-
مقدمة:
لم يدفع الزلزال المدمّر الذي وقع فجر يوم 6 شباط/فبراير 2023، أطراف النزاع في سوريا إلى تسهيل أو السماح بمرور المساعدات الإنسانية العاجلة بشكل سريع وآمن إلى المناطق الأشد تأثراً في سوريا، كما كان مطلوباً، بل على العكس قامت الحكومة السورية/دمشق والحكومة السورية المؤقتة (التابعة للائتلاف السوري المعارض) وحكومة الإنقاذ التي تديرها (هيئة تحرير الشام)، بمنع قوافل الإغاثة من المرور خلال خطوط التماس، ما أدى بطبيعة الحال إلى ضعف الاستجابة وفقدان عشرات الأشخاص لأرواحهم نتيجة ذلك البطء والتأخير المتعمّد.
وفي إشارة إلى دور السلطات المحلية في تأخير المساعدات، قال مدير برنامج الأغذية العالمي ديفيد بيزلي أن المنظمة تواجه مشكلات في المساعدات القادمة عبر خطوط التماس، حيث ترفض السلطات في شمال غربي سوريا منحهم الوصول الكافي، مضيفاً أن هذه المعوقات “تخنق عملياتنا”. أشار “بيزيلي” أيضاً إلى أن السلطات تمارس الألاعيب في وقت كهذا، مشدداً “أنه سيواجهها ولن يسكت حيالها”.
في المقابل، قالت منظمات دولية مستقلة إن تأخر المساعدات خنق الناجين من الزلزال، وإن الاستجابة الإنسانية البطيئة للزلازل التي ضربت بشدّة شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة، سلّطت الضوء على تقصير آلية المساعدات عبر الحدود التي فوضها “مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة” في سوريا، والحاجة الماسة إلى بدائل.
ومع فقدان فرص العثور على ناجين تحت الأنقاض إثر مرور نحو أسبوع على الزلزال، أقرت الأمم المتحدة على لسان وكيل الأمين العام الأممي للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث بـ”الفشل في إيصال المساعدات الكافية إلى سوريا”. وذكر المسؤول الأممي في تغريدة على حسابه في تويتر “أن الناس شمال غربي سوريا محقون في شعورهم بأن المجتمع الدولي تخلى عنهم، في ظل عدم وصول المساعدات الإنسانية”.
وكانت “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” قد دعت إلى جانب 137 منظمة مدنية أخرى إلى استجابة شاملة وغير تمييزية لكارثة زلزال 6 شباط، وضمان وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى جميع المناطق المتضررة بدون استثناء وعدم إعاقة أو منع تلك المساعدات من قبل أي جهة سياسية أو عسكرية.
بينما دعا تحالف “نحن هنا” المتخصص بأنشطة المناصرة في أوروبا، المجتمع الدولي إلى إرسال فرق البحث والإنقاذ وإيصال المساعدات إلى جميع المناطق المتضررة في كل أنحاء سوريا. ووجوب استخدام كل طريق ممكن للإغاثة وتوجيه المساعدات إلى السكان المتضررين في جميع أنحاء البلاد.
توثق “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” في هذا التقرير الموجز عمليات منع وتقييد وصول لمساعدات إغاثية عاجلة إلى مناطق تأثرت بشكل استثنائي في سوريا جراء الزلزال الذي حصد حتى الآن أكثر من 46 ألف شخص في تركيا وسوريا، بينهم آلاف السوريين/ات. كما تشرح المنظمة كيف أنّ منع المساعدات تلك، ساهم في ارتفاع أعداد الضحايا.
اعتمدت “سوريون” في هذا التقرير على 10 مقابلات؛ مع عمال إغاثة وصحفيين رافقوا القوافل الإنسانية، إضافة إلى سكان محليين ومتضررين نتيجة الزلزال، ومصادر طبية محلّية وأشخاص آخرين من ضمن فصائل المعارضة السورية. كما قابلت عمال إغاثة آخرين ومواطنين شرحوا للمنظمة الاحتياجات الحيوية لتلك المناطق خلال الأيام والساعات الأولى للكارثة.
وأظهرت غالبية هذه المقابلات كيف أن التعقيدات والمناكفات السياسية في سوريا، فاقمت معاناة المنكوبين جراء الزلزال، ومنعت عنهم مواد كانت سوف تساهم في حماية المتضررين/ات، وأنّه لولا الاستهتار من جانب أطراف النزاع، والمنع المتعمّد لوصول المساعدات، لكان بالإمكان إنقاذ مئات الأرواح البريئة العالقة تحت الأنقاض.
-
رأي قانوني وتوصيات:
تتحمل خلال النزاع المسلح السلطات المسؤولة التي تسيطر على إقليم/أقاليم مسؤولية الاستجابة وتأمين الحاجات الأساسية للسكان المدنيين في هذه الأقاليم التي تسيطر عليها. وحين تكون هذه السلطات غير راغبة أو غير قادرة على تأمين تلك الاحتياجات، يجب عليها قبول خدمات الإغاثة/المساعدة الإنسانية من أطراف إنسانية تقدم هذه الخدمات دون تحيز. وعلى الرغم من أن القانون الدولي الإنساني يلحظ شرط قبول تلك الأطراف لتلك العروض، إلا أن هذا الشرط يجب ألا يتحول إلى أداة للرفض التعسفي الذي قد يهدد حياة السكان المدنيين. تجدر الإشارة إلى أن شرط القبول غير مطلوب في حالة الاحتلال وذلك لأن سلطة الاحتلال يقع عليها واجب مضاعف في الاستجابة لحاجات السكان المدنيين في المناطق التي تحتلها، وعليه لا يمكن لهذه السلطات أن تشترط قبول المساعدات الإنسانية غير المتحيزة عندما لا تكون هي قادرة على تأمينها.
إن الأطراف المسيطرة في النزاع المسلح السوري ملزمة بموجب القانون الدولي الإنساني بقبول وتيسير مرور المساعدات الإنسانية طالما أنها غير قادرة على تأمينها للسكان المدنيين نظراً لحجم الكارثة الإنسانية ومحدودية الموارد المتوفرة. وعلى الرغم من أن الطرف الذي عرض تقديم هذه المساعدة قد يعتبر طرفاً في النزاع المسلح – الإدارة الذاتية – إلا أن تكليف الخوذ البيضاء باعتبارها منظمة إنسانية لتولي مسؤولية توزيع هذه المساعدات من شأنه أن يضمن شروط العمل الإنساني المتمثلة بالإنسانية وعدم التحيز والحيادية والاستقلالية.
بالإضافة إلى ذلك، يحظر القانون الدولي الإنساني على أطراف النزاع عرقلة مرور المساعدات الإنسانية بغض النظر عن كيفية القيام بذلك. إن وضع شروط تعتبر سياسية أو ربحية على مرور المساعدات الإنسانية محظور بشكل مطلق ولا يتوافق مع الهامش المتاح لأطراف النزاع في مراقبة وتفتيش هذه المساعدات لضمان أنها لا تؤدي لدعم المجهود الحربي للعدو.
بناءً على ذلك، على الأطراف التالية القيام بما يلي بناءً على أحكام القانون الدولي النافذة:
- تتحمل تركيا كدولة احتلال المسؤولية الرئيسية في المناطق التي تحتلها وتسيطر فيها على الفصائل المسلحة الفاعلة في تأمين الحاجات الإنسانية الطارئة لجميع السكان المدنيين دون أي تمييز. على تركيا أن تقوم بتزويد هذه المناطق بكافة الاحتياجات اللازمة للاستجابة لهذه الكارثة وأن تضع آليات مراقبة وتنفيذ تضمن وصول المساعدات دون تمييز للسكان الأكثر احتياجاً.
- تتحمل السلطات السورية مسؤولية تأمين الحاجات الإنسانية لجميع السكان المدنيين على أراضيها. وحيث أن هذه السلطات لا تمارس سلطة فعلية على بعض الأقاليم، يجب عليها السماح بمرور المساعدات الإنسانية دون شروط أو تعقيدات.
- على السلطات السورية إرسال المساعدات الإنسانية التي تصل عبر منافذ أخرى تسيطر عليها للمناطق المتضررة حتى إن كانت لا تقع تحت سيطرتها المباشرة.
- على جميع الفصائل المسيطرة على أقاليم في سوريا أن تسمح وتيسر عمليات الإغاثة الإنسانية دون قيد أو شرط. وعليها أن تمتنع عن تحويل مسار هذه المساعدات أو السيطرة عليها أو على أجزاء منها. على هذه الفصائل أن تسمح للمنظمات الإنسانية غير المتحيزة بالوصول الفوري للسكان الأكثر احتياجاً وأن تمنحها الحماية وسهولة الوصول.
- على هيئات الأمم المتحدة الإغاثية التنسيق مع الأطراف كافة بهدف تيسير عمليات الإغاثة عبر كافة المعابر وعدم اقتصار عملها على معبر باب الهوى.
- على الدول التي أعلنت عن رغبتها أو قامت فعلاً بإرسال المساعدات الإنسانية أن توجد آليات محددة لضمان أن هذه المساعدات تصل بشكل فوري للمحتاجين إليها في المناطق المتضررة في سوريا دون تمييز أو تحويل.
-
منع قافلة محروقات قادمة من شمال شرقي سوريا إلى غربها:
بتاريخ 7 شباط/فبراير 2023، أي بعد حوالي 24 ساعة من حدوث الزلزال، أعلنت الإدارة الذاتية التي تتحكم بمساحات واسعة من شمال شرقي سوريا، وعبر معرفاتها الرسمية بأنّها بصدد تجهيز قافلة من الصهاريج التي تحمل المشتقات النفطية ومواد إغاثية أخرى، من أجل إرسالها للمناطق المتضررة. وذلك على لسان “عبد حامد المهباش”، الرئيس المشترك للمجلس التنفيذي للإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا.
في اليوم التالي، أظهرت صور منشورة عبر الحساب الرسمي للإدراة الذاتية صهاريج الوقود وهي تتجه من مدينة منبج الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، إلى معبر “أم الجلود” من أجل تمرير المساعدات إلى مناطق شمال غربي سوريا، والتي تخضع لسيطرة فصائل سورية معارضة مدعومة من تركيا، التي كانت من ضمن المناطق الأشد تأثراً.
لاحقاً وبتاريخ 10 شباط/فبراير 2023، أعلن “جوان إبراهيم” (الرئيس المشترك لدائرة الإعلام في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا وعضو خلية إدارة الأزمة التي شكلتها الإدارة الذاتية) أن قافلة أخرى من منبج اتجهت نحو “معبر التايهة/أبو كهف” الذي يربط مناطق قوات سوريا الديمقراطية بمناطق الحكومة السورية، وذلك من أجل الوصول إلى مناطق الشيخ مقصود والأشرفية ومخيمات الشهباء بشكل رئيسي.
بتاريخ 11 شباط/فبراير 2023، تمّ الإعلان أنّ كلتا القافلتين توقفتا عند خطوط التماس، دون السماح لهما بالدخول. أحد الصحفيين المرافقين للقافلة التي كانت متجهة إلى مناطق المعارضة السورية المسلّحة، والمتوقفة عند معبر “أم الجلود” قال في شهادته لـ”سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” ما يلي:
“انتقلنا مع القافلة من شمال شرق سوريا إلى منبج ثم وصلنا إلى معبر أم جلود حوالي الساعة 11من صباح يوم الخميس 9 شباط/فبراير 2023، علماً أن القافلة كانت في مدينة منبج منذ يوم 8 شباط. وكانت عبارة عن 30 صهريجاً من المحروقات، بالإضافة إلى مساعدات إغاثية وأغطية وألبسة شتوية محملة في ثلاث شاحنات”.
وأضاف المصدر:
“كان من المقرر أن تتسلم منظمة الخوذ البيضاء/الدفاع المدني السوري مع جهات مدنية أخرى القافلة، بحسب مسؤولي الإدارة الذاتية الذين أخبرونا بذلك قبل أن نصل المعبر، وكانوا يؤكدون أن هذه الجهات المدنية أخبرتهم بأنهم لا يتوقعون أن يكون هناك مانع لإدخال القافلة، من أية جهات أخرى في الشمال الغربي من سوريا، على اعتبار أنها مسألة إنسانية وأن هناك كارثة وأن المشكلات السياسية لن تعيق إيصال القافلة. كما علمنا أن وساطة أميركية بدأت أيضاً لغرض تسهيل إيصال القافلة. وبدا مسؤولو الإدارة متأكدين بداية من إمكانية إدخالها وأن التأخير قد يكون لساعة أو ساعتين، وكانوا يذكرون أن الطرف الأمريكي بذل جهودا لإدخالها، لذا بدوا واثقين من إمكانية إيصالها للطرف الآخر. لكن القافلة توقفت في المعبر ولم تعبر إطلاقاً”.
مصدر آخر، وهو أيضاً أحد الإعلاميين اللذين تواجدوا مع القافلة المتوجهة إلى معبر أم الجلود، قال في شهادة حصرية لـ”سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” ما يلي:
“وصلنا إلى معبر أم الجلود، الذي يقع بين مناطق الإدارة ومناطق المعارضة، وجدنا في المعبر قافلة مكونة من 30 صهريج محروقات، مع ثلاثة شاحنات إنتر (صغيرة حجم) كانت تحوي أغطية وألبسة ومواد إغاثية، وقد وصلنا إلى المعبر في حدود الحادية عشرة صباحاً من يوم الخميس 9 شباط وكانت بمدينة منبج يوم 8 شباط. هناك بقينا في انتظار عبور الشاحنات، بعد ذلك أخبرنا مسؤولون في الإدارة الذاتية، بأنهم تواصلوا مع منظمة الخوذ البيضاء، وأن المنظمة بدورها تواصلت لتأمين استلام القافلة، ولكنهم تراجعوا خشية تعرضهم لاستهداف من فصائل من المعارضة السورية التي ترفض دخول المساعدات من طرف الإدارة.”
وأكّد المصدر أن المعبر كان مفتوحاً من طرف الفصائل المعارضة أمام البضائع التجارية، إلاّ أنّ قافلة المساعدات مُنعت من الوصول. أي أنّ المعبر التجاري لم يكن فعلياً مغلقاً أمام حركة تبادل البضائع إنّما مُنعت القافلة من المرور لأسباب سياسية بحتة.
أحد قيادي الصف الأول في الجيش الوطني السوري/المعارض، قال في شهادة حصرية لـ”سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، إنّ قرار منع القافلة، كان قراراً تركّياً صرفاً، وتمّ تمرير القرار إلى رئيس الحكومة السورية المؤقتة “عبد الرحمن مصطفى“، والذي رفض بدوره دخول القافلة واتهم الإدارة الذاتية بمحاولة توظيف القضية من أجل مصلحتها سياسياً. وهو ما أثار بطبيعة الحال سخطاً شعبياً ضمن صفوف المعارضين السوريين.
قيادي آخر في الجيش الوطني السوري، قال إنّ عدداً من فصائل المعارضة السورية واجهت ضغوطاً كبيراً من عناصرها لقبول المساعدات القادمة من شمال شرقي سوريا، وخاصة الوقود اللازم لتشغيل الآليات المشاركة في عمليات الإنقاذ، ذلك أن عشرات العائلات التي كانت تحت الأنقاض كانت عائلات لمقاتلي الجيش الوطني.
قال أحد عمّال الإغاثة الذين شاركوا في عمليات انتشال ضحايا الزلزال “لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة” إنّ فرق الإنقاذ واجهت صعوبات كبيرة، بسبب محدودية الآليات الثقيلة التي لا تكفي بطبيعة الحال للتعامل مع تدمّر آلاف المنازل في الوقت ذاته.
وأشار المصدر أيضاً إلى نقص الوقود المطلوب لتشغيل وتحريك تلك الآليات (تريكس – باكر – رافعات)، وهو ما حدا بهم إلى طلب المحروقات من جميع الجهات دون استثناء. وختم المصدر:
“لم تكن المحروقات المتوفرة في الشمال السوري كافية على الإطلاق لتشغيل جميع الآليات التي بدأت عمليات الإنقاذ، خاصة أننا نتحدث عن آليات ثقيلة تصرف عادة كميّة كبيرة من المحروقات، منها آليات كانت تصرف حوالي 220 ليتر في كل ساعة عمل، فما بالك بعمل عشرات الآليات الثقيلة مثل الجرافات والرافعات ومنظومات الإسعاف وغيرها من منظومات الدعم اللوجستي الأخرى في نفس الوقت. رغم ذلك، لم تكن تلك الآليات كافية لانتشال آلاف الناس من تحت الأنقاض. بعبارة أخرى: كان الشمال الغربي السوري مقطوعاً عن العالم الخارجي، ولم يستقبل في الأيام الخمسة الأولى سوى الجثث من تركيا، فلم تدخل مساعدات من مناطق النظام السوري أو المناطق الأخرى، وتُكرت تواجه مصيرها لوحدها في ظل الاحتياج الكبير ..”.
وكان مدير الدفاع المدني في سوريا “رائد الصالح”، قد أكّد على أنّ الكثير من العائلات السورية قطعت المحروقات عن نفسها، رغم البرد القارس، وتبرعوا بها إلى فرق الدفاع المدني لاستكمال عمليات البحث والإنقاذ، في إشارة إلى احتياج المنطقة الشديد للمحروقات.[1]
إلى ذلك، أشار “مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية” في تحديث له بتاريخ 10 شباط/فبراير 2023، إلى الحاجة الماسة إلى مجموعة من المواد الأساسية مثل الوقود والمساعدات الأخرى للمناطق المتضررة، وهو ما يؤكد مرة أخرى على مدى تأثير منع القوافل الإنسانية على تضاعف أرقام الضحايا.
لاحقاً، وبعد أكثر من أسبوع من وقوع الكارثة، سُمح لأول قافلة مساعدات إنسانية قادمة من محافظات دير الزور والرقة والحسكة (دون المحروقات) بالدخول إلى مناطق شمال غربي سوريا، بينما بقيت قافلة المحروقات المقدمة من قبل سلطات الإدارة الذاتية ممنوعة من الدخول حتى تمّ سحبها بتاريخ 16 شباط/فبراير 2023، حيث أعلنت الإدارة الذاتية بأنّ قرار مرور القافلة تم ربطه بأمور ومواقف سياسية على حساب الضحايا والمتضررين.
كما نظّم تحالف منظمات المجتمع المدني في شمال وشرق سوريا حملة تحت عنوان “هنا سوريا” من أجل دعم ومساندة ضحايا الزلزال في شمال غربي سوريا.
-
القوات الحكومية تمنع قافلة من الوصول إلى مخيمات الشهباء وأحياء في حلب:
ليس بعيدا عن معبر “أم الجلود” الواقع بين مناطق الإدارة الذاتية ومناطق سيطرة فصائل الجيش الوطني، كانت قافلة محروقات مكونة من حوالي 100 صهريج مع قافلة طبية للهلال الأحمر الكردي، تنتظران في “معبر التايهة/أبو كهف” للوصول إلى مناطق من حلب وريفها، وهي مناطق واقعة تحت سيطرة الحكومة السورية.
ورغم أن الهلال الأحمر الكردي، ذكر في إحدى بياناته أنه أوصل قافلة مساعدات إلى مناطق منكوبة من سوريا خلال اليوم الأول من وقوع الكارثة، حيث تبين لاحقاً أن فريقاً طبياً من مناطق الجزيرة السورية وصل إلى مناطق الشهباء، شمال حلب (يتواجد فيه النازحون من عفرين بشكل رئيسي)، لكنه أكد لاحقا ًفي أكثر من بيان أن الحكومة السورية، منعت وصول قافلته الثانية إلى وجهتها. ونقلت مصادر مفتوحة عدّة أن الحكومة السورية اشترطت “الحصول على نصف المواد الموجودة في القافلة” مقابل السماح بدخولها، وهو ما أكّده مصدر خاص لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، كان من بين الأشخاص المرافقين للقافلة.
ضمن هذا السياق، قال مصدر طبي، طلب عدم ذكر اسمه، في شهادته لـ”سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، حول ذلك ما يلي:
“بعد وقوع ضحايا وجرحى في حيي الشيخ مقصود والأشرفية بحلب، نتيجة الزلزال الذي وقع في 6 شباط الماضي، أرسل الهلال الأحمر الكردي إلى الحيين، خلال أول يوم للكارثة، كمية من المساعدات تضمنت خيماً ومواد إغاثية وأدوية، كأول استجابة للكارثة”.
وأضاف المصدر في شهادة أخذت عبر الإنترنت في الـ14 من شباط فبراير الجاري :
“بعدها كانت هناك قافلة أخرى في 11 شباط الجاري، وصلت إلى معبر التايهة بريف منبج حيث كانت من المقرر أن تصل إلى حلب وريفها، وهي لا تزال هناك مع نحو 100 صهريج محروقات تضم الديزل والبنزين، في المعبر كانت قد أعدتها الإدارة الذاتية”.
وأوضح المصدر أن:
“قافلة الهلال الأحمر الكردي، تضم طاقماً طبياً يتكون من مسعفين وأطباء وعمال إغاثة، إلى جانب كمية من المواد الطبية والإغاثية، محملة في شاحنتين (قاطرة ومقطورة وسيارتي إسعاف إضافة إلى سيارة إنتر(صغيرة)”.
وختم المصدر:
“منذ أن وصلت القافلة إلى معبر التايهة تشترط الحكومة السورية، الحصول على أكثر من 50 % من القافلة مقابل السماح بإيصال كميات من هذه القافلة إلى مناطق حلب وريفها، لكن حتى الآن لم تقبل الإدارة الذاتية شروط الحكومة السورية. ذلك أن هناك حاجة ملحة في مخيمات الشهباء بريف حلب للإغاثة مثل بقية مناطق حلب، وذلك بعد نزوح الآلاف من المدنيين من حيي الشيخ مقصود والأشرفية إلى مخيمات الشهباء بريف حلب، وخشيتهم من البقاء في منازلهم التي تضررت بفعل الزلزال”.
وبعد ساعات من نشر المعرفات الرسمية للإدارة الذاتية تأكيدات حول استمرار الحكومة السورية في رفض إدخال المساعدات الإنسانية المقدمة من جانب الإدارة الذاتية، تداولت العديد من المصادر أنباء عن دخول القافلة مساء الأربعاء، 15 شباط/فبراير، إلى مناطق الحكومة السورية دون أن يتبين لسوريون كيف تم ذلك؟! وهل جرى ذلك بموجب اتفاق توصل إليه الطرفان بعد نحو خمسة أيام من الخلاف؟! أم وفق اتفاقات معينة سمحت للحكومة بتحصيل نسب معينة من المساعدات المقدمة.
من الأهمية بمكان الإشارة، إلى أنّه ولطالما قامت الحكومة السورية بمنع وتقييد المساعدات إلى المناطق السورية المتضررة، وأحياناً تمّ استخدام تلك المساعدات “كسلاح” بحب وصف منظمات دولية مستقلة.
-
هيئة تحرير الشام تمنع وصول مساعدات قادمة عبر “خطوط التماس”:
على الطرف الآخر، وفيما كانت المساعدات القادمة من شمال شرقي سوريا متوقفة عند معبري “أم الجلود” و “التايهة/أم كهف”، وردت تقارير عن منع “هيئة تحرير الشام” لوصول مساعدات إلى المناطق المتضررة عبر ما بات يُعرف باسم “خطوط التماس“. حيث دأبت المساعدات الإنسانية بالمرور عبر الخطوط منذ أن تمّ إقرار مجلس الأمن الدولي لذلك.
ففي تاريخ 11 شباط/فبراير بدأ تداول وثيقة موجهة من “مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في حلب” إلى محافظ حلب “أحمد حسين دياب”، ذكر فيها أنّ الحكومة السورية وافقت على إرسال مساعدات عبر الخطوط إلى محافظة إدلب (سرمدا) وفق القرار 388 والمؤرخ في 8 شباط/فبراير، إلا أنّ الأمر لم يتم بسبب “صعوبات لوجسيتة” عند الطرف الآخر، والمقصود هنا “هيئة تحرير الشام”، المصنفة على لوائح الإرهاب العالمي، والتي تسيطر على على أجزاء من محافظة إدلب وحلب.
وعاد المتحدث باسم الأمم المتحدة وقال بأنّ عملية وصول المساعدات ما بين مناطق الحكومة السورية والمعارضة السورية المسلّحة تعطلت بسبب “مشكلات تتعلق بالموافقات”، وذلك في تصريح لوكالة رويترز بتاريخ 12 شباط/فبراير 2023.
“سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، تحدثت إلى أحد القادة السياسيين في “هيئة تحرير الشام”، غرضاً للحصول على معلومات حول منع “الهيئة” لوصول المساعدات إلى المناطق المتضررة من الزلزال في إدلب، حيث قال في تصريح خاص بالمنظمة ما يلي:
“تم رفض إدخال المساعدات عبر مناطق النظام، من أجل استمرار الضغط على الأمم المتحدة لأجل فتح المعابر في شمال غرب سوريا، وإرسال المساعدات الإنسانية عبر المعابر المشتركة مع تركيا، عدا عن وجود رفض محلي من الأهالي لاستقبال المساعدات من مناطق سيطرة النظام السوري.”
واستدرك القيادي قائلاً بأن “موقف الهيئة صحيح” رغم أنّه جاء بتوقيت حرج جداً، حيث كان المتضررين من الزلزال باشدّ الحاجة لأي مساعدة.
[1] نص بيان المؤتمر الصحفي للدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) حول عن آخر التطورات في شمال غربي سوريا. 10 شباط/فبراير 2023. (آخر زيارة للرابط: 15 شباط/فبراير 2023). https://www.syriacivildefence.org/ar/our-reports/field-reports/%D9%86%D8%B5-%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A4%D8%AA%D9%85%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A-%D9%84%D9%84%D8%AF%D9%81%D8%A7%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D9%86%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%88%D8%B0-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%B6%D8%A7%D8%A1-%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%B9%D9%86-%D8%A2%D8%AE%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B7%D9%88%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D9%81%D9%8A-%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%BA%D8%B1%D8%A8%D9%8A-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7/