على خلفية الاشتباكات الأخيرة التي حدثت بين فصيلي “الجبهة الشامية” و”الفرقة 32 – قاطع أحرار الشام”، نجحت “هيئة تحرير الشام” التي تسيطر على المناطق المتبقية في محافظة إدلب في تأمين تواجد دائم لها في منطقة عفرين التي سيطر عليها الجيش التركي وفصائل من الجيش الوطني السوري/المعارض خلال عملية “غصن الزيتون” عام 2018.
ففي تاريخ 18 حزيران/يونيو 2022، اندلعت اشتباكات عنيفة بين فصيل “الجبهة الشامية” بقيادة “مهند الخلف” الملقب باسم “أبو أحمد نور” و”جيش الإسلام” بقيادة “عصام بويضاني” من جهة و”الفرقة 32 – حركة أحرار الشام/القاطع الشرقي”[1] بقيادة “محمد رمي” الملقب “أبو حيدرة” من جهة أخرى، واستمرت الاشتباكات ليوم ونصف في عدة بلدات وقرى يسيطر عليها الفصيل في ريف حلب الشمالي، وتسببت بوقوع إصابات بين المدنيين إضافة إلى سقوط قتلى وجرحى من الطرفين المتنازعين.
يأتي هذا الاشتباك الذي استخدم الطرفان المتنازعان فيها الأسلحة الثقيلة والمتوسطة ودار وسط مناطق مأهولة بالسكان وبالقرب من مخيمات النازحين داخلياً، امتداداً لمعارك وخلافات سابقة بين الطرفين.
وكان من اللافت امتناع جهاز “الشرطة العسكرية” وفصائل الجيش الوطني عن التدخل وفض الاشتباك أو حماية السكان، الأمر الذي أدّى إلى وقوع ضحايا وأضرار مادية في صفوف المدنيين لا سيما في محيط مدينة الباب.
وعلى خلفية الاشتباك الحاصل، قامت “الفرقة 32/أحرار الشام” بطلب المؤازرة من تنظيم “هيئة تحرير الشام” التي وجهت أرتال عسكرية ضخمة من محافظة إدلب إلى منطقة عفرين رافعة راية “أحرار الشام” لمساندة الفرقة، وتمكنت من الوصول إلى عدة قرى في عفرين بعد أن قامت جميع الفصائل المسيطرة هناك والشرطة العسكرية بإخلاء الحواجز وفسحت المجال أمام الهيئة للتقدم، واتخذت فصائل الجيش الوطني موقف الحياد متجاهلة أوامر وزارة الدفاع بالتصدي “لتحرير الشام” وتأمين طرق الإمداد وحماية منطقة “غصن الزيتون”.
لاحقاً، انسحبت الأرتال العسكرية التابعة لـ”تحرير الشام” وأبقت على بعض المجموعات في عدة قرى في عفرين لمساندة “الفرقة 32″، وهي المرة الأولى التي يصل فيها التنظيم المصنّف على لوائح الإرهاب العالمي إلى عفرين ويتواجد في بعض النقاط بشكل دائم. وذلك بعد التوصل لاتفاق يقضي بانسحاب “الجبهة الشامية” من مقرات الفرقة وإنهاء الاقتتال.
وسبق أن نشرت “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” تقريراً موسعاً حول تأثير الاشتباكات بين الفصائل على حياة المدنيين في عموم مناطق النفوذ التركي وكيف تسهم هذه المعارك الداخلية بتعزيز انعدام الامن والأمان في المنطقة التي تزعم تركيا أنها “منطقة آمنة”.
ما الذي حدث؟
صباح يوم 18 حزيران/يونيو 2022، وفي قرابة الساعة العاشرة صباحاً بالتوقيت المحلي شنّت “الجبهة الشامية” هجوماً على مقرات “الفرقة 32/أحرار الشام” في قرية عبلة غربي مدينة الباب تلاها استقدام تعزيزات عسكرية أخرى من قبل “الشامية” التي من أجل اقتحام “تل بطال” و”عولان”، تزامن ذلك مع إرسال “جيش الإسلام” قوات لمساندة “الجبهة الشامية” حيث شن الفصيلان هجوماً متزامناً على عدة مقرات تتبع للفرقة في قرى “سوسيان” و”الواش” و”دوير الهوى” و”الحدث” و”قعر كلبين” و”أشدود” و”برعان” و”باروزة” في ريف مدينة الباب.
أدّت الاشتباكات إلى انقطاع جميع الطرق المؤدية إلى مدينة الباب، وتسببت بوقوع إصابات بين صفوف المدنيين المقيمين في مخيمات قرب القرى التي شهدت الاشتباكات منها مخيم “الروابي” قرب قرية سوسيان، كما سجلت أربع إصابات بسبب الرصاص المتطاير قرب مخيم “السكن القطري” وقرب قرية الحدث بينهم امرأة حامل.
وعصر اليوم ذاته امتدت الاشتباكات إلى مدينة جرابلس ومعسكر تابع للفرقة 32 في قرية تل بطال وقرية القرنفل، تزامن ذلك مع سقوط نحو 10 قتلى وأكثر من 23 جريحاً إضافة إلى أسر عدد من عناصر كلا الطرفين.
وفي اليوم ذاته، تظاهر عدد من المدنيين في بلدة قباسين وفي مدينة الباب مطالبين “الضامن التركي” بالتدخل لوقف الاقتتال بين الفصيلين، إلا أن الفصيلان صعّدا من وتيرة الاشتباك واستمر حتى ساعة متأخرة من الليل وانتهى بسيطرة “الجبهة الشامية” على كامل مقرات “الفرقة 32” في ريف حلب الشرقي.
لقراءة التقرير كاملاً وبصيغة ملف PDF يرجى الضغط هنا.
[1] كانت “الفرقة 32” إحدى كتائب “حركة أحرار الشام الإسلامية” منذ بداية تأسيس الحركة. ومن ثم انتقلت الفرقة بقيادة “محمد رمي أبو حيدرة” إلى ريف حلب الشمالي، و بتاريخ 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، انضمت إلى فصيل “الجبهة الشامية” التي كانت بقيادة “أبو ياسين” آنذاك ومع قدوم القيادة الجديدة في “الجبهة الشامية” توترت العلاقات بين الطرفين بعد أن قامت الأخيرة بالهجوم على مقرات الفرقة في 1 نيسان/أبريل 2022، أعلنت الفرقة 32 في اليوم ذاته انشقاقها عن “الجبهة الشامية” والعودة للعمل تحت راية “أحرار الشام” باسم “الفرقة 32 أحرار الشام – قطاع شرقي)، وبتاريخ 23 أيار/مايو 2022، أعلنت الفرقة انضمامها إلى “هيئة ثائرون”، ويبلغ تعداد مقاتلي الفرقة حوالي 600 مقاتل وتتخذ من قرية عولان في ريف حلب الشرقي مقراً لها.