الرئيسية صحافة حقوق الإنسان شمال غرب سوريا: عمليات تنقيب غير مشروعة عن آثار في كنيس يهودي قديم

شمال غرب سوريا: عمليات تنقيب غير مشروعة عن آثار في كنيس يهودي قديم

أظهرت صور الأقمار الاصطناعية عمليات حفر في مدينة تادف في ريف حلب فيما أكّدت مصادر استخراج عملات نقدية أثرية بغرض الاتجار بها 

بواسطة communication
1.2K مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية حجم الخط ع ع ع

أظهرت عمليات الرصد والتوثيق التي قامت بها “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” بدء عمليات حفر وتنقيب غير مشروعة عن الآثار في مدينة تادف (بالريف الشرقي لمحافظة حلب) وذلك في أواخر عام 2021، وكشفت الشهادات التي حصلت عليها المنظمة استمرار العمليات حتى منتصف عام 2022، في العديد من المواقع التي يتقاسم السيطرة عليها كل من القوات الحكومية السورية (عناصر من الفرقة الرابعة) من جهة، والجيش الوطني السوري المعارض (عناصر من فرقة الحمزة/الحمزات التابعة للجبهة السورية للتحرير) من جهة أخرى.

صورة رقم (1) – خريطة شمال غرب سوريا التفاعلية، توضّح مواقع السيطرة في مدينة تادف حتى شهر تشرين الأول/أكتوبر 2022. حيث تشير المناطق الحمراء إلى سيطرة القوات الحكومة السورية والمناطق الخضراء إلى سيطرة فصائل “الجيش الوطني السوري/المعارض”. المصدر: Syria.Livemap.

 

بحسب الشهادات التي جمعتها وقاطعتها “سوريون”، قام كلا الطرفين المسيطرين بعمليات التنقيب عن الآثار في عموم مدينة تادف، وزعمت المصادر التي قابلتها المنظمة وجود نوع من التنسيق بين الطرفين، وهو ما يمكن أن يُفسّر سبب عدم استهداف العناصر أو المجموعات العاملة في التنقيب لبعضها.

كما وثقت “سوريون” قيام إحدى ميليشيات الدفاع الوطني التابعة للفرقة الرابعة بالتنقيب عن القطع الأثرية وتهريبها، وذلك بالتنسيق مع قياديَين في “فرقة الحمزة” من عائلة “النجّار”، وهما المسؤولان بشكل رئيسي عن عمليات التنقيب في المنطقة.

أظهرت عمليات الرصد التي أجرتها “سوريون” خلال الأشهر السابقة وما جمعته من شهادات وأدلة، أن عمليات التنقيب عن الآثار تمت بشكل أساسي في محيط الكنيس اليهودي الأثري الموجود في مدينة تادف التي سيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) منذ مطلع عام 2014، حتى شباط/فبراير 2017، قبل أن تنقسم المدينة إلى قسمين يخضعان لسيطرة كل من القوات الحكومية السورية وقوات الجيش الوطني السوري المعارض، وما تزال المدينة حتى لحظة إعداد هذا التقرير في خط تماس بين الطرفين ويمُنع سكانها المدنيون من العودة إليها.

لمحة عن الكنيس اليهودي الأثري:

يطلق على الكنيس اسم “كنيس عزرا” أو “ضريح عزرا”، لأن عزرا الكاتب توقف فيه في طريقه إلى القدس لكتابة الكتب المقدسة هناك. تم اكتشاف الكنيس على يد ماكس فرايهر فون أوبنهايم عام 1899.[1]

قامت مؤسسة التراث اليهودي بمسح للتراث اليهودي المهدد بالانقراض، أشارت فيه إلى سوء حال ضريح عزرا، وأكدت على أن الضريح كان مكاناً للحج منذ أواخر القرن الرابع عشر على الأقل. تم ترميمه في ثلاثينيات القرن التاسع عشر بمساعدة “محمد علي”، كما تمّ إنقاذه من مذابح حلب عام 1947 من قبل السكان العرب المحليين، ثم تم إهماله منذ عام 1947 فصاعداً.[2]

هذا وقد ذكرت صحيفة الأخبار اليهودية لشمال كاليفورنيا المجلد 130، العدد 36، الصادر في 05 أيلول/سبتمبر 1980 أن “لجنة إنقاذ يهود سوريا تلقت تقارير من سوريا تفيد بأن كنيس عزرا الكاتب البالغ من العمر 2350 عاماً في تادف بالقرب من حلب قد تم الاستيلاء عليه من قبل أشخاص مجهولين يستخدمونه والضريح المجاور كإسطبلات للحيوانات. كما استولوا على المقبرة اليهودية في تادف ويستخدمونها كمراعٍ للحيوانات”.[3]

أظهرت صور الأقمار الاصطناعية المأخوذة خلال فترة سيطرة تنظيم “داعش” على المدينة هدم الكنيس اليهودي، ثم أظهرت في عام 2019 وجود علامات حفر، وزوال الكنيس بشكل تام.

