سجلت “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” حالة وفاة في سجون “هيئة تحرير الشام” وحالة إعدام على يدها في محافظة إدلب شمالي سوريا خلال شهر شباط/فبراير 2022، حيث ما تزال “تحرير الشام” تنفذ عمليات الإعدام بحق بعض الموقوفين لديها بإجراءات موجزة وخارج نطاق القضاء.
الحالتان اللتان يوثقهما هذا التقرير هما لرجلان تمّ اتهامهما من قبل “تحرير الشام” بالتعاون مع قوات الحكومة السورية، لكنهما لم يعرضا على أيّ قضاء مستقل، وتعرضا للإخفاء القسري مدة طويلة قبل أن تعترف باعتقالهما، وفي حالة المتوفي قامت بتسليم جثته لذويه مع مراقبة مراسم الدفن (ربما لإخفاء أدلّة ما)، أمّا في حالة العجوز الذي تم إعدامه فلم يتم تسليم جثمانه لذويه كما لم تكشف لهم عن مكان دفنه.
ورصدت “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” إعدام 7 أشخاص بشكل تعسفي، بينهم 3 أطفال وامرأة خلال عام 2021، على يد الهيئة.
-
وفاة “فيصل أحمد الخلّوف”:
ينحدر “فيصل” من قرية “معرشمسة” في منطقة معرة النعمان بإدلب، ونزح منها إلى مخيم في “تجمع مخيمات أطمة” وكان خطيباً وإمام مسجد، وفي شهر أيلول/سبتمبر 2019، داهمت قوة أمنية تتبع لهيئة تحرير الشام منزله وقامت باعتقاله، وأخبر عناصر الدورية التي قامت باعتقاله أهالي قريته آنذاك أنه متهم بالتعامل مع قوات الحكومة السورية.
يقول أحد أقرباء “الخلوف” في حديثه مع “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” حول الحادثة ما يلي:
“بعد اعتقال الخلّوف، قامت زوجته بالبحث عنه والسؤال حوله بشكل مستمر لدى هيئة تحرير الشام، لكن الأخيرة كانت تنكر وجوده لديها، وبعد 11 شهراً اعترفت الهيئة باعتقاله، وسمحت لزوجته بزيارته في إحدى سجونها بمنطقة سرمدا، ولمدّة نصف ساعة فقط، حيث بدا عليه آثار الضرب والتعذيب إضافة إلى أن جسده كان قد أصبح هزيلاً. لقد أخبر فصيل زوجته بأنّ التهم الموجهة إليه هي التخابر مع الحكومة السورية وتسريب معلومات عسكرية عن تحركات الفصائل العسكرية التي تعمل في إدلب واستلامه حوالات مالية قادمة من دمشق.”
ويضيف المصدر:
“أخر مرة سمح لزوجته بزيارته كانت في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2021، حيث أخبرها زوجها أنه لم يتمّ عرضه على القضاء حتى الآن وما يزال موقوفاً على ذمة التحقيق.”
مصدر آخر، وهو أحد أقارب الضحية، قال في حديثه مع “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، أنّه وبتاريخ 13 شباط/فبراير، توقفت سيارة تابعة لجهاز الأمن العام وعليها شعار الجهاز، عند خيمة شقيق الضحية في إحدى مخيمات أطمه، وكان بداخلها ثلاثة أشخاص، طلب أحدهم مقابلة شقيقه الذي ركب في السيارة وتحدث داخلها مع أحد العناصر، وبعد نحو ربع ساعة نزل شقيق الضحية من السيارة وهو يبكي وقال أنهم أبلغوه بوفاة شقيقه نتيجة ذبحة صدرية، وعندما سألهم عن جثمان أخيه قالوا له أنه ليس لديهم أوامر بتسليم الجثة.
وعلى مدار اليومين التاليين قام أقارب الضحية بالتوجه إلى “مبنى محكمة سرمدا” ومحاولة الحصول على جثة “الخلوف”، وبتاريخ 15 شباط/فبراير 2022، واستلموا جثمان الضحية من المحكمة وطلب المسؤولون هناك أن يقوموا بدفنه بشكل سريع وبحضور أفراد العائلة فقط وبوجود عناصر من القوة الأمنية، كما لم يسمحوا لهم بعرضه على طبيب شرعي أو الحصول على تقرير طبي حول سبب الوفاة، وطلبوا من العائلة عدم التحدث عن وفاته وعدم إشاعة الخبر.
صورة رقم (1) – صورة “فيصل أحمد الخلوف” أثناء قيامه بالصلاة في أحد المساجد في إدلب. مصدر الصورة: نشطاء محليين.
- عملية إعدام “أحمد عمر العبوس”:
ينحدر (أحمد عمر العبوس/ 64 عاماً)، من قرية كفرلاتة جنوب إدلب، وكان موظفاً في محطة زيزون الحرارية حتى عام 2016، تمّ اعتقاله من قبل قوة أمنية تبع لهيئة تحرير الشام من أرضه في قرية كفرلاتة خلال شهر نيسان/أبريل 2021، وبتاريخ 14 شباط/فبراير تلقت عائلته نبأ إعدامه في السجن.
قال مصدر من قرية كفرلاته في حديثه “مع سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” حول الحادثة ما يلي:
“في نيسان 2021 داهمت قوة من هيئة تحرير الشام منزل العبوس بشكل مريع، وصدف عدم وجوده في المنزل، وأخبرتهم العائلة أنّه في أرضه الزراعية مع أبنائه يقوم بسقاية أشجار الزيتون. حيث توجهت القوة العسكرية إلى الأرض الزراعية وقامت باعتقاله بعد شجار مع أولاده ومن ثم نقلوه لمكان مجهول، دون توضيح أسباب الاعتقال”.
أحد أقرباء “العبوس” قال لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة معلومات إضافية حول الحادثة قائلاً:
“عملنا على البحث عن أحمد في عدّة أفرع أمنية تابعة لهيئة تحرير الشام، مثل جهاز الأمن الجنائي وفرع المعلومات، والفرع رقم 106، وجهاز الأمن العام. وذلك لمدة 6 أشهر لكن الجميع كان يدّعي عدم علمهم باعتقاله أو وجوده لديهم، كما دفع أبنائه الكثير من النقود من أجل معرفة مكانه لكن دون جدوى. وفي تاريخ 14 شباط قام أحد عناصر مخفر الشرطة في ناحية أريحا بإخطار العائلة بضرورة توجه أحد أبناء العبوس للمخفر، وبعد ذهاب أحد ابناءه جرى إخباره بأنه تمّ إعدام والده من قبل القوة التنفيذية بعد ثبوت تهم بحقه فيما يتعلق بالتخابر مع قوات الحكومة السورية وتزويدها بمواقع الفصائل المسلحة، دون أن يتم التوضيح ما إذا تم عرضه على القضاء أم كان القرار أمنياً، كما أخبر عناصر الشرطة ابنه بأنه جرى دفن والده بعد إعدامه دون الإفصاح عن مكان الدفن”.