ملّخص تنفيذي:
بتاريخ 26 تشرين الأول/أكتوبر 2019، نفذّت القوات الأمريكية عملية عسكرية في قرية باريشا[1] بريف محافظة إدلب السّورية، حيث أدّت هذه العملية إلى مقتل زعيم تنظيم الدولة الإسلامية/داعش، العراقي “أبو بكر البغدادي”، وبحسب الرواية الأمريكية الرسمية التي جاءت على لسان الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، فإنّ ثماني طائرات مروحية شاركت في العملية، حيث تعرضت القوات الأميركية الخاصة لإطلاق النار عند وصولها إلى “المجمّع” الذي كان يختبئ فيه “البغدادي”، مشيراً إلى أن المدخل الرئيسي لـ”المجمّع” كان مفخّخاً، وقد قُتل “البغدادي” بعد تفجير “سترته” الناسفة، بالإضافة إلى ثلاثة من أولاده، كما قتلت امرأتان ترتديان حزامين ناسفين، وعدد من حرس “البغدادي”، فيما أجلت ذات القوات 11 طفلاً من مسرح العملية وعهدتهم إلى طرف ثالث.
تناقض جزء من تفاصيل الرواية الأميركية مع رواية شهود عيان والإفادات التي حصلت عليها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، و “وكالة سمارت” من موقع العملية التي تمّ فيها قتل “البغدادي”، فيما اتفقت الروايتان في الخطوط الرئيسية العامّة.
وبحسب ما روى شهود عيان وأهالي من قرية “باريشا”، فقد بدأت العملية الأميركية بدخول ثماني طائرات مروحية إلى الأجواء السورية، حيث حلّقت بعلوٍ منخفض فوق المناطق الحدودية مع تركيا، لتتوجه على إثرها إلى قرية “باريشا” شمال مدينة ادلب، وتبدأ بإطلاق النار من أسلحتها الرشاشة، حيث نفى سكان القرية الرواية الأميركية حول اشتباك القوات الخاصة الأميركية مع أنصار “البغدادي” والحرس الشخصي له، إذ أكدّ شهود عيان، بأّن الطائرات، اشتبكت مع عناصر تابعين لهيئة تحرير الشام الإسلامية بواسطة الأسلحة الرشاشة بالقرب من مسرح العملية، بعدما استهدف هؤلاء المقاتلين الطائرات بسلاح مضاد للطائرات، ظناً منهم أنها طائرات تابعة للقوات الحكومية السورية.
تلا ذلك حدوث إنزال جوي، في محيط منزل شخص يدعى “رشيد سلامة” والملقب باسم “أبو محمد الحلبي”، (أصله من مدينة حلب)، وكان قد قدم إلى القرية قبل عام وعمل في مجال تجارة الحبوب، وأنشأ فيها منزل على أطراف قرية باريشا، مكون من طابقين بمساحة 240م، يحيط به سور بارتفاع 3 أمتار، كما كانت توجد خيمتان لنازحين من محافظة حمص وحماة بالقرب من ذلك السور، حيث تسلّلت القوات الأمريكية الخاصة إلى المنزل، وقامت بالتحقيق مع سكان الخيام الواقعة بالقرب منه، لمدة لا تتجاوز الساعتين، كما قامت بتكبيل أيديهم وراء ظهورهم ثمّ فكّت وثاقهم وحذرتهم من العودة إلى المكان إلا بعد انتهاء العملية العسكرية، حيث استمرّت العملية المذكورة عدّة ساعات وروى شهود عيان بأنهم سمعوا صوت إطلاق نار كثيف وانفجارات متتالية، ثمّ انتهت العملية باعتقال عدّة أشخاص وقصف المنزل المذكور بعد تدميره عن بكرة أبيه، حيث قال أحد المشرفين على مراصد الطيران الحربي في الشمال السوري، بأنّ طيراناً حربياً يرّجح أنه أمريكي، دخل الأجواء السورية من جهة الشمال بعد الساعة (2:00) فجراً من يوم 27 تشرين الأول/أكتوبر 2019، وقصف منزل “سلامة” بأربعة صواريخ دمرته بشكل كامل وسوته على الأرض.
وعلى خلاف الرواية الأميركية الرسمية التي أفادت بمقتل “البغدادي” و3 من أولاده، بالإضافة إلى امرأتين وعدد من حراسه خلال هذه العملية، فقد أفادت مصادر لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، توجهت إلى مكان الهجوم عقب انتهائه، بأنهم قاموا بانتشال أشلاء تعود لثلاث نساء وثلاث أطفال، من بينهم طفلُ يدلّ على أنه قد مات شنقاً (حيث تمّ العثور على آثار حبل وقد لُفّ على رقبته)، ولم يتطرق إليه “ترامب” في بيانه التلفزيوني، بالإضافة إلى أشلاء رجل ضخم مجهول الهوية، ولم يتم التعرف على هوية هؤلاء، كما تمّ العثور على جثة رجلين آخرين في حافلة بالقرب من مكان الهجوم، وبحسب العديد من المصادر والمعلومات التي حصلت عليها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة ووكالة سمارت، فإنّ كل من (خالد مصطفى قرمو وخالد عبد المجيد قرمو) أبناء عمومة، يعملان على سيارة نقل ركاب، وكان قد قُتلا خلال العملية الأمريكية في قرية باريشا، حيث رجّحت عدد من المصادر أنّهما كانا يعملان في مجال التهريب ونقل الأشخاص من إدلب إلى تركيا.
وفي حين جاء على لسان الرئيس الأميركي بأنّ القوات الأميركية قامت بإجلاء 11 طفلاً وعهدتهم إلى طرف ثالث، فقد قالت مصادر من فرق الدفاع المدني السوري، بأنّهم عثروا على 8 أطفال، من بينهم طفلين حديثي الولادة، كان قد عهدتهم تلك القوات إلى أحد سكان الخيم القريبة من منزل “رشيد سلامة”، حيث لم يتم التعرّف على هوية هؤلاء الأطفال، فيما سارعت هيئة تحرير الشام لاحتجاز هؤلاء الأطفال ونقلهم إلى مكان مجهول.
وعلى غير المعتاد شهدت حواجز ومقرات هيئة تحرير الشام استنفاراً غير مسبوقاً منذ صباح الـ 26 تشرين الأول/أكتوبر 2019، أي قبل تنفيذ القوات الأمريكية لعملية قتل “البغدادي”، حيث ذكر ناشطون إعلاميون لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة في محافظة إدلب، بأنّ أنّ الحواجز التابعة لهيئة تحرير الشام في محافظة إدلب وحماه، كانت قد عملت على تفتيش السيارات وتدقيق الهويات الشخصية للنساء والرجال، كما عمل عناصر الحواجز على تفتيش الأمتعة الشخصية وتوقيف كل آلية حتى الدراجات النارية.
كما أفادت بعض المصادر بأنّ قيادة هيئة تحرير الشام طلبت من عناصرها وحواجزها المنتشرة في المنطقة قبل عملية الإنزال الجوي بوقت قصير، الابتعاد عن منطقة العملية وعدم استهداف الطائرات المروحية والتي تمّ تحديد هويتها في التعميم بأنها طائرات تابعة للجيش التركي، ولديها مهام فنية في نقاط المراقبة في ريف إدلب، بحسب ما تمّ تداوله على أجهزة اللاسلكي ليلة العملية.
وقد تعددّت الروايات التي حصلت عليها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، حول عملية انتقال “البغدادي” إلى محافظة إدلب قبيل مقتله في العملية الأميركية، لكن جزءً كبيراً من المعلومات التي حصلت عليها المنظمة، سواء من ناشطين أو مصادر محلية رفضت الكشف عن هويتها، رجحّت قدوم “البغدادي” إلى محافظة إدلب، قبيل العملية الأميركية بحوالي 7 أو 8 شهور، بالتزامن مع موجات النزوح التي حدثت حينها من محافظة دير الزور إلى إدلب، حيث أشارت العديد من المصادر إلى أن “البغدادي” بقي متخفياً في إدلب.
