نظَّمت “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” بالتعاون مع شركائها من المجتمع المدني السوري، في الخامس من شهر أيار/مايو 2022، حدثاً موازياً لفعاليات مؤتمر بروكسل السادس. وذلك بهدف تسليط الضوء على انتهاكات حقوق الإسكان والأرض والملكية التي ترتكب بحق المجتمعات المحلية في سوريا، ولاسيما في مناطق الشمال.
شارك في هذا الحدث ضحايا تعرضوا لمثل هذه الانتهاكات وممثلين عن منظمات سورية، من ضمنها “رابطة تآزر”، و”منظمة بيل-الأمواج المدنية”، و”منصة رأس العين/سري كانيه”، و”مركز دودري المعني ببناء السلام”.
وقدَّم المشاركون أمثلة عن أكثر انتهاكات حقوق الإسكان والأرض والملكية شيوعاً، وسلَّطوا الضوء على أحد الآثار الكارثية لهذه الانتهاكات ألا وهو التغيير الديموغرافي، الذي أصبح يشكل قلقاً متزايداً بعد أن رصدت عدة حالات للمثل هذا التغيير في مناطق مختلفة من سوريا. وفي هذا الصدد ناقش المشاركون في الحدث كيف أنَّ أنماط التغيير الديموغرافي غالباً ما تكون تمييزية وتستهدف مجتمعات الأقليات العرقية والدينية كما هو الحال في شمال سوريا، حيث استهدف المجتمعات الكردية والأيزيدية.
بدأت عمليات التغيير الديموغرافي في مناطق الشمال السوري ذات الأغلبية الكردية في أعقاب العمليات العسكرية التركية التي شُنَّت ضد هذه المناطق. وقد تمَّ توثيق تنفيذ العديد من الانتهاكات ضد المجتمعات الكردية في هذه المناطق وشملت هذه الانتهاكات عمليات الاستيلاء والنهب الممنهجة للممتلكات، فضلاً عن الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان مثل الاعتقالات التعسفية والابتزاز والتعذيب من قبل فصائل المعارضة في الجيش الوطني السوري.
وعلاوة على ذلك، قدَّم الأعضاء المشاركون في الحدث أمثلة متعددة عن حالات تمَّ فيها إجبار السكان المحليين في شمال سوريا على توقيع أوراق تنازل عن ممتلكاتهم تحت التهديد بالاعتقال والتعذيب. ويذكر أنَّ النساء والفتيات هم الذين ينالون الجزء الأعظم من الأذيّة، إذ وثقت حالات عن تعرّض نساء وفتيات لانتهاكات قائمة على النوع الاجتماعي مثل الاعتداء الجنسي والزواج القسري من أعضاء الفصائل العسكرية.
ولاتزال هذه الانتهاكات مستمرة في الوقت الذي تخطط فيه تركيا لترحيل مليون لاجئ سوري من أراضيها وإعادة توطينهم في مناطق الشمال السوري، علماً أنَّ العديد منهم لا ينتمون بالأصل إلى هذه المناطق. هذا يعني أنَّ ما سيحدث في الشمال السوري هو تغيير ديموغرافي، لاسيما بعد أن دُفِعَ سكانه الكرد الأصليين للنزوح وذلك في سياق مشروع تمييزي أكبر اصطلح على تسميته بـ “الربيع العربي”.
لقد أوضحنا في المحادثة التي أجريناها – وهي متوفرة لمين يرغب بالاطلاع عليها – الآثار السلبية وتداعيات انتهاكات حقوق الإسكان والأرض والملكية التي ترتكب بحق المجتمعات المحلية في سوريا، والتي تهدد بإبقاء سوريا غير آمنة وغير مستقرة. وما يزيد الأمر خطورة هو أنه غالباً ما تكون هذه المجتمعات عاجزة عن وقف الانتهاكات، مما يسمح للجناة بمواصلة ارتكاب جرائمهم دون التعرض للعقاب. ولذلك السبب تحاول المنظمات السورية دعم الضحايا ومناصرتهم وذلك من خلال توثيق الانتهاكات التي تعرضوا لها، إلا أنَّ ذلك لا يعتبر كافياً حيث يتوجب على المجتمع الدولي معالجة هذه القضية.
يحدد مؤتمر بروكسل مسار وشكل التدخل العالمي في الأزمة السورية، ولذلك من الضروري أن يقوم المشاركون في مؤتمر هذا العام بما يلي:
- تسهيل تقديم المساعدات الإنسانية للنازحين داخلياً الذين هم في أمس الحاجة إليها مع إيلاء اهتمام خاص للنساء والفتيات.
- نظراً لكون الوضع الحالي في سوريا لا يوفر شروط العودة الآمنة، يتعيَّن على المشاركين في مؤتمر بروكسل هذا العام العمل على تهيئة الظروف التي تسمح بإمكانية عودة النازحين واللاجئين إلى البلاد، على أن تكون منظمات المجتمع المدني جزءاً من هذه العملية.
- يجب على المانحين التأكد من أن تبرعاتهم لا تذهب لدعم مشاريع التغيير الديموغرافي، وأن يحرصوا على دعم المشاريع التي تساعد المجتمعات المحلية في استعادة منازلهم والعودة إلى ديارهم. وابتغاءً لهذا الهدف، ينبغي إنشاء آلية مستقلة لرصد وومراقبة توزيع أموال المساعدات ومشاريع الإنعاش المبكر، والتأكد من أنَّ آلية إدارة المساعدات تتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
- يجب على الاتحاد الأوروبي الاعتراف بتركيا كقوة احتلال وفقاً لاتفاقيات جنيف لعام 1951، وذلك لحثّ تركيا على تحمل مسؤولية سلامة وأمن المجتمعات السورية في المناطق التي تحتلها حالياً.