وثقت “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” قيام فصائل من “الجيش الوطني” التابع للحكومة السورية المؤقتة، أحد أجهزة الإئتلاف السوري المعارض، باعتقال ما لا يقل 40 شخصاً بينهم امرأتان في منطقة عفرين السورية/الكردية، وذلك خلال شهر حزيران/يونيو 2020.
وتمّ توثيق الإفراج عن 20 شخصاً فقط، في حين ما تزال امرأتان و18 شخص آخرين مجهولي المصير.
وبحسب شهادات الأهالي ومشاهدات الباحثين الميدانين فإن كلٌ من جهاز “الشرطة العسكرية” وفصيل “الجبهة الشامية” وجهاز “الشرطة المدنية” وفرقة “السلطان مراد” كانوا المسؤولين عن تنفيذ معظم عمليات الاعتقال هذه والتي جرت بطريقة تعسفية ولم تراع الإجراءات الواجبة في معظمها.
تشير “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” أنها تمكنت من توثيق بعض حوادث الاعتقال التي جرت في المنطقة وليس جميعها، حيث لم تتمكن من توثيق الأحداث التي جرت في نواحي “شيخ الحديد” و”شران” و”راجو” لأسباب أمنية.
تجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من ورود “تعليمات صارمة” من السلطات التركية تمنع قيام أي فصيل عسكري تنفيذ عمليات اعتقال وإيكال مهمة الاعتقال إلى الشرطة العسكرية حصراً إلى أن العديد من الفصائل لم تلتزم بذلك ونفذت عمليات اعتقال تعسفي وأطلقت سراح بعض المعتقلين لديها بعد دفعهم مبالغ مالية كفدية.
وكانت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة تحدثت في بداية شهر حزيران/يونيو 2020، مع مسؤول[1] في الشرطة العسكرية في منطقة عفرين والذي قال في شهادته للمنظمة ما يلي:
“تلقت جميع الفصائل التابعة للجيش الوطني وأجهزة الشرطة العسكرية أوامر من تركيا بوقف عمليات الاعتقال التعسفي، وتكليف الشرطة العسكرية فقط بالقيام بعمليات الاعتقال التي يجب أن تتم وفق ضوابط محددة، وتم تعميم هذا الأمر على جميع مراكز الشرطة العسكرية بعد أن تم عقد اجتماع دوري بين الوالي التركي وبين قيادة الشرطة العسكرية.”
وفي إطار متابعة سوريون من أجل الحقيقة لقضية الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي المتكرر بحق السكان الأصليين في عفرين من الكرد السوريين، وبالتهم نفسها، تحدثت المنظمة مع عدة مسؤولين عسكريين وآخرين في الشرطة العسكرية. حيث ردّت بعض تلك المصادر العسكرية بأن السلطات التركية أصدرت توجيهات/تعليمات تمنع بموجبها أي عنصر في الشرطة العسكرية بالإدلاء بتصريحات أو معلومات حول أي أمر يخص العمل تحت طائلة المحاسبة، كما اشترطت الحصول على موافقات أمنية تركية مسبقة قبل الإدلاء بأي تصريح للإعلام أو لأي جهة. وبناء على هذه التوجيهات امتنع العديد من المسؤولين العسكريين من الرد على التساؤلات المطروحة.
من جانب آخر، قال مسؤول (ضابط) في الشرطة العسكرية في ناحية جنديرس بعفرين خلال حديث مسجل مع الباحث الميداني لدى “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” في معرض رده عن تكرر اعتقال الأشخاص أنفسهم وللتهم ذاتها وإطلاق سراحهم لقاء المال/دفع غرامة/كفالة، ما يلي:
“لا يتم اعتقال الشخص نفسه للجرم ذاته مرتين، والذي يحدث أنه من الممكن أن يقوم الشخص الذي تم إطلاق سراحه بإعادة التواصل مع الجهات الإرهابية (وحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية) وهنا يتم اعتقاله، وبالعموم الآلية المعمول بها هو أن الشخص يتم اعتقاله ويحال إلى القضاء، وينظر القضاء في القضية ويقرر استكمال المحاكمة مع إتاحة الخيار للمعتقل بمتابعة المحاكمة وهو طليق لقاء دفع كفالة مالية أو باستمرار المحاكمة وهو داخل السجن، وتكون الكفالة المالية محددة 1000 ليرة تركية عن كامل مدة الحكم بشرط أن يتابع الشخص جميع الجلسات لحين صدور الحكم النهائي في قضيته وهنا يستطيع استرداد الكفالة المالية، هذا الاجراء المتبع في كافة المراكز والأفرع الخاصة بالشرطة العسكرية.”
وأشار “الضابط” إلى أن التهم الموجه لهؤلاء المعتقلين (الوصف الجرمي) هو: “الانخراط في منظمة ذات طابع إرهابي”، ونفى قيام عناصر الشرطة العسكرية بتنفيذ أي عملية اعتقال دون وجود أمر من “النائب العام العسكري أو المدني”.
إلاّ أنّ الشهادات الواردة من العديد من ذوي المعتقلين والمعتقلين أنفسهم، تدحض كلام “الضابط”، حيث أكدّ العديد منهم وخلال فترات زمنية متفاوتة وقوع عمليات اعتقال كثيرة ومتكررة لنفس الأشخاص دون وجود أمر من “النيابة” ودون إبراز أي قرار أو ورقة رسمية، كما أن معظم عملية الاعتقال تتم من قبل عناصر فصيل عسكري ويتم إحالة بعض المعتقلين إلى الشرطة العسكرية لاحقاً.
-
عمليات الاعتقال في ناحية عفرين:
شهدت ناحية عفرين خلال شهر حزيران/يونيو 2020، اعتقال 9 أشخاص بينهم امرأتان، تمت خلال 4 عمليات دهم واعتقال متفرقة ولأسباب مختلفة نفذتها الشرطة المدنية والشرطة العسكرية برفقة قوات تركية، وتم إطلاق سراح ثلاثة فقط تعرض اثنين منهم للتعذيب الشديد على يد الشرطة العسكرية.
- في مركز مدينة عفرين وبتاريخ 6 حزيران/يونيو أفاد شاهد عيان يعمل في المنطقة الصناعية أن دورية تابعة للشرطة العسكرية قامت باعتقال كل من”عبدو مراد” و”مصطفى جيله” اللذان يعملان ببيع الدرجات النارية وذلك بتهمة قيامها بتجهيز دراجات مفخخة، وتم اعتقالهما في مبنى الشرطة العسكرية وأطلق سراحهما يوم 11 حزيران/يونيو بعد عدم ثبوت التهم الموجهة لهما، وتبيّن أنّهما قد تعرضا للتعذيب الشديد أثناء التحقيق معهما.
- في حي الأشرفية في مركز مدينة عفرين، وبتاريخ 12 حزيران/يونيو، قامت دورية من الشرطة العسكرية بمرافقة قوات تركية وكلاب بوليسية بمحاصرة ومداهمة منزل قرب “مدرسة المحدثة” وتم اعتقال العائلة القاطنة في المنزل وهم؛ عثمان مجيد نعسان وزوجنه زينت وابنيه جانكين ومحمد، وذلك بتهمة ضلوع الابن جانكين بتجهيز دراجات مفخخة، وتم العثور على مواد تستخدم لإعداد المتفجرات في المنزل. لكنّ أحد الأشخاص المقربين من العائلة قال للباحث الميداني ما يلي:
“التهمة ملفقة للعائلة بشكل كامل، فقد تمّ دس هذه المواد في المنزل لأسباب انتقامية. فقد كانت العائلة التي تمّ اعتقالها على خلاف حاد مع عائلة مقاتل في الجبهة الشامية قبل مدة، ويعتقد جميع أهل الحيّ، أنه تم دس هذه المواد للانتقام منهم والأمر الذي يؤكد هذه الرواية أنه قد تم سرقة المنزل بالكامل بعد عملية الاعتقال وقام الفصيل بوضع يده عليه، وما يزال أفراد العائلة محتجزين حتى اللحظة.”
- وفي مدينة عفرين وبتاريخ 30 حزيران/يونيو، أفاد شاهد عيان أن دورية من الشرطة العسكرية قامت باعتقال “عبد الرحمن نعمان” الملقب بالبرازي (35عاماً)، وذلك بعد مداهمة منزله الواقع قرب مؤسسة البريد، بتهمة انتماءه السابق لقوات الحماية الشعبية، وتم نقله إلى سجن الشرطة العسكرية عند الأوتوستراد الغربي للمدينة..
تجدر الإشارة إلى أن “نعمان” تعرض للاعتقال ثلاث مرات سابقاً وللتهمة ذاتها، وفي كل مرة تم فيها إطلاق سراحه بعد أن قام بدفع غرامات مالية متفاوتة كفدية.
- بتاريخ 3 حزيران/يونيو، قامت دورية تابعة للشرطة المدنية باعتقال السيدة “سيلفانا عبد الرحمن” 45 عاماً، وهي تنحدر من قرية “سانيا” التابعة لناحية معبطلي- بعد أن قاموا بمداهمة منزلها ومحل ألبسة تعمل به في حي الأشرفية في مدينة عفرين، وتم اعتقال زوجها أيضاً واسمه “سمير عيسى” بعد أن قام بالسؤال عنها بعد نحو أسبوع من اعتقالها، وتم إطلاق سراح الزوج بعد اعتقال دام أسبوعين في حين أن مصير السيدة ما يزال مجهولاً.
-
عمليات الاعتقال في ناحية راجو:
شهدت ناحية راجو اعتقال ما لايقل عن 11 شخصاً تم إطلاق سراح 2 منهم فقط، ونفذت الشرطة العسكرية عمليات الاعتقال جميعها، وجاءت الاعتقالات كالتالي:
- في مركز مدينة راجو وبتاريخ 11 حزيران/يونيو، قام عناصر من الشرطة العسكرية باعتقال عدد من سكان المنطقة الذين انتسبوا إلى “جهاز الشرطة المدنية” الذي أنشأته الحكومة السورية المؤقتة، وتمت الاعتقالات بشكل متقطع على مدار أسبوع كامل، وذلك بتهمة الانتساب لمؤسسات الإدارة الذاتية مسبقاً وأثناء فترة حكمها، والمعتقلون هم: محمد علي عارف/ينحدر من قرية هوليله، ونظمي محمد محمد/ينحدر من قرية هوليله، وسرول حيدر محمد/ينحدر من قرية كورا، ومنان حسين صبري/ينحدر من قرية كورا.
- وكذلك في مركز مدينة راجو وبتاريخ 20 حزيران/يونيو، تم اعتقال عدد من المدرسين/المعلمين بعد أن تم فصلهم من عملهم في وقت سابق، وذلك بتهمة التعامل مع الإدارة الذاتية سابقاً، والمعتقلون هم: هوريك تراش/ينحدر من قرية كورا، وعليّ خشمان/ينحدر من قرية هوليله، وإبراهيم شكري علي/ينحدر من قرية دمليو، ورودين رياض مصطفى/ينحدر من قرية موساكو.
- في قرية سوركيه، وبتاريخ 3 حزيران/يونيو، تم اعتقال المدعو “أمين رمزي كيلو” 30 عاماً، من قبل دورية تابعة للشرطة العسكرية أثناء زيارته لمنزل عمه في قرية “أرندة” وذلك بتهمة أداء واجب الدفاع الذاتي سابقاً لدى الإدارة الذاتية، وما زال مصيره مجهولاً.
- في قرية معملو، وبتاريخ 8 حزيران/يونيو، قامت دورية تابعة للشرطة العسكرية باعتقال كل من “محمد منان بريم” 32 عاماً، و”جوان شكري عمر” 20 عاماً، بتهمة أداء واجب الدفاع الذاتي سابقاً (التجنيد الإجباري لدى الإدارة الذاتية) حيث تم تحويلهم إلى سجن راجو وبعد التحقيق لعدة أيام تم عرضهما على المحكمة ومن ثم حولا إلى مدينة عفرين وعرضا على القضاء هناك وتم إطلاق سراحهما بتاريخ 29 حزيران/يونيو، مساء عند الساعة السادسة مساء وذلك بعد دفعهم لمبلغ مالي.
-
عمليات الاعتقال في ناحية معبطلي:
شهدت ناحية معبطلي اعتقال 16 شخصاً خلال شهر حزيران/يونيو، تم إطلاق سراح 12 شخصاً منهم، ونفذ عمليات الاعتقال كلاً من الشرطة المدنية وفصيل الجبهة الشامية”، وجاءت الاعتقالات كالتالي:
- في مركز بلدة معبطلي وبتاريخ 22 حزيران/يونيو، تم اعتقال “محمد فوزي عليكو” من قبل عناصر فصيل “الجبهة الشامية”، دون ورود معلومات إضافية.
- في قرية راجا وبتاريخ 28 أيار/مايو، قام عناصر من فصيل “الجبهة الشامية” بشن حملة دهم واعتقال في القرية واعتقلوا 4 أشخاص بتهمة العمل ضمن مؤسسات الإدارة الذاتية سابقاً، وتم نقلهم جميعاً إلى المقر الأمني للفصيل وأُطلق سراحهم في اليوم التالي، وهم؛ حميد خليل إبراهيم وهوريك رشيد نعسان وآزاد جميل إبراهيم وعزيز شيخو حسن.
وفي يوم 5 حزيران/يونيو عاد عناصر الفصيل ذاته واعتقلوا كلاً من “حسين شيخو” و”بطال محمد شيخو” و”عليّ حمو” و”هيثم رمزي حجي حمو” و”حنيف عارف شعره” و”محمد بريم” و”حنيف حنان”، وتم إطلاق سراحهم بعد يومين، بعد أن قام هم أو ذويهم بدفع غرامات مالية للفصيل كفدية.
- في قرية داركير وفي يوم 30 حزيران/يونيو، قامت دورية تابعة للشرطة المدنية باعتقال 5 أشخاص بتهمة التعامل مع الإدارة الذاتية، تم إطلاق سراح 3 منهم، والمعتقلون هم؛ محي الدين عليكو وجمال عمر عليكو وعماد حسين قادرر وصبري أحمد محمد وعبدو محمد عبد الله.
-
عمليات الاعتقال في نواحي بلبل وشران وشيخ الحديد وجنديرس:
لم تتمكن سوريون من أجل الحقيقة والعدالة من توثيق كامل عمليات الاعتقال التي جرت في نواحي بلبل وشران وشيخ الحديد وجنديرس، ولكن حصلت على معلومات من مصادر أهلية بعد أن قام الباحثون الميدانيون بالتواصل مع بعض الأهالي. وأفادت المصادر المحلية بوقوع 4 عمليات اعتقال على الأقل في النواحي الأربعة وتم الافراج عن 3 منهم، وجاءت كالتالي:
- في ناحية بلبل وفي قرية ديركاشة تحديداً، قام عناصر من “فرقة السلطان مراد” باعتقال “محمد إسماعيل معلو” يوم 10 حزيران/يونيو، وتم إطلاق سراحه بعد ثلاثة أيام، ورجحت المصادر أن سبب الاعتقال يعود لكون “معلو” قد تقدم بشكاية ضد الفصيل الذي قام بالاستيلاء على منزله.
- في ناحية شران وفي قرية كفرجنة تحديداً، قام عناصر من فصيل “الجبهة الشامية” باعتقال “جميل حمدوش” 52 عاماً، يوم 23 حزيران/يونيو، وذلك بتهمة التعامل مع الإدارة الذاتية، وتم إطلاق سراحه في اليوم التالي بعد أن قام بدفع مبلغ مالي للفصيل.
- في ناحية شيخ الحديد وفي قرية الكانا تحديداً، قام عناصر من فصيل “السلطان سليمان شاه” باعتقال “أحمد حبش” 25 عاماً، يوم 3 حزيران/يونيو، وتم إطلاق سراحه في اليوم التالي، ولم ترد معلومات إضافية حول الحادثة.
- في ناحية جنديرس وفي قرية جولاق تحديداً، قامت دورية تابعة للشرطة المدنية باعتقال “روجان عصمت” مواليد 1988، وذلك يوم 26 حزيران/يونيو، بتهمة أداء واجب الذاتي، وتم نقله إلى سجن معبطلي.
[1] تم التواصل مع الشاهد من قبل فريق عمل المنظمة المتواجد خارج سوريا وذلك عبر تطبيق واتس آب، في أوائل شهر حزيران/جون 2020، وتم إخفاء هوية المسؤول بناء على طلبه.