فيما أشارت معلومات أخرى إلى أنّ هيئة تحرير الشام كانت قد رصدت مكان تواجد “البغدادي” قبيل شهر من العملية الأميركية، قي بلدة سرمين بريف إدلب، وحاولت هيئة تحرير الشام مداهمة مكانه، لكنه تمكن من الفرار حينها.
وبحسب الباحثين الميدانيين لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فقد تسبّبت العملية العسكرية الأمريكية التي أدت لمقتل “البغدادي”، إلى إلحاق أضرار مادية كبيرة بمنازل عدد من المدنيين الواقعة بالقرب من مكان الهجوم، موضحين بأنّ هؤلاء المدنيين كانوا قد احتموا بالأجزاء الداخلية لمنازلهم خلال تنفيذ العملية، ما جنبّ سقوط ضحايا مدنيين.
صورة رقم (1).
صور رقم (1 و 2 ) – صور خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تظهر جانباً من الدمار الذي لحق بمنازل مدنيين بالقرب من منزل “رشيد سلامة” خلال العملية الأميركية التي أدلت لمقتل “البغدادي”.
كان قد سبق عملية قتل “أبو بكر البغدادي” عدّة عمليات لقوات التحالف الدولي المدعوم من الولايات المتحدة الأميركية، في محافظة إدلب وحلب، والتي استهدفت من خلالها مقار عسكرية تابعة لتنظيمات إسلامية متطرفة، ففي 31 آب/أغسطس 2019، استهدفت هذه القوات مقرّ عسكري تابع لفصيل “أنصار التوحيد” بريف إدلب الشمالي، حيث أسفر هذا الهجوم عن مقتل ما لا يقلّ عن 30 شخصاً من مقاتلي الفصيل بينهم أطفال مجّندون دون سنّ الثامنة عشر، فضلاً عن إصابة أكثر من 36 آخرين، كما تسببّت شظايا هذا الهجوم بمقتل مدني مسنّ يدعى “أحمد يسوف” 70 عاماً، كان يعمل في أرضه، كما أصابت أربعة آخرين بينهم امرأة من أهالي ريف إدلب والذين كانوا يعملون في أرضهم بالقرب من مكان الهجوم.
بالإضافة إلى هجوم آخر شنته ذات القوات على مقر تابع لتنظيم “حراس الدين” في ريف المهندسين الأول/بريف حلب الغربي، وذلك بتاريخ 30 حزيران/يونيو 2019، حيث تمّ استهداف معهد شرعي ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 8 أشخاص بينهم 3 شرعيين و5 قادة عسكريين من التنظيم، فضلاً عن إصابة 12 آخرين بينهم حالات حرجة.[2]
صورة رقم (3) – صورة تُظهر خارطة تظهر توزع قوى السيطرة في محافظة إدلب والمناطق المحيطة بها بتاريخ 26 تشرين الأول/أكتوبر 2019. وتُظهر الخارطة أماكن تمركز نقاط المراقبة التركية والروسية والإيرانية.
1. منهجية التقرير:
اعتمد التقرير في منهجيته على أكثر من (17) شهادة ومقابلة بالمجمل تمّ إجراؤها بشكل مباشر وعبر الانترنت مع شهود عيان من قبل الباحثين الميدانيين لدى المنظمة بالإضافة لوكالة سمارت، وذلك خلال الفترة الواقعة اعتباراً من بدايات شهر تشرين الثاني/نوفمبر وحتى منتصف شهر كانون الأول/ديسمبر 2019، إضافة إلى ذلك تمّ الرجوع إلى العديد من المصادر المفتوحة والتي قامت بعملية توثيق لتلك الأحداث.
من هو “أبو بكر البغدادي”:2.
وُلد “البغدادي” واسمه الحقيقي “إبراهيم عواد إبراهيم البدري”، في مدينة سامراء شمالي بغداد عام 1971، وينحدر من عائلة متدينة متوسطة الحال تنتمي إلى عشيرة “البدري”، وتقول إنها تنحدر من نسل النبي “محمد”، وقد عاش “البغدادي” طفولته وصباه في مدينة سامراء قبل أن ينتقل إلى العاصمة العراقية بغداد في سن 18 عاماً.
حصل “البغدادي” على شهادة البكالوريوس في الدراسات الإسلامية من جامعة بغداد عام 1996، ثمّ الماجستير والدكتوراه في الدراسات القرآنية من جامعة “صدام حسين” للدراسات الإسلامية بين 1999 – 2007، وقضى “البغدادي” سنوات دراساته العليا في حي “الطوبجي” في شمال غربي بغداد حتى عام 2004، ويقال إنه عُرف عنه في هذه الفترة أنه كان شخصاً هادئاً وانطوائياً باستثناء قيامه بتعليم الأطفال القرآن في مسجد محلي، ولم يعرف عنه في تلك المرحلة ممارسة نشاط سياسي بارز ضمن جماعات الإسلام السياسي.
يُعتقد أنّ “البغدادي” بدأ يقترب من الجماعات السلفية المتشددّة التي تميل إلى استخدام العنف، متبنياً نهج السلفية الجهادية في عام 2000، وبعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 واحتلاله، ساهم “البغدادي” في تأسيس جماعة “جيش أهل السنة والجماعة” المسلّحة. واعتقلته القوات الأمريكية في فبراير/شباط عام 2004، في مدينة الفلوجة، وبقي في معسكر الاعتقال في سجن “بوكا” نحو عشرة أشهر، (كان هذا السجن أشبه بالجامعة التي يتخرّج منها القادة المستقبليون لتنظيم الدولة الإسلامية، حيث تجمع فيه عدد كبير من رموز الجماعات الإسلامية المتشددة).
استثمر “البغدادي” فترة السجن لممارسة الوعظ الديني بين أوساط المعتقلين، إذ كان يأمّهم في الصلاة ويلقي خطبة الجمعة، وينظم دروساً دينية لهم، وقد بنى “البغدادي” علاقات وثيقة مع العديد من المعتقلين معه في سجن “بوكا”، وظلّ على تواصل معهم بعد إطلاق سراحه في ديسمبر/كانون أول 2004، وكان قد أطلق سراحه بعد أن اعتبرته الولايات المتحدة مصدر تهديد منخفض.
وبعد إطلاق سراحه، اتصل “البغدادي” بالمتحدث باسم تنظيم القاعدة في العراق، وهو التنظيم المحلي التابع للقاعدة في العراق، والذي كان يتزعمه الأردني “أبو مصعب الزرقاوي”، وقد أعجب المتحدث باسم القاعدة بمستوى دراسة “البغدادي” للعلوم الدينية الشرعية، وأقنعه بالسفر إلى العاصمة السورية، دمشق، للعمل في الجهاز الدعائي للتنظيم والمساهمة في الإشراف على أن تكون المواد الدعائية التي تبثها الجماعة متطابقة مع المبادئ “السلفية الجهادية”.
بنى “البغدادي” علاقات وثيقة مع زعيم القاعدة في العراق، “أبو مصعب الزرقاوي”، وفي أوائل عام 2006 شكّل تنظيم القاعدة في العراق مظلّة جهادية أطلق عليها اسم “مجلس شورى المجاهدين”.
بعد مقتل “أبو مصعب الزرقاوي” في يونيو/حزيران 2006، في غارة جوية أمريكية، خلفه “أبو أيوب المصري”.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2006، قرر “أبو أيوب المصري” حلّ تنظيم القاعدة في العراق، وتأسيس تنظيم “الدولة الإسلامية”، واستمرت هذه الجماعة الجديدة في الولاء لتنظيم القاعدة الأم، وسرعان ما لمع نجم “البغدادي” سريعاً في صفوف التنظيم بفضل مؤهلاته في دراسة العلوم الإسلامية الشرعية، وقدرته على تضييق الهوة بين المقاتلين الأجانب الذين أسسوا التنظيم والمقاتلين العراقيين الذين انضموا للتنظيم لاحقاً. وتسلق بسرعة المناصب في قيادات التنظيم.
عُيّن “البغدادي” رئيسا للهيئة الشرعية في التنظيم، واختير عضواً في مجلس الشورى للتنظيم، ثمّ اختير عضواً في لجنة التنسيق في تنظيم القاعدة في العراق، والتي كانت تشرف على الاتصال بقادة التنظيم في العراق، وفي عام 2010، اختار مجلس الشورى “أبو بكر البغدادي” أميراً جديداً للتنظيم بعد مقتل “أبو عمر البغدادي” مؤسس التنظيم وأميره.
تمكن “البغدادي” من إعادة بناء التنظيم الذي أُنهك كثيراً بفعل ضربات قوات العمليات الخاصة الأمريكية بعد أن انتقلت شرارة انتفاضات ما عرف باسم “الربيع العربي” من تونس ومصر إلى سوريا في عام 2011، فاستغلّ “البغدادي” تلك الاضطرابات الداخلية وأرسل أحد مساعديه السوريين ويدعى “أبو محمد الجولاني” لتأسيس فرع للتنظيم في سوريا، عُرف لاحقاً باسم “جبهة النصرة”، لكن سرعان ما ظهرت خلافات بين “البغدادي” وزعيم جبهة النصرة “أبو محمد الجولاني”، والذي رغب في التعاون مع الجماعات المعارضة للحكومة السورية.
في عام 2013، أعلن “البغدادي” أنّ جبهة النصرة هي جزء من تنظيم الدولة في العراق، وعدّل اسم التنظيم ليصبح “تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام”، ورفض “البغدادي” طلب “أيمن الظواهري”، زعيم تنظيم القاعدة الأم، منح تنظيم جبهة النصرة استقلالها. لذلك أعلن الظواهري في فبراير/شباط 2014، عن قطع علاقات القاعدة بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، فردّ “البغدادي” وتنظيمه بقتال جبهة النصرة، وعزّز من قبضته على العديد من المناطق الواقعة في شرقي سوريا، حيث فرض تطبيقاً صارماً لقواعد الشريعة الإسلامية.
بعد أن تمكن “البغدادي” من الحصول على معقل آمن لتنظيمه، أمر أتباعه بالزحف على المناطق الغربية في العراق مع نهاية عام 2013، مستغلاً النزاع السياسي بين الأحزاب والجماعات الشيعية والسنية في العراق على تقاسم السلطة، وقد استطاع بمساعدة رجال القبائل وعناصر من الموالين سابقاً للرئيس العراقي السابق “صدام حسين” الاستيلاء على الفلوجة.
في 29 يونيو/حزيران 2014، أعلن تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” في تسجيل صوتي تغيير اسم التنظيم ليصبح “الدولة الإسلامية” فقط، وحُذفت كلمتي الشام والعراق، بهدف إزالة الحدود داخل الدولة المزعومة.
وفي منتصف حزيران/يونيو 2014، كان التنظيم سيطر على محافظة الرقة في سوريا ومناطق عديدة في محافظة دير الزور القريبة من الحدود العراقية ومناطق شاسعة من محافظة حلب.
ومع توسع رقعة الأراضي التي سيطر عليها التنظيم، أعلن “البغدادي” مدينة الرقة عاصمة للخلافة ودعا المسلمين إلى الهجرة إليها ومبايعته.
وعانى السكان في المناطق الخاضعة لسيطرة التنظيم من العقوبات القاسية والإعدامات في الساحات العامة وفرض قوانين صارمة على جميع السكان بغض النظر عن دياناتهم وانتماءاتهم المذهبية.
وكان أكبر انتصار للتنظيم تمكنه من السيطرة على مدينة الموصل عاصمة محافظة نينوى وعلى مناطق واسعة في شمال العراق، بعد انسحاب القوات العراقية منها، وسيطرته على كميات كبيرة من أسلحة هذه القوات الثقيلة.
وتمكن التنظيم عام 2014 من بسط نفوذه على ما يقرب من 8 ملايين شخص في منطقة تبلغ مساحتها 88 ألف كيلومتر مربع، واستطاع أن يجني مليارات الدولارات من عائدات النفط والسرقة والخطف.
وقد أدى تقدّم التنظيم في أراضي يسيطر عليها الأكراد شمال العراق، وقتل واستعباد الآلاف من الطائفة الأيزيدية لدفع قوات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لشنّ غارات جوية على مواقع التنظيم في العراق في أغسطس/آب عام 2014.
كان أول ظهور للبغدادي في أعقاب سيطرة التنظيم على مدينة الموصل في شمال العراق عام 2014، للإعلان عن إقامة دولة الخلافة وتنصيب نفسه “خليفة المسلمين” عندما ألقى خطبة الجمعة في مسجد النوري في الموصل، وفي 29 من أبريل/نيسان 2019، وبعد خمس سنوات من ظهوره الأول ظهر زعيم تنظيم “الدولة الاسلامية” “أبو بكر البغدادي” للمرة الثانية، ليؤكد استمرار التنظيم في “الجهاد” متوعداً بشن حرب استنزاف ضدّ أعدائه، ودعا في الشريط المصور الذي نشره التنظيم، أنصاره حول العالم إلى “الجهاد”.
3. الرواية الأمريكية الرسمية حول عملية مقتل “البغدادي”:
أعلن[3] الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” أنّ القوات الأمريكية نفذّت عملية عسكرية أدت إلى مقتل زعيم تنظيم الدولة الإسلامية والذي يعرف باسم تنظيم “داعش” “أبو بكر البغدادي”.
وقال “ترامب” إنّ “البغدادي” قُتل بعد تفجير “سترته” الناسفة، مضيفاً أنه كان معه ثلاثة من أولاده في التفجير وبأنّ “جسده كان مشوهاً جرّاء الانفجار، كما أنّ النفق انهار عليه، لكن نتائج التحاليل أتاحت التعرف عليه بشكل أكيد وفوري وتام، كما ورد فيه:
“قُتل بعد ركضه في نفق مسدود وهو يتأوه ويبكي ويصرخ، أودّ أن أشكر روسيا وتركيا والعراق والشعب السوري، كما أود أن أشكر الأكراد السوريين على دعم محدد قدموه لنا.”
وحول تفاصيل العملية، قال[4] الرئيس الأمريكي في كلمة ألقاها في البيت الأبيض في صبيحة ذلك اليوم خلال مؤتمر صحفي، إنّ ثماني طائرات مروحية شاركت في العملية وبأنّ المدخل الرئيسي ل “المجمّع” الذي كان يتحصن فيه “البغدادي” ورجاله كان مفخّخاً، وأنّ القوات الأمريكية تعرضت لإطلاق النار كثيف من حرس “البغدادي”.
وتابع “ترامب” قائلاً بأنّ طاقم كبير من مقاتليه خرجوا ركضاً من مروحياتهم وقاموا بتفجيرات لفتح ثغرات في جانب المبنى لتجنب الأفخاخ التي كان يمكن أن توجد في الأبواب.
وأشار الرئيس الأمريكي إلى أنّ كلاب القوات الخاصة الأمريكية كانت قد لاحقت “البغدادي” الذي وصل إلى نفق مغلق، ليقوم بتفجير سترته الناسفة، منوهاً إلى أنّ 8 مروحيات شاركت بالعملية وعلى ارتفاع منخفض، حيث بقيت الطائرات في موقع العملية لمدة ساعتين تقريباً.
