1. الإطار القانوني:
أ). القانوني الدولي الإنساني:
المياه حاجة لايمكن للسكان المدنيين الاستغناء عنها؛ فهي ليست ضرورية للشرب فقط، وإنّما لأغراض تتعلق بالنظافة الصحية والأغراض الزراعية، لاسيما في ظل جائحة كوفيد 19. على الرغم من إهمالهم ثقل المياه والغذاء بالنسبة للسكان المدنيين ممن يعايشون صراعاتٍ مسلحة، تدارك واضعوا بروتوكول اتفاقيات جنيف هذه الثغرة. فقد ضمنوا المادة (54) في البروتوكول الإضافي الأول؛ ومن ثم المادة (14) في البرتوكول الإضافي الثاني، التي تنطبق على النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية، حيث تنص كلتاهما على حماية المواد التي لا غنى عنها من أجل بقاء المدنيين.
متضمناً دولتين؛ سوريا وتركيا، يعد الصراع الدائر حالياً في شمال شرقي سوريا نزاعاً ذو طابع دولي. بناء عليه، ووفقاً لهذه الأحكام، المطبقة في حالة النزاع المسلح الدولي:
تُحظّر مهاجمة أو تدمير أو نقل أو تعطيل الأعيان والمواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين ومثالها المواد الغذائية والمناطق الزراعية التي تنتجها والمحاصيل والماشية ومرافق مياه الشرب وشبكاتها وأشغال الري. إذا تحدّد القصد من ذلك في منعها عن السكان المدنيين أو الخصم لقيمتها الحيوية مهما كان الباعث سواء كان بقصد تجويع المدنيين أم لحملهم على النزوح أم لأي باعث آخر.
بمهاجمتها محطة مياه “علوك”، مسببةً حرمان 600000 مدني من الوصل إلى مياه الشرب، فإن تركيا بذلك توظف وسائل يحظرها القانون الدولي الإنساني ويعدها خرقاً لأحكامه.
ب). القانون الدولي الجنائي:
انتهاك القانون الدولي الإنساني والاعتداء على الأعيان المحمية بموجبه قد يشكّل جريمة حرب. بالإضافة إلى ذلك، كما هو موضح في سياقاتٍ أخرى، كسياق السودان على سبيل المثال، فإن وضع أي قيود على المياه يمكن أن يرقى إلى جرائم ضد الإنسانية، وينطبق هذا على أي قيود يتم فرضها لأغراض خفيّة كمهاجمة مجموعات معينة من السكان، والتي يمكن أن تشكل جريمة الإبادة الجماعية، وفق تعبير مكتب المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية.[1]
ت). القانون الدولي لحقوق الإنسان:
وأخيراً، ينتهك تقييد المياه أيضاً العديد من حقوق الإنسان الأساسية، مثل الحق في المياه، الذي أعلنته الجمعية العامة ومجلس حقوق الإنسان كجزء من القانون الدولي المُلزم في عام 2010 وكذلك الحق في الحياة.[2]
2. خلفية:
تُشكّل محطة مياه علوك[3] شرقي مدينة رأس العين/سري كانييه، المصدر الرئيسي للمياه الذي يعتمد عليه أكثر من 600 ألف شخص من سكان شمال شرقي سوريا، وخاصة في مدينة الحسكة وبلدة تل تمر والأرياف المحيطة بهما، بما في ذلك مخيمات: الهول ومخيم العريشة/السد ومخيم واشو كاني/التوينة) التي تضم عشرات الآلاف من النازحين داخلياً من محافظات ومناطق سوريّة مختلفة، بالإضافة إلى آلاف العراقيين والأجانب، ممن كانوا يعيشون سابقاً في مناطق كان يحكمها تنظيم الدولة الإسلامية والمعروفة باسم “داعش”.
وكان قد تمّ إنشاء “محطة علوك” لتجميع وضخ المياه في العام 2010، وذلك بعد شحّ مصادر مياه الشرب في الحسكة وأريافها، إذ تمّ حفر (30) بئراً إرتوازياً بالقرب من قرية “علوك شرقي” (10 كم شرقي مدينة رأس العين/سري كانييه) باستطاعة ضخ تبلغ حوالي (175) ألف متر مكعب من المياة الصالحة للشرب يومياً.
وتضم المحطة خزان مياه تبلغ سعته (25) ألف متر مكعب، و (12) مضخة كبيرة، تقوم بضخّ المياه عبر خطوط نقل بطول (67) كيلو متر لإيصالها إلى محطة مياه “منطقة الحُمة” بريف الحسكة الغربي، ومنها إلى التجمعات السكانية.
صورة رقم (1) – موقع محطة مياه علوك بالنسبة لخارطة سوريا. المصدر: Google Earth.
صورة رقم (2)- تشير المناطق الصفراء إلى مناطق سيطرة الإدارة الذاتية/قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي لمحاربة “داعش”. أمّا المناطق الزرقاء، فهي تشير إلى مناطق سيطرة القوات التركية والفصائل المعارضة السورية المتحالفة معها، بينما تشير المناطق الحمراء إلى مناطق سيطرة القوات الحكومة السورية والجيش الروسي.
صورة رقم (3)
صورة رقم (3) و (4) – خرائط توضّح المناطق التي تعتمد على محطة مياه “علوك” كمصدر أساسي للمياه.
3.عملية شهر تشرين الأول 2019 العسكرية والخروج الأول للمحطة عن الخدمة:
بتاريخ 9 تشرين الأول/اكتوبر 2019، أعلن الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” بدء العمليات العسكرية التركية داخل الأراضي السوريّة، تحت اسم عملية “نبع السلام”، بمشاركة مباشرة من فصائل معارضة سوريّة مسلّحة منضوية تحت مسمّى “الجيش الوطني” التابع للحكومة السوريّة المؤقتة المنبثقة عن الإئتلاف السوري المعارض. وقبل يوم واحد فقط من بدء العمليات العسكرية أصدر الإئتلاف السوري المعارض بياناً داعماً للتصريحات التركية حول عمل عسكري وشيك في المنطقة وجاء في البيان: “يدعم الائتلاف الجيش الوطني ووزارة الدفاع ورئاسة الأركان في جهودها، ويؤكد استعداد الجيش الوطني للتصدي للإرهاب بالتعاون والعمل المشترك مع الأشقاء في تركيا.”
وكان “سليم إدريس” وزير الدفاع في الحكومة السوريّة المعارضة، قد أعلن بتاريخ 7 تشرين الأول/اكتوبر 2019، أنّ “الجيش الوطني” قد أنهى التدريبات اللازمة من أجل العملية العسكرية المرتقبة في شمال شرق سوريا. سبق ذلك ترتيبات عسكرية أخرى، إذا أعلن “الجيش الوطني” و “الجبهة الوطنية للتحرير” اندماجهم بشكل كامل، وذلك بتاريخ 5 تشرين الأول/اكتوبر 2019.
لم تكاد تمضي سوى ساعات قليلة على بدء العملية العسكرية التركية شمال شرقي سوريا، حتى خرجت محطة مياه “علوك” عن الخدمة، وذلك نتيجة القصف الجوي والمدفعي التركي العشوائي الذي رافق العملية، إذ تعرّض مبنى المحطة لعدة قذائف، فيما أصابت أخرى خطوط الكهرباء المغذية لها، ما أدى إلى توقف ضخ مياه الشرب إلى مدينة الحسكة وأريافها بشكل كامل، تلك المناطق التي استقبلت عشرات الآلاف من النازحين الفارين من الهجوم التركي في الأيام الأولى للعملية.
في منتصف شهر تشرين الأول/أكتوبر 2019، تمكنت القوات التركية بمساندة فصائل الجيش الوطني السوري المعارض من بسط سيطرتها على محطة مياه “علوك” بشكل كامل، لكن المحطة بقيت خارجة عن الخدمة، أولاً بسبب القصف، وثانياً بسبب سرقة بعض المعدات من قبل جهات يُعتقد أنّها تابعة لفصائل معارضة سورية، بحسب مصادر محلّية.
أفضت عملية “نبع السلام” التي انتهت بتاريخ 22 تشرين الأول/أكتوبر 2019، إلى سيطرة “أنقرة” وحلفائها على منطقة حدودية واسعة شمال شرقي سوريا بطول نحو (120) كيلو متراً، بين مدينتي رأس العين/سري كانييه شمال الحسكة و”تل أبيض” شمال الرقة وذلك بعد إنسحاب قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية منها.
4.الكهرباء مقابل الماء:
حاولت الإدارة الذاتية/قوات سوريا الديمقراطية وجهات من الحكومة السورية (يتقاسمان السيطرة على مدينة الحسكة) إعادة محطة “علوك” للمياه إلى الخدمة، بمساعدة مباشرة من القيادة العسكرية الروسية المتواجدة في شمال شرقي سوريا، التي تولت -عملياً- المحادثات مع تركيا وتدخلت أكثر من مرة لحث القوات التركية على تشغيل المحطة. لكن الأخيرة اشترطت صيانة “محطة كهرباء بلدة مبروكة” غربي رأس العين/سري كانييه، التي تخضع لسيطرة القوات التركية والجيش الوطني السوري/المعارض، وتغذيتها بالكهرباء من “سد تشرين” الذي تتم ادارته بشكل مشترك بين الحكومة السورية والإدارة الذاتية، مقابل تشغيل محطة “علوك” للمياه.
أي تغذية مناطق في رأس العين/سري كانييه و تل أبيض بالكهرباء، مقابل السماح بضخ المياه من محطة “علوك” إلى الحسكة وأريافها.
-
سرقة معدات من محطة كهرباء “مبروكة”:
تقع محطة تحويل كهرباء مبروكة[4] على الطريق الدولي M4 وتبعد عن بلدة مبروكة حوالي (14 كم)، وهي تتغذى من “سد تشرين“، وبدورها تُحول الكهرباء إلى مناطق في الجزيرة السورية/محافظة الحسكة/شمال شرقي سوريا. وقد خرجت المحطة عن الخدمة خلال العملية العسكرية التركية في شهر تشرين الأول/أكتوبر 2019، بعد إيقاف تغذيتها من كهرباء “سد تشرين” من قبل الإدارة الذاتية/قوات سوريا الديمقراطية، إضافة إلى تعرّض محولات ومعدات كهربائية فيها للسرقة من قبل فصائل سورية معارضة (تمّت السيطرة على المحطة بشكل أساسي من قبل كتائب الصفوة الإسلامية[5]-فرقة الصفوة).
حول ذلك، أفاد أحد سكان بلدة “مبروكة”، الذي يعمل كفلاح في أرض زراعية قريبة من محطة تحويل الكهرباء لـ سوريون من أجل الحقيقة والعدالة[6] أن الإدارة الذاتية قطعت الكهرباء عن محطة “مبروكة” بعد أيام على بدء عملية “نبع السلام”، بعد خضوع المنطقة لسيطرة تركيا والجيش الوطني السوري، وقد تبع ذلك سرقة معدات من المحطة (وكميّات كبيرة من مادة النحاس) من قبل مسلحي الأخير، وتابع الشاهد:
“في النصف الثاني من تشرين الأول/اكتوبر 2019، تمركزت إحدى جماعات المعارضة السورية المسلّحة في محطة الكهرباء، لكن لم يتسنى لي معرفة اسمها. بعد ذلك، رأى كثيرون من سكان تلك المنطقة كيف قام مسلحي تلك الجماعة بنقل كميات كبيرة من النحاس التي تم استخراجها من محولات كهربائية قاموا بتخريبها، فضلاً عن قيامهم بسرقة بعض المعدات من المحطة.”
5. محادثات روسية – تركية لتأهيل “محطة علوك” خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر2019:
بعد بدء محادثات بين القوات الروسية والتركية في المنطقة، سمحت القوات التركية المسيطرة على المحطة لفريق من العاملين في “محطة علوك” للمياه، برفقة مؤسسة الكهرباء الحكومية السورية في الحسكة، ومنظمة الهلال الأحمر العربي السوري، بدخول المحطة للمرة الأولى عقب عملية “نبع السلام” وذلك بتاريخ 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2019، من أجل تفقدها والعمل على تشغيلها، وقد تحدث أحد المهندسين المشرفين على محطة “علوك” -والذي كان مرافقاً للوفد الزائر- لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة[7] قائلاً:
“رافقتنا دورية عسكرية روسية، تولت التنسيق مع القوات التركية من أجل السماح لنا بالدخول إلى المحطة لتفقدها، حيث اكتشفنا هناك أن محولتين كهربائيتين وخطوط الكهرباء المغذية لهما قد تعرضت للسرقة. قامت ورشات الكهرباء بإصلاح وإعادة توصيل خطوط التوتر المغذية لمحطة “علوك” من محطة كهرباء “الدرباسية”، والتي كانت قد أصيبت بأضرار نتيجة تعرضها للقصف، بالإضافة إلى تزويد مجموعات توليد الكهرباء “الاحتياطية” بالمحروقات من أجل تشغيلها، وهو ما لم يتم في ذاك اليوم.”
