تحلّ الذكرى التاسعة لمجزرة الكيماوي في الغوطة بريف دمشق، التي قُتل بنتيجتها ما يزيد عن ألف مدني اختناقاً، فيما تنشّق الآلاف الغازات السامة نتيجةً لهجمات بصواريخ تحمل مواد كيميائية على عدد من مدن الغوطتين، كان أبرزها زملكا وعين ترما وكفر بطنا وعربين في الغوطة الشرقية، ومدينة المعضمية في الغوطة الغربية، في الهجوم الكيميائي الأعنف ضد المدنيين السوريين. ورغم تأكيد التقارير الحقوقية والأمنية مسؤولية الحكومة السورية عن الهجوم، ورغم أعداد الضحايا الذين قتلوا على مرأى ومسمع من العالم… اكتفى المجتمع الدولي بقرار مجلس الأمن الدولي رقم /2118/، الذي يقضي بانضمام سوريا لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة الكيميائية، وسحب وتفكيك ترسانتها من الأسلحة الكيميائية, القرار الذي تم تنفيذه جزئياَ، وإهمال الفقرة /15/ منه، والتي تنص على “ضرورة محاسبة الأفراد المسؤولين عن استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا”.
قرار مجلس الأمن، ونتائج التحقيقات التي قامت بها خمس لجان تحقيق دولية أثبتت استخدام القوات الحكومية المتكرر للسلاح الكيماوي. قدمت هذه اللجان تقاريرها إلى هيئات الأمم المتحدة المعنية، وإلى مجلس الدول الأعضاء في منظمة “حظر الأسلحة الكيماوية”، ولم تكفي جميع هذه التقارير لوضع ملف استخدام الكيماوي في سوريا على أي مسار للعدالة، ومحاسبة المسؤولين عن مجزرة الغوطة والهجمات التي نفذتها القوات الحكومية السورية بالسلاح الكيماوي على امتداد السنوات الماضية في كل من ريف حماة وإدلب وحلب وحمص وريف دمشق واللاذقية.
حالة الإفلات من العقاب هذه قابلها إصرار مجموعةِ من منظمات المجتمع المدني السوري على المطالبة بمحاسبة الجناة وتعويض الضحايا والتأكيد على حق السوريين في معرفة الحقيقة، للتعامل مع آثار مجزرة الكيماوي المستمرة، حيث بدأت العمل على تجاوز عوائق استمرار وجود المنتهكين في السلطة وعجز المجتمع الدولي عن إيقاف الجرائم وفاعليها، وذلك من خلال إشراك الناجين وذوي الضحايا في اجتماعات السياسة أو التنسيق بشأن العدالة، وفي حملات المناصرة، ودعم مبادرات الناجين وعائلات وروابط الضحايا، والتي أثمرت بإطلاق رابطة ضحايا الأسلحة الكيماوية.
كما اتجهت المنظمات التي وثقت الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وللقانون الدولي الإنساني منذ بداية النزاع، إلى ما هو ممكن حالياً من مسارات العدالة، حيث سبق وقام المركز السوري للإعلام وحرية التعبير والأرشيف السوري بتقديم معلومات وأدلة جديدة مرتبطة باستهداف الغوطة في عام 2013، واستهداف خان شيخون في عام 2017، إلى القضاء في كل من ألمانيا، فرنسا والسويد، حيث يجري التحقيق في هذه القضايا.
واليوم وفي الذكرى التاسعة للمجزرة، تجدد المنظمات الموقعة على البيان التزامها الكامل ببذل الجهود الممكنة، ومتابعة العمل على جلب المجرمين المسؤولين عن استخدام السلاح الكيميائي في سوريا إلى العدالة، وتؤكد على أن غضّ النظر عن محاسبة مرتكبي مجزرة الكيماوي في الغوطة، أتاح للمجرمين تكرار جرائمهم، وشكل سابقةً باستخدام الأسلحة المحرمة دولياً ضد المدنيين دون محاسبة، مما ينطوي على تهديدٍ للسلم والأمن الدوليين.
كما تدعو المنظمات المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات فعّالة للمحاسبة عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وأحكام القانون الدولي الإنساني في سوريا، وفي مقدمها مجزرة الكيماوي، وإلى دعم الانتقال السياسي، وتشدد على الطبيعة القانونية لجريمة استخدام السلاح الكيماوي التي لا تسقط بالتقادم، والتي تستوجب -إلى جانب المحاسبة القضائية للجناة- المحاسبة السياسية للمنظومة الأمنية العسكرية الحاكمة في سوريا، ومنع أي شكلٍ من أشكال التطبيع مع الحكومة السورية التي أثبتت التحقيقات الأممية مسؤوليتها الكاملة عن عدد من الهجمات بالأسلحة الكيميائية في سوريا؛ وتمكين السوريين من إطلاق مسار عدالة انتقالية وطني شامل، غير انتقائي وغير انتقامي، وتحقيق الانتصاف الفعال لضحايا الانتهاكات وعائلاتهم، وجبر الضرر الناجم عنها؛ عبر العمل على الالتزام بالوصول إلى انتقال سياسي حقيقي في سوريا، يستند إلى بيان جنيف والقرارات الأممية ذات الصلة، لاسيما قرارات مجلس الأمن الدولي رقم /2118/ و/2254/.
المنظمات الموقعة:
- بوصلة للتنمية والإبداع
- جنى وطن
- حملة من أجل سوريا
- الرابطة الطبية للمغتربين السوريين سيما
- سوريا السلام والعدالة
- سوريون من أجل الحقيقة والعدالة (STJ)
- شبكة حراس
- المجلس السوري البريطاني (SBC)
- محامون وأطباء من أجل حقوق الإنسان
- المركز السوري للإعلام وحرية التعبير (SCM)
- النساء الآن من أجل التنمية (WND)