مساء الأربعاء 22 حزيران/يونيو 2022، حاول شاب وطفلان دخول الأراضي التركية بطريقة غير شرعية عبر إحدى طرق التهريب قبالة بلدة عامودا ذات الغالبية الكردية في شمالي الحسكة المحاذية للحدود التركية. لكن عناصر الجندرما أطلقوا عليهم النار وألقوا القبض عليهم وضربوهم بشكل وحشي لأكثر من ساعة، قبل أن يلقوهم من أعلى الجدار الحدودي باتجاه الأراضي السورية.
وتتبع الحكومة التركية إجراءات صارمة لمنع عبور طالبي اللجوء إلى أراضيها خاصة من سوريا، منها سياسة الاعتداء الممنهجة (ضرب وإهانة وتعذيب طالبي اللجوء)، التي يقوم بها عناصر الجندرما التركية المنتشرين على طول الجدار الحدودي.
ومنذ أواخر العام 2015، شرعت تركيا ببناء الجدار الحدودي مع سوريا، والذي يبلغ طوله 911 كيلو متراً على امتداد ولايات هاتاي وكليس وغازي عينتاب وأورفة وماردين، ويتألف الجدار من كتل إسمنتية يبلغ ارتفاع الواحدة منها أربعة أمتار وعرض ثلاثة أمتار ووزن سبعة أطنان.
وفي 24 نيسان/أبريل 2022، أعلنت تركيا استكمال بناء 837 كيلو متراً من الجدار. وساهم بناء الجدار في الحد من عمليات عبو طالبي اللجوء إلى الأراضي التركية، لكن في نفس الوقت جعلهم ضحية لعمليات التعذيب في أثناء القبض عليهم وهم يجتازون الجدار المزود بمعدات تقنية حديثة.
وكانت “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” قد وثقت وقوع أربع حالات تعذيب مشابهة خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي، كما وثقت عشرات الحالات المماثلة وأساليب التعذيب والقتل التي وقعت خلال عام 2021.
وحصلت “سوريون” على شهادة ثلاثة أشخاص حاولوا دخول الأراضي التركية بطريقة غير شرعية، وتعرضوا لتعذيب من قبل الجندرما، وهم الشاب دلدار مجيد سليمان (18 عاماً) والطفل دليار مجيد سليمان (16 عاماً) والطفل مالك غضبان (16 عاماً) المنحدرين من قرية سنجق سعدون التابعة لمدينة عامواد شمالي محافظة الحسكة.
إذ حاول الثلاثة عبور الحدود عبر القفز من فوق الجدار الحدودي بالتنسيق مع أحد “المهربين” المحليين، وفي أثناء وصولهم إلى الجدار ومحاولة اجتيازه، أطلق حرس الحدود النار باتجاههم، ثم قبضوا عليهم وضربوهم قبل أن يرميهم العناصر من أعلى الجدار.
وقال أحد أفراد عائلة (دلدار ودليار) في حديثه لـ”سوريون” نقلاً عن الضحايا ما يلي:
“خرج دليار ودلدار مع مالك من المنزل قرابة الساعة العاشرة ليلاً من القرية وتوجهوا نحو مدينة عامودا حيث التقوا مع المهرب هناك، وانطلقوا من قرب مدرسة (سليم سيد) في محيط المدينة. وقرابة الساعة العاشرة والنصف ليلاً تسلقوا الجدار الحدودي وتفاجئوا هناك بوجود كمين وبدأ عناصر الجيش التركي بإطلاق النار باتجاههم عندها توقف الثلاثة عن الحركة، ووصل العناصر إليهم وقاموا بضربهم بالعصي والخراطيم.”
ونقلت قريبة الشبّان (مصدر آخر) عن دليار قوله:
“كان عدد العناصر الذين ألقوا القبض علينا نحو 25 عنصراً، انهالوا علينا بالضرب لفترة ومن ثم سألنا أحدهم هل أنتم مسلمون؟ هل أنتم أكراد أم عرب؟ وتابعوا ضربنا بشدة على كامل جسدنا، ضربونا باستخدام العصي والكبلات والخراطيم، وأجبرونا على خلع ملابسنا وأخدوا الأغراض التي معنا.
وخلال ضربنا فقدتُ الوعي من شدة الضرب واعتقدوا أني قد مت.
بقينا على هذه الحالة نحو ساعة ونصف، وبعدها ألقوا بنا من أعلى الجدار إلى الطرف الآخر، ومشينا بعيداً عن الجدار حتى وصلنا إلى خيمة أحد الرعاة الذي أعطانا ملابس وساعدنا على الوصول إلى مشفى الشعب في عامودا، حينها اتصلنا بأهلنا. لحسن الحظ لم نصب إصابات دائمة أو خطيرة، أصبت بجروح في الرأس والعين وكسر بالقدم مع الرضوض في كامل الجسد، وكذلك دلدار ومالك.”
وأرسلت إحدى قريبات الشبان الثلاثة إلى “سوريون” صوراً أظهرت آثار التعذيب الذي تعرضوا له، وهي ذات الصور التي تم تداولها حول خبر تعذيب الشبان الثلاثة على مواقع التواصل الاجتماعي في اليوم التالي لوقوع الحادثة.
صورة رقم (1).
صورة رقم (2) – صورة الشاب دلدار 18 عاماً.
صورة رقم (3).