وبحسب الشاهد/المصدر فأن القوات التركية لم تسمح للعاملين في محطة “علوك” بتشغيلها لضخ مياه الشرب إلى مدينة الحسكة وأريافها في ذلك اليوم. وفي تلك الأثناء، كان سكان الحسكة والنازحين إليها إثر عملية “نبع السلام” يضطرون لشراء حاجتهم من مياه الشرب من مصادر غير آمنة، كالصهاريج الخاصة، بأسعار تترواح ما بين (500 إلى 1000 ل.س) للبرميل الواحد.
6. إعادة ضخّ المياه من محطة علوك بعد 35 يوماً من الانقطاع – الاتفاق الأول:
أفضت المحادثات بين القيادة العسكرية الروسية وتركيا إلى اتفاق الطرفان على سماح “أنقرة” بضخ المياه من محطة “علوك” مقابل صيانة محطة كهرباء “مبروكة” من قبل الإدارة الذاتية والحكومة السورية، وتغذيتها بـ (7) ميغا واط من الكهرباء من سد تشرين.
نتيجة لذلك، تمت إعادة تشغيل محطة “علوك” للمياه بتاريخ 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2019، بعد (35) يوماً من خروجها عن الخدمة (وبعد أربعة أيام من عملية إصلاحها)، وقد تحدث أحد المهندسين[8] المشرفين على محطة “علوك” لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة:
“قمنا بتشغيل المحطة بعد إعادة توصيل التيار الكهربائي للآبار من محطة كهرباء الدرباسية، لكن ليس بكامل طاقتها، حيث تم تشغيل (14) بئراً فقط ضمن المشروع، وتم ضخ المياه الصالحة للشرب (نحو 60 ألف متر مكعب يومياً) للتجمعات السكنية الواقعة على طول خطوط نقل المياه من رأس العين/سري كانييه إلى الحسكة“.
وبعد عدة أيام، وتحديداً بتاريخ 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2019 تم إدخال (10) آبار مياه إضافية ضمن المشروع إلى الخدمة، بعد صيانة خطوط الكهرباء المغذية لها، ليصل بذلك عدد الآبار العاملة ضمن محطة “علوك” إلى (24) بئراً، تنتج أكثر من (100) ألف متر مكعب من المياه يومياً، ما أسهم في حل مشكلة شح المياه في مدينة الحسكة وأريافها، بحسب مديرية المياه التابعة للإدارة الذاتية.
7. إعادة تفعيل محطة كهرباء “مبروكة”:
تنفيذاً للإتفاق الروسي التركي، تفقدت دورية عسكرية روسية برفقتها ورشة كهرباء مشتركة بين الحكومة السورية والإدارة الذاتية محطة كهرباء “مبروكة” بتاريخ 6 كانون الأول/ديسمبر 2019، والتي خرجت عن الخدمة خلال عملية شهر تشرين الأول 2019 العسكرية.
بعد عدة أيام، وتحديداً بتاريخ 9 كانون الأول/ديسمبر 2019 بدء العمل لصيانة محطة كهرباء “مبروكة”، حيث دخلت ورشة الكهرباء المشتركة بين الحكومة السورية والإدارة الذاتية إلى المحطة برفقة دورية عسكرية روسية، وتحدث أحد عمال الكهرباء العاملين[9] في صيانة المحطة لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة:
“كانت المحطة قد سرقت منها عدة محولات ومعدات كهربائية بعد سيطرة القوات التركية وفصائل الجيش الوطني عليها، وقد حددوا لنا يومي الاثنين والثلاثاء فقط من كل أسبوع من أجل العمل في المحطة، بمعدل ثلاث ساعات يومياً، ما سبب التأخير في إنجاز الأعمال، إذ استغرقت إعادة المحطة إلى الخدمة نحو ثلاثة أسابيع.”
مع مطلع العام 2020، دخلت محطة كهرباء “مبروكة” إلى الخدمة وتمت تغذيتها من سد “تشرين” الذي يُدار بشكل مشترك بين الحكومة السورية والإدارة الذاتية بـ (7) ميغا واط من الكهرباء، بموجب التفاهمات بين الجانبين الروسي والتركي، وذلك حتى يستمر الأخير بالسماح بضخ مياه الشرب إلى مدينة “الحسكة” وأريافها من محطة “علوك”.
8. تنصل “أنقرة” من الإتفاق الأول:
بتاريخ 24 شباط/فبراير 2020، عمدت القوات التركية إلى إيقاف ضخّ المياه من محطة “علوك” شرقي رأس العين/سري كانيه وطرد الفنيين العاملين فيها دون توضيح الأسباب، ما خلق أزمة مياه في مدينة الحسكة وبلدة “تل تمر” والأرياف المحيطة بهما.
أثقل انقطاع المياه كاهل السكان، ودفعهم إلى الاعتماد على مصادر مياه مدفوعة وغير آمنة، كالصهاريج الخاصة المتنقلة، كما روى[10] “هجار عمر” (31 عاماً) النازح من رأس العين/سري كانييه إلى الحسكة برفقة زوجته وأولاده الثلاثة، حيث قال لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة:
“وصلت تكلفة تعبئة خزان المياه ذو سعة (ألف لتر) إلى أربعة آلاف ليرة سورية، وهذه الكمية من الماء تكفي حاجة عائلتي لحوالي ثلاثة أيام فقط، لذا فقد أضطررنا إلى تقليص استهلاكنا من الماء إلى الحد الأدنى، لأن وضعي المادي كنازح لا يسمح بتحمل هذه التكاليف.”
