الرئيسية صحافة حقوق الإنسان سوريا: تحت مسمى مقاتلي العشائر “هيئة تحرير الشام” تتمدد إلى أطراف منبج

سوريا: تحت مسمى مقاتلي العشائر “هيئة تحرير الشام” تتمدد إلى أطراف منبج

وصل أكثر من ألف مقاتل من عناصر "الهيئة" إلى جبهات قباسين وجرابلس بتنسيق مباشرة مع فرقتي "السلطان سليمان شاه " و"الحمزة" قادمين من محافظة إدلب عبر عفرين سعياً لبسط السيطرة وتأمين تواجد دائم في ريف حلب الشمالي 

بواسطة communication
501 مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية حجم الخط ع ع ع
صورة نشرتها جريدة عنب بلدي بتاريخ 9 أيلول/سبتمبر 2023، تُظهر مقاتلين متواجدين في جبهة منبج الشمالية أثناء العمليات الهجمات العسكرية في قرى المحسنلي وعرب حسن وتلة "سيريتيل" جنوب مدينة جرابلس.

في استغلال لافت للأحداث التي رافقت اشتباكات دير الزور بين “قوات سوريا الديمقراطية/قسد” من جهة، ومسلحين من “مجلس دير الزور العسكري” و”مقاتلين عشائريين” من جهة أخرى، أرسلت “هيئة تحرير الشام” – مئات العناصر المقاتلة وعشرات الآليات العسكرية من المناطق التي تسيطر عليها في محافظة إدلب إلى الجبهة الغربية والشمالية لمدينة منبج، قادمين من منطقة عفرين عبر “معبر الغزاوية” الذي يفصل بين إدلب ومناطق “غصن الزيتون” التي سيطرت عليها تركيا والجيش الوطني السوري/المعارض خلال المعارك في 2018.

تطور هذا التمدد خلال الأيام التي تلت قدوم “الهيئة” إلى مناطق “درع الفرات” ووصل إلى حدّ تأمين تواجد دائم لعناصر من “الهيئة” في حاجز “معبر الحمران” والذي يربط مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية بمناطق الجيش الوطني السوري المعارض، وهو المعبر الوحيد الذي تمّر عبره المحروقات القادمة من شمال شرق سوريا. وجاء هذا التواجد الأخير بعد دخول مئات من العناصر الجديدة عبر عفرين مرة أخرى.

من الجدير بالذكر أن “هيئة تحرير الشام” هو تنظيم مصنّف على قوائم الإرهاب العالمي، ففي تاريخ 14 أيار/مايو 2014، أدرجت وزارة الخارجية الأمريكية “جبهة النصرة” على لائحة الإرهاب وفقاً للقرار الإداري رقم (13224)، فيما أضافت اسم “هيئة تحرير الشام” على اللائحة كاسم بديل لـ”جبهة النصرة” بتاريخ 31 أيار/مايو 2018. وفي العام 2018 أيضاً، بتاريخ 5 تموز/يونيو، عدلت لجنة مجلس الأمن الفرعية المعنية بتنظيمي داعش والقاعدة، قائمة “جبهة النصرة”، لتشمل اسم “هيئة تحرير الشام” كاسم بديل.

رافق قدوم عناصر “الهيئة” توافد مئات آخرين من “مقاتلي العشائر” إلى جبهات منبج، منهم مجموعات عشائرية مسلّحة، ومقاتلون منضمون إلى فصائل المعارضة السورية المسلّحة، وينتمون بشكل أساسي إلى مقاتلي فصائل “حركة التحرير والبناء” التي تتألف من فصائل “تجمع أحرار الشرقية” بقيادة “أبو حاتم شقرا” و”جيش الشرقية” بقيادة الرائد “حسين حمادي” والفرقة 20″ بقيادة “أبو بَرزان السلطاني”.

بحسب المصادر التي قابلتها “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” فإنّ عناصر “هيئة تحرير الشام” القادمين من محافظة إدلب نسّقوا مع فصيلي “الحمزة” و”السلطان سليمان شاه”،، وهو ما يفسّر استخدام التنظيم المناطق الخاضعة لسيطرة الفصيلين في عفرين للوصول إلى جبهة منبج، مع العلم أنّ كلا الفصيلين تمّ إدراجهما مؤخراً على قوائم العقوبات الأمريكية من قبل وزارة الخزانة بسبب الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبوها في عفرين ضد سكانها الأصليين من الكرد.

إلى ذلك قالت مصادر أخرى تحدثت إليها سوريون، أنّ “الهيئة” أرسلت مقاتلي من “قوات النخبة” من كتلة “أبناء الشرقية”، مستغلّة أحداث دير الزور للتمدد في ريف حلب الشمالي لأول مرة، عقب استغلال النزاعات الداخلية السابقة بين فصائل المعارضة السورية المسلحة والتمدد في منطقة عفرين، وزاد هذا التواجد بعد زلزال شباط/فبراير المدمّر في 2023.

هذا التقرير الموجز، جزء من سلسلة تقارير تعتزم “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” إصدارها حول الأحداث العسكرية الأخيرة التي رافقت عزل أحمد الخبيل (أبو خولة) القائد العسكري السابق لمجلس الدير الزور العسكري، المنضوي تحت لواء قوات سوريا الديمقراطية. تتمحور مواضيع التقارير القادمة حول الانتهاكات التي رافقة العمليات والاشتباكات العسكرية وتفاصيل ما جرى، إضافة إلى تقارير حول خطاب الكراهية والتجييش الإعلامي والتضليل ونشر الأخبار الزائفة.

لغرض هذا التقرير، تحدّثت “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” إلى ثمانية مصادر، بينهم قيادات وإداريين في الجيش الوطني السوري، إضافة إلى سكان محليين وإعلاميين عاينوا توافدت عناصر الهيئة إلى المنطقة، وأيضاً قامت بإرسال الباحث الميداني لديها للاطلاع من قرب على عملية انتشار وتمدد التنظيم الذي يبدو أنّه حاول استخدام توافد مسلّحي العشائر للتمدد في المناطق التي لا تخضع لسيطرته تقليدياً. وصف أحد القادة عملية انتشار عناصر من الهيئة في جبهة منبج والأحداث التي سبقت هذا بالانتشار بالقول:

“لم يبدأ توافد عناصر الهيئة في تاريخ 6 أيلول/سبتمبر 2023 مثلما أشيع في وسائل الإعلام، فقد أرسل التنظيم وخلال الأيام الأولى لأحدث دير الزور أفراداً قاموا بعمليات رصد واستطلاع لجبهات منبج، وكانوا برفقة عناصر من فرقتي السلطان سليمان شاه والحمزة.  ثم بدأ توافد مجموعات عسكرية صغيرة تصل إلى الجبهات الشمالية من منبج، والتي تقع جنوب مدينة جرابلس، في حين تمركزت مجموعات أخرى في محور قباسين في ريف مدينة الباب.”

أكّد المصدر أنّ عناصر “الهيئة” استخدموا مقرات فرقة الحمزة وحركة أحرار الشام الإسلامية- القطاع الشرقي (أو ما يُعرف محلياً باسم أحرار عولان)، لتمويه تحركاتهم العسكرية، وهو ما تمّ تأكيد أيضاً من مصادر أخرى ذكرها تقرير تلفزيون سوريا. أضاف المصادر السابق لسوريون:

“عندما علم قادة الهيئة بعدم وجود رفض تركي لشنّ هجمات عسكرية في جبهات منبج، بدأوا بتحريك أرتال عسكرية ضخمة تحت غطاء مقاتلي العشائر، وصلت معظمها إلى الجبهات بتاريخ 5 أيلول/سبتمبر 2023. منها أحد الأرتال الكبيرة التي وصلت إلى محور قباسين، تلا ذلك وفي اليوم التالي (أي بتاريخ 6 أيلول/سبتمبر) قيام عناصر من الهيئة إلى جانب فرقتي الحمزة وفرقة السلطان سليمان شاه بشنّ هجوم مباغ على قرى في غرب منبج.”

