بدأت ظاهرة بيع الحبوب المخدّرة وترويجيها بين الأطفال والشبّان في مدينة الرقة شرقي سوريا بالتنامي بشكل تدريجي، حيث تباع تلك الحبوب بأسعار زهيدة في المدينة الواقعة تحت سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" مؤخراً، دون وجود خطوات جدّية لمنع الظاهرة بحسب الأهالي، وذلك وسط اتهامات ووجود إشارات تدل على تورط بعض عناصر وبعض قيادات تلك القوات في عملية الترويج والبيع، وذلك بحسب شهادات جمعتها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة.
ففي حديث مع سوريون من أجل الحقيقة والعدالة يوم 14 آب/أغسطس 2018، قال أبو عماد[1] (40 عاماً) وهو مدني من أبناء المدينة يعمل في بقالية قرب المنطقة الصناعية:
"إن أنواع الحبوب المخدرة المنتشرة بين الأطفال بدءاً من عمر 14 عاماً وبين الشبان في العشرينات من عمرهم هي؛ كبتاغون والزلام وبالتان وسودافيت، وتباع الحبة الواحدة بخمسين إلى مئة ليرة سورية -تبعاً للوزن-، إضافة إلى انتشار الحشيش، وتباع هذه الحبوب في بعض الصيدليات وعند بعض بسطات بيع الدخان ومن المتداول على مستوى المدينة أن عناصر من "قوات سوريا الديمقراطية" متورطة بهذا الأمر."
كذلك قال خالد[2] (31 عاماً) مدني من أبناء المدينة ويعمل في ورشة تصليح سيارات في المنطقة الصناعية، في حديث مع سوريون من أجل الحقيقة والعدالة يوم 14 آب/أغسطس 2018:
"شاهدتُ مجموعة أطفال بعمر 16 سنة يحملون حبوب من نوع بالتان، سألتهم من أين حصلتم عليها قالوا إنهم أخذوها من "ابن جانم" وهو أحد عناصر قوات سوريا الديمقراطية المتمركزين عند حاجز "المحافظة"، وسألتهم عن كيفة التعاطي قالوا أن هذه الحبة تجعل الإنسان سعيداً طول النهار (…)، ولكن لم أرى بعيني عناصر من الحاجز يبيعون بشكل مباشر، ولكن رأيت أشخاصاً يبيعونها على بعض بسطات الدخان وفي بعض الصيدليات".
بدوره، قال الناشط المحلي "محمد عثمان" -من أبناء مدينة الرقة ومقيم فيها- في حديث مع سوريون من أجل الحقيقة والعدالة يوم 12 آب/أغسطس 2018، إن قيادياً في "قوات سوريا الديمقراطية" يدعى "أبو جاسم الرقاوي" -من أبناء مدينة عين العرب/كوباني- هو أحد المروجين والموردين الرئيسيين لحبوب المخدرات والحشيش، ويتم بيع المواد بشكل أساسي في "حاجز الإطفائية" الذي يتولى هو إدارته، حيث يقوم عناصر الحاجز بترويج الحبوب المخدّرة وبيعها مقابل نسبة أرباح، ويباع في الحاجز أنواع حبوب الكبتاغون والزلام والحشيش الأفغاني وأنواع أخرى، تترواح الأسعار بين 400 إلى 500 ليرة سورية للحبة الواحدة (حسب الوزن)، ونحو 2500 ليرة سورية لنحو خمس غرامات من الحشيش.
وأشار "عثمان" إلى وجود بائعين منفردين يعلمون لحسابهم الخاص دون رعاية أي عنصر أو قيادي في "قوات سوريا الديمقراطية"، حيث يشترون منهم المواد ويبيعوها بأنفسهم في مناطق متفرقة بالمدينة، حيث تنشط التجارة بشكل واضح عند "حاجز الإطفائية" من الساعة العاشرة ليلاً وحتى الرابعة فجراً، وكلك في أحياء المنطقة العشوائية ومنها أحياء الدرعية ونزلة شحادة والمختلطة، إضافة إلى انتشار البيع في منطقة الكراجات وعلى بسطات الدخان.
وحول طريقة البيع قال "عثمان": "سألت بعض الأطفال الذين يتعاطون هذه الحبوب عن طريقة الحصول عليها، فقالوا لي :الأمر بسيط تذهب إلى الحاجز وتقول له "عطيني المعلوم.. ويقوم بلف الحبات بالورق وتأخذها".
وبحسب "عثمان" أيضاً، فإنه من الصعب إحصاء أعداد أو نسبة الأطفال المتعاطين والمروجين لتلك الحبوب على الرغم من الانتشار الواسع لها في المدينة، حيث أن العملية تتم ليلاً وبشكل سري، ويساهم في ذلك أن معظم الأطفال بعمر 14 عاماً وما فوق هم من الأطفال العاملين وبالتالي يملكون المال للحصول على هذه المواد دون اضطرارهم لأخذ المال من ذويهم.
ويستهدف المروجون الأطفال ابتداءاً من عمر 14 عام، وذلك بإعطاهم بعض الحبوب بالمجان لمدة معينة ومن ثم يعتادون عليها ويبدأ الشراء، وهناك أساليب أخرى اعتمدها عناصر من "قوات سوريا الديمقراطية" منها تكليف الأطفال بسرقة أبواب ونوافذ المنازل مقابل الحصول على عدد من هذه الحبوب المخدرة ومبلغ بسيط من المال، وفق ما أفاد "عثمان".
ووفق الشهادات التي جمعتها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، يلاحظ غياب الرقابة والمحاسبة الجادة لهذه الظاهرة، كما لم يتم اتخاذ إجراءات صارمة للحد منها، حيث قامت "بلدية الشعب في مدينة الرقة" بنشر لافتات توعوية حول مخاطر المخدرات دون اتخاذ إجراءات أخرى للقبض على المروجين، وروى "محمد عثمان" حادثة عن القبض على بعض المروجين "غير المحمين"، حيث قال:
"لم يتم القبض على المروجين الأساسين وكبار الموردين، يقولون (يشير إلى قوات سوريا الديمقراطية) أنهم اعتقلوا أشخاصاً من المروجين الصغار من العناصر وهم يكونون بدون حماية أي قيادي ويعملون لحسابهم الشخصي، وهم تجار صغار يحملون نحو 20 حبة فقط، حيث قامت القوات بمصادرة وحبس العنصر او المروج لمدة أربعة أو خمسو أيام ثم أطلقوا سراحهم، وقاموا ببيع الحبوب المصادرة بأنفسهم".
[1] اسم مستعار للشاهد، تم استخدامه للحفاظ على سلامته.
[2] اسم مستعار للشاهد، تم استخدامه للحفاظ على سلامته.