الرئيسية أوراق قانونية دمشق: إعلان المحافظة حول إزالة الأنقاض في مخيم اليرموك ينتهك حق الملكية

دمشق: إعلان المحافظة حول إزالة الأنقاض في مخيم اليرموك ينتهك حق الملكية

يَحول الإعلان دون حماية الكثير من المالكين لممتلكاتهم ويخالف الإجراءات القانونية التي وضعها المشرع السوري نفسه في القانون 3 لعام 2018 ويخالف الدستور السوري لعام 2012

بواسطة bassamalahmed
245 مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية حجم الخط ع ع ع
آثار الدمار في الجزء الجنوبي الغربي مخيم اليرموك في دمشق خلال سنوات النزاع السوري.

1. خلفية:

بتاريخ 23 كانون الثاني/يناير 2023، نشرت محافظة دمشق في نشرة الإعلانات الخاصة بجريدةالبعثالرسمية العدد 769، إعلاناً حمل رقم 454 دعت فيه سكان منطقة اليرموك ذات الغالبية الفلسطينية، ممن تدمرت منازلهم أو كانت آيلة للسقوط جزئياً أو كلياً، لمراجعة دائرة خدمات اليرموك من أجل إزالة وترحيل تلك الأبنية. وأكّد الإعلان أنه وفي حال عدم التنفيذ خلال شهر، فسيتم ترحيل الأنقاض وإلزام المُّلاك بالغرامات المالية المترتبة على ذلك.

ولطالما كان لمخيم اليرموك خصوصية إدارية باعتباره وحدة مستقلة تتبع لوزارة الإدارة المحلية، وتُدار من قبل اللجنة المحلية لمخيم اليرموك، حتى أصدر مجلس الوزراء السوري في تشرين الثاني/نوفمبر 2018 القرار رقم 61 القاضي بأن تحلّ محافظة دمشق محل اللجنة المحلية المذكورة، وأن يوضع العاملون في اللجنة تحت تصرف المحافظة، وذلك بغية تسخير كل الطاقات المتوفرة لدى محافظة دمشق من إمكانات وكوادر وخبرات من أجل إعادة تأهيل البنية التحتية لمخيم اليرموك وإعادة أهاليه إليه.[1]

صورة رقم (1) – الإعلان 454 حول إزالة المنازل الساقطة أو الآيلة للسقوط في مخيم اليرموك

تجدر الإشارة هنا إلى أن قوات الحكومة السورية كانت قد شنت، بالتعاون مع القوات الروسية، في شهر نيسان/أبريل لعام 2018، حملة عسكرية وحشية على مخيم اليرموك، الواقع جنوب مدينة دمشق وعلى بعد حوالي 8 كم منها، أدت إلى تدمير ما يقارب من 80% من عمران المخيم جزئياً أو كلياً.[2] ويبين “أطلس دمار المدن السورية” الذي أصدرته وكالة الأمم المتحدة للبحث والتدريب في آذار/مارس 2019، مدى الضرر الذي تعرض له المخيم بناءاً على تحليل صور الأقمار الصناعية، ويشير الأطلس إلى احتلال المخيم للمرتبة السابعة على سُلّم المناطق السورية الأكثر دماراً.

بعد عودة مخيم اليرموك إلى سيطرة الحكومة السورية، وفي حزيران/يونيو 2020، وافق مجلس محافظة دمشق خلال جلسته الاستثنائية على المخطط التفصيلي رقم 105 لمنطقة القابون السكنية، والمصور التنظيمي رقم 298/3 لمنطقة مخيم اليرموك،[3] والذي تضمّن إعادة تنظيم شاملة للمنطقة الأكثر تضرراً، وتوفير خدمات للمناطق الأقل ضرراً، بما يساهم في إعادة أكثر من ٤٠% من الأهالي. وسمحت الحكومة السورية في أيلول/سبتمبر 2021 بعودة سكان مخيم اليرموك إليه مع بدء توفير بعض الخدمات الأساسية فيه.[4]

3 image addon required to activate 3 image slider

 

2. إعلان محافظة دمشق يتعارض مع “قانون الأنقاض” السوري:

جاء هذا الإعلان مخالفاً لما ينص عليه القانون رقم 3 لعام 2018 الخاص بإزالة أنقاض الأبنية المتضررة نتيجة أسباب طبيعية أو غير طبيعية أو لخضوعها للقوانين التي تقضي بهدمها. فبحسب القانون رقم 3 يجب أن تتم الإجراءات وفق الآتي:

  • على الوحدة الإدارية اقتراح حدود المنطقة المتضررة، وبناءاً على هذا المقترح يُصدر المحافظ قراراً يحدد فيه المنطقة العقارية والمباني المتضررة،[5] وعلى الوحدة الإدارية بعدها (خلال مدة 120 يوماً) إعداد تقرير مفصل يبين مخطط المباني المتضررة وأسماء مالكيها، حجم الأضرار والنفقات المتوقعة والتجهيزات اللازمة لإزالة الأنقاض، والقيمة المتوقعة لهذه الأنقاض.[6]
  • نشر قرار المحافظ في الجريدة الرسمية وإحدى الصحف في العاصمة دمشق، ويتوجب الإعلان عنه في لوحة إعلانات الوحدة الإدارية وبهو المحافظة ومديرية المنطقة لمدة 15 يوماً. ويحق لمالكي العقارات والأنقاض ووكلائهم وأقاربهم حتى الدرجة الرابعة أن يتقدموا بطلب للجهة الإدارية خلال 30 يوماً من تاريخ الإعلان، يُبينوا فيه محل إقامتهم ويرفقوا معه المستندات التي تثبت حقوقهم.[7]
  • يُصدر المحافظ قراراً بتشكيل “لجنة التوصيف والتثبت”،[8] ويكون من بين أعضاء هذه اللجنة ممثلين اثنين عن الأهالي، وتكون مهمتها جرد وحصر وتوصيف المباني المتضررة والتثبت الأولي من عائدية الملكية، وتقوم بتنظيم جدول بأسماء المالكين وترفعه للجهة الإدارية خلال 120 يوماً. يتوجب على الأخيرة الإعلان عن هذا الجدول خلال 15 يوم تحدد بعدها الوحدة الإدارية موعد بيع الأنقاض بالمزاد العلني.[9] من حق المالكين ووكلائهم وأقاربهم حتى الدرجة الرابعة الطعن بما ورد بهذا الجدول أمام محكمة الاستئناف وذلك خلال ثلاثين يوماً من اليوم التالي لنشره، وإلا اعتبر نهائياً.[10]
  • ثم خلال 30 يوماً، تقوم الوحدة الإدارية بقبول طلبات أخذ الأنقاض والمقتنيات الخاصة ممن وردت أسماؤهم في جدول المالكين النهائي،[11] وتنتهي إجراءات أخذ الأنقاض والمقتنيات الخاصة من قبل أصحابها خلال 30 يوماً من تاريخ انتهاء مهلة قبول الطلبات.[12]
  • يمنح القانون الوحدة الإدارية حق هدم وإزالة الأنقاض الموجودة على الأملاك الخاصة بانتهاء هذه المهلة، ويتم بيع الأنقاض بالمزاد العلني، وتودع قيمتها في حساب خاص باسم الوحدة الإدارية لدى أحد المصارف العامة، ويُجمّد لحساب المستحقين ممن تثبت ملكيتهم وفق أحكام هذا القانون، كلٌّ حسب المساحة الطابقية التي يملكها، وتُحسم من الأموال المودعة نفقات أعمال إزالة وترحيل الأنقاض التي تقوم بها الوحدة الإدارية.[13]

علماً أنه إذا لم يبلغ بدل المزايدة القيمة المتوقع تحصيلها، تتصرف الوحدة الإدارية في الأنقاض وفق ما تراه مناسباً وفق أحكام نظام العقود للجهات العامة، ودفاتر الشروط الفنية المعدة من قبل وزير الأشغال العامة والإسكان، وبالتنسيق مع وزير الإدارة المحلية والبيئة.[14]

3 image addon required to activate 3 image slider

 

3. إعلان محافظة دمشق ينتهك حق الملكية:

بناءاً على ما سبق، تبين لـ”سوريون” عند الاطلاع على هذا الإعلان عدم اتباع الوحدة الإدارية للإجراءات القانونية التي وضعها المشرع لما يفترض أن يحمي ويصون الحقوق المكتسبة، ولا سيما تلك المتعلقة بالمهل المنصوص عليها في القانون رقم 3 لعام 2018 والإجراءات المتعلقة بتشكيل اللجان المذكورة فيه.

كما ترى “سوريون” أن إزالة الأنقاض على وجه السرعة يمكن أن يكون سبباً في محو آثار العقارات وأماكنها، مما قد يؤدي إلى ضياع أدلة إثبات ملكيتها في حالة فقدان المالك سندات الملكية.[15]

هذا وإن الإجراءات السريعة والمهلة القصيرة الواردة بالإعلان لا تُتيح للمالكين في منطقة اليرموك اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية ملكياتهم، أو تقديم المستندات المؤيدة لحقوقهم، وخاصة مع غياب كثير منهم نتيجة النزاع المستمر على مدى ما يقارب 12 سنة وما أثمر عنه من عمليات اعتقال وإخفاء قسري وتهجير.

زد على ذلك، فإن هذه الإجراءات المختصرة لترحيل الأنقاض ووضع مالكيها تحت ضغط الوقت (شهر واحد)، مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف التي لازمت السوريين خلال السنوات الأخيرة، يوحي باحتمالية الاستيلاء على تلك الأنقاض بدون وجه حق، مع تحميل المسؤولية التقصيرية للمالك نفسه، الذي قد يكون نازحاً أو لاجئاً أو معتقلاً، وبالتالي لا تسعفه مهلة الشهر للقيام بالمطلوب.

تعتقد “سوريون”، أنّه كان من الأولى تطبيق الإجراءات المنصوص عليها في القانون رقم 3 المشار إليه آنفاً قبل البدء بإلزام الأهالي بترحيل الأنقاض، وذلك لأن خطوة إثبات الملكية يجب أن تسبق غيرها من الخطوات، فمن المحتمل وجود خلافات قانونية بين شخصين أو أكثر حول ملكية عقار معين، مما يترك السؤال مفتوحاً حول من عليه القيام بترحيل الأنقاض. إضافة إلى حدوث الكثير من عمليات نقل الملكيات بشكل غير قانوني في السنوات الأخيرة التي عمت فيها الفوضى، مما يقتضي بادئ ذي بدء النظر في الملكيات وتحديد المالكين ولو بالاستناد إلى ظاهر الأوراق والأدلة التي ستقدم من مدعي الملكية.

أخيراً، لا بد من الإشارة إلى إن الاعتداء على الملكية الخاصة يخالف نص المادة 15 من دستور سوريا لعام 2012 النافذ حالياً، الذي أكّد بأن الملكية الخاصة، من جماعية وفردية، مصانة ولا تنزع إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض يعادل القيمة الحقيقية للملكية، كما ويخالف هذا الإجراء نص المادة 771 من القانون المدني السوري الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 84 لعام 1949، التي أكدت بأنه لا يجوز أن يحرم أحد من ملكه إلا في الأحوال التي يقررها القانون على أن يكون ذلك مقابل تعويض عادل.

 


[1] “مجلس الوزراء يوكل مهام بلدية اليرموك إلى محافظة دمشق”. مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا. نشر في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2018. (آخر زيارة للرابط: 2 شباط/فبراير 2023).

https://www.actionpal.org.uk/ar/post/10840

[2] “أطلس دمار المدن السورية – الذكرى الثامنة للحرب الأهلية السورية: التقييم المواضيعي للضرر الذي تم تحديده بواسطة الأقمار الصناعية”، Syrian Cities Damage Atlas – Eight Year Anniversary of the Syrian Civil War: Thematic assessment of satellite identified damage. وكالة الأمم المتحدة للبحث والتدريب. نشر في 16 آذار/مارس 2019. (آخر زيارة للرابط: 2 شباط/فبراير 2023).

https://reliefweb.int/report/syrian-arab-republic/syrian-cities-damage-atlas-eight-year-anniversary-syrian-civil-war

[3] الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا). نشر في 25 حزيران/يونيو 2020. (آخر زيارة للرابط: 2 شباط/فبراير 2023).

https://www.sana.sy/?p=1173307

[4] “بدءا من الغد.. وبقرار من الأسد: السماح لأهالي مخيم اليرموك دخوله دون قيد أو شرط”. RT. نشر في 9 أيلول/سبتمبر 2021. (آخر زيارة للرابط: 2 شباط/فبراير 2023).

https://arabic.rt.com/middle_east/1271463-%D8%A8%D8%AF%D8%A1%D8%A7-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%AF-%D9%88%D8%A8%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B1-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%85%D8%A7%D8%AD-%D9%84%D8%A3%D9%87%D8%A7%D9%84%D9%8A-%D9%85%D8%AE%D9%8A%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%B1%D9%85%D9%88%D9%83-%D8%AF%D8%AE%D9%88%D9%84%D9%87-%D8%AF%D9%88%D9%86-%D9%82%D9%8A%D8%AF-%D8%A3%D9%88-%D8%B4%D8%B1%D8%B7/

[5] المادة 2 من القانون رقم 3 لعام 2018.

[6] المادة 3 من القانون رقم 3 لعام 2018.

[7] المادة 2 من القانون رقم 3 لعام 2018.

[8] المادة 4 من القانون رقم 3 لعام 2018.

[9] المادة 5 من القانون رقم 3 لعام 2018.

[10] المادة 6 من القانون رقم 3 لعام 2018.

[11] المادة 8 من القانون رقم 3 لعام 2018.

[12] المادة 10 من القانون رقم 3 لعام 2018.

[13] المادة 11 من القانون رقم 3 لعام 2018.

[14] المادة 12 من القانون رقم 3 لعام 2018.

[15] للملكية العقارية في مخيم اليرموك عدة أشكال، فهي إما مسجلة في قيود “الهيئة العامة لمؤسسة اللاجئين الفلسطينيين العرب” وهي الجهة الإدارية التابعة للحكومة السورية والتي تشرف على المخيمات الفلسطينية في سوريا، أو أملاك مسجلة بوكالات عدلية وبموجب أحكام قضائية، أو من خلال عقود بيع وشراء في الأراضي الزراعية على الشيوع، أو أملاك مسجلة في السجل العقاري (الطابو).

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد