في التاسع من تشرين الأول/أكتوبر لعام 2019، أبلغت الحكومة التركية مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بإطلاقها لعملية “نبع السلام”، وذلك استناداً إلى المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة على حد زعمها.[1] ومنذ ذلك الحين، تسببت الغارات الجوية والقصف المدفعي المرافقان للعملية إلى نزوح حوالي 200.000 شخص[2] بينهم ما يقارب 70 ألف طفل[3] ومقتل مايزيد عن 200 مدني.[4]
إنَّ إطلاق هذه العملية بحد ذاته هو أمر غير قانوني. حيث أنَّ ذرائع تركيا القائلة بأنَّ عمليتها تقع في إطار تطبيق الآلية الأمنية التي تضمنها الولايات المتحدة وبأنها تتماشى مع المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة بما تتضمنه من الحق في الدفاع عن النفس، جميعها غير قابلة للتطبيق ولا يمكنها استخدامها لتبرير عمليتها وخاصة مع غياب أي هجوم مسلّح ضدها. وإنَّ خرق تركيا للمادة 51 يفتح منفذاً أمام القانون لإجراء تحقيقات في مسؤولية الدولة عن هذا الانتهاك مما قد يؤدي إلى إصدار ملاحقات قضائية ضد الرئيس أردوغان بتهمة اقتراف جريمة العدوان بناءً على مبادرة من مجلس الأمن التّابع للأمم المتحدة.
وعلاوة على ذلك ، فإن سير هذه العملية العسكرية يسوده انتهاكات صارخة للقانون الإنساني الدولي. حيث قامت كلاً من المفوضية السامية لحقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية بتوثيق جرائم حرب ارتكبت من قبل الجيش التركي والجماعات المسلحة السورية المعارضة التابعة له، وقد شملت تلك الانتهاكات: عمليات إعدام موجزة نفّذها مقاتلون ينتمون إلى جماعة أحرار الشرقية المسلحة التابعة لتركيا،[5] في 12 تشرين الأول/أكتوبر 2019، وهجمات عشوائية على مناطق سكنية، من ضمنها منزل ومخبز ومدرسة، نفذتها تركيا والجماعات المسلحة السورية المتحالفة معها، والقتل التعسفي وبدم بارد للسياسية السورية الكردية البارزة “هفرين خلف”، من قبل أعضاء جماعة أحرار الشرقية. إنَّ هذه الانتهاكات تتجاوز في بشاعتها تلك التي ارتكبتها تركيا والجماعات المسلحة المعارضة التابعة لها أثناء احتلالها لعفرين في سياق عملية “غصن الزيتون” التي شنتها عام 2018، والتي أدت إلى النزوح القسري لـ 137.000 مدني، و إجراء اعتقالات تعسفية، إلى جانب مصادرة الممتلكات ونهب المنازل والمحال التجارية.[6]
إن حماية المدنيين وضمان أن تصبح حقوق الإنسان موضع الأولوية، هي مسؤولية جميع أطراف النزاع وأولئك القائمين على المفاوضات الجارية.
توصيات:
-
إلى تركيا: وضع حد فوري لاحتلال سوريا والانسحاب من أراضيها.
-
إلى أطراف النزاع: ضمان احترام القانون الإنساني الدولي من قبل جميع الجهات الفاعلة الخاضعة لقيادتهم وتيسير وصول المساعدات الإنسانية المحلية والدولية للضحايا.
-
إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة: التمسك بتطبيق ميثاق الأمم المتحدة، ومبدأ حظر استخدام القوة، والذي تعتبره محكمة العدل الدولية حجر الزاوية في ميثاق الأمم المتحدة.
-
إلى الدول الأوروبية: استقبال اللاجئين السوريين الذين تستخدمهم تركيا كأداة لتحقيق مآربها، وذلك بما يتماشى مع أسسهم الديمقراطية ومع اتفاقية اللاجئين لعام 1951 الذين هم من الدول الموقعة عليها. إلى جانب إجراء تحقيقات حول هويات الجماعات المسلحة والأفراد المتورطين في ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان بغية ضمان المساءلة.
-
إلى لجنة التحقيق والآلية الدولية المحايدة والمستقلة (IIIM): العمل على إجراء تحقيق شامل في الأدلة على انتهاكات القانون الإنساني الدولي والجنائي التي ارتكبتها أطراف النزاع وتوثيقها بدقة، جنباً إلى جنب مع دعم فتح قضايا ضد المتورطين من قبل الهيئات القضائية المحلية استنادا إلى مبدأ الولاية القضائية العالمية.