عمليات تنقيب قامت بها “فرقة الحمزة/الحمزات”:

بحسب الشهادات التي حصلت عليها سوريون فقد قام عناصر من “فرقة الحمزة” بعمليات حفر وتنقيب قرب موقع الكنيس اليهودي وفي محيطه، إضافة إلى ثلاثة مواقع مختلفة داخل المدينة على الأقل، وموقع آخر في قرية الكريزات الملاصقة، والتي تقع ضمن نطاق سيطرة فصائل المعارضة، وحول هذا الأمر قال المصدر الخاص ما يلي:

“تجري عمليات التنقيب من قبل عناصر في فرقة الحمزة ومعهم عدد من عناصر فصيل أحرار الشرقية، وذلك لأن هناك نقاط تمركز مشتركة بينهما في المنطقة، لكن المسؤول عن العملية بشكل كامل هو (أ. النجار) القيادي في فرقة الحمزة، وتتم عمليات التنقيب باستخدام أدوات بدائية، وتبدأ عادة في حوالي الساعة 2 بعد منتصف الليل وتستمر حتى الفجر”.

وتابع المصدر:

“تم العثور على عدد من العملات النقدية التي تعود للسكان اليهود القدامى، وبحسب ما أعرف فأنّه يجري العمل على بيعها وإخراجها إلى تركيا، وأحياناً تباع إلى أشخاص مرتبطين بالنظام السوري. وأعتقد أن السبب في ذلك هو أن تركيا في هذه الفترة شددت الرقابة على تجّار الآثار”.

قابلت منظمة “سوريون” مؤخراً في شهر أيلول/سبتمبر 2022، أحد القادة ضمن جهاز الشرطة العسكرية، وأكّد الأخير عمليات التنقيب التي تحدث عنها المصدر السابق، وأكد أن جهات تركية قد صادرت جزءاً من العملات الأثرية التي تم العثور عليها في تادف وذلك خلال عرضها للبيع في مدينة أورفا التركية.

وحول عمليات التنقيب في محيط الكنيس اليهودي التي استمرت خلال النصف الأول من عام 2022 قال المصدر في شهادته ما يلي:

“وصلنا في الشرطة العسكرية في مدينة الباب عدّة بلاغات عن وجود حركة مشبوهة بالقرب من نقاط التماس مع النظام السوري في تادف، في البداية اعتقدنا أن الأمر يتعلق بعمليات تهريب لمواد ممنوعة. قمنا بزيارة الموقع ولكن تفاجأنا بحاجز لفرقة الحمزة هناك منعنا من الاقتراب بحجة أعمال التحصين العسكرية الخاصة بالفرقة، ولكن عندما قمنا باستطلاع لاحظنا أن هناك عمليات حفر لا عمليات تدعيم وتحصين. كذلك أظهر الرصد وجود سيارات للنظام السوري تدخل مكان محدد وتخرج منه، علمنا بعد ذلك بفترة بانتهاء عمليات الحفر، وبأنهم عثروا على عملات نقدية قديمة تم نقلها من الموقع”.

وأضاف المصدر:

“توقفت عمليات الحفر والتنقيب في محيط الكنيس بعد التصريحات التركية عن شن العملية العسكرية الجديدة، وفي تلك الفترة ذكر أحد الضباط الأتراك أمامنا أنهم صادروا بعض العملات الأثرية في مدينة أورفا كانت بحوزة بعض التجار وكانت عبارة عن كميات قليلة معروضة كعينات للترويج لكميات أخرى تم العثور عليها في تادف”.

وتابع:

“لم نستطع التأكد بشكل قاطع ما إذا كانت العملات المصادرة تعود لفصيل الحمزات أو للنظام السوري لأن كلا الطرفين يستخدمان طرق البيع والترويج ذاتها، لكن نستطيع الجزم أنه تم استخراجها من تادف”.

عمليات تنقيب قامت بها القوات التابعة للحكومة السورية:

تحدثت “سوريون” لأحد عناصر “الجيش الوطني” والذي أكد على أن قوات الحكومة السورية بدأت منذ نهاية عام 2021 بالتنقيب عن الآثار في مدينة تادف. وبحسب المصدر فإن مجموعة من عناصر ميليشيات “الدفاع الوطني” بعضهم ينحدر من قرية أبو طلطل المجاورة، قاموا بالتنقيب عن الآثار في عدة نقاط على طول خط التماس الفاصل بين نقاط سيطرة القوات النظامية والجيش الوطني، وقد تمكّن الأخير من رصد عمليات الحفر التي يقومون بها من خلال المناظير الحرارية وتعرفوا على هوية بعضهم عبر اعتراض أجهزة الإرسال اللاسلكية والاستماع إلى حديثهم. وقال المصدر في شهادته لـ”سوريون” حول الأمر:

“لقد لاحظنا تحركات عناصر النظام على خطوط التماس مباشرة، كانوا يقومون بالحفر ليلاً باستخدام أدوات بدائية، وعرفنا أنهم عثروا على بعض العملات النقدية القديمة. عندما رأينا أنهم بدأوا بالتنقيب عن الأثار قمنا بذلك نحن أيضاً”.

لقراء التقرير بصيغة PDF


[1] زينر، والتر. مجتمع عالمي: يهود حلب، سوريا. مطبعة جامعة واين ستيت، 2000.

[2] تاج حلب: سر أقدم مخطوطة للكتاب المقدس العبري، حاييم طويل، برنارد شنايدر. جمعية النشر اليهودية، 2010.

[3] يمكن الاطلاع أيضاً على جريدة رود آيلاند هيرالد، الإصدار 68، العدد 43، تاريخ 04 أيلول/سبتمبر 1980. عبر الرابط التالي:

http://www.rijha.org/wp-content/uploads/voiceandherald/1980/1980-09-04.pdf

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد