رافقت الهجمات العسكرية الأخيرة التي شنّها التنظيم الذي يُطلق على نفسه اسم "الدولة الإسلامية" والمعروف باسم "تنظيم داعش" في محافظة السويداء يوم 25 تموز/يوليو 2018، عمليات إعدام ميدانية بحق أهالي عدة قرى منها: الرامي وشبكي وشريحي بريف السويداء الشرقي، أسفرت وفق شهود عيان عن مقتل ما لا يقل عن 100 مدني في القرى الثلاث.
وقال الصحفي والناشط "شادي صعب" -المقيم في محافظة السويداء- في حديث مع سوريون من أجل الحقيقة العدالة يوم 28 تموز/يوليو 2018، إن شهود عيان من قرى عدة تحدثوا له عن وقوع عمليات إعدام ميدانية طالت نساء وأطفال، حيث قام عناصر "تنظيم داعش" بإعدام 84 مدنياً من آل الجباعي وآل صعب وآل أبو عمار في منازلهم في قرية الشبكي، متوزعين على 13 أسرة، بينهم 27 إمرأة و7 أطفال، كما أعدموا 19مدنياً جميعهم من آل صعب في منازلهم في قرية الشريحي، متوزعين على ثلاث أسر لم ينجو منهم إلا فتاة واحدة لم تكن في المنزل أثناء الهجوم.
وأضاف الصحفي نقلاً عن شهود عيان في قرية غيطة حمايل أن "تنظيم داعش" تمكن من قتل ثمانية مدنيين في منازلهم قبل اندلاع اشتباكات بين عناصر وأفراد مسلحين من "جماعات الحماية الأهلية"، في حين تمكن من قتل 21 مدنياً داخل منازلهم أيضاً في قرية الرامي، وهم من أربع أسر.
وحول آلية تنفيذ الهجوم على القرى، قال شاهد عيان -وهو جريح ناجٍ ٍ من آل الجباعي- إن عناصر "تنظيم داعش" هاجموا القرى ضمن مجموعات تضم كل واحدة نحو 30 إلى 50 عنصراً، دخلوا إلى القرى بمساعدة رجال من البدو ورعاة الأغنام الموالين للتنظيم، حيث أرشدوهم إلى المنازل التي تقطع على أطراف القرى، وتابع قائلاً:
"كان البدوي المرافق للعناصر يقوم بطرق الباب والنداء على صاحب المنزل، وعندما كان يخرج صاحب المنزل كان عناصر التنظيم يطلقون النار عليه ومن ثم يدخلون المنزل ويقتلون جميع من فيه."
وأشار الصحفي "صعب" أن هذه الهجمات طالت قرى شريحي وشبيكي ودوما وغيطة حمايل والرامي وطربا والكسيب وتيما في الريف الشرقي، وفي الريف الشمالي بقرية المتوني التي قتل فيها أربعة مدنيين وقرية السويمري التي قتل فيها مدنيين اثنين نازحين بالطريقة ذاتها، وجميعها قرى متاخمة لمواقع سيطرة "تنظيم داعش" يفصلها بضع كيلومترات فقط عنه وسكانها من الطائفة الدرزية، تركت بدون حماية.
وقال مصدر محلي –طلب عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية- إنه في يوم 25 تموز/يوليو 2018 عند الساعة الخامسة استهدف عناصر "تنظيم داعش"في بداية هجومه نقطتي مراقبة للقوات النّظامية السورية تتبع لـ"ميليشيات الدفاع الوطني"، أول نقطة هي "تل الهش" وتقع قرب قرية دوما وفيها خمسة عناصر فقط قتلهم "تنظيم داعش" وتكمن من خلال ذلك من دخول قرية دوما من الجهة الشرقية حيث اشتبك عناصر التنظيم مع بعض مدنيين في القرية الذين يملكون أسحلة خفيفة تستخدم للصيد وأفراد من "مجموعات الحماية المحلية"، وقتل خلال هذه الاشتباكات 19 مدنياً ومسلح، وفي ذات الوقت دخلت مجموعة أخرى إلى قرية الكسيب ودارت اشتباكات هناك أسفرت عن مقتل 3 مدنيين، كما دارت اشتباكات مماثلة في قرية تيما لم تسفر عن قتلى، بالتزامن مع ذلك هاجمت مجموعة أخرى من "تنظيم داعش" نقطة مراقبة ثانية للقوات النّظامية السّورية عند "تل البصير" قرب قرية طربا وقُتل إثر الهجوم جميع عناصر المراقبة التابعين لـ"الدفاع الوطني" أيضاً، ودارت اشتباكات بين "تنظيم داعش" وأفراد "مجموعات الحماية المحلية" داخل قرية طربا وأسفرت عن مقتل 6 من التنظيم و 4 من أبناء القرية.
وأضاف المصدر أن مجموعة أخرى من "تنظيم داعش" تسللت من منطقة اللجاة الى الريف الشمالي للمحافظة، استخدموا بنادق آلية ورشاشات وأحزمة ناسفة، إضافة إلى وجود مجموعات أخرى متمركزة في التلال معها قناصات ومدافع هاون وكان التنظيم يحاصر القرى من كل الجوانب.
وحول أوصاف العناصر الذين نفذوا الهجمات، قال شهود عيان في قرية شبيكي إن بعض العناصر كانوا من جنسيات غير سورية، حيث أن بنيتهم الجسدية وأصواتهم ولغتهم مختلفة، كما أنهم كانوا يرتدون قمصان زرقاء طويلة وسراويل بيضاء فضفاضة ولهم لحى طويلة، كما أن بعض العناصر كانوا يحملون بطاقات شخصية أظهرت أنهم من سكان مخيم اليرموك جنوب العاصمة دمشق، كذلك أضاف بعض الناجين أنهم تمكنوا من تميز أصوات وتحديد هويات بعض البدو المرافقين للعناصر.
فيما يتلعق بأسباب الهجوم وتزامنه مع سحب القوات النّظامية السّورية عناصرها بشكل شبه تام من المنطقة، قال مصدرين محليين –رفضا كشف هويتهما لأسباب أمنية- في حديث مع سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، إن هناك احتمال لتورط القوات النّظامية بهذا الهجوم، حيث أن الهجوم جاء بعد اجتماع بين وفد من ضباط روس و"رجال الكرامة"[1] طالب فيه الروس من الأخير تسليم جميع الأسلحة التي تملكها "مجموعات الحماية المحلية" و"رجال الكرامة" للقوات النّظامية السّورية، بعد أصدرت قناة قاعدة حميميم غير الرسمية تصريحات بوجود تنظيمات إرهابية في السويداء بحسب المصادر المحلية التي قالت إن هذه التصريحات موجهة لـ"رجال الكرامة" وتصفهم بالإرهاب، لذلك سهلت القوات النّظامية السّورية الهجوم على المحافظة بهدف استنزاف قوة "الحماية المحلية" و"رجال الكرامة" لتسهيل السيطرة على المحافظة لاحقاً، وفق المصادر.
وأوضحت المصادر المحلية أنها لا تملك "أدلة قطعية" تدين تورط القوات النّظامية إلا أن هناك مؤشرات كثيرة على ذلك، منها سحب القوات النّظامية معظم عناصرها قبل أيام قليلة من وقوع الهجوم وتقاعسها عن صد الهجوم واستقدام تعزيزات ومؤازرات لاسيما أن مطار الثعلة العسكري يبعد مسافة 15كم عن موقع الهجوم.
وأشارت المصادر أن في محافظة السويداء ما لا يقل عن 50 ألف شاباً مطلوباً للخدمة العسكرية الإلزامية، حيث طالب وفد الضباط الروسي بالتحاق هؤلاء الشبان بالفيلق الخامس التابع للقوات النظامية، الأمر الذي رفضه "رجال الكرامة" مصرين على تحييد المحافظة عن أي صراع داخلي.
وشهدت محافظة السويداء يوم 25 تموز/يوليو 2018 هجمات دامية وتفجيرات استهدفت مركز المدينة وهجوماً برياً استهدف ثمان قرى في الريف الشرقي، بلغت حصيلته غير النهائية مقتل ما لا يقل (240) شخص بين مدني ومسلح من "مجموعات الحماية الأهلية"، وجرح 170 آخرين حيث أعلن تنظيم "الدولة" مسؤوليته عن الهجمات مدعياً أنه استهدف مواقع عسكرية ومقرات أمنية للقوات النّظامية السّورية الأمر الذي نفاه نشطاء محليون مؤكدين استهداف تجمعات مدنيّة، حيث نشرت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة أخباراً مفصلة حول الحوادث.
[1] مشيخة العقل هي التي تتولّى الخدمة الروحية والاجتماعية العليا لطائفة الموحدين الدروز في سوريا بموجب القوانين المرعية التي كرَّست استقلالها التام بشؤونها الدينية، واوقافها الخيرية، وهي التي تتولى تشريع أنظمتها وإدارة مؤسساتها طبقاً للأحكام الروحية للطائفة وامتيازاتها المذهبية والقوانين والأنظمة المستمدة منها.