اعتقلت بعض الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة السورية أكثر من أربعين شخصاً في ريف حمص الشمالي بناءً على ادعاءات شخصية رفعها ضدهم بعض عناصر الأجهزة الأمنية وأشخاص موالون للحكومة السورية، حيث تمّت مداهمة منازل المدعى عليهم واقتيادهم إلى مقرات الأجهزة الأمنية دون أن يصدر بحقهم مذكرة توقيف قضائية على الرغم من كون سبب الاعتقال هو الادعاءات الشخصية.
وقال الناشط "وائل جمعة"[1] في حديث مع سوريون من أجل الحقيقة والعدالة يوم 16 أيلول/سبمتبر 2018، إنه بعد سيطرة القوات النظامية السورية على ريف حمص الشمالي[2] دخلت الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة السورية إضافة إلى عناصر من القوات الروسية إلى المنطقة حيث كانت القوات الروسية هي الضامن لأبناء المنطقة من عدم تعرضهم للاعتقال، إلا أنّ بعض عناصر الأجهزة الأمنية بدأت بتحريض الموالين للحكومة السورية لتقديم ادعاءات شخصية ضد الأشخاص الذين وقعوا "اتفاق تسوية/مصالحة"، وبناء على هذا الادعاء الشخصي تقوم الأجهزة الأمنية باعتقال المدعى عليهم.
وتابع "جمعة" قائلاً: "إنّ عملية الاعتقال تتم عبر جهازي "الأمن العسكري والأمن السياسي" بشكل رئيسي، حيث يقوم العناصر بالتوجه إلى منزل المدعى عليه واقتحامه واعتقاله وسوقه إلى الفرع، وعندما يقوم ذوو المعتقل بمراجعة القوات الروسية الضامنة كونه قد وقع مسبقاً "اتفاق التسوية/المصالحة" يتم ابلاغ الأهل أن الاعتقال جاء نتيجة ادعاء شخصي، ومن المعروف قانوناً أن توقيف شخص بموجب الادعاء الشخصي يجب أن يكون بموجب مذكرة قضائية تصدر بعد التقدم بشكوى خطية مسجلة أصولاً، إلا أن هذا لم يحدث حيث تولت الأجهزة الأمنية الاعتقال وسوق المدعى عليه إلى الفرع عوضاً عن نظارة المحكمة".
كذلك تمّ تسجيل عدة شكاوى تقدّم بها مدنيون من أبناء مدينة الرستن بحق أشخاص كانوا يعملون ضمن المؤسسات التابعة للمعارضة مثل "المحكمة الشرعية والشرطة الحرة"، مدّعين أنّ هؤلاء الأشخاص تعرضوا لهم بالضرب والإساءة.
ونقل الناشط عن مصادر أهلية[3] في مدينة الرستن حادثة اعتقال أكثر من ثلاثين شاباً من مدينة الرستن بناءً على ادعاء شخصي خلال شهر آب/أغسطس 2018، حيث روت المصادر ما يلي:
"في عام 2012 قام أحد عناصر الأجهزة الأمنية باغتيال ضابط منشق عن القوات النظامية السورية ليقوم بعدها بعض أصدقاء وأقارب الضابط المنشق بتفجير منزل العنصر الذي اغتاله وتمكن من الهروب، ومؤخراً في شهر آب/أغسطس 2018 قام هذا العنصر بتقديم شكوى ضد الأشخاص الذين فجروا منزله ليتم اعتقالهم من قبل فرع الأمن السياسي إضافة إلى أشخاص لا علاقة لهم بالحادثة، وعددهم جميعاً نحو ثلاثين شخصاً، ولم يعرف مصيرهم حتى الآن".
وفي حادثة مشابهة، روت المصادر الأهلية أنّ أحد أهالي قرية جبورين الموالية للقوات النظامية السورية تقدّم بشكوى ضد 18 شخصاً من أبناء بلدة الغنطو المعارضة، مدعياً أنهم قاموا بقتل ابنه في عام 2012، وتمّ اعتقال الـ18 شخصاً من قبل فرع الأمن العسكري وذلك في آب/أغسطس 2018، وأوضحت المصادر أنه في عام 2012 شهدت قرية جبورين وبلدة الغنطو اشتباكات ومعارك كثيرة قُتل خلالها عشرات الشبان، حيث كانت القرية والبلدة على خط التماس الأول بين القوات النظامية السورية وفصائل المعارضة المسلحة.
ووفق الناشط "وائل جمعة" فإنّ الشخص الذي تم اعتقاله من قبل الأجهزة الأمنية- بناءً على الادعاءات الشخصية- يقوم ذويه بتكليف محامٍ ذو معارف وعلاقات واسعة مع القضاة وعناصر الأجهزة الأمنية ليقوم بالتوسط له وإطلاق سراحه بعد دفع مبالغ مالية كرشاوى تُحدد تبعاً لنوع التهم الموجهة.
ونقل الناشط عن أحد الأهالي في مدينة الرستن الحادثة التالية:
"تقدّم شخص من عائلة "طلاس" بشكوى على أحد أبناء مدينة الرستن يدعى "أحمد" مدعياً أنه مدين له بمبلغ خمسين ألف ليرة سورية، وقام عناصر من فرع الأمن العسكري باعتقال "أحمد" بناءً على هذه الدعوى، وتواصل أهل الشاب مع محام معروف بأن له علاقة وثيقة مع أحد القضاة وتوسط عنده، وبعد دفع رشوة بلغت 600 ألف ليرة سورية تم إطلاق سراح أحمد بعد مدة قصيرة".
وسبق أن نفذت الأجهزة الأمنية والقوات النّظامية السّورية حملات دهم واعتقالات في المناطق التي سيطرت عليها مؤخراً بموجب اتفاقات عقدتها مع الفصائل العسكرية المعارضة، وطالت هذه الاعتقالات والاحتجازات عشرات الشبان وبعض النساء على الرغم من إجراء المعتقلين والشبان الذين تم سوقهم إلى الخدمة العسكرية الإلزامية لـ"اتفاق المصالحة/ التسوية" الذي يمنح المُوقع عليه ضماناً بعدم التعرض له مدة ستة أشهر، إلا أن الأجهزة الأمنية والقوات العسكرية خرقت هذا الاتفاق، وكانت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة نشرت أخباراً مفصلة حول حوادث الاعتقال التي جرت في مناطق عدة[4].
[1] ناشط إعلامي من أبناء ريف حمص الشمالي، نزح إلى ريف حلب الشمالي بعد سيطرة القوات النظامية السورية عليها، وحصل على معلوماته من مصادر محلية مقيمة في مدينة الرستن.
[2] سيطرة القوات النّظامية السّورية وحلفاءها على ريف حمص الشمالي يوم 16 أيار/مايو 2018 بعد أن عقدت اتفاقاً مع لجنة مكلفة بالتفاوض عن الفصائل العسكرية المعارضة، وبموجب هذا الاتفاق تم إجلاء الأشخاص غير الراغبين بالبقاء في المنطقة نحو الشمال السوري، كما تم إجراء مصالحة/تسوية أوضاع مدتها ستة أشهر للأشخاص الذين قرروا البقاء.
[3] تم حجب اسم وصفة هذه المصادر حفاظاً على سلامتهم.
[4] "الأجهزة الأمنية تعتقل متطوعين سابقين في الخوذ البيضاء بحمص ودرعا"، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة بتاريخ 16 أيلول/سبتمبر 2018، آخر زيارة 18 أيلول/سبتمبر 2018، https://stj-sy.org/ar/view/744.
"اعتقال وتجنيد شبان من جنوب دمشق في خرق لاتفاق "التسوية/المصالحة"، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة بتاريخ 13 أيلول/سبتمبر 2018، آخر زيارة 15 أيلول/سبتمبر 2018، https://www.stj-sy.org/ar/view/742.
"اعتقالات بحق سكان مخيم اليرموك في دمشق بعد السيطرة عليه"، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة بتاريخ 9 حزيران/يونيو 2018، آخر زيارة 11 أيلول/سبتمبر 2018، https://www.stj-sy.org/ar/view/566.