وأضاف “ترامب” بأنّ امرأتين قُتلتا مع “البغدادي” كانتا ترتديان حزامين ناسفين، وتابع أنه كان هناك مقاتلون مع “البغدادي” استسلموا وهم قيد الاعتقال، في حين قتل عدد كبير من حرس “البغدادي” الذين اشتبكت معهم القوات الأمريكية، فيما أجلت ذات القوات 11 طفلاً من مسرح العملية وعهدتهم إلى طرف ثالث.
وأردف “ترامب” بأنّ القوات الامريكية حصلت على وثائق خاصة من مكان عملية قتل “البغدادي” إضافة لاعتقال عدد من الذين استسلموا داخل المجمع السكني، كما نوّه إلى أنّ القوات الأمريكية كانت قد تلقت معلومات إيجابية جداً عن مكان البغدادي قبل شهر”، وأضاف: “تمكنا من تحديد مكان وجود البغدادي قبل أسبوعين”.
تلا هذا الإعلان، تصريحات[5] لقائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال “كينيث ماكينزي” في مؤتمر صحفي عُقد بمقر وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، في 31 تشرين الأول/أكتوبر 2019، حيث قال بأنّ ستة من أعضاء التنظيم كانوا قد قُتلوا خلال الغارة، وكان من بينهم “البغدادي” ورجل آخر، كما أفاد بأنّ طفلين كان قد قُتلا في النفق مع “البغدادي” وليس ثلاثة كما أُعلن الرئيس الأمريكي “ترامب”، وذكر بأنّ 4 نساء قتلنّ وكنّ يرتدين سترات ناسفة، على خلاف ما أعلنه الرئيس الأمريكي بأنّ امرأتين قتلتا خلال العملية، وأضاف: “أريد أن أوضح أنه على الرغم من الضغوط وطبيعة العملية، تم بذل كل جهد ممكن لتجنب وقوع خسائر في صفوف المدنيين وحماية الأطفال الذين نشتبه في أنهم سيكونون في المجمع”.
وأضاف أن رفات “البغدادي” نُقلت إلى قاعدة عسكرية للتأكد من هويته ثم دفنت في البحر خلال 24 ساعة من العملية “وفقًا لقوانين النزاعات المسلحة”.
4. إفادات وشهود عيان على عملية قتل “البغدادي”:
تناقض جزء من تفاصيل الرواية الرسمية الأمريكية للعملية العسكرية التي نفذّتها قواتها لقتل زعيم تنظيم “داعش” “أبو بكر البغدادي” في قرية باريشا بمحافظة إدلب، مع ما رواه أهالي القرية وفرق الدفاع المدني التي انتشلت جثث القتلى من المكان، بينما اتفقت الروايتان في الخطوط الرئيسية.
أ. وصول الطائرات المروحية الأجواء السورية:
بحسب العديد من الإفادات وشهود العيان، الذين التقتهم سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بالإضافة إلى وكالة سمارت للأنباء، في بلدة باريشا (51 كم شمال مدينة إدلب) حيث قُتل زعيم تنظيم “داعش” “أبو بكر البغدادي”، ففي ليلة يوم السبت الموافق 26 تشرين الأول/أكتوبر 2019، دخلت الأجواء السورية عدّة مروحيات من طراز “أباتشي” وكانت قريبة إلى حد ما من الحدود السورية التركية، وفي حوالي الساعة (11:00) ليلاً وصلت المروحيات إلى قرية باريشا شمال إدلب بالقرب من منزل شخص يدعى “رشيد سلامة، والملقب ب “أبو محمد الحلبي” حلبي الأصل، وكان قد قدم إلى القرية قبل عام وأنشأ فيها منزل، ذلك المنزل الذي دارت فيه رحى حرب حقيقية برقعة جغرافية صغيرة ولمدة ساعات فقط انتهت بمقتل “أبو بكر البغدادي”.
أحد المشرفين على مراصد الطيران الحربي في الشمال السوري، أفاد بأنّ 8 طائرات مروحية من طراز “أباتشي” كانت قد دخلت الأجواء السورية من الجهة الشمالية للحدود السورية التركية في ليلة يوم السبت، مضيفاً بأنّ طائرات استطلاع كانت تحلق بالمكان منذ الساعة (11:00) ليلاً حتى الساعة الـ(3:00) من فجر يوم الأحد.
وفي شهادة أخرى، قال “خالد النجار” أحد أهالي باريشا، بأنّ العملية التي نفذّتها القوات الأمريكية استهدفت منزلاً على أطراف قرية باريشا مكوناً من طابقين بمساحة 240م، ويحيطه سور بارتفاع 3 أمتار، كما كانت توجد خيمتان لنازحين من محافظة حمص وحماة بالقرب من ذلك السور.
وبالتقصي عن صاحب المنزل المدعو “رشيد سلامة” تبين أنه ينحدر من حي “النيرب” بمدينة حلب، وكان قد قدم إلى قرية باريشا منذ سنة ويعمل في تجارة الحبوب، وقد تمّ اعتقاله مع ابنه خلال العملية.
من جهة أخرى نفى سكان قرية باريشا، الرواية الأميركية حول اشتباك القوات الخاصة الأميركية مع أنصار “البغدادي” والحرس الشخصي لزعيم تنظيم “داعش”، حيث أكدّ العديد من أهالي القرية، بأّن الطائرات قبل وصولها إلى منزل “سلامة” اشتبكت مع عناصر تابعين لهيئة تحرير الشام الإسلامية بواسطة الأسلحة الرشاشة (متوسطة من نوع ب ك س)، بالقرب من مسرح العملية، بعدما استهدف هؤلاء المقاتلين الطائرات بسلاح مضاد للطائرات، ظناً منهم أنها طائرات تابعة للقوات الحكومية السورية، حيث استهدفت هذه الطائرات عناصر من هيئة تحرير الشام على علو منخفض، ما أدى لإصابة بعضهم.
وفي شهادة متقاطعة، أكد “أحمد المحمد” أحد أهالي القرية والذين كانوا بالقرب من مكان الحادثة، بأنّ عدداً من أهالي القرية أطلقوا النار على المروحيات من أسلحتهم الرشاشة، ظناً منهم أنّ الطائرات تابعة للقوات الحكومية السورية، مما أسفر عن إصابة مدني بنيران تلك الطائرات وقد تمّ إسعافه.
ب: الإنزال الجوي:
بحسب ما ذكر العديد من شهود عيان وأهالي قرية باريشا ممن كانوا متواجدين بالقرب من مكان الهجوم، لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة ووكالة سمارت، فإنّ 6 طائرات مروحية[6] هبطت بمحيط منزل “سلامة” فيما بقيت طائرات تحلق فوق سطح المنزل، وعلى إثر ذلك تسلّلت قوات خاصة أمريكية إلى المنزل بعد فتح ثغرة بالسور الشمالي منه.
“أبو خالد” أحد نازحي ريف حماه، والذين كانوا يقبعون ضمن خيمتين على أطراف سور منزل “رشيد سلامة” تحدّث حول ما جرى قائلاً:
” حققّت معنا القوات الأمريكية التي نفذّت عملية الإنزال الجوي، لمدة لا تتجاوز الساعتين، ومنذ دخولهم إلى الخيام قامت تلك القوات بتكبيل أيدينا وراء ظهورنا، وبدأوا يسألوننا عن علاقتنا ب “رشيد سلامة”، وعندما أيقنوا أننا لا نعرف الكثير عنه، فكّوا وثاقنا وبواسطة مترجم للغة العربية، طلبوا منا الذهاب بعيداً عن المنزل بسيارتنا، وزودونا بجهاز ليزر وحذرونا من العودة قبل مغادرة القوات الأمريكية للمكان.”
“أبو أحمد” شاهد آخر كما أنه أحد سكان الخيم المتواجدة بالقرب من منزل “سلامة”، قال بأّن القوات الأمريكية احتجزته لمدة ساعتين بعد فرضها حصار حول المنزل، ودخل عدّة جنود إلى خيمته وقاموا بسؤاله عن “سلامة” وعلاقته به، ثم قامت بتكبيله واحتجازه مع عائلته بداخل الخيمة، مضيفاً أنّ الجنود هبطوا على منزل “سلامة” وقاموا بترديد عبارات باللغة العربية “أبو محمد سلامة سلم نفسك” بواسطة مترجم أردني لديهم، ثمّ سمع أصوات اشتباكات وإطلاق رصاص وانفجارات.
وأشار الشاهد إلى أن الجنود الأمريكيين فخخّوا المنزل من الداخل بألغام وأضافوا بعض الألغام للسور، ثم طلبوا منه وعائلته مغادرة المكان وعدم العودة لحين الانتهاء من أصوات الانفجارات.
وبالعودة إلى أحد المشرفين على مراصد الطيران الحربي في الشمال السوري، حيث قال بأنّ طيراناً حربياً يرّجح أنه أمريكياً، دخل الأجواء السورية من جهة الشمال بعد الساعة (2:00) فجراً من يوم 27 تشرين الأول/أكتوبر 2019، وقصفت منزل “سلامة” بأربعة صواريخ دمرته بشكل كامل وسوته على الأرض.
بدوره أكدّ مرصد حربي آخر، بأنّ المنطقة الحدودية مع تركيا وصولاً إلى بلدة معرتمصرين، كانت قد شهدت قبل العملية بـ 48 ساعة تحليقاً غير مسبوق من قبل طيران الاستطلاع الذي يُعتقد أنه تابع لقوات التحالف الدولي، حيث كان المسح قد شمل مدن وبلدات “الدانا وسرمدا وحارم ودركوش ومعرتمصرين” والقرى والبلدات المحيطة، مضيفاً أنه وبالتوازي مع ذلك الاستطلاع، شهدت محافظة إدلب بأقسامها الجنوبية والشرقية والغربية تحليقاً لطيران الاستطلاع الروسي بشكل متواصل.
صور رقم (4) – صورة خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تظهر جانباً من الدمار الذي لحق بالمبنى المستهدف خلال عملية قتل “البغدادي”.
صورة رقم (5) – تحليل الأدلة البصرية المتوفرة.
صورة رقم (6) – تحليل الأدلة البصرية المتوفرة.
صورة رقم (7) – تحليل الأدلة البصرية المتوفرة.
صورة رقم (8) – تحليل الأدلة البصرية لموقع الهجوم، حيث تمّت عملية قتل “البغدادي”.
5. سقوط قتلى في عملية مقتل “البغدادي”:
في صباح يوم الأحد 27 تشرين الأول/أكتوبر 2019، فرضت قوة من هيئة تحرير الشام طوقاً أمنياً، حول موقع العملية الأمريكية التي أدت لقتل “البغدادي”.
وعلى خلاف الرواية الأميركية التي أفادت بمقتل “البغدادي” و3 من أولاده، بالإضافة إلى امرأتين وعدد من حراسه خلال هذه العملية ، فقد قامت فرق الدفاع المدني بانتشال أشلاء لثلاثة نساء مجهولة الهوية وثلاثة أطفال بالإضافة إلى رجل ضخم مجهول الهوية من داخل المبنى الذي تمّ استهدافه، بالإضافة إلى جثة رجلين آخرين عُثر عليهما في حافلة بالقرب من مكان الهجوم كانا يعملان في مجال نقل الركاب، وذلك حسبما أفاد به مصدر من الدفاع المدني لوكالة سمارت، والذي قال بأنهم انتشلوا من ضمن جثث الأطفال الثلاثة، جثة طفل كانت إحداها تدل على عملية خنق حيث تمّ العثور على آثار حبل ملفوف على رقبته، وكانت بعيدة عن بيان “ترامب” التلفزيوني والذي لم يتطرق إلى وجود أطفال قتلوا بمسرح العملية، أحدهم مات خنقاً.
كما قالت مصادر من فرق الدفاع المدني، بأنّهم عثروا على 8 أطفال، من بينهم طفلين حديثي الولادة، كان قد عهدتهم القوات الأميركية إلى أحد سكان الخيم القريبة من منزل “رشيد سلامة”، حيث لم يتم التعرّف على هوية هؤلاء الأطفال، فيما سارعت هيئة تحرير الشام لاحتجاز هؤلاء الأطفال ونقلهم إلى مكان مجهول، فيما عمل الدفاع المدني على دفن جثث القتلى بمقبرة قرية باريشا.
مصدر آخر قال لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ الدفاع المدني انتشل 3 جثث لنساء و3 أطفال إضافة لجثث 3 رجال، منوهاً أن جثة اثنين من الرجال عُثر عليهما في حافلة، وبأنّ هذين الرجلين كانا يعملان ضمن مجال نقل لأشخاص من سوريا إلى تركيا، حيث رجحّت العديد من المصادر وشهود العيان بأنهما كانا يعملان في مجال التهريب من إدلب إلى تركيا، وقد تصادف مرورهما بالقرب من موقع العملية الأميركية التي أدت لمقتل “البغدادي”.
وبحسب وكالة سمارت فقد تمّ التعرف على هوية القتيلين الذين عُثر عليهما في حافلة بالقرب من مكان الهجوم، وهما (خالد مصطفى قرمو وخالد عبد المجيد قرمو) أبناء عمومة يعملان على سيارة نقل ركاب، وكان قد قُتلا خلال العملية الأمريكية في قرية باريشا، وفي هذا الصدد روى ذوي القتلى عن حال أقربائهم الذين قضوا في العملية الأمريكية، حيث تحدّث “أحمد مصطفى قرمو” من سكان باريشا قائلاً:
“كان أخي خالد قرمو يعمل على سيارة نقل ركاب وأثناء مروره من باريشا باتجاه قرية حتان، قُتل في إحدى الغارات الأمريكية على القرية في 26 تشرين الأول/أكتوبر 2019، وقد كان شقيقي معيلاً لأسرته المؤلفة من 4 أولاد أكبرهم بعمر الـ 9 سنوات ولم يترك لهم من متاع الحياة شيء.”
من جهة أخرى أفاد “محمود عبد الرحيم قرمو” بأنّ ابن عمه “خالد عبد المجيد قرمو” قُتل في إحدى الغارات الأمريكية خلال العملية التي استهدفت زعيم تنظيم “داعش” “أبو بكر البغدادي”، مشيراً إلى أنّ ابن عمه كان مقيماً في قرية “طور لاها” شمال إدلب، ويعمل على سيارة مدنية تنقل الركاب بين القرى والبلدات (سرمدا وباريشا وحتان)، حيث تصادف دخوله بسيارته مع ابن عمه “خالد مصطفى قرمو” إلى قرية باريشا أثناء العملية الأمريكية مما أدى الى مقتل الاثنين معاً.
وتابع “محمود قرمو” في إفادته بأنّ ابن عمه “خالد عبد المجيد قرمو” كان ربّ أسرة مكونة من طفلين لم يبقَ لهما معيل بعد مقتل والدهما، وأشار إلى أنّ الضحيتين (خالد مصطفى قرمو وخالد عبد المجيد قرمو) مدنيان لا تربطهما أي علاقة بأي فصيل مسلح، ويعملان على سيارة نقل ركاب بين البلدات والقرى في الشمال السوري، وقد كانا متوجهين بسيارتهما من قرية رأس الحصن إلى قرية حتان، وعند مرورهما في قرية باريشا قتلا خلال العملية الأميركية، وتركا عائلتيهما تكابدا الفقر والمعاناة.
صورة رقم (9).
صور رقم (9 و 10) – صور خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تظهر جانباً من الدمار الذي لحق بحافلة بالقرب من مكان الهجوم حيث تمّت العملية الأميركية التي أدت لمقتل البغدادي.
صورة رقم (11 و 12) – تحليل الأدلة البصرية والتي يظهر من خلالها إحدى الحافلات التي تعرضت للدمار بالقرب من موقع الهجوم حيث تمّت عملية قتل “البغدادي”.
6. تحليل لمقاطع فيديو من مسرح العملية:
في 30 تشرين الأول/أكتوبر 2019، كشفت وزارة الدفاع الأمريكية عن صور وفيديوهات للعملية التي أدت إلى قتل زعيم تنظيم “داعش” “أبو بكر البغدادي” في شمال سوريا، حيث أظهرت إحدى مقاطع الفيديو[7] التي كشفت عنها وزارة الدفاع الأميركية، المبنى المستهدف قبيل تعرّضه لغارة من قبل القوات الأميركية خلال عملية قتل “البغدادي”.
صورة رقم (13) صورة مأخوذة من مقطع الفيديو السابق، تظهر المبنى المستهدف خلال عملية قتل “أبو بكر البغدادي”.
فيما أظهر مقطع فيديو آخر[8] فرار عدّة أشخاص خارج المجمّع السكني، وقد عملت الطائرات المروحية على استهدافهم بنيرانها بشكل كثيف، الأمر الذي علّق عليه “ماكنزي” أنهم مقاتلين تصدّوا للقوات الأمريكية وجوبهوا بالرد من المروحيات.
صورة رقم (14) صورة مأخوذة من مقطع الفيديو السابق، تظهر فرار عدّة أشخاص خارج المجمّع السكني حيث تمّ قتل “البغدادي”.
كما تظهر إحدى مقاطع الفيديو[9] والتي كشفت عنها وزارة الدفاع الأميركية جنوداً أميركيين راجلين وهم يقتربون من مبنى ذي أسوار مرتفعة في شمال سوريا حيث تمت محاصرة “البغدادي”.
صورة رقم (15) صورة مأخوذة من مقطع الفيديو السابق، تظهر جنوداً أميركيين راجلين وهم يقتربون من مجمع ذي أسوار مرتفعة في شمال سوريا حيث تمت محاصرة “البغدادي”.
وفي إحدى مقاطع الفيديو[10] التي عرضتها وزارة الدفاع الأميركية حول عملية قتل “البغدادي” ظهر عامود من الدخان الأسود يتصاعد في السماء بعدما سوّت قنابل الجيش الأميركي مجمع البغدادي بالأرض، مما يؤكد القصف العنيف للمنزل والذي تحدّث عنه شهود عيان.
صورة رقم (16) صورة مأخوذة من الفيديو السابق، تظهر تصاعد عامود من الدخان الأسود في السماء بعدما سوّت قنابل الجيش الأميركي المبنى المستهدف بالأرض حيث تمت محاصرة “البغدادي”.
كما أظهرت إحدى الصور[11] التي عرضتها وزارة الدفاع الأميركية، الموقع المستهدف، قبيل تعرضه للهجوم، وبعد تعرضه لهذا الهجوم، في العملية الأميركية التي أدت لمقتل “البغدادي”.
صورة رقم (17) تظهر الموقع المستهدف، قبيل تعرضه للهجوم، وبعد تعرضه لهذا الهجوم، في العملية الأميركية التي أدت لمقتل “البغدادي”.
7. هل كانت هيئة تحرير الشام على علمٍ مُسبق بالعملية؟
شهدت حواجز ومقرات هيئة تحرير الشام استنفاراً غير مسبوق قبل حوالي 18 ساعة من تنفيذ القوات الأمريكية لعملية قتل “البغدادي”، حيث ذكر أحد الناشطين الإعلاميين في إدلب، لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، أنّ الحواجز الفاصلة بين منطقة هيئة تحرير الشام من جهة ومناطق سيطرة فصائل الجيش الوطني المدعوم من تركيا شمال حلب من جهة أخرى، كانت شهدت استنفاراً كبير لعناصرها منذ صباح الـ 26 تشرين الأول/أكتوبر 2019.
وأضاف الشاهد بأنّ حاجز “دير بلوط” المتواجد شمال إدلب والتابع لهيئة تحرير الشام عمل على تفتيش السيارات المتوجهة لمناطق “درع الفرات” تفتيشاً دقيقاً إضافة لتدقيق البيانات الشخصية للمارّين على ذاك الحاجز سواء كانوا رجالاً أم نساءً.
وأكدّ الشاهد على أنّ عناصر الحاجز حين توقيفه كانوا مدججّين بالسلاح بشكل غير اعتيادي فيما عملوا على تدقيق البيانات الشخصية بواسطة جهاز كمبيوتر لم يسبق له مشاهدته على الحاجز.
من ناحيته روى الناشط “علي الحموي” لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ حواجز هيئة تحرير الشام كانت نادراً ما توقف السيارات المارة بمنطقة جبل الزاوية جنوب إدلب وسهل الغاب غرب حماة، إلا أنه وبحسب “الحموي” فإنّ يومي الـ 26 و27 من شهر تشرين الأول/أكتوبر 2019، كانا مختلفين إذ أنّ عناصر الحواجز بدأوا منذ الصباح بتفتيش السيارات وتدقيق الهويات الشخصية للنساء والرجال، كما عمل عناصر الحواجز على تفتيش الأمتعة الشخصية وتوقيف كل آلية حتى الدراجات النارية.
وتابع “الحموي” بأنّ هذه المناطق سواء جبل الزاوية وسهل الغاب لم تشهد من قبل مثل هذا التشديد والاستنفار، وأكدّ على أنّ الاستنفار بلغ أوجه مع حلول المساء، مشيراً إلى أنّ عناصر الحواجز لم يغادروها ليلاً في ذلك اليوم، مما يدعو للشك بأنّ هيئة تحرير الشام كانت على دراية بعملية أمنية ضمن مناطقها.
وفي ذات الصدد أفاد أحد الضباط المنشقين عن القوات الحكومية السورية في محافظة إدلب، لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنه من غير المرّجح أن تكون هيئة تحرير الشام خارج العلم المسبق بالعملية الأمريكية، لا سيّما أنّ الأخيرة لم توجه آليات عسكرية أو ثقل حقيقي لمواجهة المروحيات الأمريكية، التي استمرت لساعات بعمليتها، إذ كان بمقدور هيئة تحرير الشام القصف على المروحيات بالمدافع الرشاشة والتي تعمل هيئة تحرير الشام على تخزينها بمستودعات قريبة من الحدود التركية، وأضاف بأنّ تركيا أيضاً لم تكن بعيدة عن العملية التي نفذتها أمريكا بواسطة طائرات مروحية حلقت على حدودها مع سوريا.
من جهته أكدّ “رامي الابراهيم” ناشط آخر من محافظة إدلب، بأنّ سلسلة الاغتيالات والاعتقالات التي نفذتها هيئة تحرير الشام مؤخراً ضدّ مسؤولين بارزين في تنظيم “داعش”، تؤكد على معرفة هيئة تحرير الشام بتحركات قادة الصف الأول في تنظيم “داعش” والذين لجأوا إلى إدلب مؤخراً، وأضاف “الابراهيم” بأنّ هيئة تحرير الشام نفذت سلسلة اغتيالات واعتقال طالت مسؤولين بارزين في تنظيم “داعش” منهم مرافق “أبو بكر البغدادي” الشخصي وسائقه الملقب ب “أبي عبد اللطيف الجبوري” خلال عملية مداهمة لخلايا التنظيم في منطقة دارة عزة شمال غرب سوريا في تموز/يوليو من العام 2019، إذ أشارت التحقيقات مع “الجبوري” إلى أنه مكلّف من قبل تنظيم “داعش” بإدارة شؤون الخلايا النائمة في محافظة إدلب والعمل على توسيع أعمالها، كما أعلن الجهاز الأمني لهيئة تحرير الشام يوم 30 تموز/يوليو من العام 2019 عن مقتل “أبو دعاء الإيراني” مسؤول التفخيخ في تنظيم “داعش” بـ “ولاية إدلب”، إثر عملية للجهاز بمدينة سراقب شرق إدلب.
وروى “الابراهيم” بأنه وبعد اعتقال “الجبوري” وقتل مسؤول التفخيخ، كانت هيئة تحرير الشام قد قتلت خلال عملية مطاردة على طريق سلقين-دركوش غرب إدلب، كل من “أحمد عبد الباسط الشحاد” المنحدر من بلدة معرشورين جنوب إدلب و الملقب “أبو عبدو شديد” (والي إدلب في تنظيم “داعش) ومرافقه “عبدالله خالد العباس” الملقب “أبو خالد تلمنس”، وذلك خلال آب/اغسطس 2019، في حين تلا تلك العمليات عمليات دهم واعتقال لعدد من المسؤولين في تنظيم “داعش”، لا سيّما الإداري العام لخلايا التنظيم في إدلب وحماه وحلب، بالإضافة لنائب المسؤول العام.
ولفت “الابراهيم” إلى أنّ عمليات الاعتقال والدهم والاغتيال التي نفذتها هيئة تحرير الشام بحقّ هؤلاء الشخصيات، لربما تدلّ على علم هيئة تحرير الشام عن وجود خطة انتقال لزعيم تنظيم “أبو بكر البغدادي” إلى محافظة إدلب، مشيراً إلى أنّ التحالف الدولي او أي قوة عسكرية أو أمنية في العالم، لا تستقي معلوماتها إلا من أمنيين ولا يمكنها الاعتماد على وشاية مدني، وبأنّ المراقبة الجوية مهما كانت متطورة لا يمكن أن تقود لتحديد هوية أشخاص ما لم يكن هناك مراقبة وتحديد من الأرض.
أحد المصادر المحلية والذي رفض الكشف عن هويته، قالت لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ قيادة هيئة تحرير الشام طلبت من عناصرها وحواجزها المنتشرة في المنطقة قبل عملية الإنزال الجوي بوقت قصير، الابتعاد عن منطقة العملية وعدم استهداف الطائرات المروحية والتي تمّ تحديد هويتها في التعميم بأنها طائرات تابعة للجيش التركي، ولديها مهام فنية في نقاط المراقبة في ريف إدلب، بحسب ما تمّ تداوله على أجهزة اللاسلكي ليلة العملية.
8. موقف هيئة تحرير الشام من العملية:
لم تصدر هيئة تحرير الشام تعليقاً واضحاً على مقتل زعيم تنظيم “داعش” “أبو بكر البغدادي” بمناطق سيطرتها من قبل القوات الخاصة الأمريكية، بل اكتفت بعددٍ من المواقف الشخصية والصوتيات لمناصرين لها ومقرّبين من الدائرة الضيقة ل “الجولاني”، مثل المدعو “عبد الله المحيسني” أحد الشرعيين السابقين في هيئة تحرير الشام السعودي الجنسية، والذي بثّ تسجيل صوتي[12] في اليوم الرابع من تاريخ اغتيال “البغدادي”، يثني فيه على عملية قتل “البغدادي” بحجّة أنّ الاخير كان يستعمل الدين كغطاء لمشاريعه وأهدافه. ونوّه “المحيسني” إلى أنّ نهاية كل مستبد وطاغية يجب أن تكون على شاكلة نهاية “البغدادي” الذي كان في يوم من الأيام يتحكم بملايين الناس.
9. تعدّد الروايات حول عملية انتقال “البغدادي” إلى محافظة إدلب:
تعددّت الروايات التي حصلت عليها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، حول عملية انتقال “البغدادي” إلى محافظة إدلب قبيل مقتله في العملية الأميركية، لكن جزءً كبيراً من المعلومات التي حصلت عليها المنظمة، سواء من ناشطين أو مصادر محلية رفضت الكشف عن هويتها، رجحّت قدوم “البغدادي” إلى محافظة إدلب، قبيل العملية الأميركية بحوالي 7 أو 8 شهور، بالتزامن مع موجات النزوح التي حدثت حينها من دير الزور إلى إدلب، حيث أشارت العديد من المصادر إلى أن “البغدادي” بقي متخفياً في إدلب.
وأشارت معلومات أخرى إلى أنّ هيئة تحرير الشام كانت قد رصدت مكان تواجد “البغدادي” قبيل شهر من العملية الأميركية، قي بلدة سرمين بريف إدلب، وحاولت هيئة تحرير الشام مداهمة مكانه، لكنه تمكن من الفرار حينها. في حين أفاد مصدر آخر، بأن “البغدادي” كان قد وصل إلى مكان العملية الأميركية قبيل 7 أو 8 ساعات من تنفيذها.
وفي هذا الخصوص كشفت صحيفة “نيوورك تايمز” في تحقيق[13] لها نشرته في أواخر تشرين الأول/أكتوبر 2019، عن أنّ الاستخبارات المركزية الأميركية كانت قد حصلت على معلومات حول موقع البغدادي في قرية تقع شمال غرب سوريا تسيطر عليها عدة مجموعات تتبع لتنظيم القاعدة حيث قال المسؤولون إنهم حصلوا على المعلومات بعد اعتقال واستجواب إحدى زوجات البغدادي، مشيرة إلى أنّ الاستخبارات الأمريكية عملت فيما بعد مع الاستخبارات العراقية، والقوات التي تتعامل معها في سوريا لكشف أكبر قدر ممكن عن تحركات البغدادي بما في ذلك زرع جواسيس في المكان الذي يقيم فيه.
وبحسب الصحيفة، فقد دفع تنظيم “داعش” عشرات الآلاف من الدولارات لتنظيم “حراس الدين” الموالي للقاعدة، من أجل توفير حماية للبغدادي في محافظة إدلب بشمال غرب سوريا، حيث ينتشر عناصر القاعدة، كما قالت بأنّ “البغدادي” لجأ إلى منزل قيادي في تنظيم حراس الدين يدعى “أبو محمد سلامة” على الرغم من غموض العلاقة التي تربط بين “أبو محمد والبغدادي”.
10. عمليات اغتيال بعد مقتل “البغدادي”:
تلت عملية مقتل “البغدادي” عدداً من عمليات الاغتيال التي طالت مسؤولين في تنظيم “داعش”، حيث نفذّت طائرات مروحية غارات جوية في يوم 27 تشرين الأول/أكتوبر 2019، طالت سيارات محمّلة بخزانات وقود على طريق عين البيضا بالقرب من مدينة جرابلس شمال حلب.
ونقلت مصادر محلية لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ سيارتين وشاحنة مخصّصة لنقل النفط الخام، كانت قد استُهدفت بغارة على طريق فرعي بين قريتي “عين البيضا ويوسف بيك” جنوب مدينة جرابلس، قُتل خلالها نحو خمسة أشخاص، أحدهم كان يختبئ داخل الحافلة المخصّصة لنقل النفط.
وأضافت المصادر أنّ تلك المركبات قادمة من مدينة منبج الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية التي تهيمن عليها الوحدات الكردية، وقد كانت متجهة نحو ريف حلب الشمالي، حيث تمّ استهدافها بعد أقل من ساعة على دخولها مناطق سيطرة الجيش الوطني المدعوم من تركيا قرب معبر “عون الدادات” بين الطرفين.
وبحسب مسؤولين في قوات سوريا الديمقراطية فإنّ الغارات المذكورة استهدفت المدعو “أبو حسن المهاجر” الناطق باسم تنظيم “داعش” وأحد أبرز مساعدي “أبو بكر البغدادي”، حيث ذكر “مظلوم عبدي” القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية في تغريدة عبر حسابه على تويتر “استمراراً للعملية السابقة تمّ استهداف الإرهابي أبو الحسن المهاجر الساعد الأيمن لأبو بكر البغدادي والناطق باسم تنظيم داعش في قرية عين البيضة بالقرب من جرابلس وذلك بالتنسيق المباشر بين استخبارات قسد والجيش الأمريكي جاء ذلك كاستمرار لملاحقة قادة داعش”.
صورة رقم (18) – تغريدة القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، حول عملية مقتل الساعد الأيمن لأبي بكر البغدادي “أبو الحسن المهاجر”، المصدر: الحساب الرسمي للقائد العام لقوات سوريا الديمقراطية “مظلوم عبدي” على تويتر.
يأتي ذلك في حين أعلن[14] مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية، مقتل المتحدث باسم تنظيم “داعش” “أبو حسن المهاجر”، في عملية قرب مدينة جرابلس شمالي سوريا، مؤكدًا أن العملية نفذتها قوات خاصة أمريكية، وقد جاء مقتل “المهاجر” بعد حوالي 24 ساعة من مقتل “أبو بكر البغدادي” زعيم تنظيم “داعش” في عملية خاصة للقوات الأمريكية شمال غرب إدلب.
ويعدّ “المهاجر” أحد المقاتلين الأجانب في التنظيم، إلا أنّ جنسيته الأصلية لا تزال غير معروفة، حيث لم يعلنها التنظيم، وكان قد بدأ مسيرته في القسم الإعلامي لتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، ثمّ تولى منصب ما يُسمى بالمتحدث باسم وزارة الإعلام باسم دولة العراق الإسلامية، قبل أن يصبح المسئول الأول عن الإعلام في تنظيم “داعش”، وكانت قد نُشرت ل”المهاجر” عدّة مواد إعلامية صوتية ومرئية يتحدث فيها عن العمليات التي تبناها التنظيم، فضلاً عن تسجيل صوتي تحدّث فيه عن معركة “الباغوز” آخر معاقل تنظيم “داعش” في سوريا.
11. تنظيم “داعش” يعلن مقتل “البغدادي” واسم الخليفة الجديد:
بتاريخ 31 تشرين الأول/أكتوبر 2019، أكدّ[15] تنظيم “داعش” عبر رسالة صوتية بثّتها وكالة “أعماق” الناطقة باسم التنظيم، مقتل “أبو بكر البغدادي” والمتحدث باسم تنظيم “داعش” “أبو حسن المهاجر”.
الكلمة التي بثتها وكالة “أعماق” جاءت على لسان المدعو “ابو حمزة القرشي” المتحدّث الجديد في التنظيم خلفاً ل “المهاجر”، حيث أكدّ فيها الاخير مقتل “أبو بكر البغدادي” في عملية للقوات الامريكية كما أعلن فيها عن مقتل “أبو حسن المهاجر” بغارة لقوات التحالف الدولي.
في حين أعلن التنظيم من خلال الكلمة تسمية المدعو “ابو إبراهيم الهاشمي القرشي/تركماني” خلفاً ل “أبو بكر البغدادي” في قيادة تنظيم “داعش”.
[1] كانت القرية لسيطرة “هيئة تحرير الشام” في تاريخ حدوث العملية.
[2] “سوريا: قتلى في هجومين للتحالف الدولي ضد تنظيمات متطرفة في إدلب وحلب” سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في 30 تشرين الأول/أكتوبر 2019. آخر زيارة بتاريخ 13 كانون الأول/ديسمبر 2019. https://stj-sy.org/ar/%d8%b3%d9%88%d8%b1%d9%8a%d8%a7-%d9%82%d8%aa%d9%84%d9%89-%d9%81%d9%8a-%d9%87%d8%ac%d9%88%d9%85%d9%8a%d9%86-%d9%84%d9%84%d8%aa%d8%ad%d8%a7%d9%84%d9%81-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%88%d9%84%d9%8a-%d8%b6%d8%af/
[3] ” بيان من الرئيس بشأن مقتل أبو بكر البغدادي” موقع وزارة الخارجية الأمريكية في 27 تشرين الأول/أكتوبر 2019. آخر زيارة بتاريخ 9 كانون الأول/ديسمبر 2019. https://translations.state.gov/2019/10/27/%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D9%86-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3-%D8%A8%D8%B4%D8%A3%D9%86-%D9%85%D9%82%D8%AA%D9%84-%D8%A3%D8%A8%D9%88-%D8%A8%D9%83%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%BA%D8%AF%D8%A7/?utm_medium=email&utm_source=govdelivery
[4] “Trump’s news conference on Abu Bakr al-Baghdadi’s death, annotated” واشنطن بوست في 28 تشرين الأول/أكتوبر 2019. آخر زيارة بتاريخ 10 كانون الأول/ديسمبر 2019. https://www.washingtonpost.com/politics/2019/10/28/trumps-news-conference-abu-bakr-al-baghdadis-death-annotated/
[5] “Pentagon releases video from Baghdadi raid”واشنطن بوست في 31 تشرين الأول/أكتوبر 2019. آخر زيارة بتاريخ 11 كانون الأول/ديسمبر 2019. https://www.washingtonpost.com/video/world/pentagon-releases-video-from-baghdadi-raid/2019/10/30/0a2d5649-25eb-4501-a700-918eb2094c7e_video.html
[6] عدد من المصادر قالت بانّ عملية الإنزال الجوي تمّت من خلال إنزال القوات الأمريكية إلى منزل “سلامة” بينما كانت الطائرات تحلّق في الجو.
[7] للمزيد من الاطلاع اضغط الرابط: https://www.dvidshub.net/video/718664/us-forces-employ-precision-munitions-destroy-compound-and-its-contents
[8] للمزيد من الاطلاع اضغط الرابط: https://www.dvidshub.net/video/718666/close-air-aviation-engages-fighters-who-demonstrated-hostile-intent-against-us
[9] للمزيد من الاطلاع اضغط الرابط: https://www.dvidshub.net/video/718989/assault-force-moves
[10] للمزيد من الاطلاع اضغط الرابط: https://www.dvidshub.net/video/718664/us-forces-employ-precision-munitions-destroy-compound-and-its-contents
[11] للمزيد من الاطلاع اضغط هنا: https://www.dvidshub.net/image/5873526/side-side-comparison-compound-before-and-after-raid-no-collateral-damage-adjacent-structures.
[12] للمزيد من الاطلاع اضغط الرابط الآتي: https://www.youtube.com/watch?v=x6BEL1xkMNk
[13] ” Trump’s Syria Troop Withdrawal Complicated Plans for al-Baghdadi Raid” صحيفة نيورك تايمز في 27 تشرين الأول/أكتوبر 2019. آخر زيارة بتاريخ 12 كانون الأول/ديسمبر 2019. https://www.nytimes.com/2019/10/27/us/politics/baghdadi-isis-leader-trump.html
[14] “مقتل “أبو الحسن المهاجر بعد ساعات من مقتل البغدادي” موقع بي بي سي في 28 تشرين الأول/أكتوبر 2019. آخر زيارة بتاريخ 10 كانون الأول/ديسمبر 2019. https://www.bbc.com/arabic/middleeast-50206191
[15] ” داعش” يؤكد مقتل زعيمه أبو بكر البغدادي والمتحدث باسمه” وكالة الأناضول، في 31 تشرين الأول/أكتوبر 2019. آخر زيارة بتاريخ 10 كانون الأول/ديسمبر 2019. https://www.aa.com.tr/ar/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9/%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D8%B4-%D9%8A%D8%A4%D9%83%D8%AF-%D9%85%D9%82%D8%AA%D9%84-%D8%B2%D8%B9%D9%8A%D9%85%D9%87-%D8%A3%D8%A8%D9%88-%D8%A8%D9%83%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%BA%D8%AF%D8%A7%D8%AF%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D8%AB-%D8%A8%D8%A7%D8%B3%D9%85%D9%87/1632212