الرئيسية صحافة حقوق الإنسان مصادرة واسعة لآليات في حماه بموجب قانون “التعبئة العسكرية”

مصادرة واسعة لآليات في حماه بموجب قانون “التعبئة العسكرية”

تتم المصادرة من قبل حواجز عسكرية تابعة للقوات السورية ويتم سوقها إلى مطار حماه العسكري قبل فرزها لمهام مختلفة

بواسطة bassamalahmed
1.3K مشاهدة تحميل كملف PDF حجم الخط ع ع ع

شهدت مدينة حماه مؤخراً ازدياداً كبيراً بمصادرة مختلف وسائط النقل -التي تعود ملكيتها لمدنيين- من قبل أجهزة أمنية وقوات نظامية سورية، ويتم استخدام تلك المركبات التي تمت مصادرها في أغراض عسكرية وذلك بموجب “قانون التعبئة العسكرية” الذي يبيح عمليات المصادرة دون رقابة، وتوسعت تلك العمليات لتطال البضائع المحمّلة مع المركبات المُصادرة، الأمر الذي دفع المدنيين للجوء لدفع مبالغ مالية إضافية و”باهظة” لميليشيات مسلحة تابعة للحكومة السورية من أجل حماية بضائعهم وسياراتهم عبر استخراج ورقة رسمية تدعى “مهمة آلية”، ويأتي ذلك كله انتهاكاً للدستور السوري الذي ينص على “حق المواطن بالملكية الخاصة وعدم انتزاعها منه لضرورات الحرب دون تعويض يعادل قيمتها الحقيقية.”

وكان المرسوم التشريعي رقم 104 الخاص بـ”قانون التعبئة”[1] قد صدر بتاريخ 21 آب/أغسطس 2011  قد نص في المادة 13 منه على:

  1. يحدد الواجب العسكري تأمين وسائط ووسائل النقل من أجل تأمين القوات المسلحة أثناء التعبئة.
  2. يعمم الواجب العسكري المتعلق بوسائط ووسائل النقل على أجهزة السلطة التنفيذية وأجهزة السلطة المحلية في المحافظات والمناطق والنواحي والبلدات وأجهزة الإدارة المحلية والمؤسسات والشركات إضافة إلى المرافئ والمطارات وقواعد النفط، ومحطات تزويد الوقود وورش الإصلاح وغيرها من المؤسسات الأخرى، وعلى المواطنين المالكين لوسائط النقل.
  3. يتم التعويض من قبل الدولة عن الأضرار التي تلحق بالمؤسسات والشرطات والمواطنين الناجمة عن تقديم وسائط النقل وغيرها من الممتلكات الخاصة بغية تأمين الدفاع عن البلاد وفقاً للنظام المحدد من قبل مجلس الوزارء.
  4. يخضع نظام تنفيذ الواجب العسكري المتعلق بوسائط ووسائل النقل للتصديق من قبل رئيس مجلس الوزراء.

يشير الباحثون الميدانيون لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في محافظة حماه أيضاً إلى وقوع انتهاكات في تطبيق “قانون التعبئة”، حيث أنه لم يتم تعويض أي من المدنيين المالكين لوسائط النقل التي تمت مصادرتها بموجب ذلك القانون عن أي أعطال أو أضرار في مركباتهم بعد إعادتها لهم، كما أن قسماً كبيراً من المركبات المصادرة لذلك الغرض لم تتم إعاداتها نهائياً رغم مراجعة أصحابها لمطار حماه العسكري المسؤول عن تلك العمليات.

وقام الباحثون الميدانيون أيضاً برصد عمليات المصادرة التي طالت مركبات/سيارات تعود ملكيتها لمدنيين، وبحسب المشاهدات ومعلومات حصلوا عليها من مصدرين مختلفين أحدهما عنصر في مطار حماه العسكري والآخر مدني يعمل في منطقة قريبة من المطار، فإن أعداد المركبات المدنية التي تمت مصادرتها منذ مطلع عام 2019 وحتى مطلع نيسان/أبريل 2019 قد بلغ 35 سيارة، أما في عام 2018 قد تم مصادرة نحو 400 سيارة من أنوع مختلفة بحسب المصدرين السابقين.

وبحسب شهادات جمعها الباحثون الميدانيون من شهود عيان ومالكي مركبات مدنيين في مدينة حماه، فإن عمليات المصادرة نفذتها حواجز تتبع لأجهزة أمنية وتركزت بشكل رئيسي عند الساحات الرئيسية في مدينة حماه كساحة عين اللوزة والقلعة وساحة العاصي والمحطة وغيرها، وغالباً ما يتم تجميع المركبات المصادرة في مطار حماه العسكري كونه يتعبر مركز عمليات وتنسيق بين الجهات الأمنية المختلفة عند بدء أي عملية عسكرية باتجاه ريف حماه ومحافظة إدلب، وترسل المركبات المصادرة إلى جبهات القتال ولخدمة الضباط ونقل الجنود إلى القطع العسكرية ومناطق الاشتباك ويتم استخدامها في التنقل داخل الألوية ونقل الذخيرة.

مصادرة المركبات بهدف “التعبئة”:

تحدثت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة إلى “حمزة” الذي يعمل سائقاً على سيارة لنقل البضائع بين المدن، وتم إيقافه على حاجز يتبع لجهاز الأمن العسكري على طريق حماه -حمص في شهر كانون الثاني/يناير 2019، حيث طُلب منه نقل صناديق ذخيرة إلى مطار حماه، وروى “حمزة” ما جرى معه قائلا:

“قاموا بإرسال عدد من الجنود معي وعند الوصول للمطار قاموا بإنزالي من السيارة وأخبروني أن السيارة ستستخدم لخدمة المطار وبعد شهر سوف يتم إعادتها لي وفي الشهر الثاني قمت بمراجعة المطار فقالوا لي إن السيارة تم إرسالها إلى ريف حماه الشرقي ولم تأتي من المهمة وأنهم سيقومون بالاتصال بي عندما تعود للمطار، وإلى الآن السيارة لم تعود إلى المطار وكل الوعود زائفة وأخشى أن تكون السيارة قد اختفت في مناطق الاشتباك.”

وأيضاً، تحدثت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة مع -فارس- الذي يعمل على سيارة من نوع -فان- لنقل البضائع في شركة خاصة (تحفظ على ذكر اسمها) حيث قامت دورية بإيقافه عند دوار عين اللوزة في مدينة حماه في شهر شباط/فبراير 2019، حيث قال:

“طلبت مني الدورية أوراق السيارة فأعطيتهم ورقة المهمة التي أخرجها لي صاحب الشركة من مطار حماه العسكري، فقام الضابط المسؤول في الدورية بتمزيق المهمة وقال لي أنه لا يعترف بالمهمات وقام بمصادرة السيارة مع بضائعها وأخبرني أن أذهب إلى المطار لاستعادة البضائع، ولكن صاحب الشركة قام بالذهاب إلى المطار ودفع مبلغ 300 ألف ليرة سورية لضباط هناك مقابل إعادة السيارة، واتفق مع الضباط على مبلغ شهري تقوم الشركة بدفعه مقابل عدم التعرض لسيارات الشركة.”

شاهد ثالث يدعى -محمد- يعمل على سيارة لنقل الألبان، تمت مصادرة سيارته من نوع -سكودا- من قبل دورية في شهر حزيران/يوليو 2018 عند دوار البحرة بمدينة حماه، وقال للباحث الميداني ما يلي:

 “تفاجأت بظهور دورية عند دوار البحرة وقاموا بإيقافي وطلبوا مني شهادة القيادة/السواقة وقالوا لي أن السيارة محجوزة للتعبئة وأعطوني رقم الضابط المسؤول وطلبوا مني مراجعة مطار حماه العسكري، فأخذت الرقم وبعد مضي شهر ذهبت إلى المطار فقالوا لي أن السيارة ليست موجودة ولم تعد من المهمة، وطلبوا مني مراجعتهم بعد شهر، ومنذ ذلك الحين أقوم بمراجعتهم شهرياً ولم أتمكن من استعادة السيارة حتى الآن.”

شاهد رابع يدعى -غيث- وهو أب لأربع اطفال يعمل على سيارة نوع -سوزوكي- في نقل الخضار من ريف حماه إلى سوق الهال في مدينة حماه، تم إيقافه في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2018 من قبل دورية في ساحة العاصي، وتحدث -غيث- عما جرى معه قائلاً:

” قامت الدورية بعد إيقافي بإفراغ صناديق الخضار من السيارة في الشارع وقالوا لي أحضر أحداً ينقل لك البضاعة، وأعطوني ورقة لمراجعة مطار حماه العسكري بعد شهر، وبعد مرور شهر راجعتهم فأخبروني بالعودة بعد شهر أخر وبعد ثلاثة أشهر تم الاتصال بي من قبل الضابط المسؤول بالمطار، وطلب مني أن أحضر رافعة وحلوان لأستلم السيارة، وعندما ذهبت صدمت لأن السيارة كانت متضررة بشكل كبير، وطلب مني الضابط دفع 20 ألف ليرة سورية له كـ حلوان/هدية له مقايل إرجاعه السيارة، وبعد أن استلمت السيارة كلفتني مبلغ 180 ألف ليرة سورية لإصلاحها ولم يتم دفع أي تعويض لي.”

شاهد خامس اسمه -براء- يعمل سائق مكروباص على خط حماة -حمص، تم إيقافه في شهر تشرين الأول/أكتوبر 2018، عند حاجز على مدخل مدينة الرستن أثناء عودته من مدينة حمص، وكانت حافلته محملة بالركاب، وقد روى ما حدث معه قائلاً:

“تم سحب أوراق السيارة مني وطلبوا مني توصيل الركاب لحماه ومن ثم العودة لحاجز الرستن لنقل جنود إلى دير الزور، فقمت بتوصيل الركاب وعدت إلى الرستن، وأجبروني على إيصال الجنود إلى دير الزور بعد أن قاموا بضربي ضرباً مبرحاً عندما رفضت الذهاب، من ثم قمت بإيصالهم إلى دير الزور وهناك قاموا بتحميل أسلحة في السيرفيس وكنت أقوم بنقلها للجبهات المختلفة هناك وبقيت لمدة شهر ونصف هناك، ثم طلبوا مني العودة بعد أن حدثت أعطال كبيرة في السيرفيس وتوقف عن العمل، وسمحوا لي بنقل السيرفيس بواسطة رافعة من دير الزور إلى حماه، وكلفني إصلاحه 100 ألف ليرة سورية.”

استخراج ورقة “مهمة آلية” لحماية السيارات والبضائع من “التعبئة”:

بحسب ما روى شهود عيان للباحثين الميدانين لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في مدينة حماه  وبحسب مشاهدات الباحثين أنفسهم، فإن “التعبئة” لم تكن السبب الوحيد وراء عمليات مصادرة وسائل النقل الخاصة بمختلف أنواعها، بل تم استخدام هذا القانون من أجل تحقيق مكاسب مادية لعناصر بعض الأجهزة الأمنية وميليشيا الدفاع الوطني التابعة للقوات النظامية السورية، إذ أنه بعد أن تمت مصادرة عدة سيارات خاصة مع البضائع التي تحملها تحت مظلة قانون “التعبئة”، فقد لجأ العديد من المدنيين والتجار لحماية سياراتهم عبر استخراج وثيقة تسمى “مهمة لآلية”، وتحمي هذه الورقة السيارة من عملبة المصادرة.

أحد التجار في مدينة حماه -رفض كشف اسمه لأسباب أمنية- قال للباحث الميداني إن صاحب السيارة يقوم باستخراج ورقة “المهمة الآلية” من مكتب “الدفاع الوطني” مقابل مبلغ يترواح بين 20 و 50 ألف ليرة سورية، تبعاً لنوع السيارة والبضاعة حيث يتم الاتفاق على المبلغ و مدة صلاحية الورقة بين مسؤول المكتب والتاجر، الوبموجب هذه الورقة يتم السماح للسيارة بالعبور على الحواجز دون أي تفتيش ودون مصادرتها لـ”التعبئة”، وبعد انتهاء مدة صلاحية الورقة يتم إعادتها إلى مكتب “الدفاع الوطني، وأشار التاجر أن هناك بعض الأفجهزة الأمنية تقوم بإصدار اأوراق مشابهة، ويعتمد ذلك على مدى علاقة التاجر وصلاته بالمسؤولين.

مصادرة واسعة لآليات في حماه بموجب قانون "التعبئة العسكرية"

صورة خاصة لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة لوثيقة مهمة آلية صادرة عن الدفاع الوطني بحماه، مصدرها أحد الشهود الواردين في التقرير.

المستشارة القانونية لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة أوضحت أن المرسوم رقم 104 لعام 2011 هو مرسوم جائر ويتم استخدامه لسلب ملكية الأفراد دون وجه حق، كما أنه يخالف المادة 15 من الدستور السوري التي تفرض حماية المواطن بحق الملكية الخاصة وتعويضه عنها تعويضاً عادلاً بحال تم انتزاعها لأغراض المنفعة العامة أو الحروب والكوارث، وهي الحالات السابقة الذكر وخلال ممارسات تطبيق المرسوم لم يتم تعويض المواطنيين عن ملكياتهم.

ويضاف إلى ذلك أن عملية مصادرة الآليات للتعبئة العسكرية تتم فجأة ودون سابق إنذار وفي بعض الأحيان دون علم الفرد المالك أو قبوله، وبالتالي يصبح هذا الأخد/السيطرة/الاستيلاء عنوة دون مستند قانوني.

[1] مجلس الشعب السوري، المرسوم التشريعي 104 لعام 2011 فانون التعبئة، http://parliament.gov.sy/arabic/index.php?node=5571&cat=4393&.

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد