بتاريخ 6 شباط/فبراير 2023، أي في اليوم الذي وقع فيه زلزال سوريا وتركيا، انتشر مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي لطفلة حديثة الولادة، تم انتشالها أثناء عمليات الانقاذ في مدينة جنديرس/جندريسه بمنطقة عفرين في شمال غرب سوريا.
عقب عملية الإنقاذ مباشرة، تمّ نقل الطفلة إلى “مشفى جيهان الجراحي” الواقع في مدينة عفرين، حيث تمّ تقديم الرعاية الصحّية لها، وتكفّل برعايتها مدير المشفى “خالد عطية” مع زوجته، بحسب إحدى المقابلات الذي ظهر فيها “عطية”، شارحاً وضع الطفلة الصحّي حال وصولها إلى المستشفى قائلاً أنَّ حرارتها كانت منخفضة جداً وكانت تعاني من نتوءات وكدمات وبالكاد تتنفس، كما أشاد عطية في المقابلة بدور كوادر المشفى في إنقاذ حياتها.
وبعد انتشار مقطع فيديو قصة إنقاذ الطفلة “آية” بشكل كثيف عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بدأت الكثير من التقارير الصحفية تفيد بأنّ مشاهير وشخصيات عالمية عامّة عرضت تبنّي الطفلة ورعايتها، حيث يبدو أنّ تلك التقارير لعبت ذلك دوراً في محاولة الخطف الذي تعرّضت له الطفلة من قبل عناصر في فصيل سوري يتبع للجيش الوطني السوري/المعارض.
وبحسب مدير المشفى، الذي ظهر في مقطع فيديو وعليه آثار اعتداء، فقد حاول ثلاثة أشخاص، بينهم ممرض، باقتحام المشفى والاعتداء عليه، وذلك يوم الاثنين الموافق لـ13 شباط/فبراير 2023. دون الإشارة إلى أنّ حادثة الاعتداء كان لها علاقة بمحاولة هؤلاء الأشخاص لأخذ الطفلة.
وفي السياق نفسه، نفى رئيس مديرية الصحة، الدكتور “أحمد الحاج حسن” الادعاءات التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي والتي تفيد بأنها محاولة فاشلة لاختطاف آية.
وقال لبي بي سي إن “ادعاءات الاختطاف كانت مبنية على سوء فهم. وكانت هذه قضية داخلية تماما تتعلق بالمستشفى، وليس لها أي صلة على الإطلاق بالطفلة”.
بعد تلك الحادثة، وبحسب إحدى التقارير الصحفية، قامت هيئة صحيّة محلية بنقل “الطفلة آية” إلى “مكان آمن” تخوفاً من خطفها، وذلك عقب عرض آلاف الأشخاص تبني الطفلة، بعدما تناقلت وسائل الإعلام المحلية والدولية قصتها على نطاق واسع.
“سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” تواصلت مع مصدرين اثنين؛ أحدهم مصدر طبي من داخل “مشفى جيهان الجراحي” والآخر ضابط في جهاز الشرطة في عفرين، وحصلت على المعلومات التالية:
اتهم المصدر الأول أحد قيادي “فرقة السلطان مراد” بمحاولة خطف الطفلة، وأحال سبب الخطف إلى انتشار قصتها بشكل واسع، وأضاف في شهادته ما يلي:
“عندما اقتحم هؤلاء الأشخاص المشفى، تمّ الطلب من مدير المشفى (خالد عطية) تسليم الطفلة، وحين رفض المدير تسليمها قام الأشخاص الثلاث بالاعتداء عليه وضربه بشكل مبرح، حتى تُركت آثار كدمات عنيفة على جسمه ووجهه.”
توافقت شهادة المصدر الأولى، مع علامات الضرب التي ظهرت على وجهة مدير المشفى “خالد عطية”، بعد نشره مقطعاً مصوراً حول الحادثة. وبدا أن مدير المشفى تعرض لعملية اعتداء وضرب وحشية.
وختم المصدر بأنّ القيادي الذي كان وراء إرسال المجموعة التي اقتحمت المشفى هو شخص يُعرف باسم “أبو وليد العزه/العزي”، وهو شخص معروف بارتكابه انتهاكات في عفرين ذات الغالبية الكردية بشكل خاص.
أمّا المصدر الثاني، فقد أفاد “لسوريون” هو الآخر بأنّ الشائعات التي تمّ ترويجها حول رغبة مشاهير وشخصيات عامّة بتبنّي الطفلة آية، كانت وراء عملية اقتحام المشفى والاعتداء على مديرها ومحاولة خطف الطفلة، وقال في شهادته ما يلي:
“رغم عدم تأكيد صحة إشاعات رغبة المشاهير في تبنّي الطفلة، سارعت جهات عسكرية إلى محاولة الخطف، رغبة في تحصيل مكاسب مادية.”
وختم المصدر بأن المجموعة التي اقتحمت المشفى تذرعت بوجود درجة قرابة بين أحد عناصر الفصيل والطفلة آية، إلا أنّه فشل في تقديم أي دليل أو إثبات للسلطات المحلية على ذلك، سوى أنّه ينحدر من نفس محافظة عائلة الطفلة “آية” التي تنحدر عائلتها من محافظة دير الزور في شمال شرقي سوريا.
تمكن مشفى جيهان من التحقق من هوية الطفلة، وأكد أنها ابنة عبد الله مليحان وعفراء أبو هدية اللذين لقيا حتفهما في الزلزال مع باقي أطفالهما في مدينة جندريس التابعة لعفرين في شمال غربي سوريا. لاحقاً، وتحديداً بتاريخ 18 شباط/فبراير 2023، التمّ شمل الطفلة آية مع عمتها حلا وزوجها خليل السوادي اللذين ثبتت صلة القرابة بينهما وبين الطفلة من خلال فحص الحمض النووي وإجراءات أخرى قانونية. وقد تمَّ تخريج الرضيعة من المشفى وتسليمها للعمة وزوجها أصولاً بعد أن أكد الأطباء إنها بصحة جيدة.وفي تصريح أدلى به السوادي لوكالة الأنباء رويترز قال إنه وزوجته قررا تسمية الطفلة “عفراء”، على اسم والدتها المتوفاة. وأكد السوادي الذي يعيش حالياً في منزلٍ لأقاربه في جنديرس بعد أن دمر الزلزال منزله، إنّ هذه الطفلة تعني الكثير له ولأسرته بعد أن فقدت أسرتها بالكامل، مضيفاً أنها ستبقى ذكرى له ولزوجته ولجميع الأقارب في قرية أمها وأبيها.