الرئيسية صحافة حقوق الإنسانقصص وشهاداتقصص مكتوبة “دائماً ما أخاف وأتحسّر على أولادي في حال أنجبوا أطفالاً فماذا سيحلّ بهم”

“دائماً ما أخاف وأتحسّر على أولادي في حال أنجبوا أطفالاً فماذا سيحلّ بهم”

قصة الأم ”بديعة حسن“ .. عندما يُسرق الحلم من عيون أبنائك

بواسطة wael.m
232 مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية, الكردية حجم الخط ع ع ع

مازالت بديعة تتحسّر على حال أولادها الأربعة، إذ أنهم لم يتمكنوا من إكمال تعليهم كما لم يكن بمقدورهم تحقيق أحلامهم وطموحاتهم كسائر الناس، نظراً لأنهم من الكرد السوريين المحرومين من الجنسية السّورية، وتحديداً من فئة "مكتومي القيد".

"بديعة فرحان حسن" من مواليد مدينة القامشلي/قامشلو عام (1948)، متزوجة ولديها أربعة أولاد، تنتمي بديعة لعائلة قسّمها الإحصاء الإستثنائي الذي أجرته الحكومة السورية عام (1962) إلى مواطن ومكتوم قيد، ما جعلها تواجه صعوبات عدّة كما روت للباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في شهر آذار/مارس 2018، قائلة:

"ننتمي أنا وزوجي إلى عائلة واحدة، إلا أنه مكتوم القيد وأنا أتمتع بالجنسية السّورية، وحين جرى الإحصاء جاء اسمه مكتوماً، ولم يكن لدينا أولاد حينها، فلم يتابع الأمر، وفي بداية الثمانينات أنجبتُ ابنتي الأولى، وكان لي أخ عضو في مجلس الشعب سألته من أجل أن يسوّي لنا وضعنا القانوني إلا أنّ ذلك كان دون جدوى، ما زلتُ أذكر إحدى المواقف التي يصعب عليّ نسيانها، فعندما كبرت ابنتي وأصبحت في سنّ الدراسة، جاءت في إحدى المرات من مدرستها وهي تبكي بشدّة، ولمّا سألتها ما بها، قالت لي بأنّ مدير المدرسة طردها بسبب عدم وجود اسم لوالدها في السجلات، كما قال لها بأنّ اللاتي مثلك يجب أن يعملن أعمال المنزل ولا يأتين إلى المدارس، وحينما حاولتُ الحديث مع مدير المدرسة وتوضيح الأمر له، أصرّ على أنه ليس لابنتي اسم في السجلات فقلت له باللغة الكردية، لو كان لديّ مسدس الآن لأطلقته على رأسك ولا يهمني لو بقيتُ طوال حياتي في السجن."

تقدّمت عائلة بديعة بأوراقها عدة مرات إلى دائرة الأحوال المدنية في مدينة عامودا، بقصد تعديل وضعهم القانوني، إلا أنّ ذلك لم يأتِ بأية نتيجة، تابعت ابنة بديعة تعليمها حتى نهاية المرحلة الثانوية، وكانت متفوقة إلى حدًّ يؤهلها لدخول أي فرع جامعي، إلا أنها لم تتمكن من متابعة دراستها الجامعية على الرغم من جميع المحاولات، تابعت بديعة قائلة:

"استطعنا لاحقاً تسجيل بعض الأولاد في الجامعة، إلا أنه كان "تسجيلاً شرطيّاً" بمعنى أنك تستطيع إكمال التعليم في الجامعة لكن دون الحصول على شهادة، وكان الناس دائماً ما يقولون لي بأنه لا مستقبل لدراسة أبنائك، لكنني كنت أردّ بأنّ الدراسة جيدة حتى ولو كانت دون شهادة، ومع أننا كنا من حال فقيرة، إلا أننا تحمّلنا الفقر لأجل أن يكمل أطفالنا دراستهم،

"وفي إحدى المرات وبعد أن تخرّجت ابنتي من قسم الأدب الإنكليزي ذهبت إلى الجامعة علّها تتمكن من استلام شهادتها، إلا أن الموظفة رفضت ذلك بعد أن أخبرتها بأن لا بطاقة شخصية لديها لديها، بكت ابنتي طويلاً وأخبرتها بأنها هي من تعبت للوصول إلى هذه الشهادة لا أحد سواها، ولكن أيضًا دون جدوى."

وتابعت بديعة بأنه حينما عجز أولادها عن أخذ الشهادة الجامعية، لم تجد إحدى بناتها خياراً أفضل من سلوك طريق الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، مشيرة إلى أنّ ابنها الأصغر كان قد توقف هو الأخر عن الدراسة في المرحلة الثانوية عندما اطلّع على حال إخوانه، وفي هذا الصدد تابعت قائلة:

"لم يكن لديّ سوى أربعة أولاد، لذا أردتُ لهم جميعاً أن يكملوا دراستهم، كما أننا عانينا كثيراً من مسألة المكتومين، فابنتي التي أنهت دراسة الأدب الإنكليزي عملت لاحقاً مصفّفة للشعر، ومن ثمّ توظفت لدى الإدارة الذاتية مثلها مثل بقية صديقاتها، لكني دائماً ما أخاف وأتحسّر على أولادي في حال أنجبوا أطفالاً فماذا سيحلّ بهم.“

 

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد