تصاعد وازدياد وتيرة القصف من قبل القوات النظامية السورية وحليفتها روسيا خلال شهر كانون الثاني/يناير 2019، حيث تعرضت تلك المناطق لقصف شبه يومي طال في العديد من المرات مواقع مدنية، وأسفر عن مقتل ما لا يقل عن 22 شخصاً بينهم نساء وأطفال وجرح ما لايقل عن 65 آخرين، ويعد القصف الذي طال مدينة معرة النعمان بإدلب هو الأعنف حيث أسفر عن مقتل 11 مدنياً وجرح 35 آخرين، وبالمقابل قامت فصائل عسكرية معارضة باستهداف مواقع عدة خاضعة لسيطرة القوات النظامية السورية في ريف حماه "رداً على خرق" القوات النظامية لاتفاق خفض التصعيد، وذلك حسب شهادات جمعتها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة.
أولاً: القصف الذي طال ريف إدلب الجنوبي:
رصد الباحثون الميدانيون لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة تعرّض ما لا يقل عن 16 بلدة ومدينة لقصف مدفعي وصاروخي وجوي من قبل القوات النظامية السورية والقوات الروسية خلال شهر كانون الثاني/يناير 2019، حيث توزعت أبرز حوادث القصف كالآتي:
1- قصف مدفعي وصاروخي مصدره حواجز القوات النظامية السورية:
شهدت مدينة معرة النعمان يوم 29 كانون الثاني/يناير 2019 قصفاً صاروخياً أعتبر الأعنف خلال هذا الشهر، حيث طال عدداً من الأحياء في المدينة وأسفر عن مقتل 11 مدنياً بينهم نساء وأطفال وجرح ما لا يقل عن 35 مدنياً آخرين.
الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في المدينة أوضح مجريات الأحداث المدينة قبيل القصف حيث قال:
"خلال شهر كانون الثاني/يناير 2019 شهدت المدينة الكثير من الأحداث على خلفية الاقتتال الذي اندلع بين هيئة تحرير الشام وبعض الفصائل المندرجة ضمن الجبهة الوطنية للتحرير[1]، وقد تم الاتفاق بين الأطراف العسكرية والوجهاء المدنيين على تحييد المدينة عن الاقتتال وإخلاء كافة المظاهر العسكرية والمقرات منها، وفي مساء يوم 28 كانون الثاني/يناير 2019 قامت هيئة تحرير الشام بدخول المدينة ومحاولة السيطرة على المقرات العسكرية لفصيل صقور الشام وحدث إطلاق نار كثيف حينها، ومن ثم تم توقيع اتفاق لاخلاء المدينة من المظاهر العسكرية وذلك قبل أقل من 12 ساعة على تعرض المدينة للقصف، وكان يفترض أن يتم إخلاء المدينة من المظاهر العسكرية بالكامل على الفور إلا أن ذلك لم يحدث وبقي عناصر من هيئة تحرير الشام والفصائل الأخرى ضمن المدينة، وفي اليوم التالي عند الساعة الواحدة والنصف ظهراً بدأت القوات النظامية السورية قصف المدينة بالمدفعية وبدأ القصف أولاً عند الحي الشمالي ومن ثم شارع الكورنيش وبعدها محيط الجامع الكبير، وانتهى القصف عند الساعة الثانية وعشر دقائق."
نسخة عن اتفاق إخلاء المظاهر العسكرية من مدينة معرة النعمان بإدلب والذي تم التوصل إليه قبيل تعرضها للقصف. المصدر: المجلس المحلي الخاص بمعرة النعماة (تلغرام/فيس بوك).
تحليل الأدلة البصرية لهجوم يوم 29 كانون الثاني/يناير 2019:
صورة لمدينة معرة النعمان تظهر الشارع الذي تعرض للقصف.
صورة تظهر آثار الدمار وموقع الأبنية السكنية التي تعرضت للقصف.
أيضاً، بتاريخ 28 كانون الثاني/يناير2019 تعرّضت بلدة كفرنبل لقصف أسفر عن سقوط جرحى مدنيين، وفي الـ26 من الشهر ذاته تعرضت بلدة "سكيك" لقصف مدفعي، وفي الـ24 تعرضت بلدة "التح" لقصف بصواريخ شديدة الانفجار في حين تعرضت بلدات سكيك والخوين والزرزور وتلمنس (في نفس اليوم) لقصف مدفعي أسفر عن مقتل مدني وجرح عدد آخر في بلدة تلمنس.
أيضاً في يوم الـ21 من الشهر ذاته تعرضت بلدات بداما والناجية ومرعند والتح لقصف صاروخي ومدفعي، وفي الـ20 منه تعرضت بلدة التح لقصف مدفعي، أما في الـ11 من شهر كانون الثاني/يناير تعرضت بلدة جرجناز لقصف بصواريخ شديدة الإنفجار، في حين تعرضت بلدتي قطرة والحراكي لقصف مدفعي.
وحول طبيعة المناطق التي تم استهدافها في تلك البلدات، قال "محمد كركص" الناشط المحلي وعضو "مركز المعرة الإعلامي" لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة ما يلي:
"إن المناطق التي تعرضت للقصف بالمجمل هي مناطق مدنية وأحياء سكنية إضافة إلى أراضي زراعية، تجدر الإشارة إلى وجود بعض المقرات العسكرية للفصائل في محيط القرى المستهدفة وعلى مقربة منها، ولكن القصف الذي حصل لم يستهدف المقرات وإنما سقطت القذائف والصواريخ ضمن المناطق المدنية."
2– قصف من طائرات حربية روسية:
شنت طائرات حربية روسية غارة جوية استخدمت فيها صواريخ فراغية على قرية خان السبل قرب مدينة سراقب، وسقطت الصواريخ عند مخبز آلي تسبب بعدد من الإصابات بين المدنيين وذلك بتاريخ 20 كانون الثاني/يناير 2019، كما شنت في اليوم ذاته غارة مماثلة على قرية كسرايا أسفرت عن مقتل رجل وامرأة، وفي الرابع من الشهر ذاته شنت طائرات حربية روسية أيضاً غارة على مزرعة تقع غربي مدينة خان شيخون، وتسبب القصف بإصابة سبعة أشخاص من عائلةواحدة وهم نازحون من قرية الجبين بحماه.
وحول هذه الغارات، قال الناشط المحلي "محمد كركص" ما يلي:
"تحدثنا إلى المراصد المدنية والعسكرية في جنوب إدلب وأكدت لنا هذه المراصد عبر أجهزة اللاسلكي إقلاع طائرات حربية من قادة حميميم العسكرية قبيل وقوع هذه الغارات بدقائق قليلة، ولم ترصد هذه المراصد إقلاع أي طائرات عسكرية من مطارات أخرى."
ثانيا: القصف المتبادل بين القوات النظامية السورية وفصائل عسكرية معارضة:
شهدت بلدات عدة في ريف حماه الشمالي قصفاً مدفعياً وصاروخياً شبه يومي من قبل القوات النظامية السورية أسفر عن مقتل أربعة أطفال وامرأتين ورجلين مدنيين إضافة إلى جرح ما لايقل عن 15 مدنياً بينهم نساء وأطفال، ويأتي هذا القصف كخرق لاتقاق "حفض التصعيد" وبالمقابل قامت فصائل عسكرية معارضة عدة بقصف مواقع عدة ضمن سيطرة القوات النظامية أسفر إحداها عن وقوع جريحة مدنية.
- القصف من قبل القوات النظامية السورية:
سجل "مركز حماه الإعلامي" الذي يديره ناشطون محليون في ريف حماه الشمالي تعرّض ما لا يقل عن عشرة بلدات لقصف مدفعي وصاروخي أبرزها حوادث القصف التالية التي تسببت بسقوط ضحايا مدنيين؛ في يوم 28 كانون الثاني/يناير 2019 قتل طفل نتيجة القصف الصاروخي على قرية الزكاة كما توفيت امرأة متأثرة بجراحها نتيجة قصف سابق على القرية ذاتها، وفي يوم 26 قتل شاب مدني بسبب القصف بالرشاشات الثقيلة على قرية الزكاة، وفي يوم 24 وقع عدد من الجرحى بقصف مدفعي على اللطامنة،وفي يوم 23 سجل إصابة عدد من المدنيين بقصف على قرية الحويز، وفي يوم 22 قُتلت الطفلة فاطمة الرحال وجرح عدد من المدنيين بقصف صاروخي على بلدة كفرزيتا، أما في يوم 18 قتلت امرأة وأصيب مدنيون آخرون نتيجة قصف بقذائف الدبابات على مدينة مورك، وفي يوم 17 قتل شاب نتيجة قصف طال مدينة اللطامنة، أيضاُ يوم 16 سجل وقوع جرحى مدنيون نتيجة قصف صاروخي على كفرزيتا، وفي يوم 11 قتلت طفلة وأصيبت امرأة نتيجة قصف بواسطة طائرة روسية مسيرة عن بعد طال مدينة اللطامنة، حيث سبق أن أعدت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة تقريراً حول الحادثة.
وحول هذه الحوادث، قال الناشط المحلي "محمد هويش" لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة مايلي:
"تتعرض مدن وبلدات ريف حماه الشمالي بشكل عام إلى قصف شبه يومي، هذا القصف يتركز على ثلاث مناطق أساسية وهي مورك واللطامنة وكفرزيتا والسبب في ذلك أنها تعد خط الجبهة الأول مع القوات النظامية السورية ومركز إنطلاق الفصائل المعارضة، هذه المناطق نزح منها معظم أهلها ويسكنها حالي نحو 10 بالمثة من المدنيين فقط، إن القوات النظامية تكثف القصف في هذه الفترة بسبب اقتراب موعد محادثات الأستانة كما اعتادت أن تفعل دائما قبل انعقاد أي محادثات سياسية."
- القصف من قبل فصائل عسكرية معارضة على مواقع القوات النظامية السورية:
أعلنت فصائل عسكرية معارضة عدة منها "جيش العزة" وهيئة تحرير الشام عن استهدافها مواقع خاضعة لسيطرة القوات النظامية السورية في ريف حماه رداً على خرق الأخيرة لاتفاق "خفض التصعيد"، ورصد الباحثون الميدانيون لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة بعض هذه العمليات حيث أسفر أحدها عن سقوط جريجة مدنية في بلدة محردة يوم 22 كانون الثاني/يناير 2019.
تحدث الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة إلى أحد شهود العيان في بلدة محردة حيث قالت الشاهدة ما يلي:
"سقط عدد من الصواريخ في أطراف الحارة الشمالية بالبلدة وأصيبت إمرأة بسببها وتم نقلها إلى مشفى محردة الوطني، عادة تسقط الصواريخ في هذه الحارة لأنه على بعد نحو 3 كم منها يوجد نقطة عسكرية غالباً ما يتم استهدافها، وفي كل مرة تسقط صواريخ هنا."
شاهدة أخرى من بلدة سلحب قالت للباحث الميداني مايلي:
"معظم الصواريخ التي يتم استهدافنا بها تسقط في محيط البلدة وعلى الأراضي الزراعية."
[1] للمزيد انظر: "هيئة تحرير الشام" تسيطر بشكل كامل على إدلب ومناطق في ريفي حلب وحماه، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة. 22 كانون الثاني/يناير 2019. (آخر زيارة 11 شباط/فبراير 2019). https://stj-sy.org/ar/view/1155.