللجوء السوريين:

تفيد الإحصائيات بأنَّ حوالي نصف سكان سوريا نزحوا على مدار مايقارب إثنا عشر عاماً من الحرب التي أتت على اقتصاد البلاد وبنيتها التحتية، الأمر الذي أرزح السوريين تحت ظروف معيشية مزرية، إذ يعيش اليوم زهاء 97% منهم تحت خط الفقر مع وجود أكثر من 14 مليون سوري يعتمدون على المساعدات الخارجية.(4) ومن المرجح أن تستمر هذه الأعداد في الزيادة في ظل ظروف الجفاف الآخذة في التفاقم والتي تهدد سبل عيش السوريين وفرص حصولهم على الغذاء والمياه والطاقة.(5)

وعن الأضرار التي طالت البنية التحتية، فقد تعرض ما نسبته 80% من مدن مثل حلب وضواحي دمشق إلى دمار هائل، ما أرغم الملايين على النزوح والتماس المأوى في مخيمات غير مجهزة تم إنشاؤها في مناطق مختلفة من البلاد. (6)

وفضلاً عن ذلك، يستمر القصف الجوي والهجمات الصاروخية العشوائية والعمليات العسكرية الأخرى بتهديد حيوات السكان المدنيين في العديد من المحافظات السورية(7)، وخلال الأشهر الأخيرة تمَّ توثيق نزوح عشرات الآلاف من السوريين إثر هجمات إرهابية طالت مناطقهم.(8) ويشار إلى أنَّ الاعتقال التعسفي لايزال هو التحدي الأكثر إلحاحاً لحقوق الإنسان في سوريا، حيث تستمر كل من الحكومة السورية (9) وجماعات المعارضة المسلحة (10) باحتجاز الآلاف من السوريين وإخفاؤهم قسرياً. وحتى أولئك الذين وقعوا اتفاقيات مصالحة مع الحكومة السورية هم ضمن المهددين بالاعتقال التعسفي والاغتيال.(11)

ونظراً لهذه الظروف، تشعر منظمات المجتمع المدني بقلق كبير إزاء تزايد عدد البلدان التي تعتزم ترحيل السوريين من أراضيها وإعادتهم قسراً إلى سوريا. ففي الدنمارك، على سبيل المثال، هناك المئات من السوريين المعرضين لخطر التجريد من الإقامة(12)، وفي بيلاروسيا تمَّ ترحيل العديد من السوريين رغم تحذير الحقوقيين من مخاطر أمنية قد تطالهم. (13)أما لبنان فقد انتهج أجندة ترحيل صارمة تتمثل في الضغط على السوريين لإجبارهم على المغادرة، وشملت إجراءات تطبيق هذه الأجندة عرقلة تجديد تصاريح الإقامة للسوريين وحظر التجول في مناطقهم وطردهم من مساكنهم، وإجبارهم على هدم الملاجئ الخرسانية والرحيل.(14)

وعن تركيا، فقد ألغت الأخيرة بين عامي 2019 و2021 تصاريح الإقامة لأكثر من 155,000 سوري واحتجزتهم في معسكرات متاخمة للحدود التركية السورية، لتقوم بعدها بترحيلهم قسراً إلى الأراضي السورية.(15) وعلاوة على ذلك فقد أعلنت تركيا مؤخراً عن خطة لإعادة مليون سوري إلى أوطانهم.(16) وتزعم الأخيرة أنَّ عمليات الترحيل التي تقوم بها “طوعية” بيد أنَّ شهادات السوريين المرحلين تفيد بخلاف ذلك. وهناك تقارير تؤكد تعرض سوريين في تركيا للاستغلال والابتزاز والتهديد بالاحتجاز طويل الأمد لإجبارهم على التنازل عن تصاريح إقامتهم.(17)

أكد اللاجئون والمهاجرون العائدون قسراً إلى سوريا أنَّ ترحيلهم أثَّر سلباً على حيواتهم، حيث عطَّل مسيرتهم التعليمية والمهنية وأدَّى إلى انفصال العديد منهم عن عائلاتهم. وقد وُثِّق تعرض الكثير من السوريين إثر عودتهم لضروب مختلفة من سوء المعاملة، كالاحتجاز التعسفي وغير القانوني، والتعذيب والاختفاء القسري والموت أثناء الاحتجاز، والعنف الجنسي والجنساني، وكذلك للاضطهاد على أيدي الحكومة السورية والجماعات المسلحة.(18)

  1. عمليات الترحيل والإعادة القسرية قد تسهم في وجود حالة عدم استقرار في المستقبل:

من المحتمل أن تتسبب العودة القسرية والسابقة لأوانها إلى سوريا التي لاتزال غير آمنة بعد، بمزيد من زعزعة الاستقرار في البلاد. فعلى سبيل المثال تعتزم تركيا توطين المليون لاجئ سوري الذين تخطط لإعادتهم في المناطق التي تحتلها في الشمال السوري، علماً أنَّ الغالبية العظمى من هؤلاء اللاجئين لا ينتمون بالأصل إلى هذه المناطق التي يعود جلّها تاريخياً إلى الأكراد الذين شردوا بعيداً عنها. وكانت قد وثقت لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية أنماطاً ممنهجة للنهب والاستيلاء على ممتلكات السكان وخاصة الأكراد منهم في مدينة عفرين، وذلك من قبل فصائل الجيش الوطني السوري المعارض المدعوم من تركيا، وقد أجبرت عمليات النهب والاستيلاء العوائل الكردية بشكل خاص إلى النزوح من ديارهم (19) كما وحُرموا من حقهم في العودة إليها.(20)

ومن الجدير ذكره أنَّ خطة تركيا لإعادة توطين الآلاف من السوريين في مناطق الشمال السوري، بما فيها مدينة عفرين، لا تشمل إعادة ممتلكات السكان الأصليين التي تم الاستيلاء عليها إلى أصحابها، بل تهدف إلى إعادة توطين سوريين من محافظات أخرى في هذه المناطق التي نزح عنها سكانها الأصليون وهم من الأقليات الكردية واليزيدية. وفي حال مضت تركيا قدماً في تنفيذ خطتها هذه، قد يؤدي الأمر إلى إحداث تغيير ديموغرافي خطير في المنطقة.

وعلاوة على ذلك، وافقت تركيا على تشييد مستوطنات بشرية في مدينة عفرين، كتلك التي تمَّ بناؤها حديثاً في منطقة جبل الأحلام بهدف إيواء مقاتلي الفصائل العسكرية وعائلاتهم.(21)

ستشكل إعادة تركيا لمليون لاجئ سوري إلى شمال شرق سوريا سابقة خطيرة بالنسبة للسوريين في جميع أنحاء البلاد، وعليه  يجب تمكين عودة اللاجئين السوريين إلى المجتمعات التي نزحوا منها والعمل على أن تكون هذه العودة آمنة وكريمة وطوعية بما يحافظ على حقوق جميع السوريين داخل سوريا وخارجها. إنَّ التغيير الديموغرافي في المحافظات السورية الكبرى، وإنكار حق المرء في العودة إلى وطنه وأرضه وممتلكاته، وتوطين اللاجئين العائدين في المنازل والأراضي التي تم الاستيلاء عليها، أمر خطير من شأنه أن يهدد العدالة وعمليات المصالحة والسلام في المستقبل.

  1. خاتمة وتوصيات:

على ضوء ما سبق فإن منظماتنا:

  • تدعو لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية إلى نشر تقرير شامل عن أوضاع حقوق الإنسان للمهجرين السوريين في الداخل والخارج بما فيهم اللاجئين العائدين.

كما تحث منظماتنا مجلس حقوق الإنسان والدول الأعضاء في الأمم المتحدة على:

  • التمسك بموقف مفاده أنَّ سوريا لاتزال وجهة عودة غير آمنة وأنَّه يجب أن تكون عمليات العودة في المستقبل مدروسة وآمنة وطوعية وكريمة.
  • الامتناع عن ترحيل الأشخاص وإعادتهم إلى سوريا، والالتزام بمبدأ عدم الإعادة القسرية، والإيقاف الفوري للسياسات والممارسات التي تلغي إقامة اللاجئ السوري في البلد المضيف أو تحرمه من الحماية المؤقتة.
  • الضغط من أجل إيجاد حل سياسي شامل يوحد جميع أطياف الشعب السوري وإعطاء فرصة حقيقية للمجتمع المدني السوري للمشاركة في عملية إيجاد هذا الحل. كما ينبغي على الأمم المتحدة أيضاً توفير مقاعد إضافية في اللجنة الدستورية السورية لتضمين ممثلين عن مجتمعات شمال شرق سوريا التي تعاني من نقص التمثيل، وذلك لأنه لايمكن الوصول إلى سلام حقيقي ناجح ومستدام دون أن تشترك جميع مكونات الشعب السوري في صنعه.

 

لقراءة التقرير كاملاً وبصيغة ملف PDF يرجى الضغط هنا. 

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد