تعرض “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” في هذا التقرير، معلومات وشهادات مفصّلة حول أربع حالات تعرّض فيها طالبو لجوء سوريين إلى عمليات ضرب وسوء معاملة وأحياناً إلى تعذيب وحشي غير مبرر، على يد حرس الحدود التركي (الجندرما) منذ مطلع عام 2022 حتى نهاية أيار/مايو 2022.
وقعت عمليات التعذيب والضرب بحق طالبي اللجوء الذين حاولوا دخول الأراضي التركية وأفضت تلك الممارسات إلى أضرار جسدية بليغة.
إلى ذلك وثقت “سوريون” في قاعدة بيانتها وقوع ما لا يقل عن أربع حالات قتل لطالبي لجوء أثناء محاولة دخولهم الأراضي التركية. وذلك بسبب إطلاق النار المباشرة عليهم من قبل الجندرما التركية (اثنين منهم حاولوا الدخول من منطقة إدلب، أمّا الآخران فقد حاولات الدخول من منطقة الدرباسية بشمال شرقي سوريا).
إن استمرار الممارسات العنيفة من حرس الحدود التركي تجاه طالبي اللجوء السوريين تشير إلى اعتماد الحكومة التركية على أسلوب التعنيف والتعذيب كسياسة لكبح تدفق المزيد من اللاجئين السوريين إلى أراضيها، في الوقت الذي تقوم فيه السلطات التركية بإعادة آلاف اللاجئين السوريين من أراضيها عنوة، وتقوم بالتخطيط لإعادة أكثر من مليون لاجئ سوري من تركيا إلى الشمال السوري، والتهديد بشنّ عمليات عسكرية إضافية.
كانت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة قد نشرت تحقيقاً موسعاً عرضت فيه شهادات عن 28 حالة عن أساليب التعذيب وعمليات القتل التي قام بها حرس الحدود التركي خلال العام 2021.
-
التعذيب لا يستثني النساء الحوامل:
في 14 شباط/فبراير 2022، تعرّضت عائلة مؤلفة من أب وزوجته الحامل للضرب المبرح من قبل حرس الحدود التركي أثناء محاولتهم الدخول إلى تركيا بطريقة غير شرعية عبر قرية المطمورة في منطقة رأس العين/سري كانيه في محافظة الحسكة شمالي شرقي سوريا، حيث تعرّضت العائلة لضرب وحشي لم يستثنِ السيدة التي كانت حاملاً بجنين. قال زوج السيدة لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة:
“نحن من ريف حمص الشمالي كنا نسكن في مدينة الباب شمال حلب، وكنا نريد الدخول إلى تركيا، قمنا بالاتفاق مع عناصر من فصيل السلطان مراد التابع للجيش الوطني السوري من أجل إدخالنا إلى تركيا عبر طريق تهريب، لكنّ المهرب قال لنا إن الدخول من شمال حلب صعب جداً حالياً، ولذلك سجل أسمائنا للانتقال لمنطقة رأس العين في الحسكة رفقة الفصيل، وكان الاتفاق أن ندخل إلى تركيا من تلك المنطقة، وفعلاً تم نقلنا أثناء التبديل العسكري إلى منطقة رأس العين، وهناك عبرنا الجدار الحدودي حيث قبضت علينا الجندرما التركية وكانت الساعة حوالي الثالثة فجراً.
كان الجنود الذين قبضوا علينا تفوح منهم رائحة الكحول، وكان أحد الجنود يصيح مفردات باللغة التركية لا نفهمها من ثم انهال عليّ بالضرب بأخمص البندقية على ظهري وأخذت بنتي الصغيرة بالبكاء خوفاً من تصرفات الجنود، ومن ثم وقف أحد الجنود قرب زوجتي وبدأ بالصراخ. اعتقدت زوجتي أنه يجب أن تغير مكانها وعندما حاولت الوقوف بدأ بضربها بأخمص البندقية على ظهرها ومن ثم قام بركلها على بطنها، عندما شاهدت هذا حاولت الوقوف لإبعاده عن زوجتي، لكنه غضب وأطلق النار قرب رأسها، ومن ثم إنهال عليّ بالضرب وتجمع حينها عدة جنود وبدأوا بضربي.
استمرت عملية التعذيب هذه حوالي ساعة، ومن ثم قاموا بالتقاط صور لنا ورمونا على الجانب السوري، أصبت أنا بكسر مركب في قدمي وخضعت لعملية جراحية، وزوجتي تعرضت لرضوض لكننا لم نفقد الجنين.”
-
تعذيب فتاة بشكل وحشي:
في 9 نيسان/أبريل 2022، حاولت فتاة الدخول إلى تركيا عبر طرق التهريب انطلاقنا من قرية الشيخ عبدي في منطقة تل أبيض في محافظة الرقة، لكن حرس الحدود التركي قبض عليها في المرتين التي حاولت الدخول بهما وتعرضت لتعذيب وحشي، وتقول الفتاة التي فضّلت استخدام اسم (ياسمين) خوفاً على حياتها، لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة:
“أنا من دير الزور ومخطوبة لشاب يقيم في تركيا، خرجت من دير الزور للوصول إلى خطيبي في تركيا وعبرت من مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية إلى مناطق سيطرة الجيش الوطني السوري في منطقة تل أبيض عبر طرق التهريب، ومن ثم وصلنا إلى قرية الشيخ عبدي في تل أبيض حيث كنت سأدخل إلى تركيا برفقة مجموعة من الأشخاص الآخرين، وعندما عبرنا الحدود في المرة الأولى قبضت علينا الجندرما التركية وكانوا يحملون هراوات وبدأوا بضربنا ضرباً مبرحاً، ولم يميزوا بين فتاة أو شاب.
لقد ضربوني على خاصرتي وقدمي ومن ثم أعادونا إلى الطرف السوري، بعدها بقيت أسبوعاً طريحة الفراش وأتناول أدوية مسكنة نتيجة قوة الضربات.
وفي المرة الأخرى التي حاولت الدخول بها كنت أخبئ هاتفي المحمول داخل ملابسي حتى لا يعثروا عليه لأني كنت أحتاجه للاتصال بخطيبي في حال نجحت بالعبور، لكن في المرة الثانية أيضاً قبض علينا حرس الحدود، وعندما كنّا نجلس رن هاتفي فجأة فسمع أحد العناصر صوته من ثم بدأ بركلي بقدمه بطريقة وحشية ومن ثم قام بوضع قدمه على رأسي حتى أخرجت الجوال من داخل ملابسي وأعطيته إياه، في تلك اللحظة حاول أحد الشبان أن يدافع عني، فهجم عليه عدة عناصر وقاموا بضربه بوحشية كبيرة حتى تعرض لعدة كسور.”
-
تعذيب ونفيذ أعمال سخرة:
بتاريخ 22 كانون الثاني/يناير 2022، حاول شاب مع مجموعة بحدود لـ 30 شخصاً العبور نحو الأراضي التركية انطلاقا من قرية الدرية في محافظة إدلب شمالي سوريا، لكن حرس الحدود التركي قبض عليهم وتعرضوا للضرب وطلبوا منهم تنفيذ أعمال سخرة.
قال الشاب لـ”سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” في شهادته ما يلي:
“بعد أن تجاوزنا الجدار الحدودي قمنا بالاختباء بين الأعشاب الطويلة حتى لا ترانا الجندرما وكنا سننتظر حتى يخلو الطريق أمامنا لمتابعة المسير، لكن الجندرما استشعرت وجود شيء ما بين الأعشاب لذلك بدأوا بإطلاق النار، في البداية اعتقدنا أن إطلاق النار في الهواء لكن سرعان ما بدأت الرصاصات بالانفجار بين قدمينا، وأصيب شابان بشظايا الرصاص، عندها وقفنا وسلمنا أنفسنا، عندها قامت الجندرما بتعذيبنا وتركونا واقفين في البرد القارس عدة ساعات، ومن ثم طلبوا منا أن نزيل الأعشاب التي كنا مختبئين بداخلها وكان الضابط المسؤول يراقبنا ويحمل قضيبا أخضر اللون كان يضربنا فيه عندما نتباطئ في إزالة الأعشاب ومن ثم أعادونا إلى الجانب السوري.”
وتحدث شاهد آخر لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة إنه بتاريخ 16 شباط/فبراير 2022 حاول الدخول إلى تركيا برفقة مجموعة من الشبان والنساء عبر قرية الدرية ولكن الجندرما قبضت عليهم. وقال الشاب في شهادته ما يلي:
“كان المزعج بالنسبة لنا أكثر من الضرب هي الإهانة التي تعرضنا لنا، لقد أجبرونا على خلع ملابسنا بشكل كامل بما فيها الملابس الداخلية وذلك أمام النساء اللواتي كن معنا وذلك بحجة البحث عن مخدرات، ومن ثم أجبرونا على أن نجمع الأوساخ في محيط نقطتهم العسكرية ونزيل العشب من محيط النقطة وننظف داخل النقطة، كل ذلك كان مترافقا مع عمليات ضرب بأخمص البنادق، وكان أي شاب يقف عن العمل أو يحاول الاعتراض كانوا يجتمعون عليه عدة عناصر ويقومون بضربه بوحشية كبيرة حتى لا يقوى على الحراك.”