-
إلى منظمات حقوق الإنسان: إجراء تحقيقات حول تحمّل تركيا مسؤولية انتهاكات القانون الإنساني الدولي التي ارتكبها كل من جيشها النظامي و المجموعات المسلحة السورية المعارضة التابعة لها.
[1] “رسالة مؤرّخة 9 تشرين الأول/أكتوبر 2019 موجهة إلى رئيس مجلس الأمن من الممثل الدائم لتركيا لدى الأمم المتحدة”، موقع الأمم المتحدة، , S/2019/804 https://undocs.org/ar/S/2019/804 (آخر زيارة: 19 تشرين الأول/أكتوبر 2019).
“هيئة طبية كردية في شمال شرق سوريا تعلن مقتل 218 مدنياً في الهجوم التركي”، رويترز، 17 تشرين الأول/أكتوبر 2019 (آخر زيارة: 19 تشرين الأول/أكتوبر 2019). https://uk.reuters.com/article/uk-syria-security-turkey-casualties/kurdish-led-health-authority-in-northeast-syria-says-218-civilians-killed-in-turkish-offensive-idUKKBN1WW1A5
[2] “قلق أممي من أن تؤدي العمليات العسكرية في سوريا إلى “الإفراج غير المقصود” عن عناصر داعش”. موقع الأمم المتحدة. 14 تشرين الأول/أكتوبر 2019. (آخر زيارة 19 تشرين الأول/أكتوبر 2019). https://news.un.org/ar/story/2019/10/1041691.
[3] “مايقارب ٧٠ ألف طفل نازح مع تصاعد وتيرة العنف في شمال شرقي سوريا”. اليونيسيف. 14 تشرين الأول/أكتوبر 2019. (آخر زيارة 19 تشرين الأول/أكتوبر 2019). https://www.unicef.org/mena/ar/%D9%85%D8%A7%D9%8A%D9%82%D8%A7%D8%B1%D8%A8-%D9%A7%D9%A0-%D8%A3%D9%84%D9%81-%D8%B7%D9%81%D9%84-%D9%86%D8%A7%D8%B2%D8%AD-%D9%85%D8%B9-%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%B9%D8%AF-%D9%88%D8%AA%D9%8A%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%86%D9%81-%D9%81%D9%8A-%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%B4%D8%B1%D9%82%D9%8A-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D9%86%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%A9.
[4] مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة ( (OCHAسوريا: النداء الإنساني العاجل #6 الآثار الإنسانية المترتبة على العملية العسكرية شمال شرق سوريا، 15 تشرين الأول/أكتوبر 2019 (آخر زيارة: 19 تشرين الأول/أكتوبر 2019). https://www.humanitarianresponse.info/sites/www.humanitarianresponse.info/files/documents/files/ocha_syria_nes_flash_update_6_as_of_15_october_final.pdf
[5] ” مذكرة إحاطة صحفية بشأن سوريا”، المفوضية السامية لحقوق الإنسان، 15 تشرين الأول/أكتوبر 2019، (آخر زيارة: 19 تشرين الأول/أكتوبر 2019) https://www.ohchr.org/EN/NewsEvents/Pages/DisplayNews.aspx?NewsID=25145&LangID=E&fbclid=IwAR3znXL03piDbs2BxH-o2lg3G3ZocybJYdgbbqmwdSODEbsMxq7WJ7ongQY
” أدلة دامغة على جرائم حرب وانتهاكات ارتكبتها القوات التركية وحلفاؤها شمال سوريا”، منظمة العفو الدولية، 18 تشرين الأول/أكتوبر 2019، (آخر زيارة: 19 تشرين الأول/أكتوبر 2019) https://www.amnesty.org/en/latest/news/2019/10/syria-damning-evidence-of-war-crimes-and-other-violations-by-turkish-forces-and-their-allies/
[6] “عمليات النزوح في عفرين حقائق وأرقام”، مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة ( (OCHA، آخر تحديث: 18 نيسان/أبريل 2018 (آخر زيارة: 19 تشرين الأول/أكتوبر 2019) https://reliefweb.int/sites/reliefweb.int/files/resources/Afrin%20Fact%20and%20figures%2018%20April.pdf
“سوريا: الاحتلال التركي لعفرين تسبب بانتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان- نتائج جديدة”، منظمة العفو الدولية، 1 آب/أغسطس 2018 (آخر زيارة: 19 تشرين الأول/أكتوبر 2019).