استدعى "مكتب الأمن القومي" السوري عدداً من الضباط المنشقين عن القوات النّظامية السّورية/الجيش السوري في ريف حمص الشمالي، واحتجزهم لمدة شهرين ثم أطلق سراحهم بعد مثولهم أمام لجنة[1] قضت بتسريحهم من الخدمة بشكل نهائي مع فرض غرامات على بعضهم. كما أجرى المكتب "تسوية أوضاع" لبعض العناصر المنشقين الآخرين من رُتب دنيا في الجيش السوري وعناصرين سابقين في جهاز الشرطة المحلّية، وذلك بحسب شهادات حصلت عليها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة.
قال أحد أقارب ضابط منشق[2] -مقيم في مدينة الرستن وتم إطلاق سراحه مؤخراً- في حديث مع سوريون من أجل الحقيقة والعدالة يوم 4 تشرين الثاني/نوفمبر 2018:
"قام مكتب الأمن القومي باستدعاء 13 ضباطاً منشقاً عن القوات النّظامية السّورية من عموم ريف حمص الشمالي، حيث توجّب عليهم مراجعة مكتب الأمن القومي في العاصمة دمشق، وتم توقيف الضباط (وهم من رتب عليا مختلفة بينهم عقيد) في مبنى نادي الضباط في دمشق لمدة شهرين بالضبط، وبعد أن خضعوا للتحقيق والمثول أمام لجنة تم إطلاق سراحهم وإبلاغهم بأن قضيتهم مازالت قيد النظر في محكمة (لم يحدد اسمها) وبعد خضوعهم لهذه المحكمة سيتم تسريح الأشخاص الذين لم تترتب عليهم جرائم أو قضايا نتيجة حمل السلاح، في حين أن الأشخاص الذين ترتبت عليهم مسؤوليات جراء ذلك ستتم محاكمتهم في محكمة أخرى."
كذلك روى قريب[3] أحد الضباط الذين تم احتجازهم مؤخراً تفاصيل الاحتجاز لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة يوم 4 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، حيث قال:
"تم احتجاز الضباط الـ13 في قبو تحت الأرض، ولم يتعرضوا لسوء المعاملة إنما كان التحقيق معهم روتينياً ودون ضرب أو تعذيب، واستمر الاحتجاز لمدة شهرين تماماً وذلك بسبب انتظار اللجنة المختصة بقضية الضباط المنشقين، حيث أن هذه اللجنة تأتي في موعد ثابت كل شهرين، حسبما أخبر العناصر في مكان الاحتجاز الضباط المنشقين، وبعد مرور الشهرين قدمت اللجنة وأجرت تحقيقاً روتينياً وأصدرت قرار تسريح وأطلاق سراح، حيث يتوجب على هولاء الضباط المنشقين مراجعة القطع العسكرية التي انشقوا منها وإحضار ورقة براءة ذمة لاستكمال الاجراءات، وأقرت اللجنة فرض غرامة على الأشخاص الذين انشقوا بسلاحهم، حيث قُدرت الغرامة بدفع مقدار ثلاثة أضعاف قيمة السلاح أو الأشياء التي حملها المنشق معه من القطعة العسكرية، وكذلك يتم تسريحه دون حصوله على أي تعويضات أو مستحقات له أو راتب تقاعدي."
وبحسب الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة فقد قام مكتب الأمن القومي بتسوية أوضاع نحو 15عنصراً من الشرطة وصف الضباط أيضاً، حيث تم استدعائهم واحتجازهم نحو خمسة أيام، وأقر الجهاز تسريح قسم منهم بشكل مباشر في حين ما يزال القسم الآخر محتجزاً "بسبب ارتكاب جرائم خلال فترة الإنشقاق."
وأشار الباحث الميداني إلى أن عدداً كبيراً من العناصر الذين انشقوا عن القوات النّظامية السّورية قد قاموا مؤخراً بالتطوع في صفوف قوات "سهيل الحسن" أو ضمن "الأمن العسكري" وذلك للنجاة من الاعتقال أو الاقتياد للخدمة العسكرية والملاحقة، حيث أنه تتم ملاحقة العناصر المنشقين الذين لم يتطوعوا في أحد القوات، ومن جانب آخر يقوم بعض المنشقين عن القوات النّظامية والشرطة في مدينة الرستن بتجهيز أنفسهم لمراجعة الأجهزة الأمنية لتسوية أوضاعهم على غرار سابقيهم.
وكانت القوات النّظامية السورية سيطرت على كامل ريف حمص الشمالي في شهر أيار/مايو 2018، بعد اتفاق عقدته القوات الروسية وفصائل المعارضة السورية المسلحة يقضي بخروج عدم الراغبين بالبقاء باتجاه شمالي سوريا، إضافة إلى ضمان الجانب الروسي عدم دخول القوات النظامية السورية إلى المنطقة وعدم شن حملات اعتقال واحتجاز، إلا أن القوات السورية خرقت الاتفاق واعتقلت عشرات المدنيين والعسكرين بينهم عناصر سابقين في فريق (الخوذ البيضاء) كما نفذت عمليات اعتقال أخرى متذرعة أنها جاءت على خلفية ادعاءا شخصية، وسبق أن نشرت سوريون من أجل الحقيقة العدالة تقارير مفصلة حول الحوادث.[4
[1] لم تتحقق سوريون من أجل الحقيقة والعدالة فيما إذا كانت هذه اللجنة مشكلة من ضباط عاديين أو قضاة عسكريين.
[2] تم حجب اسم الشاهد وصفته حفاظاً على سلامته، وتم إجراء المقابلة معه عبر الانترنت.
[3] تم حجب اسم الشاهد وصفته حفاظاً على سلامته، وتم إجراء المقابلة معه عبر الانترنت.
[4] الأجهزة الأمنية تعتقل متطوعين سابقين في (الخوذ البيضاء) بحمص ودرعا، سوريون من أجل الحقيقة والعدلة بتاريخ 15 أيلول/سبتمبر 2018، آخر زيارة بتاريخ 4 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، https://stj-sy.org/ar/view/744.