فضلاً عن ذلك، فأن مصادر المياه التي يعتمد عليها السكان أثناء انقطاع مياه محطة “علوك” قد لا تكون آمنة، وسط غياب الرقابة على هذه المصادر، وفقاً لنجاح عبد الكريم (35 عاماً) من سكان بلدة “تل تمر”، والتي قالت لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة[11]:
“نعاني كثيراً بسبب انقطاع المياه، إذ لا تصلح مياه الصهاريج الخاصة للشرب، لأنها ليست معقمة غالباً، وترتفع فيها نسبة الكلس، وقد لا يكون خزان الصهريج نظيفاً، لذا نضطر لشراء مياه صحية للشرب، أو نقوم بغلي تلك المياه التي نشتريها من الصهريج جيداً كي لا نصاب نحن وأطفالنا بأيّة أمراض.”
وقد خصصت قوات سوريا الديمقراطية/قسد التابعة للإدارة الذاتية، عدداً من الصهاريج المتنقلة التابعة لها لتجلب المياه من بلدة تل براك ومناطق مجاورة، ثم تقوم بتوزيعها مجاناً على سكان الحسكة، لكن بُعد المسافة والعدد الكبير للسكان بالمقارنة مع عدد الصهاريج المخصصة، يُجبر المدنيين على الانتظار لأيام حتى الحصول على المياه منها. وبحسب مديرية المياه التابعة للإدارة الذاتية، فأن طاقة جميع الصهاريج التي تم تخصيصها لتأمين احتياجات السكان من المياه، لا تتعدى 4 آلاف متر مكعب من المياه، أي ما يعادل طاقة بئر مياه واحد في محطة “علوك” التي تضم 30 بئراً.
9. استياء رسمي روسي من “عدم التزام” أنقرة بالاتفاق:
بعد 10 أيام من إيقاف ضخّ المياه من محطة “علوك”، عقدت القيادة العسكرية الروسية في شمال شرقي سوريا، لقاءً مع الصحفيين في القاعدة الروسية داخل مطار القامشلي/قامشلو الدولي، وذلك بتاريخ 4 آذار/مارس 2020، اتهمت خلاله تركيا بعرقلة تفعيل محطة “علوك” للمياه، وعدم الإلتزام بوعودها، رغم اتفاق سابق بين الجانبين.[12]
وقال قائد القوات العسكرية الروسية في شمال شرقي سوريا، “الجنرال أناتولي” إنه أجرى اتصالاً مع رئيس مركز التنسيق التركي “برهان أكتاش” لتفعيل المحطة، كما عُقد اجتماع بينهما بتاريخ 26 شباط/فبراير 2020، في مدينة “نصيبين” التركية لمناقشة موضوع محطة مياه “علوك”.
ووفقاً لقائد القوات الروسية في شمال شرقي سوريا فأن الجانب التركي لم يلتزم بالخطط التي وضعها الطرفان سوياً، بالرغم من قيام القوات الروسية بمساعدة (قسد) والحكومة السورية بصيانة محطة “مبروكة”، وتغذيتها بالكهرباء من سد “تشرين”، مضيفاً أن الإدارة الذاتية أوقفت من جانبها مد محطة “مبروكة” بالكهرباء، وذلك بعد إيقاف عمل محطة مياه “علوك” من قبل الأتراك.
10. ادعاءات “غير صحيحة” لتبرير التنصل التركي من الاتفاق:
خلافاً لذلك، وعقب الإتهام الروسي لأنقرة، قال المجلس المحلي لمدينة رأس العين “المعارض” عبر منشور على صفحته الرسمية على موقع “فيس بوك” بتاريخ 4 آذار/مارس 2020، إن السبب وراء قطع مياه محطة “علوك” هو قطع الكهرباء عن مدينة رأس العين/سري كانييه وتل أبيض من سد “تشرين”، متهماً الإدارة الذاتية والحكومة السورية بقطع الكهرباء عن محطة “مبروكة”.
وبحسب ما جاء في منشور المجلس المحلي لمدينة رأس العين، والذي تم تشكيله عقب سيطرة تركيا والجيش الوطني السوري على المدينة، فإن محطة “علوك” للمياه تعتمد على الكهرباء الواردة من سد “تشرين”، لذلك فإن إعادة ضخ المياه تعتمد على إعادة ايصال الكهرباء لمدينة رأس العين/سري كانييه.
صورة رقم (5) – منشور المجلس المحلي لمدينة رأس العين، والذي نشرته على صفحتها الرسمية على موقع “فيس بوك” بتاريخ 4 آذار/مارس 2020.
وفي السياق ذاته -وخلافاً للوقائع- صرّح “مرعي اليوسف” رئيس المجلس المحلي في رأس العين، لجريدة عنب بلدي بتاريخ 25 شباط/فبراير 2020، أنّ محطة آبار “علوك” الموجودة في مدينة رأس العين تعتمد في تشغيلها على الكهرباء التي تأتيها من “سد تشرين” الخاضع لسيطرة قوات النظام، بإشراف القوات الروسية. وقال إن السد قطع الكهرباء عن محطة المياه، ما أدى لانقطاع المياه عن الجميع.[13] لكن بعد البحث والتحقق، تبيّن زيف إدعاءات المجلس المحلي في رأس العين ورئيسه لأسباب عديدة:
- بتاريخ 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2019، بعد (35) يوماً من خروجها عن الخدمة (وبعد أربعة أيام من عملية إصلاحها)، تم تغذية محطة “علوك” للمياه بالكهرباء من محطة كهرباء “الدرباسية” وليس محطة مبروكة.
- من الممكن تغذية المحطة من منشأة توليد كهرباء “السويدية” في ريف مدينة المالكية/ديريك، وذلك في حال انقطاع الكهرباء من محطة الدرباسية أو من سد “تشرين”.
- توجد مولدات احتياطية لتوليد الطاقة كهربائية في المحطة.
- عملت محطة “علوك” وتمّ ضخ المياه منها في الفترة الممتدة بين 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2019 وحتى مطلع عام 2020، تلك الفترة التي لم تكن فيها محطة كهرباء “مبروكة” قد عادت إلى الخدمة بعد.
منظمة “هيومن رايتس ووتش”، كانت قد أصدرت تقريراً بتاريخ 31 آذار/مارس 2020، أكدّت فيه أنّ محطة المياه تمتلك قدراً كافياً من الكهرباء فيها للتشغل، ونفت أنّ تكون محطة كهرباء مبروكة تشغّل محطة علوك للمياه.[14]
11. مدنيوا رأس العين/سري كانييه لا حصة لهم في الكهرباء منذ الهجوم التركي على المدينة:
من جهة أخرى، لم يستفد الجزء العائد من سكان مدينة رأس العين/سري كانييه إلى منازلهم عقب عملية “نبع السلام” حتى الآن من الكهرباء، بما في ذلك خلال الفترات التي تمت فيها تغذية المدينة من سد “تشرين” عبر محطة كهرباء “مبروكة”.
في السياق نفسه، قال ناشط مدني من رأس العين/سري كانييه (رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية)، والذي عاد إلى المدينة ولازال يعيش فيها برفقة والده منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2020 لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة[15] إن القوات التركية وفصائل المعارضة السورية، لم يعملا على إعادة توصيل خطوط الكهرباء ضمن أحياء المدينة حتى الآن، والتي خرجت عن الخدمة في أغلب أحياء المدينة نتيجة القصف التركي والعمليات العسكرية، وتابع حديثه:
“يحصل السكان العائدون إلى منازلهم (حوالي 5% من المجموع الكلي للسكان) على الكهرباء لنحو 6 ساعات يومياً من مولدات خاصة قام مسلحي المعارضة أو أشخاص مقربون منهم باستثمارها ضمن الأحياء، وتزويد المشتركين بالكهرباء، مقابل 6000 ليرة سورية للأمبير الواحد من الكهرباء، في حين كان سعر الأمبير الواحد من اشتراك تلك المولدات قبيل الغزو التركي للمدينة يبلغ نحو ألف ليرة وسطياً.”
وبحسب الناشط فأن القوات التركية ومسلحي الجيش الوطني السوري في رأس العين/سري كانييه أعادوا توصيل خطوط الكهرباء للمراكز العسكرية والمدنية التابعة لهم فقط، في حين لم تصل الكهرباء العامة إلى منازل السكان منذ الهجوم التركي على المدينة في تشرين الأول/اكتوبر 2019.
وبحسب الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة فأن الكهرباء خلال الفترات التي تتم فيها تغذية محطة كهرباء “مبروكة” من سد “تشرين”، تتوفر في أجزاء من مدينة تل أبيض والمنطقة الممتدة بينها وبين رأس العين/سري كانييه، وتحديداً المناطق التي لم تتعرض فيها خطوط الكهرباء للضرر أو السرقة خلال عملية “نبع السلام”.
12. المساومة على حمولة إضافية من الكهرباء – الاتفاق الثاني:
بعد التصريح الروسي بيوم واحد، أي بتاريخ 5 آذار/مارس 2020، عادت محطة “علوك” للمياه إلى الخدمة مجدداً، بعد (11) يوم من قيام القوات التركية بإيقاف تشغيل المحطة وطرد العاملين فيها، وعادت لضخّ المياه إلى مدينة الحسكة وبلدة “تل تمر” وأريافهما بعد سماح الجانب التركي للعاملين في المحطة بتفعيلها.
حول ذلك، قال أحد المهندسين الأعضاء في ورشة الكهرباء المشتركة بين الإدارة الذاتية والحكومة السورية لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة[16] أن القوات التركية سمحت بتشغيل محطة مياه “علوك” بعد تفاهمات مع الجانب الروسي، وتابع حديثه:
“اشترطت تركيا رفع قدرة الكهرباء الواردة من سد تشرين إلى محطة “مبروكة” إلى 20 ميجا واط بدلا من (7) ميجا واط الحالية، لتغذية مناطق رأس العين/سري كانييه وتل أبيض والأرياف المحيطة بهما بالكهرباء، ولكن بعد مفاوضات مع الروس، وافقت “أنقرة” على السماح بضخ المياه من محطة “علوك”، عقب تغذية محطة “مبروكة” بـ (9-10) ميغا واط من الكهرباء“.
وحتى 10 آذار/مارس 2020، تم رفع عدة الآبار العاملة في محطة مياه “علوك” إلى 26 بئراً من أصل 30 بئراً، لترتفع الطاقة الإنتاجية اليومية إلى 120 ألف متر مكعب من المياه الصالحة للشرب.
13. إيقاف آخر لضخ المياه من “علوك” بتاريخ 21 آذار/مارس 2020:
بتاريخ 21 آذار/مارس 2020، عمدت القوات التركية مجدداً، إلى قطع المياه عن حوالي 600 ألف شخص من سكان شمال شرقي سوريا، عبر ايقاف عمل المحطّة مرة أخرى دون توضيح الأسباب. وهو ما دفع 49 منظمة سوريّة لإصدار بيان مندد بعمليات القطع المتكررة، وطالبت بتحييد محطة مياه “علوك” من الصراعات السياسية والعسكرية وضمان أن يستفيد جميع سكان منطقة شمال شرقي سوريا من الموارد المائية بشكل عادل ودون أن تمييز من أي نوع كان.[17]
حول السبب وراء وقف ضخ المياه الأخير من محطة “علوك” قال أحد المهندسين المشرفين في لجنة الكهرباء المشتركة بين الإدارة الذاتية والحكومة السورية، إن تركيا اشترطت تغذية محطة كهرباء “مبروكة” بـ (23) ميغا واط من الكهرباء مقابل السماح بضخ المياه من محطة “علوك” وتحدث لـ سوريون من أجل الحقيقة والعدالة[18]، ما يلي:
“كانت قدرة الكهرباء الصادرة من سد “تشرين” إلى محطة كهرباء “مبروكة” تبلغ (9-10) ميغا واط، لكن تركيا طلبت رفع الحمولة إلى (23) ميغا واط، لتغذية المناطق التي احتلتها خلال هجومها على شمال شرق سوريا بالكهرباء، لكن إذا تم ذلك فسيكون على حساب بقية مناطق الجزيرة، التي تخضع لسيطرة الإدارة الذاتية“.
وبحسب المصدر فأن مدينة رأس العين/سري كانيه كانت تُغذى قبيل الهجوم العسكري التركي على شمال شرقي سوريا، بـ 10 ميغا واط من الكهرباء.
