بتاريخ 30 مارس 2021 أصدرت الولايات المتحدة تقريرها عن حالة حقوق الإنسان في سوريا لعام 2020. يأتي التقرير في أعقاب مؤتمر بروكسل الخامس حول “دعم مستقبل سوريا والمنطقة” الذي تعهد فيه المانحون بتقديم 6.4 مليار دولار للإغاثة الإنسانية لسوريا، وهذا المبلغ هو أقل من ذلك الذي أوصت به الأمم المتحدة والبالغ 10 مليار دولار. وبعد قرار البرلمان الأوروبي الأخير الذي قيَّم كذلك حالة حقوق الإنسان في سوريا بعد 10 سنوات من الصراع. جاءت هذه المبادرات لتقييم وضع حقوق الإنسان في سوريا في الأشهر التي تصادف فيها الذكرى العاشرة للثورة السورية، مزودةً الحكومات والهيئات الدولية والمنظمات غير الربحية بالزخم اللازم لمراجعة الممارسات السابقة والاعتراف بالأخطاء، وبالتالي وضع محاور جوهرية في السياسة العامة.
تشيد سوريون من أجل الحقيقة والعدالة بتقرير الولايات المتحدة لحالة حقوق الإنسان في سوريا لعام 2020 الذي أورد تحليلات شاملة عن الانتهاكات التي ارتكبت ضد حقوق الإنسان على جبهات مختلفة من الصراع السوري، ومن الواضح أنَّ التقرير ارتكز على وثائق قدمتها العديد من منظمات المجتمع المدني السورية في هذا الصدد. ويسلّط التقرير الضوء على “الإحساس بالإفلات من العقاب” الذي يشعر به الجناة والذي يفسر استمرار انتهاكات حقوق الإنسان في جميع أنحاء سوريا. ويعدّ توثيق انتهاكات حقوق الإنسان من قبل جميع المتورطين في النزاع والتصدي لثقافة الإفلات من العقاب في سوريا خطوتان أوليتان وجوهريتان للإعداد لمبادرات سياسية مستقبلية.
بيد أنَّ الخطوة الأصعب هي اتخاذ سياسات فعالة تعالج تلك الانتهاكات. ولتحقيق هذه الخطوة نرى أنه ينبغي على الولايات المتحدة معالجة بعض الثغرات في تقريرها عن حالة حقوق الإنسان في سوريا لعام 2020، فبينما يُعرّف البرلمان الأوروبي صراحةً تركيا على أنها قوة احتلال في قراره الأخير بشأن سوريا، يتجاهل تقريريّ الولايات المتحدة في العامين 2019 و 2020 وصف دور تركيا في الشمال السوري على أنه كذلك، إلا أن الأخير أقرَّ بانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها جماعات المعارضة السورية المسلحة المدعومة من قبل تركيا. إنَّ توصيف التواجد التركي في شمال سوريا على أنه احتلال غير شرعي هو كل ما تحتاجه الولايات المتحدة لصياغة السياسة المتعلقة بمسؤوليات تركيا في المناطق السورية التي تديرها.
وكما في تقريرها لعام 2019، لم تورد الولايات المتحدة في تقرير عام 2020 تحليلاً للسياسة الأمريكية في سوريا، وبشكل خاص للعقوبات التي تفرضها على البلاد، والتي هي أداة قوية للتصدي لثقافة الإفلات من العقاب. وفي ظل انتشار جائحة كوفيد-19، ينبغي أن يكون هناك تحليل شامل ونقدي للتأثير الذي أحدثته السياسات الأمريكية، ولا سيما العقوبات، على حقوق الإنسان في سوريا حتى تتمكن إدارة بايدن من اتخاذ قرارات سياسية استراتيجية.
وفي سياق ردها على تقرير الولايات المتحدة الخاص بحالة حقوق الإنسان في سوريا لعام 2020، توصي سوريون من أجل الحقيقة والعدالة بما يلي:
- احتذاءً بقرار البرلمان الأوروبي الخاص بسوريا لعام 2021، ينبغي على الولايات المتحدة الاعتراف بتركيا على أنها قوة احتلال في شمال سوريا وذلك لتسهيل صياغة السياسات المتعلقة بالمسؤوليات المنوطة بتركيا في المناطق السورية التي تحتلها.
- إدراكاً لأهمية إلقاء نظرة تأملية نقدية على السياسات السابقة، ينبغي على الولايات المتحدة إجراء تحليل شامل حول تأثير العقوبات التي تفرضها على حقوق الإنسان في سوريا، ولا سيما حول كيف يمكن أن تؤثر تلك العقوبات اقتصادياً على المدنيين بعد انتشار وباء كوفيد-19.
- إنَّ اعتراف التقرير الصادر عن الولايات المتحدة حول حالة حقوق الإنسان في سوريا لعام 2020 بأنَّ الانتهاكات التي ارتكبت من قبل القوات التركية تخرق الاتفاق الذي أبرم بين تركيا والولايات المتحدة عام 2019 يلزم الأخيرة بالنظر في تلك الانتهاكات وفي الشروط التي تخرقها من الاتفاقية وبالتالي محاسبة تركيا وفقاً لذلك.