تحدّث فيه عن دراسة تعديل قانون ما أسماه “حيازة الأسلحة النارية” وبأن مشروع القانون قد نُوقش بشكل شامل ومفصّل وسيتم عرضه على أعضاء البرلمان السوري قريباً بغية إقراره. وقال في حديثه مع الإذاعة حول التعديلات المقترحة تحت قبة البرلمان السوري ما يلي:
“إنّ التعديل المقترح لقانون السلاح والذخائر هو فعلياً تعديل للقانون الذي يحمل الرقم 51 لعام 2001، وتأتي هذه التعديلات استجابة ضرورية للحدّ من فوضى السلاح المنتشرة في سوريا في الفترات السابقة.”
وأكمل مداخلته بالتبرير حول أسباب انتشار السلاح بين المدنيين، قائلاً:
“كان لانتشار ظاهرة السلاح واستخدام الأسلحة من قبل الناس المدنيين لها مبرراتها الضرورية خاصة أن الناس كانت تدافع عن منازلها من الإرهابيين، لكن اليوم؛ فإن الدولة السورية قد حررت حوالي 80 بالمائة من مساحة الأراضي السورية وقد بسط الجيش السوري سيطرته عليها، وبالتالي فإنه كان لا بدّ من اتخاذ إجراءات لتسليم السلاح الحربي الذي أصبح منتشراً بين المواطنين وقد أُستخدم بطريقة “غير شرعية” و بشكل عشوائي دون ضوابط.”
كما شرح بشكل موجز مفهوم حيازة السلاح والتغيرات التي ستطال القانون رقم 51 للعام 2001 بالقول:
“إن المقصود بالأسلحة الممنوعة من الحيازة هي جميع الأسلحة الحربية الغير مرخصة والغير الشرعية.. كما وأن إحدى النصوص التي ستطالها التعديل هي مدّة السماح من قبل الحكومة السورية للحائزين على السلاح والتي من المرجح أن تتراوح ما بين 6 إلى 9 أشهر (وهي مدة لتسليم المواطنين سلاحهم الحربي)، علماً أن الأسلحة الوحيدة المسموح بامتلاكها هي الأسلحة الفردية المرخصة حصراً.”
وأضاف في حديثه عن المعوقات التي ستواجه الدولة في قمع ظاهرة انشار السلاح، قائلاً:
“هناك جملة من الصعوبات التي تتعلق بآليات تنفيذ هذا القانون (لم يوضحها) ومع ذلك فإن كل الأطراف لها مصلحة بالحدّ من هذه الظاهرة سواء الناس أم الدولة السورية وخاصة في ظل هذا الانتشار لفوضى السلاح مع العلم أن القانون المعدل سيفرض عقوبات رادعة ومشددة على المخالفين.”
وختم قائلاً:
“وأخيراً لا بدّ من الإشارة الى أهمية التمييز بين السلاح المنتشر بين المواطنين المدنيين والسلاح بحيازة (الدفاع الوطني)، والأخذ بالحسبان أن هذه القوات تتبع مرجعيات معينة سواء كانت وزارة الدفاع أم غيرها ولها أنظمتها الخاصة المتعلقة بها. ولا بدّ من التذكير من أننا مازلنا نعيش حالة الحرب ولدينا مناطق خارج سيطرة الحكومة حيث يوجد الإرهابين لا بد من بقاء السلاح مع مجموعات من كتائب البعث والدفاع الوطني والمجموعات الأهلية، ولا بد من تواجد السلاح بين أيديها.”
لاحقاً وبتاريخ 27 آذار/مارس 2022، أصدر الرئيس السوري بشار الأسد، القانون الذي حمل الرقم (14) المتضمن تعديلات على عدد من مواد قانون الأسلحة والذخائر الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 51 لعام 2001. حيث كان مجلس الشعب السوري قد أقرّ القانون في جلسته المنعقدة بتاريخ 28 شباط/فبراير 2022.
-
أبرز التعديلات التي جاء بهاء القانون رقم 14 للعام 2022 الخاص بالأسلحة والذخائر:
عند نشر القانون، ورد في موقع مجلس الشعب السوري أنّ الهدف من إصدار هذه التعديلات هو: “تحقيق الردع العام والخاص وضبط حالات إساءة استخدام الأسلحة“، وأضاف الموقع بأن القانون الجديد “شدّد الغرامات والعقوبات المتعلقة بتصنيع وتهريب وحيازة الأسلحة والذخائر بقصد الاتجار بها لتصل إلى الاعتقال لمدة عشرين عاماً وبغرامة لا تقل عن ثلاثة أمثال قيمة الأسلحة أو الذخائر المضبوطة“. كما ورد في الموقع بأّن القانون شدد العقوبات على حمل وحيازة الأسلحة والمسدسات الحربية وذخائرها وبنادق الصيد وأسلحة التمرين دون ترخيص. وشددّ في العقوبة على كل من تصيّد بسلاح ناري خلال فترة منع الصيد المحددة بقرار من وزير الزراعة والإصلاح الزراعي. وأعطى القانون أصحاب الأسلحة منتهية الترخيص مهلة لتجديد تراخيصهم.
وقد كانت إحدى التعديلات الأساسية على القانون، هي زيادة الرسوم السنوية لترخيص الأسلحة الفردية للسكان المحليين، وهو ما قد يدفع بالكثير من الناس عن الإحجام بالتصريح عن الأسلحة الموجودة في حوزتهم، وبالتالي تعريضهم لغرامات مالية كبيرة وحبس مشدد وفق بنود القانون الجديد. مع استثناء واضح لسلاح الميليشيات العسكرية المرتبطة بالحكومة السورية، والتي لم يأت عليها القانون بأيّ ذكر، إلاّ أن هذه النقطة وردت في تصريح “جمول” للإذاعة السورية المحلّية.
لقد كان التعديل الأبرز على القانون رقم 51 لعام 2001، هو تشديد مدّة العقوبة والغرامات المالية المفروضة على المرتكب (من يُضبط وبحوزته السلاح)، بحيث أصبحت فترة العقوبة بالحدّ الأقصى وأكثر تشدداً مالياً من ناحية الغرامة (المادة 3). حيث جاء في القانون ما يلي:
يعاقب بالاعتقال من خمس عشرة سنة إلى عشرين سنة، وبغرامة لا تقل عن ثلاثة أمثال قيمة الأسلحة أو الذخائر المضبوطة ولا تزيد على عشرة أمثالها (أضعاف):
أ. كل من صنَّع المسدسات الحربية أو بنادق الصيد أو أسلحة التمرين، أو أيّ أسلحة حربية أخرى أو ذخائرها.
ب. كل من هرَّب أو شرع في تهريب أسلحة أو ذخائر بقصد الاتجار بها.
ج. كل من حاز أسلحة أو ذخائر وهو عالم بأنها مهربة بقصد الاتجار بها.
د. يحكم على المتدخل بعقوبة الفاعل.
من الملاحظ أنّ القانون الجديد (رقم 14) قد شددّ العقوبة على كل من حمل وحاز السلاح الحربي، مقارنة مع القانون رقم 51 لعام 2001 (المادة 40)، والتي نصّت آنذاك على عقوبة الاعتقال من خمس سنوات إلى خمس عشرة سنة.
أي أنّ القانون الجديد قد رفع الحد الأدنى (5 سنوات) إلى (15 سنة)، كذلك الأمر بالنسبة للحد الأعلى للعقوبة (15 سنة) لتصبح (20 سنة) في القانون الجديد. |
أيضاً، وبموجب التعديلات الجديدة، فقد ارتفعت الغرامات المالية إلى الضعف تقريباً، مع عدم إسقاط عقوبة الاعتقال المرافقة للأفعال الجرمية (المادة 4)، مما يعني ذلك بأنّ الأفراد الذين يحوزون أسلحة فردية بغرض حماية النفس من أي خطر، سيكونون عرضة لغرامات إضافية وعقوبة حبس مرافقة، والتي جاءت بحسب القانون كالأتي:
- يعاقب بالاعتقال من سبع سنوات إلى عشر سنوات، وبالغرامة من 2,000,000 ل.س مليوني ليرة سورية إلى 3.000.000 ل.س ثلاثة ملايين ليرة سورية كل من حمل أو حاز سلاحاً حربياً غير قابل للترخيص بموجب أحكام المرسوم التشريعي رقم (51) لعام 2001 وتعديلاته.
- يعاقب بالحبس من سنتين إلى ثلاث سنوات وبالغرامة من 1.000.000 ل.س مليون ليرة سورية إلى 2.000.000 ل.س مليوني ليرة سورية كل من حمل أو حاز ذخيرة سلاح حربي غير قابل للترخيص بموجب أحكام المرسوم التشريعي رقم (51) لعام 2001 وتعديلاته.
- يعاقب بالحبس من ثلاث سنوات إلى ست سنوات، وبالغرامة من 500.000 ل.س خمسمئة ألف ليرة سورية إلى 1.000.000 ل.س مليون ليرة سورية كل من حمل أو حاز دون ترخيص مسدساً حربياً.
-
ما هو قانون حيازة الأسلحة والذخائر رقم 51 عام 2001؟
بتاريخ 24 أيلول/سبتمبر2001، أصدر الرئيس السوري المرسوم التشريعي رقم 51 لعام 2001، والمتعلق بحيازة السلاح والذي نصّ آنذاك على فرض رسوم كبيرة على طالبي ترخيص الأسلحة، كما ونظّم عملية حمل وحيازة الأسلحة والذخائر الحربية، إضافة إلى حصر استيراد وتصدير ونقل الأسلحة والذخائر وتوزيعها بصورة افرادية بالقطاع العام (المادة 3).
وجاء المرسوم في (55) مادة مفصّلة، حول صنع الأسلحة والذخائر واستيرادها وتصديرها والاتجار بها ونقلها وإصلاحها، وحمل وحيازة الأسلحة وذخائرها، وأسند مهمّة منح ترخيص الأسلحة والذخائر وبنادق الصيد والألعاب النارية إلى وزير الداخلية (المادة 19)، أو من يفوضه الوزير بذلك.
وبتاريخ 29 نيسان/أبريل 2002، تمّ إصدار المرسوم رقم 23 لعام 2002، والذي تمّ بموجبه تعديل بعض الفقرات في المرسوم رقم 51. فقد سمح المرسوم بزيادة عدد الأسلحة المسموح بترخيصها لشخص واحد، كما سمح بحيازة بندقيتي صيد بدلاً من واحدة، وكذلك خفّض الرسوم اللازمة للتراخيص بعد أن كانت باهظة جداً ومرهقة للكثير من الناس المضطرين إلى حمل السلاح وحيازته، ولا سيما أولئك الذين تتطلب أعمالهم أو مناطق وجودهم حملها للدفاع عن أنفسهم وأموالهم.
-
الطبيعة القانونية لقانون الأسلحة والذخائر السوري رقم 51 عام 2001 وتعديلاته:
يتميز القانون المذكور وتعديلاته بأنه يحمل صفتين في ذات الوقت، العقاب والتنظيم، فهو يحوي مواد تعاقب كل من يحمل الأسلحة والذخائر ويحوزها أو يتاجر بها بدون ترخيص، سواء كانت تلك الاسلحة حربية أم غير حربية أم أسلحة ممنوعة، على غرار قانون العقوبات السوري العام رقم 148 لعام 1949 (المواد 312ــ318).
ومن الناحية التنظيمية، فهو ينظّم عمليات حمل الأسلحة والذخائر وحيازتها، ويشير بشكل واضح الى الجهات المخولة بصناعة واستيراد وتصدير ونقل وتوزيع تلك الأسلحة والذخائر، كما يحدد الجهة المخولة بمنح التراخيص والشروط المطلوبة لذلك، وكمية ونوعية الأسلحة التي يجوز حيازتها وامتلاكها، وتجدر الإشارة إلى أن هذا المرسوم وتعديلاته جرَّمَ بعض حالات حمل الأسلحة وحيازتها بشكل مختلف عما هو عليه الحال في قانون العقوبات السوري العام.
ومن المهم الإشارة هنا أيضاً، إلى أن المرسوم 51 لعام 2001 وتعديلاته هو قانون خاص، وبالتالي فهو الأولى بالتطبيق على قانون العقوبات السوري العام، إلا إذا كانت العقوبات الواردة في قانون العقوبات العام هي الأشد من تلك الواردة في المرسوم 51 وتعديلاته، وفقا للمادة 39 من المرسوم المذكور.
-
ما يؤخذ على تعديلات قانون الأسلحة والذخائر السوري:
إنّ أحد العيوب الأساسية للقانون رقم (14) لعام 2022، هو أنّه لم يخرج من التعريف المقيّد الذي وضعه المرسوم رقم 51 لعام 2001، لتعريف الأسلحة والذخائر التي يتمّ اعتبار حيازتها بدون ترخيص جريمة (المادة 1)، حيث عرّف المرسوم 51 الأسلحة بـ أ- المسدسات الحربية بجميع أنواعها وقطع غيارها. ب- بنادق الصيد ذات الجف الأملس وقطع غيارها. ج-أسلحة التمرين وتشمل الأسلحة النارية ذات الجف الأملس التي يقل عيارها عن/9/ملم وأسلحة الرماية التي تطلق بوساطة الضغط وقطع غيارها. د- الأسلحة الأثرية غير المعدة للاستعمال.
بينما عرّف الذخائر بـ أ- ذخائر المسدسات الحربية بجميع أنواعها. ب- ذخائر بنادق الصيد بجميع أنواعها. ج- ذخائر أسلحة التمرين.
ورغم أن المرسوم الجديد رقم 14 لعام 2022، قد وسّع قائمة الأسلحة والذخائر في معرض حديثه عن تعديلات المادة (40) من المرسوم القديم رقم (51) بالقول:
يعاقب بالاعتقال من خمس عشرة سنة إلى عشرين سنة، وبغرامة لا تقل عن ثلاثة أمثال قيمة الأسلحة أو الذخائر المضبوطة ولا تزيد على عشرة أمثالها: أ- كل من صنَّع المسدسات الحربية أو بنادق الصيد أو أسلحة التمرين، أو أيّ أسلحة حربية أخرى أو ذخائرها. ب- كل من هرَّب أو شرع في تهريب أسلحة أو ذخائر بقصد الاتجار بها. ج- كل من حاز أسلحة أو ذخائر وهو عالم بأنها مهربة بقصد الاتجار بها.
إلاّ أن “سوريون” تعتقد أنّه كان بالإمكان، إدراج حيازة الأسلحة والذخائر الحربية (غير القابلة للترخيص) كجناية، ولا سيما في ظل الفوضى الأمنية وانتشار مختلف أنواع السلاح في سوريا، وقدرة الكثير من الأفراد على حيازة أسلحة لم تدرج ضمن هذه التعديلات. وعليه، يبدو أنّ المشرّع تقصد عدم اعتبار حيازة الأسلحة المتوسطة والثقيلة كجناية، ربّما غالبية المجموعات المسلّحة المرتبطة بالحكومة السورية تمتلك تلك الأسلحة.
فشل القانون من تحقيق الهدف الأساسي من إصداره وهو ضبط السلاح غير الشرعي المنتشر على الجغرافية السورية، وخاصة المتسبب في فوضى السلاح الحقيقة وانعدام الأمن. ولكنّه وعوضاً عن ذلك، ركّز مجهوده على الأسلحة الفردية الخفيفة، التي قد يلجأ إليها آلاف السوريين دفاعاً عن أنفسهم وعائلاتهم في ظل النزاع الدائر.