قاطعت “سوريون” المعلومات التي أدلى بها المصدر مع مصادر التقرير الأخرى، وخلصت على أنّ اعداد المقاتلين الذين تمّ إرسالهم من قبل الهيئة تتراوح ما بين 700 إلى 1000 مقاتل، إضافة إلى حوالي 200 آلية عسكرية، مزودين بمختلف أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، فيما أكّد مصادر أخرى وجود القيادي “أبو أحمد حدود/الأمني العام للهيئة” والمدعو “مظهر الويس/الشرعي وعضو مجلس الشورى” في تلك الجبهات.

قامت “سوريون” بعد ذلك بالتواصل مع أحد الإعلاميين من الذين تواجدوا على جبهتي منبج الغربية والشمالية، وحقيقة الأرقام التي حصلت عليها المنظمة من مصادر أخرى، حيث قال الإعلامي في شهادته ما يلي:

“كانت الأرتال القادمة من إدلب، هي أرتال تابعة لهيئة تحرير الشام قولاً واحداً، حيث حاولت إيهام الرأي العام باستجابتها لدعوات العشائر من أجل الفزعة وقتل قوات سوريا الديمقراطية، رغبة في تثبيت تواجدها العسكري في هذه الجبهات لأول مرة.”

أفاد المصدر أيضاً بأنّه تحدث شخصياً إلى العديد من المقاتلين التابعين للهيئة وعاين وجود المئات منهم، حيث أرسلوا إلى المنطقة تحت غطاء “فزعة العشائر” مستغلين الفوضى التي حدثت عقب أحداث دير الزور. ولاحظ المصدر أنّ العتاد العسكري الذي كان بحوزة عناصر الهيئة هو عتاد “جديد ومختوم”، متسائلاً عن كيفية حصول التنظيم على هذه الأسلحة الجديدة في حين لا يستطيع سكان شمال غرب سوريا، وتحديداً إدلب الحصول على مساعدات إنسانية كافية.

ختم المصدر بأنّ السكان المحليين في مناطق المعارضة السورية، باتوا قلقين من انتشار عناصر هيئة تحرير الشام بهذه السرعة في المناطق الشمالية السورية، ورأي العديد من الأهالي أنّ الهدف النهائي للهيئة هو الحصول على تواجد دائم وخنق المناطق التي تخضع فعلياً لسيطرة الجيش الوطني السوري/المعارض.

إلى ذلك، قام أحد الباحثين الميدانيين لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة بالذهاب إلى المنطقة ومحاولة التحقق من المعلومات التي تمّ الحصول عليها، خاصة تلك المتعلقة بانتشار مئات عناصر الهيئة في محيط منبج، حيث أفاد بأنّ الهيئة تمددت باسم العشائر وأيضاً تحت مسمّى الفرقة 50 وتجمّع الشهباء، حتى أنّها استخدمت مقرات الفرقة 50 (التابعة للفيلق الثالث في الجيش الوطني السوري/المعارض) وقسم آخر استخدم مقرات أحرار عولان.

قيادي عسكري آخر، شرح لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة خلفية توافد عناصر من فصائل المعارضة المسلّحة إلى جبهة منبج، بعد إعلان “النفير العام” من قبل “إبراهيم الهفل” أحد قيادات عشيرة العكيدات العربية في دير الزور، وأضاف في شهادته ما يلي:

“بعد إعلان النفير، تجاوب عدد كبير من عناصر أبناء المنطقة الشرقية وتوجهوا إلى المقرات العسكرية للفصائل الخاصة بهم، وهنا نتحدث بشكل أساسي عن المجموعات المنضوية تحت اسم (حركة التحرير والبناء) التي تضم أبرز الفصائل التي ينحدر معظم مقاتلوها من المنطقة الشرقية وهم: أحرار الشرقية وجيش الشرقية والفرقة 20.”

أفادت ذات المصادر بعدم حصول القادة إلى ضوء أخضر تركي لشن عمل عسكري مباشر، بسبب التفاهمات مع روسيا حول تلك المناطق، وهو ما أشاع الإحباط بين تلك العناصر، بسبب تداول معلومات عن رفض تركي لأي تغطية جوية ومدفعية لأي عمل عسكري كبير أو التزويد بالذخيرة. وأضاف القيادي:

“في الأيام التالية، تبدّل الموقف التركي قليلاً، وأعطى الضوء الأخضر لشنّ هجمات برية على نقاط تتمركز فيها قوات سوريا الديمقراطية ومجلس منبج العسكري، إضافة إلى تزويدهم بمعلومات وخرائط وصور تم التقاطها من خلال طائرات بدون طيار.”

يّذكر أن مجموعات عسكري مؤلفة من مقاتلين عشائريين وفصائل سورية معارضة ومقاتلين من “هيئة تحرير الشام” شنّوا هجمات عسكرية عديدة على قرى وبلدات في محيط مدينة منبج، فعلى على المحور الشمالي  تركزت الاشتباكات في قرى: عرب حسن الكبير والمحمودية وتلّة السيرياتيل إضافة إلى المحيسنلي، فيما تركّزت الاشتباكات في الجبهة الغربية في قرى البوغاز والبوهيج وتل تورين باتجاه نقطة العريمة.

وكانت وسائل إعلام سورية معارضة، قد أكّدت هي الأخرى توافد تعزيزات من “الهيئة” تحت غطاء العشائر إلى ريف حلب الشمالي، حيث ذكر “تلفزيون سوريا” المعارض، في تقرير له بتاريخ 6 أيلول/سبتمبر 2023، أنّ المقاتلين القادمين من محافظة إدلب تموضعوا في أرياف مدينتي الباب وجرابلس شرقي حلب، ضمن مقار “فرقة الحمزة”، التي وضعت مؤخراً على قوائم العقوبات الأمريكية، إضافة إلى تموضعها في مقار تابعة لفصيل “أحرار الشام – القطاع الشرقي” و”فرقة السلطان سليمان شاه” وهي الأخرى تمّ وضعها على قوائم العقوبات الأمريكية مؤخراً. تأكيد إرسال “هيئة تحرير الشام” مقاتلين إلى جبهة منبج، تم رصده أيضاً من قبل جريدة “عنب بلدي” في تقرير نُشر بتاريخ 6 أيلول/سبتمبر 2023، إلا أنّ المصدر قال بأنّ بعض المقاتلين قالوا أن انخراطهم في القتال لا يمثل أي فصيل، إنما “تلبية وفزعة” العشائر في دير الزور.

يعتقد أحد الخبراء العسكريين الذين قابلتهم “سوريون” بأنّ “هيئة تحرير الشام” تراهن على التقدم في قرى منبج وبالتالي توسع قواتها في ريف حلب الشمالي واستلامها نقاط تماس عسكرية مباشرة على قوات سوريا الديمقراطية. تطلعاً منها للوصول إلى مناطق “نبع السلام” في حاول حدوث أي عملية عسكرية تركية أخرى، إضافة إلى وجود أطماع لسيطرتها على مدينة الباب ولاحقاً إعزاز التي تتواجد فيها فصائل معارضة منها “الجبهة الشامية” و”جيش الإسلام”، وبالنهاية السيطرة المطلقة على كافة المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية والتي تخضع بشكل مباشرة لفصائل سورية معارضة مدعومة من تركيا.

 

صورة رقم (1) – خارطة تمّ رسمها من قبل “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” تُظهر المناطق التي تمددت فيها هيئة تحرير الشام على محاور منبج

صورة رقم (2) – خارطة تم رسمها من قبل “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” تُظهر المحاور العسكرية التي شهدت اقتتالاً بين “مسلّحي العشائر” من جهة و”قوات سوريا الديمقراطية” من جهة أخرى.

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد