عادت عمليات الخطف في محافظة السويداء إلى الواجهة بشكل كبير مؤخراً بعد فترة غياب نسبي، حيث وثق ناشطون محليون في المحافظة وقوع 21 عملية خطف طلباً للفدية، وذلك في الفترة الواقعة ما بين 1 تشرين الأول/أكتوبر و13 تشرين الثاني/نوفمبر 2018. وينحدر الأشخاص الذين تعرّضوا لعمليات خطف -على أيادي عصابات الخطف المنتشرة في المنطقة- من محافظات السويداء ودرعا ودمشق. وقد أفاد الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة أنّه تم إطلاق سراح 5 أشخاص من مجمل المخطوفين. في حين ما يزال مصير الباقي مجهولاً (16) شخصاً.
وعادة ما تمرّ عمليات الخطف المشابهة في محافظة السويداء دون محاسبة من قبل السلطات الحكومية المختصة، نظراً لأن أصحاب العلاقة لا يتقدمون بادعاءات على الخاطفين خوفاً من الثأر والانتقام من تلك العصابات رغم معرفتهم لهم.
كان من بين الـ21 مخطوفاً، 12 شخصاً من أبناء محافظة السويداء من ضمنهم طفلة، وشخص واحد من محافظة دمشق، و7 أشخاص من محافظة درعا بينهم طفل، وشخص لم تُعرف محافظته الأصلية، حيث نشرت "شبكة السويداء 24" على موقعها الرسمي تفاصيل حوادث الاختطاف التي جرت جمعيها ضمن محافظة السويداء.
وحول المختطفين الذين تم الإفراج عنهم من محافظة درعا، قال "محمد الشرع" عضو "مكتب توثيق شهداء درعا" في حديث مع سوريون من أجل الحقيقة والعدالة يوم 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، إن كلاً من الطفل "غيدق المسالمة" والرجل "خالد العواجي" اللذين اختطفا من قبل جماعات مسلحة تم إطلاق سراحهما دون دفع فدية مالية بعد تدخل وجهاء و"شيوخ عقل" في محافظة السويداء.
إلى ذلك، قالت المستشارة القانونية المحلّية لدى منظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، إنه لا يتم محاسبة الخاطفين من قبل السلطات المحلّية الحكومية المختصّة رغم التعرّف على هويتهم من قبل الأهالي والسلطات، وذلك يعود لأسباب عدة من أبرزها أن الشخص الذي تعرض للاختطاف وذويه لا يقومون برفع دعوى اختطاف أصولاً ولا التقدم بشكوى ضد الخاطفين تخوفاً من الثأر والأعمال الانتقامية، ففي معظم الأحيان يتم تهديد الخاطفين لهم بشكل مباشر، وبالتالي فإن السلطات المتمثلة بالنيابة العامة لا تستطيع تحريك الدعوى دون وجود إدعاء شخصي.
وأوضحت المحامية أنه تمّ بالفعل تسجيل بعض الحالات التي تقدم فيها مختطفون بشكوى رسمية ضد الخاطفين وتم على إثرها توقيف الأشخاص المتهمين لأيام معدودة ليتم إطلاق سراحهم بـ"الوساطة من قبل داعمين لهم ضمن جهات أمنية".
ونصّ "قانون العقوبات السّوري" على مواد تتضمن الأحكام والعقوبات المترتبة على ارتكاب جرُم الخطف والأحكامها والعقوبة المترتبة عليها، فوردت الجريمة في مواد مختلفة من القانون السوري تحت التعريف الآتي:
"أن جريمة الخطف هي سلب إنسان حريته باستخدام أسلوب أو أكثر من أساليب العنف والاحتفاظ به في مكان يخضع لسيطرة وحماية ورقابة المختطفين تحقيقاً لغرض معين (سياسي أو ديني أو أخلاقي)."
أمّا بالنسبة للمواد التي تمّ ذكر جريمة الخطف في القانون السوري فهي:
-
المادة 478 من "قانون العقوبات السوري" التي تعاقب على جريمة خطف الفتيات والأولاد دون
السابعة وعقوبتها الحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة.
-
المادة 481 من "قانون العقوبات السوري" التي تعاقب على جريمة خطف القواصر دون الثامنة عشرة من عمرهم وعقوبتها الحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات. وإذا أبعد أو خطف القاصر بالحيلة أو بالقوة كانت العقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة.
-
المادة 500 من "قانون العقوبات السوري" التي تعاقب على "جريمة الخطف بقصد الزواج" بالحبس من فترة ثلاث سنوات إلى تسع سنوات.
-
المادة 501 من "قانون العقوبات السوري" التي تعاقب على جريمة الخطف بقصد ارتكاب الفجور بالأشغال الشاقة تسع سنوات، وإذا ارتكب الفعل المذكور لا تنقص العقوبة عن إحدى وعشرون سنة.
-
المادة 555 من "قانون العقوبات السوري" التي تُعاقب كل من حرم أحداً من حريته الشخصية بأي وسيلة بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين.
-
المادة 556 من "قانون العقوبات السوري" التي تُعاقب على جريمة "حرمان أي شخص من حريته الشخصية" بمدة تتجاوز الشهر. وتمّ تعديل المادة وفقاً للرسوم 21 لعام 2012 لتشديد العقوبة وتصبح الأشغال الشاقة المؤقتة والأشغال الشاقة من عشر إلى عشرين سنة إذا أنزل الخاطف بالمخطوف تعذيب جسدي أو معنوي، وبالغرامة ضعف المبلغ لكل من حطف بالعنف أو بالخدام شخصاً بقصد طلب فدية.
-
ثم جاء المرسوم رقم 20 في العام 2013 الخاص بتجريم خطف الأشخاص، مشدداً على العقوبة بالأشغال الشاقّة المؤبدة والتشديد للإعدام في حال وفاة أحد الأشخاص المخطوفين أو حدوث عاهة دائمة بالمجني عليه أو تمّ الاعتداء عليه جنسياً.
-
واختتمت المستشارة القانونية المحلّية لدى منظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة بوجوب اعتبار جريمة الخطف على أنّها "جريمة مجتمع"، أي أن تتم الملاحقة القضائية ويتم تحريك الدعوى من قبل النيابة العامّة دون انتظار شكوى المتضرر من ذلك.