14. مخاطر انقطاع المياه مجدداً في ظل جائحة كورونا:
بحسب الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فإن تكرار انقطاع المياه الصالحة للشرب دفع سكان الحسكة وأريافها للإعتماد على مصادر مياه غير آمنة. ما يشكّل خطراً جسيماً على حياتهم في ظل الجهود المحلّية للتصدي لفيروس “كورونا” المستجد (كوفيد 19).
في السياق ذاته، نوه الطبيب “مصطفى الكردي” الذي يعمل في مشافي مدينة الحسكة إلى أن نتائج قطع المياه من محطة “علوك” كانت كارثية على سكان المناطق التي تغذيها المحطة، وتحدث لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة[19] قائلاً:
“أدى انقطاع المياه إلى زيادة الطلب على مياه الصهاريج المتنقلة، تلك التي قد لا تكون نظيفة ومعقمة، وقد أثرت قلة المياه بشكل سلبي على النظافة الشخصية للأشخاص والعائلات، وكذلك نظافة وتعقيم المراكز الصحية والمشافي، ما يشكل خطراً جدياً على حياة الناس، في ظل انتشار فيروس كورونا المستجد“.
بدورها، قالت سُمية عبد الاله (27 عاماً) وهي نازحة من محافظة دير الزور، تعيش مع زوجها وأولادها في مخيم العريشة/السد جنوب مدينة الحسكة لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة[20]، إن انقطاع المياه من محطة “علوك” يأثر سلباً على قاطني المخيم البالغ عددهم أكثر من (13) ألف نازح داخلي، وذلك لأن خزانات المياه المخصصة للنازحين تتم تعبئتها عبر صهاريج متنقلة، والتي بدورها تقوم بتعبئة المياه من مدينة الحسكة.
تأكيداً على ذلك، قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” في بيان[21] صدر على لسان ممثلها في سوريا “فران ايكيثا”، بتاريخ 23 آذار/مارس 2020 إن توقف ضخ المياه من محطة “علوك” يعرض (460) ألف شخص للخطر، في خضم تصاعد الجهود لمنع انتشار مرض فيروس كورونا. وبحسب ممثل اليونيسيف في سوريا فإن انقطاع المياه يعرض الأطفال والأسر لخطر غير مقبول. غسل اليدين بالصابون أمر بالغ الأهمية في مكافحة مرض COVID-19.
15. إعادة ضخّ المياه بتاريخ 26 آذار/مارس 2020 واتفاق آخر جديد:
بعد عدة جولات من المفاوضات بين القيادة العسكرية الروسية في شمال شرقي سوريا والقوات التركية، سمحت الأخيرة بإعادة ضخ المياه من محطة “علوك” شرقي رأس العين/سري كانييه، بتاريخ 26 آذار/مارس 2020، عقب 5 أيام من إيقافها عن العمل.
الإتفاق الأخير بين القوات التركية والروسية، قضى بتزويد محطة كهرباء “مبروكة” غربي رأس العين/سري كانييه بـ حمولة تتراوح من /12-15/ ميغا واط من الكهرباء من سد “تشرين” الذي يخضع لسيطرة الحكومة السورية والإدارة الذاتية، مقابل السماح بتشغيل محطة “علوك” للمياه من قبل الجانب التركي، بحسب المهندس المشرف في لجنة الكهرباء المشتركة بين الإدارة الذاتية والحكومة السورية، إذ تحدث لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة.[22]
“لم توافق الحكومة السورية والإدارة الذاتية على الشرط التركي، لعدم توفر الامكانية على تغذية محطة كهرباء “مبروكة” بـ 23 ميغا واط من الكهرباء من سد “تشرين”، لكنها اقترحت تغذية المحطة بنصف هذه الحمولة، ليتفق الطرفان بوساطة روسية على تغذية محطة “مبروكة” بـ 12-15 ميغا واط من الكهرباء، مقابل سماح القوات التركية بتشغيل محطة مياه “علوك”، وعدم التعرض لطاقمها. تم تشغيل المحطة اثر ذاك الأتفاق“.
على الرغم من ذلك، لا تزال الكهرباء العامة لا تصل إلى منازل المدنيين في رأس العين/سري كانييه بسبب عدم صيانة وإعادة توصيل خطوط ومحولات الكهرباء التي تعرضت لأضرار وسرقة خلال وعقب عملية “نبع السلام”، وفقاً للعديد من الشهادات التي حصلت عليها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة من نشطاء ومدنيين يعيشون في المدينة حالياً.
16. إعادة قطع المياه – استخدام المياه كسلاح وورقة ابتزاز ضد سكان شمال شرق سوريا:
على الرغم من الاتفاق، بتاريخ 29 آذار/مارس 2020، قطعت القوات التركية المياه عن مدينة الحسكة وأريافها للمرة الثانية خلال أقل من 10 أيام، بعد إيقاف الضخ من محطة “علوك” شرقي رأس العين/سري كانييه، قبل أن تسمح مجدداً بتشغيل المحطة، عقب يوم واحد فقط من عملية القطع، وتحديداً بتاريخ 30 آذار/مارس 2020، ولكن دون تقديم ضمانات حول إستمرار عملها.
انقطاع المياه هذا هو الرابع منذ بدأ الغزو العسكري التركي لمناطق شمال سوريا، حيث بدا واضحاً أن السلطات التركية تتعمد قطع مياه محطة “علوك” بشكل متكرر، كورقة ابتزاز من أجل المساومة والحصول، في كل مرة، على حمولة إضافية من كهرباء سد “تشرين” الذي يخضع لسيطرة الحكومة السورية والإدارة الذاتية، مقابل السماح بضخ المياه من محطة “علوك”، على الرغم من توسط القوات العسكرية الروسية وتوصلها لتفاهمات مع “أنقرة” حول ذلك.
17. قصف من المناطق الخاضعة للسيطرة التركية يلحق الضرر بإنبوب المياه الرئيسي ويوقف الضخّ مرة أخرى:
أثناء وضع اللمسات الأخيرة على هذا التقرير، وتحديداً بتاريخ 2 نيسان/أبريل 2020، انتشرت تقارير إخبارية جديدة عن قصف قامت به قوات المعارضة السورية/الجيش الوطني السوري المعارض المسيطر على منطقة “نبع السلام” مع القوات التركية، تضرر على إثره أنبوب المياه الرئيسي الواصل بين محطة “علوك” ومحطة مياه/تجميع “الحمّة” غربي مدينة الحسكة.
الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة أكدّ وقوع عملية القصف بالمدفعية وقذائف الهاون بالقرب من قرية “أمّ الكيف” (3 كم شمالي بلدة تل تمر)، وتحدّث مع عضو في ورشة الصيانة التابعة لمحطة “علوك” وهي الورشة المشتركة بين “الحكومة السورية/دمشق” والإدارة الذاتية، والذي قال عبر اتصال هاتفي بتاريخ 3 نيسان/أبريل 2020، إن انفجار خط المياه أدى إلى تشكل بركة من المياه في موقع الضرر، وقد تم إيقاف ضخّ المياه من المحطة بشكل مؤقت، حتى يتسنى لورشات الصيانة تقدير حجم الضرر وإصلاح الخط.
وبحسب المصدر فإن الورشة بدأت اعمال صيانة القسم المتضرر من الخط الرئيسي لنقل المياه من محطة “علوك”، بتاريخ 3 نيسان/أبريل 2020، مشيراً إلى أن المياه سيعاد ضخها من المحطة خلال أقل من 48 ساعة.
صورة رقم (6) – صورة تظهر الخط الرئيسي لنقل المياه من محطة “علوك”، والذي خرج عن الخدمة بالقرب من قرية “أم الكيف”، عقب تعرضها للقصف بقذائف المدفعية والهاون من قبل القوات التركية وفصائل الجيش الوطني السوري. مصدر الصورة: صفحة “الحسكة” على موقع “فيس بوك”.
وشهدت القرى الغربية والشمالية لبلدة تل تمر (40 كلم شمال غرب الحسكة)، يوم 2 نيسان/أبريل 2020، قصفاً مكثفاً من جانب القوات التركية وفصائل “المعارضة”، ما أسفر عن مقتل عنصرين من القوات الحكومية السورية (التابعة للجيش النظامي السوري)، وجرح (7) آخرين بينهم مدني، كما أدى إلى حركة نزوح محدودة بين المدنيين باتجاه بلدة “تل تمر”.
صورة رقم (7)
صورة رقم (8)
صورة رقم (9) تحليل الأدلة البصرية – الصور المرقمّة بالأرقام ( 7 و 8) هي صورة مأخوذة من مقطع فيديو نشرته وكالة “هاوار” تُظهر الضرر الذي وقع بأنبوب المياه. إضافة إلى تحليل الأدلة البصرية المتوفرة.
صورة رقم (10) – صورة مأخوذة من مقطع فيديو نشرته وكالة “هاوار” تُظهر الضرر الذي وقع بأنبوب المياه. إضافة إلى تحليل الأدلة البصرية المتوفرة.
صورة رقم (11)
صورة رقم (12) – صورة مأخوذة بواسطة الأقمار الاصطناعية بتاريخ 3 نيسان/أبريل 2020. تُظهر التغيرات في التربة نتيجة الحفر حول مكان الأنبوب الذي تمّ قصفه.
كما أدّى استمرار القصف من قبل فصائل المعارضة السورية المدعومة من تركيا على أطراف بلدة “تل تمر”، بتاريخ 3 نيسان/أبريل 2020، إلى انقطاع الكهرباء عن البلدة وريفها، نتيجة تضرر أحد خطوط التوتر العالي في قرية “أم الكيف” في ريف “تل تمر” الشمالي. ويغذي خط التوتر العالي المعروف بـ “خط 66 كيلو فولط” بلدة “تل تمر” و 350 قرية في أريافها بالكهرباء.
وأفاد عضو اللجنة الفنية في “بلدية الشعب” التابعة للإدارة الذاتية في “تل تمر”، “كوران محمد” لـ سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، عبر الهاتف بتاريخ 4 نيسان/أبريل 2020، إن فرق الصيانة في مديرية الكهرباء تمكنت من إعادة توصيل الكهرباء إلى البلدة وريفها، عقب 24 ساعة على انقطاعها نتيجة القصف، وتابع قائلاً:
“انقطع خط التوتر العالي على بُعد 500 متر فقط من موقع انفجار خط نقل المياه من محطة علوك والذي خرج عن الخدمة هو الآخر قبل يوم واحد نتيجة القصف على قرية أم الكيف، لكن فرق الصيانة تمكنت من صيانة خط الكهرباء وإعادة توصيلها”.
وبحسب المصدر فإن هذه هي المرة السابعة منذ بداية عام 2020 التي تنقطع فيها الكهرباء عن بلدة “تل تمر” وريفها نتيجة قصف فصائل المعارضة السورية المدعومة من “أنقرة”.
18. مشروع بديل لمحطة “علوك” للمياه:
بحثاً عن حل مستدام، أعلنت مديرية المياه التابعة للإدارة الذاتية في مقاطعة الحسكة بتاريخ 24 آذار/مارس 2020، عن البدء بتنفيذ مشروع إنشاء محطة جديدة للمياه في منطقة “الحُمة” غربي الحسكة كبديل عن محطة مياه “علوك” الواقعة في ريف رأس العين/سري كانييه[23]. الهدف من المشروع هو تغذية مدينة الحسكة وأريافها بالمياه الصالحة للشرب، بحسب الرئيسة المشتركة لمديرية المياه التابعة للإدارة الذاتية في مقاطعة الحسكة “سوزدار أحمد”، التي تحدثت لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بتاريخ 24 آذار/مارس 2020 قائلة:
“بدء العمل في المشروع بعد اكتشاف مياه جوفية صالحة للشرب وفقاً للمقاييس العالمية في موقع الحُمة، ويضم المشروع الجديد 50 بئراً، بغزارة تصل لـ 15 ألف متر مكعب يومياً، ومن المقرر أن يُنجز في غضون شهر، لكنه لن يكون بمستوى محطة مياه “علوك”، لذا نسعى لإيجاد العديد من المواقع الاخرى لإستخراج المياه“.
صورة رقم (13) – تظهر الصورة جانب من اعمال بدء تنفيذ مشروع انشاء محطة جديدة للمياه في منطقة “الحُمة” غربي الحسكة كبديل لمحطة مياه “علوك”، بتاريخ 24 آذار/مارس 2020. مصدر الصورة: وكالة أنباء “هاوار” المقربة من الإدارة الذاتية.
توصيات:
- الضغط على الحكومة التركية من أجل السماح بإعادة ضخّ المياه باتجاه المناطق المحرومة منها بشكل فوري وعاجل، وضمان عدم تكرار عمليات القطع تحت أي ذريعة.
- تحييد محطة مياه “علوك” من الصراعات السياسية والعسكرية وإخضاع إدارتها إلى فريق مدني مختص ومستقل، وذلك بإشراف ورقابة دولية وكف يد القوات التركية من استخدامها كورقة ابتزاز.
- ضمان أن يستفيد جميع سكان منطقة شمال شرق سوريا من الموارد المائية بشكل عادل ودون أن تمييز من أي نوع كان.
آخر تحديث:
تمّ إعادة ضخّ المياه من محطة “علوك” منذ يوم 5 نيسان/أبريل 2020، وذلك بعد إصلاح الخط الرئيسي لنقل المياه من المحطة الرئيسية إلى محطة “الحمّة” غربي الحسكة. والذي كان قد انفجر بالقرب من قرية “أم الكيف” (3 كيلومتر شمال بلدة تل تمر)، عقب تعرضها للقصف من قبل القوات التركية وفصائل المعارضة السورية بتاريخ 2 نيسان/أبريل 2020.
[1] قضية المدعي العام ضد عمر حسن أحمد البشير؛ طلب المدعي العام إصدار قرار بعدم تعاون جمهورية السودان في قضية المدعي العام ضد عمر حسن أحمد البشير عملأً بالفقرة (7) من المادة 87 من نظام روما الأساسي، بتاريخ 19 كانون الأول/ديسمبر 2014. https://www.icc-cpi.int/CourtRecords/CR2014_10182.PDF.
[2] حقوق الإنسان في المياه والصرف الصحي؛ الأمم المتحدة مياه. https://www.unwater.org/water-facts/human-rights/.
[3] إحداثيات الموقع (36.873075,40.185889).
[4] إحداثيات محطة تحويل كهرباء بلدة مبروكة (36°33’29.8″N 39°53’23.9″E).
[5] تجمّع من فصائل إسلامية متشددة، اندمجت في شهر نيسان/أبريل 2016، وكانت متواجدة بشكل أساسي في حلب وريفها الشمالي، وهي: “كتائب منهاج السنة”، “كتيبة رجال الله”، “كتيبة مكة”، “كتيبة القوة الموحدة”، “كتيبة يوسف الحلبي”، “كتيبة الأنصاري”، “كتيبة عمر بن عبد العزيز”، “كتيبة الهندسة”، “كتيبة سيف الله”.
[6] تم إجراء اللقاء عبر الانترنت بتاريخ 29 آذار/مارس 2020.
[7] ، [8] تم إجراء اللقاء عبر الانترنت بتاريخ 25 آذار/مارس 2020.
[9] تم إجراء اللقاء عبر الانترنت بتاريخ 24 آذار/مارس 2020.
[10] ، [11] تم إجراء اللقاء عبر الانترنت بتاريخ 29 آذار/مارس 2020.
[12] جنرال روسي يكشف تفاصيل المفاوضات مع الاتراك لإعادة ضخ المياه للحسكة وتل تمر. كردستان 24. 2 آذار/مارس 2020. (آخر زيارة للرابط 31 آذار/مارس 2020). https://www.kurdistan24.net/ar/news/3c5df9d5-e063-4b05-b011-43b44af56666.
[13] السبب روسي.. لماذ قطع “محلي رأس العين” المياه عن الحسكة. عنب بلدي. 25 شباط/فبراير 2020. (آخر زيارة للرابط 31 آذار/مارس 2020). https://enabbaladi.net/archives/365870 .
انظر أيضاً: منظمات تدين قطع المياه من محطة “علوك” شمال شرقي سوريا. عنب بلدي. 28 آذار/مارس 2020. (آخر زيارة للرابط: 31 آذار/مارس 2020). https://enabbaladi.net/archives/373207.
[14] تركيا/سوريا: المياه سلاح خلال وباء عالمي؟ – هيومن رايتس واتش. 31 آذار/مارس 2020. (آخر زيارة للرابط: 31 آذار/مارس 2020). https://www.hrw.org/ar/news/2020/03/31/340145.
[15] تم إجراء اللقاء عبر الانترنت بتاريخ 30 آذار/مارس 2020.
[16] تم إجراء اللقاء عبر اتصال هاتفي بتاريخ 25 آذار/مارس 2020.
[17] 49 منظمة سورية تدين قطع تركيا المتعمّد للمياه في شمال شرق سوريا. سوريون من أجل الحقيقة والعدالة. 27 آذار/مارس 2020. (آخر زيارة للرابط 31 آذار/مارس 2020). https://stj-sy.org/ar/49-منظمة-سورية-تدين-قطع-تركيا-المتعمّد-ل/.
[18] تم إجراء اللقاء عبر اتصال هاتفي بتاريخ 23 آذار/مارس 2020.
[19] تم إجراء اللقاء عبر الانترنت بتاريخ 28 آذار/مارس 2020.
[20] تم إجراء اللقاء عبر الانترنت بتاريخ 29 آذار/مارس 2020.
[21] توقف ضخ المياه من محطة المياه الرئيسية في شمال شرق سوريا يعرض 460.000 شخص للخطر في خضم تصاعد الجهود لمنع انتشار فيروس كورونا. بتاريخ 23 آذار/مارس 2020 (آخر زيارة بتاريخ 30 آذار/مارس 2020). https://www.unicef.org/mena/ar/توقف-ضخ-المياه-محطة-الرئيسية-شمال-شرق-سوريا-يعرض-460000-شخص-للخطر-كورونا/البيانات-الصحفية.
[22] تم إجراء اللقاء عبر الانترنت بتاريخ 28 آذار/مارس 2020.
[23] مديرية المياه تبدأ بمشروع بديل لمحطة علوك في الحسكة، وكالة انباء “هاوار” المقربة من الإارة الذاتية، بتاريخ 24 آذار/مارس 2020 (آخر زيارة بتاريخ 30 آذار/مارس 2020). https://hawarnews.com/ar/haber/mdyryh-almyah-tbda-bmshrwa-bdyl-lmhth-alwk-fy-alhskh-h32047.html%D9%85%D8%AF%D9%8A%D8%B1%D9%8A%D8%A9.