-
ماهي أنواع الجرائم في قانون الأسلحة والذخائر وفق التشريع السوري؟
من حيث المبدأ العام؛ تصنّف الجرائم من حيث جسامتها، وعليه فإنّ الجرائم استناداً إلى هذا التصنيف تقسم إلى “جنايات” و “جنح” و “مخالفات”، مأخوذاً بعين الاعتبار درجة أثر الجريمة على المجتمع، ووقْعُها في المحيط الذي تتم فيه. فإذا كان هذا الأثر شديد الإيلام قاسي الوقْعُ والنتيجة أُطلق على الجرم اسم (جناية). وإذا كان الأثر أقل من هذا درجة أو أخف وقعاً قيل إن الجرم (جنحة). أمّا إذا كان الأثر تافها هيناً والنتيجة بسيطة أُطلق على الفعل اسم (مخالفة). وطبقاً لذلك فالجنايات هي أشدّ الجرائم خطورةً وجسامةً، والمخالفات أبسطها أثراً وأقلها خطراً، والجنح تأتي وسطاً بين الجنايات والمخالفات من حيث الجسامة والخطر. وقد أقر المشرع السوري السوري هذا المعيار في المادة (178) من قانون العقوبات العام بالقول:
“الجريمة تكون جناية أو جنحة أو مخالفة حسبما يعاقب عليها بعقوبة جنائية أو جنحية أو تكديرية.”
وستسلط هذه الورقة الضوء على أكثر تلك الجرائم شيوعا، وتترك للقارئ مراجعة المرسوم 51 وتعديلاته إن أراد التوسع، والتعرف على بقية الجرائم الواردة في المرسوم المذكور:
-
جناية تصنيع الأسلحة والذخائر:
يقصد بجناية تصنيع الأسلحة والذخائر، أن يتمّ استخدام المواد الأولية أو الأجزاء المنفردة في عمل سلاح صالح للاستعمال، ولا يهم أن تكون عملية التصنيع من أجزاء مفككة لأسلحة مستخدمة، أو من أجزاء جديدة مستحدثة. فكل ما يؤدي إلى تكوين سلاح صالح للاستعمال يدخل تحت مفهوم التصنيع، وكذلك ومن المتعارف عليه أن الدولة تقوم بوسم هذه الأسلحة أثناء إنتاجها ليمكن تتبعها واقتفاء أثرها بعد ذلك؛ لأنها بعد إنتاجها بطريقة مشروعة قد تتسرب إلى جهة غير مأذونه بحيازتها.
وقد حظرت المادة الثانية من المرسوم 51 لعام 2001، على غير الجهات الحكومية المختصة صنع المسدسات الحربية وبنادق الصيد وأسلحة التمرين أو أي أسلحة حربية أخرى وذخائرها. ولكن عملياً نرى أن هنالك العديد من المليشيات والمجموعات المسلحة التابعة للحكومة السورية (أو لغيرها) قد أنشات معامل ومراكز لتصنيع السلاح تابعة لها في مناطق عديدة على الأراضي السورية.
قررّ المشرع في القانون الجديد الاعتقال من خمس عشرة سنة إلى عشرين سنة، وبغرامة لا تقل عن ثلاثة أمثال قيمة الأسلحة أو الذخائر المضبوطة ولا تزيد على عشرة أمثالها لكل من صنَّع المسدسات الحربية أو بنادق الصيد أو أسلحة التمرين، أو أيّ أسلحة حربية أخرى أو ذخائرها. |
-
جناية تهريب الأسلحة والذخائر بقصد الاتجار:
وتعني؛ أن يقوم الشخص إمّا بجلب الأسلحة والذخائر من خارج البلاد إلى الداخل، أي إدخال هذه الأسلحة والذخائر إلى الأراضي السورية بطرق غير شرعية، أي بدون المرور على الحواجز الجمركية، فالجريمة تقع بمجرد دخول الأسلحة والذخائر إلى أرض الدولة أو إلى مياهها الإقليمية أو إلى إقليمها الجوي وبالتالي تعتبر جريمة مكتملة الأركان. ويقصد بالاتجار التعامل بالأسلحة والذخائر بمقابل مادي أو معنوي، وذلك عن طريق البيع أو الشراء أو البدل، أو بإخراج تلك الأسلحة والذخائر من سوريا إلى دول أخرى، ولا تتم تلك الجريمة (إلا بعد عبور هذه الأسلحة والذخائر حدود الدولة)، أما قبل العبور فيعتبر الفعل شروعاً (حيث تكون العقوبة مخففة نسبياً مقارنة بعقوبة الفاعل لجرم التهريب).
وتجدر الاشارة الى إن العقوبة المقررة لهذا الفعل هي ذات العقوبة المقررة لجريمة تصنيع الاسلحة والذخائر المذكورة في الفقرة السابقة.
ولابد من الإشارة هنا إلى أن المادة (3/ أ) من قانون الأسلحة والذخائر لعام 2001 منعت القطاع الخاص من استيراد أو تصدير الأسلحة والذخائر وحصرت ذلك بالقطاع العام حينما نصت على أنه: “يحصر بالقطاع العام استيراد الأسلحة والذخائر وتصديرها.”
في الواقع العملي نجد أن هنالك بعض الشركات الأمنية الخاصة المرخصة أو غير المرخصة التي تقوم بعمليات الترفيق (أي مرافقة وحماية السيارات التجارية على الطرق العامة والاتسترادات وبالتالي فإن هؤلاء الأشخاص أو الشركات الخاصة أو المليشيات التابعة للحكومة السورية أو تنشط في مناطق الحكومة، تقوم باستيراد/الحصول الأسلحة رغم كونها جهات خاصة غير تابعة للقطاع العام. |
ت- جنح حمل الأسلحة والذخائر وحيازتها:
اعتبر المرسوم 51 وتعديلاته، إن حمل الأسلحة والذخائر وحيازتها جريمة جنحوية الوصف، مادام حملها وحيازتها ليس بقصد الاتجار بها، حيث تعتبر الجريمة في الحالة المذكورة جنائية الوصف وفق ما تم توضيحه في الفقرات السابقة. فمجرد حمل السلاح او حيازته من شخص ما بدون ترخيص ـ وهو عالم بماهيته ـ كاف للإدانة.
يخشى أن تلجأ الحكومة السورية إلى استخدام هذه التهمة (حمل سلاح) كذريعة ضد الأشخاص المناهضين لسياساتها، وبالتالي تلفيق هكذا تهم اليهم واعتقالهم، كذلك من المخاوف المحتملة أن يقوم بعض الأشخاص الذي يودون الانتقام من أشخاص آخرين إما لأسباب شخصية أو سياسية ( كيدية) من خلال وضع سلاح بالخفية في بيت أو سيارة الشخص المراد إلصاق التهمة به، خاصة إذا اخذنا بعين الاعتبار تمتع عناصر الأمن السوري بالحصانة من الملاحقة القضائية بموجب المرسوم رقم 14 لعام 1969، وكذلك عدم استقلالية القضاء السوري ووجود المحاكم الاستثنائية المعفاة من التقيد بالقواعد والاصول القانونية.
بالنسبة للعقوبة المقررة لهذه الجريمة الجنحوية الوصف وفقا للتعديل الجاري بموجب القانون رقم 14 لعام 2022، فهي:
1- الحبس من سنتين الى ثلاث سنوات والغرامة من مليون الى مليوني ليرة سورية لكل من حمل أو حاز ذخيرة سلاح حربي غير قابل للترخيص. 2- الحبس من ثلاث الى ست سنوات والغرامة من خمسمئة ألف الى مليون ليرة سورية لكل من حمل أو حاز مسدسا حربيا بدون ترخيص، 3- الحبس من سنة الى سنتين والغرامة من مائة ألف الى خمسمئة ألف ليرة سورية لكل من حمل أو حاز بدون ترخيص بندقية صيد أو ذخيرة مسدس حربي، وتكون العقوبة الحبس من ستة أشهر الى سنة والغرامة من خمسين ألف الى مئة الف ليرة سورية لكل من حاز أسلحة تمرين بدون ترخيص أو حملها خارج مقرات نوادي الرماية المخصصة (المواد 4 و5 من القانون رقم 14). |
-
هل تساهم التعديلات الواردة في القانون رقم 14 لعام 2022 في ضبط ونزع السلاح المنتشر في مناطق سيطرة الحكومة السورية؟
مع بداية النزاع المسلح في سوريا بين القوات الحكومية و قوات المعارضة، وبشكل خاص مع خسارة الحكومة السورية مساحات واسعة من سيطرتها، ومع عدم قدرة الجيش السوري النظامي لوحده في قتال قوات المعارضة، قامت الحكومة السورية بتشكيل كتائب مؤلفة من عناصر من المدنيين و تم تسليحهم تحت حجة حماية الأحياء المدنية (الدفاع الوطني) من قوات المعارضة، كذلك بغية حماية المنشآت الحكومية الرسمية، و بالتالي يتفرغ الجيش النظامي السوري لمكافحة “الإرهاب” في المناطق السورية الأخرى، بحيث يتولى السكان المحليون مسؤولية حماية أنفسهم تحت أعين ومراقبة السلطات السورية. و أدى هذا الإجراء إلى انتشار السلاح على الجغرافية السورية بشكل فوضوي غير مسبوق.
ومع زيادة التصعيد العسكري وانتشار فوضى السلاح، وتدهور الوضع الأمني في مناطق الحكومة السورية وانتشار ظاهرة الخطف والسلب لرجال الاعمال والتجار من قبل مجموعات غير معروفة المرجعية العسكرية/ الأمنية. تنبهت الحكومة السورية في وقت لاحق لهذه الظاهرة/ لذلك عمدت إلى محاولة الحد منها او تنظيمها من خلال تشكيل مجموعة من الفرق المقاتلة والتي كان أغلب عناصرها من المدنيين أو ضباط متقاعدين أو حزبين (أعضاء في حزب البعث العربي الاشتراكي)، فتشكل بما يعرف لاحقاً ب”كتائب البعث” و “قوات الدفاع الوطني” وتم اتباع تلك الميليشيات إلى جهات معينة أو أشخاص موالين للسلطة ليكونوا هم المشرفين والمسؤولين على مسألة توزيع السلاح والذخيرة عليهم.
وفي الخاتمة فإنه يمكن القول؛ ومن خلال البحث و التدقيق في نصوص المرسوم ر قم 51 عام 2001 ،و كذلك التعديلات التي صدرت بالقانون رقم 14 عام 2022، نلاحظ أنهما لم يأتيا على ذكر السلاح المتواجد بأيدي المجموعات المسلحة ( المليشيات) التابعة للحكومة السورية أو الفصائل العسكرية الأخرى المدعومة من قبل الدول” الصديقة” للحكومة السورية، وبالتالي فإن القانون يكون قد فُرغ من مضمونه وغايته، حيث بات معلوماً أن الجزء الأكبر من السلاح الغير منضبط هو بحيازة و إدارة فصائل عسكرية متعددة بعضها مسيطر عليه من قبل الحكومة و الجزء الاخر خارج سيطرتها و بالتالي فإن صدور مثل هذه القوانين وتشديد العقوبات و الغرامات سوف لن يطال سوى السلاح الفردي لدى المدنيين والذي غالباً ما يتم استعماله كسلاح فردي (دفاع عن النفس) في مواجهة تلك المليشيات التابعة للحكومة.
ومن هنا نستنتج بأن السبب الحقيقي للتعديلات الواردة في القانون رقم 14 موضوع هذه الورقة، هي تحصيل أكبر قدر ممكن من المال لصالح خزينة الحكومة السورية، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعانيها سوريا، وكذلك تغليظ/تشديد العقوبة لكل من يحمل السلاح من المعارضين للحكومة السورية، وليس كما علَّلته الأخيرة بأن الغاية هي “الحد من فوضى السلاح المنتشر”.
وعليه فإن أي محاولة لضبط فوضى السلاح من خلال القوانين لابد أن من يشمل كل أنواع السلاح خارج سيطرة الدولة، وأيضاً لا بدّ من العمل على التوازي من أجل خلق أو تفعيل المؤسسات التنفيذية القادرة على إحصاء أعداد ونوعية السلاح ونزعه من أيادي المدنيين والمجموعات والميليشيات المحدثة تحت أنظار الحكومة وبدعم منها احياناً وحصره في يد الدولة الشرعية، الدولة القائمة على أساس القانون واحترام الحقوق والحريات، واحترام مبدأ فصل السلطات واستقلالية القضاء.