قامت “منظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، وبدعم من الصندوق الوطني لدعم الديمقراطية NED، بتنظيم مجموعة من الجلسات التشاورية حضرها أكثر من 80 من النشطاء/ات وممثلين/ات عن منظمات المجتمع المدني، ومواطنين من شمال شرق وغرب سوريا.
تنشر “سوريون” هذه الورقة الرابعة، كجزء من مجموعة أوراق لخّصت نتائج هذه الجلسات، وحيث سوف يتم نشرها تباعاً على شكل خمسة تقارير متسلسلة تمّ عنونتها كالتالي:
- التقرير الأول: آلية تشكيل وعمل اللجنة الدستورية السورية.
- التقرير الثاني: الشمولية/التضمين والتعددية.
- التقرير الثالث: العدالة الانتقالية والعملية الدستورية في سوريا.
- التقرير الرابع:الحوكمة والنظم القضائية والعملية الدستورية في سوريا.
- التقرير الخامس: الدستور السوري وقضايا العدالة الاجتماعية – الإيكولوجية والتجارب الشخصية.
سوف نتناول في هذا التقرير دور اللجنة الدستورية في إنشاء هيئة قضائية مستقلة وهيكل لمنظومة حوكمة تمثل البلد بأكمله/جميع مكونات الشعب.
إنَّ نجاح عملية بناء السلام في سورية يتطلَّب وجود آلية تضع حداً للصراع وأخرى تضمن عدم تكراره. ويعدّ تضمين إصلاحات بنيوية لمؤسسات الحكم في الدستور الجديد أو المعدّل للبلاد جزء من هذه الآلية، وينبغي أن تتضمن هذه الإصلاحات وضع خطة تفصيلية وسياسة متماسكة لإنشاء محاكم خاصة واستثنائية،[1] وذلك لتعزيز الضمانات التي تكفل وجود نظام قضائي مستقل وعدم ترك مجال للإفلات من العقاب في الهياكل الأمنية. إنَّ وضع هياكل حكم عادلة ومحايدة في الدستور من شأنه أن يحقق الاستقرار في سوريا ما بعد الحرب ويضفي الشرعية على الدستور حيث أنَّ ذلك سيضمن احترام الشعب له، أي للدستور، إذ سيصبح أكثر من مجرد إعلان مبادئ.[2]
بيد أنه وخلال التعديلات التي أجريت على الدستور السوري عام 2012، لم يتم وضع أساسات لهياكل حكم تستوفي وجهات النظر المعارضة. وبدون وجود مثل هذه الهياكل كان إجراء استفتاء حر ونزيه مستحيلاً في ظل الانقسام التي كانت تعيشه البلاد بسبب الحرب آنذاك، أي في عام 2012. ونتيجة لذلك، فشل دستور سوريا لعام 2012 في تلبية احتياجات فئات الشعب السوري على تنوعها، وفي إشاعة الثقة بينهم بأنَّ المبادئ الواردة في الدستور هي بصدق أكثر من مجرد كلام نظري.
وفي الوقت الذي تمضي فيه اللجنة الدستورية السورية قدماً في كتابة أو تعديل دستور سوري جديد، يجب أن تضمن أن تكون هياكل الحكم المدرجة في الدستور مستقلة ومحمية وخالية من الأبعاد السياسية وذلك لضمان أن ينجح هذا الدستور في ترسيخ الثقة والاستقرار، الأمر الذي فشل سلفه في تحقيقه.[3]
سنتحدث في التقرير الحالي عن التغييرات المنهجية المحتمل أن تحدث في البلاد عقب تطبيق الدستور الجديد أو المعدّل في حال كان الأخير يستوفي وجهات نظر الأقليات الذين يشعرون أن لا أحد يسمع أصواتهم. سوف نورد آراء فئات مختلفة من الشعب حول منظومات الحوكمة والقضاء التي يرغبون في تطبيقها وحول الدور الذي يلعبه الدين في الأنظمة الدستورية والقانونية. وسنتناول أيضاً كيفية وضح سلطة قضائية مستقلة ونزيهة. إنَّ أخذ آراء مكونات الشعب السوري على اختلافها بعين الاعتبار في صياغة الدستور الجديد أو المعدل للبلاد سيؤدي وبلا شك إلى أن يحظى الأخير بقبول ورضا واسعين.
أنظمة الحوكمة:
خلال المشاورات التي تمّ عقدها من خلال مشروع “أصوات سورية لدستور يشمل الجميع”، قدمنا لمشاركينا نماذج مختلفة عن أنظمة الحوكمة للاختيار من بينها، فكانت النتيجة اختيار الأغلبية بنسبة 67.9 %، للنظام البرلماني، بينما اتجه 9.5 % نحو نظام برلماني رئاسي، و 10.7 % نحو نظام رئاسي. وعلى مرّ السنين، اقترحت عدة جهات فاعلة،[4] إقامة نظام اتحادي (فدرالي) في البلاد، وناقشته، مسلّطة الضوء على التوزيع العادل والشامل للسلطة بين المناطق المختلفة الذي سيحدث في ظله. وقد استطلعنا آراء المشاركين لدينا حول شكل النظام الفدرالي الذي يمكن تطبيقه في سوريا، فكان رأي 40.5 % منهم أن يكون نظاماً فيدرالياً كاملاً، و 10.7 % منهم فقط أيّدوا اللامركزية الإدارية، في حين أظهر المشاركون في استطلاع منظمة اليوم التالي رغبتهم في تبني مثل هذا النظام السياسي بنسبة 42.4 %. إنَّ تفاوت النسب بين المجموعتين قد يكون له علاقة بالتركيبة الديمغرافية المختلفة لهما.
لقراءة التقرير كاملاً وبصيغة ملف PDF يُرجى الضغط هنا.
___
_
[1] المحاكم الخاصة هي المحاكم الدائمة كالمحاكم العسكرية، أما المحاكم الاستثنائية تمثل تلك المؤقتة كمحاكم الإرهاب.
[2] عملية بناء دستور مبني على النوع الاجتماعي (الجندر) في سوريا، تجمع سوريات من أجل الديمقراطية، 2014. (آخر زيارة للرابط: 14 كانون الأول/ديسمبر 2021). http://sl4c.org/ar/wp-content/uploads/2016/05/%D8%B9%D9%85%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D9%86%D8%A7%D8%A1-%D8%AF%D8%B3%D8%AA%D9%88%D8%B1-%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%B3-%D9%84%D9%84%D9%86%D9%88%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%AF%D8%B1-%D9%81%D9%8A-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7.pdf
[3] المبادئ الأساسية لاستقلال السلطة القضائية، مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان. (آخر زيارة للرابط: 14 كانون الأول/ديسمبر 2021). https://www.ohchr.org/en/professionalinterest/pages/independencejudiciary.aspx
[4] أي دستور تحتاج سوريا؟، منظمة اليوم التالي، 2018.
بناء الدستور في مراحل ما بعد الصراع: الدعم الخارجي لعملية سيادية، المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات IDEA، 2011، https://constitutionnet.org/vl/item/wrqt-syast-bna-aldstwr-fy-mrahl-ma-bd-alsra-aldm-alkharjy-lmlyt-syadyt-
(آخر زيارة للرابط: 14 كانون الأول/ديسمبر 2021).
الخيارات الدستورية وخيارات الحكم الانتقالي في سوريا وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، مركز كارتر، 2016، https://www.cartercenter.org/resources/pdfs/peace/conflict_resolution/syria-conflict/principles-and-constitutional-provisions-may-8-2016-arabic.pdf (آخر زيارة للرابط: 14 كانون الأول/ديسمبر 2021).
مسألة الدين في الدساتير السورية: مراجعة تاريخية ومقارنة، ريم تركماني وإبراهيم دراجي، كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، 2019.