أقامت هيئة تحرير الشام[1] "مزاداً علنياً" لبيع أغراض وممتلكات استولت عليها تحت مسمّى "الغنائم" وتعود ملكيتها لأهالي بلدة كفريا بريف إدلب شمالي سوريا، داعية "كل من يرغب" لحضور المزاد الذي استمر لساعات داخل البلدة، وذلك بتاريخ 14 آب/أغسطس 2018، ويأتي "المزاد" بعد أن تم إجلاء سكان بلدتي الفوعة وكفريا بشكل كامل بموجب اتفاق سابق عقدته "تحرير الشام" مع إيران[2].
وقال الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة والذي كان متواجداً أثناء ساعات "المزاد"، إن "هيئة تحرير الشام" منعت الإعلاميين والمشاركين في المزاد من تصويره بشكل كامل، كما منعت عدداً من المدنيين بالمشاركة بالمزاد، حيث كان أكثر المتواجدين فيه هم من عناصر "الهيئة" أو الموالين لها.
وعُرض في المزاد -الذي أقيم في إحدى المدارس وبدأ في الساعة العاشرة صباحاً وانتهى في الساعة الواحدة- آليات ودراجات نارية وسيارات مستعملة وخردوات، وكانت جميع المعروضات غير صالحة للاستخدام المباشر، كما عُرض في المزاد لوازم إكساء المنازل مثل الأبواب والنوافذ وإطارات الألمنيوم، وبدأت أسعار الدراجات النارية في المزاد ابتداءً من 40 ألف ليرة سورية والسيارات ابتداءً من 200 ألف ليرة، وأوضح الباحث الميداني أن المشاركين في المزاد هم من تجار الخردة وعدد قليل جداً من المدنيين إضافة إلى عناصر "تحرير الشام".
وتسيطر "هيئة تحرير الشام" على بلدة كفريا بشكل كامل، وقامت بإعطاء المنازل في البلدة لعناصرها القادمين من محافظات ريف دمشق وحمص ودرعا، في حين ما تزال الخدمات الأساسية من مياه وكهرباء غير متوفرة بشكل جيد في البلدة، حيث تقوم صهاريج مكتوب عليها "تابع للإدارة المحلية لهيئة تحرير الشام" بتعبئة المياه بشكل مجاني للمقيمين، وأشار الباحث الميداني إلى أن معظم المنازل في البلدة تعرضت للنهب والسلب -قبل المزاد وبعد عملية الإخلاء- سواء من حيث الأثاث (مفروشات وأدوات كهربائية) أو من حيث مواد الإكساء (أبواب ونوافذ..)، كما أن الحركة داخل البلدة شبه معدومة ويمنع دخولها والتصوير والتجول فيها دون تصريح مباشر من "تحرير الشام" الأمر الذي يعرض المخالفين للاعتقال.
ولفت الباحث الميداني إلى اختلاف وضع بلدة الفوعة عنه في بلدة كفريا، حيث تخضع بلدة الفوعة لسيطرة فصائل عسكرية عدّة منها "حركة أحرار الشام الإسلامية" و"جيش الأحرار" و"صقور الشام"، وتنشط الحياة فيها بشكل أكبر، حيث تم نقل بعض النازحين من محافظات أخرى إلى البلدة حديثاً، رغم نقص الخدمات الأساسية فيها.
وكانت "حكومة الإنقاذ"[3] طالبت عبر بيان رسمي صدر يوم 6 آب/أغسطس 2018 بنقل نازحين مقيمين في مدارس عدة بمدينة إدلب إلى بلدتي كفريا والفوعة، حيث نشرت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة خبراً مفصلاً عن الحادثة[4].
[1] بتاريخ 28 كانون الثاني/يناير 2017، أعلنت عدّة فصائل جهادية في شمال سوريا الإندماج تحت مسمّى "هيئة تحرير الشام" وكانت الفصائل التي أعلنت عن حلّ نفسها والاندماج تحت المسمّى الجديد هي جبهة فتح الشام – تنظيم جبهة النصرة سابقاً، وحركة نور الدين الزنكي، ولواء الحق، وجبهة أنصار الدين، وجيش السنّة، وحركة أنصار الشام الإسلامية، إلا أنه وعلى خلفية اندلاع المواجهات الأخيرة بين حركة أحرار الشام وهيئة تحرير الشام في الشمال السوري بتاريخ 15 تموز/يوليو 2017، أعلنت حركة نور الدين الزنكي انفصالها عن الهيئة بتاريخ 20 تموز/يوليو 2017
[2] توصلت "هيئة تحرير الشام" لاتفاق مع إيران بتاريخ 16 تموز /يوليو 2018.، يقضي بتهجير جميع سكان كفريا والفوعة وهم من الطائفة الشيعية وإجلائهم إلى مناطق سيطرة القوات النّظامية السّورية في حلب، مقابل إقراج حكومة النظام السوري عن 1500 معتقل لديها من المدنيين و40 مقاتلاً من فصائل "تحرير الشام، جبهة تحرير سوريا وجيش إدلب الحر" إضافة إلى أربعة مدنيين معتقلين لدى ميليشيات النظام في البلدتين
[3] بتاريخ 7 تشرين الأول 2017، تم الإعلان عن تشكيل "حكومة الإنقاذ" لإدارة محافظة إدلب والمناطق الخاضعة لسيطرة "هيئة تحرير الشام"، حيث انبثقت حكومة الإنقاذ عن "هيئة تأسيسية" انبثقت بدورها عن "المؤتمر السوري العام" الذي دعت إلى عقده هيئة تحرير الشام" في 17 أيلول/سبتمبر 2017، وعقدت جميع جلساته وجلسات تشكيل الحكومة في معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا
[4] "حكومة الإنقاذ" تطالب بنقل مهجرين مقيمين في مدارس بمدينة إدلب وإسكانهم في بلدتي كفريا والفوعة، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، 9 آب/أغسطس 2018. (آخر زيارة 14 آب/أغسطس 2018) https://www.stj-sy.org/ar/view/668.