نفذت قوات تابعة للإدارة الذاتية حملات مداهمة بغرض التجنيد طالت عشرات الشبان في محافظة الرقة ومدينة منبج خلال شهري أيار/مايو 2018 وبدايات حزيران/يونيو الجاري، وساقت العديد الشبان إلى التجنيد الإجباري الذي أقرّته بموجب قانون واجب الدفاع الذاتي الصادر في 21 تموز /يونيو 2014، وذلك بحسب ما أكدته مصادر محلية عدة لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة.
وسبق أن أفردت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة تقريراً خاصاً عن عمليات التجنيد الإجبارية في محافظة الحسكة تحت عنوان "عمليات تجنيد تحت بند "الحماية الذاتية" تتزايد في محافظة الحسكة – "سوق العشرات من الشباب إلى معسكرات التدريب رغم أنّهم مستثنون من الخدمة الإلزامية"، ويشرح التقرير عمليات التجنيد تلك من وجهة القوانين الدولية المطبّقة خلال النزاع السوري والقوانين الأخرى ذات الصلة.
قال أحد إعلاميي مدينة الرقة المحليين "محمد عثمان" في حديث مع سوريون من أجل الحقيقة والعدالة يوم 5 حزيران/يونيو، إن عناصر من قوات سوريا الديمقراطية احتجزت ثلاثة شبان في حي الرميلة بمدينة الرقة منذ مطلع الشهر الجاري، وساقتهم للتجنيد الإجباري، لافتاً أن قيود الشبان (النفوس) تعود للريف الشمالي للرقة، في حين لم تسجل أي حالة اعتقال بحق الشبان من أهل المدينة ذاتها خلال شهر حزيران الجاري.
وأضاف الناشط أنّه أحصى اعتقال 15 شاباً من مدينة الرقة خلال شهر أيار/مايو 2018، وتم سوقهم للتجنيد الاجباري، كما سجلت نحو خمسة عمليات مداهمة للمنازل في الشهر ذاته، في حين تحدثت وسائل إعلام محلية عن اعتقال ثلاثين شاباً عند دوار النعيم ودوار الساعة في المدينة يوم 30 أيار/مايو 2018.
وأوضح الناشط أن قوات سوريا الديمقراطية تنشر حواجز طيارة في أنحاء المدينة وتتركز في أحياء الرميلة والمشلب والساقية، ويناوب فيها نهاراً عناصر من العرب والكرد وليلاً عناصر من العرب فقط.
ووفق "عثمان" فإن وتيرة حملات الاعتقال للتجنيد الإجباري متفاوتة، حيث تكثف العناصر نشاطها على مدار شهر ونصف وتتوقف لنحو عشرة أيام، حيث أن الأمر مرتبط ببدء معسكرات جديدة، وأوضح عثمان أن المطلوبين للتجنيد الإجباري هم من مواليد عام 1986 إلى مواليد عام 2000.
منشور من "هيئة الدفاع" التابعة للإدارة الذاتية الكردية يدعو الشبان في مدينة الرقة للالتحاق بإحدى معسكرات التدريب ضمن واجب الدفاع الذاتي، مصدر الصورة: الناشط محمد عثمان.
وفي السياق ذاته، صادق المجلس التشريعي التابع للمجلس المدني لمدينة الرقة مع عدد من شيوخ العشائرعلى النظام الداخلي لقانون واجب الدفاع الذاتي، وذلك ضمن جلسة عقدها في مقره يوم 21 أيار/مايو 2018، على أن يتم المصادقة على قانون التجنيد الاجباري لشبان مدينة الرقة في وقت لاحق، وذلك وفق ما نشر المجلس على حسابه الرسمي في موقع فيسبوك.
كذلك نشر المجلس مقطعا مصوراً يظهر فيه ما قال أنهم شيوخ عشائر الرقة يطالبون فيه بتجنيد الشبان، في حين نفى الناشط محمد عثمان وناشطون محليون هويات الأشخاص الظاهرين في المقطع المصور قائلا "هؤلاء ليسوا شيوخ عشائرنا ولا نعرف أسمائهم الحقيقية، وسبق أن ظهر الأشخاص نفسهم في مقطع مصور أعلنوا فيه ولائهم لتنظيم الدولة الإسلامية قبل أعوام."
ورداً على مصادقة المجلس المدني على النظام الداخلي لقانون التجنيد الإجباري واعتقال عدد من الشبان في مناطق عدة، طالب وفد من شيوخ عشائر الرقة المجلس بوقف عمليات الاعتقال بحق الشبان نظراً لأنه لم تتم المصادقة على القانون بشكل رسمي حتى الآن، وذلك بحسب ما صرح أحد أعضاء الوفد لوكالات أنباء محلية، كما تظاهر أهالي 80 شاباً معتقلاً عند دوار الساعة في مدينة الرقة يوم 2 حزيران/ يونيو 2018، احتجاجاً على اعتقال أبنائهم وسوقهم للتجنيد الإجباري، وفق ما صرحت مصادر أهلية لوكالات أنباء.
وفي مدينة منبج بحلب، قال ناشط محلّي من أبناء المدينة مقيم في تركيا، رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، في حديث مع سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، إنّ قوات سوريا الديمقراطية ساقت أكثر من 300 شاب خلال شهر أيار/مايو 2018، إلى معسكرات التجنيد، وذلك من خلال حملات اعتقال شنتها في شارع "الرابطة" و"دوار السبع بحرات" وحاجز الشمسية والحواجز العسكرية الكائنة على مداخل مدينة منبج.
وأضاف الناشط بأنّ قوات سوريا الديمقراطية تسوق الشبان إلى مقراتها في سد تشرين أو في مدينتي كوباني/عين العرب والقامشلي/قامشلو "وذلك بناء على تقييم خبراتهم العسكرية ووضعهم الصحي" بحسب ما جاء في حديثه، كما أوضح بأنه لا يمكن إحصاء عدد الشبان المعتقلين بشكل دقيق نظراً لعمليات الاعتقال التي تتم ليلاً على حواجز متفرقة وكثيرة، إضافة إلى تخوف أهالي الشبان المعتقلين من الإعلان عن اعتقال أبنائهم خوفاً من لحاق الأذى بهم، وتابع الناشط قائلاً:
"بدأت حملة الاعتقالات بغرض التجنيد الإجباري في مدينة منبج منذ خمسة أشهر وطالت عدداً كبيراً من أبناء المدينة، الأمر الذي لاقى رفضاً شعبياً كبيراً واحتجاجاً عاماً، حيث تمكن الأهالي المحتجون من إجبار قوات سوريا الديمقراطية على الإفراج عن أبنائهم، لتعود الأخيرة وتغري الشبان والعائلات برواتب شهرية ومبالغ مالية لينتسب إليها عدد من الشبان."