قتل ما لا يقل عن 11 شخصاً بينهم نساء وأطفال بقصف للقوات النّظامية السّورية وحلفائها على مناطق عدة في محافظة درعا جنوبي سوريا، وذلك خلال الفترة ما بين بدء المفاوضات والتوصل لاتفاق نهائي حول مصير تلك المناطق، في الأول من تموز/يونيو 2018 وحتى السادس من الشهر ذاته، حيث جاء القصف خرقاً للهدنة والتهدئة المُعلن عنها من أطراف التفاوض.
وتعرضت بلدة أم المياذن لغارة جوية يعتقد أنها من طائرات حربية روسية أسفرت عن مقتل متطوع في الدفاع المدني السوري يوم 6 تموز/يونيو 2018، كما تعرضت بلدة صيدا لغارات جوية من طائرات القوات النظامية والروسية اسفرت عن مقتل أربعة أطفال وامرأتين، وفي الرابع من الشهر ذاته في بلدة اليادودة قتل شخص جراء قصف بالبراميل المتفجرة، وذلك بحسب ما نشر الدفاع المدني السوري في محافظة درعا، كما أحصى قصفاً بصواريخ أرض أرض على الأحياء الخاضعة ليسطرة الفصائل المعارضة في مدينة درعا وقصفاً جوياً على بلدات ومدن طفس وصيدا وأم المياذن واليادودة والنعيمة.
صورة القتيل: سليمان محمد المفعلاني.
المصدر: الدفاع المدني السوري.
من جهته، نشر "مكتب توثيق الشهداء في درعا" حصيلة قتلى سقطوا جراء قصف للقوات النظامية السورية وروسيا خلال فترة المفاوضات، حيث وثق مقتل أربعة مدنيين في 6 تموز/يونيو 2018، وثمانية آخرين بقصف استهدف مناطق بالريف الشرقي للمحافظة في الخامس من الشهر ذاته، وثلاثة مدنيين بينهم امرأة بقصف جوي أيضاً على الريف الشرقي في الثاني من الشهر ذاته، وستة مدنيين بينهم ثلاث نساء في قصف مماثل في الأول من الشهر ذاته.
وقال الباحث الميداني في سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، إن سيطرة القوات النّظامية المتسارعة على مدن وبلدات الريف الشرقي وعدم توفر خدمة الإنترنت سببت صعوبات في تصوير وتوثيق جميع الاستهدافات والقتلى في المنطقة، كما أن معظم الناشطين المحلين والإعلاميين كانوا ومازالوا ملاحقين من قبل القوات النظامية والأهالي في المناطق التي سيطرت عليها القوات النظامية يتخوفون من نشر أي معلومات متعلقة بأعداد القتلى والعثور على جثث عائلات تحت أنقاض القصف.
ومن جانبه، أكد العميد "إبراهيم الجباوي" المتحدث باسم "غرفة العمليات المركزية" التي خاضت المفاوضات مع الوفد الروسي حول الريف الشرقي في محافظة درعا، في حديث مع سوريون من أل الحقيقة والعدالة يوم 11 تموز/يونيو 2018 أن القصف الذي حدث أثناء المفاوضات هو انتهاك لكل الاتفاقات وخرق للاتفاق المبرم مع الروس، حيث أنهم أعلنوا هدنة وتهدئة أثناء سير عملية التفاوض إلا أنهم والقوات النظامية قاموا بالقصف.
وتابع: "المفاوضات لم تكن مفاوضات بالمعنى الحقيقي للكلمة كانت عبارة عن إملاء شروط وقرارت تحت التهديد للفصائل المعارضة، حيث قالوا إما ان تقبلوا بالشروط وإما ان نقتلكم، لم يكن هناك سماع للطرف الآخر المفاوض (وفد الفصائل)".
صورة مأخوذة من القناة الرسمية "تلغرام" لغرفة العمليات المركزية في الجنوب السوري والتي تضم فصائل المعارضة السّورية المسلحة (الجيش السوري الحر وفصائل إسلامية).
وكانت المفاوضات حول مصير الريف الشرقي لمحافظة درعا بدأت في 30 حزيران/يوليو 2018، حيث تشكلت لجنة من شخصيات مدنية وعسكرية لتفاوض وفداً روسياً حول تسليم المنطقة، لكن الشخصيات المدنيّة انسحبت بعد خوض جولة مفاوضات واحدة في 1 تموز/يونيو 2018، واستمر ممثلوا الفصائل العسكرية المعارضة بالتفاوض ليعلنوا في الرابع من الشهر ذاته فشل المفاوضات وذلك عبر حساب "العمليات المركزية في الجنوب" على تطبيق تلغرام، لتعاود القوات النّظامية والروسية قصف الريف الشرقي واستمرار العمليات العسكرية البرية لها، ليتم استئناف المفاوضات في السادس من الشهر ذاته ويتوافق الطرفان على اتفاق ينص على :
وقف إطلاق النار وبدء الفصائل المعارضة تسليم سلاحها الثقيل تدريجياً مقابل انسحاب القوات النظامية السورية من بلدتي الجيزة والمسيفرة وقريتي السهوة والكحيل وعودة المهجرين إليها بضمانة روسية، كما تضمن تسلّم النظام وقوات روسية كامل الحدود مع الأردن وإدارة معبر نصيب و"الطريق الحربي"[1] إضافة إلى نقاط التماس مع "جيش خالد بن الوليد" المبايع "لتنظيم الدولة الإسلامية/داعش" غربي درعا.
ونص الاتفاق أيضاً على عودة عمل الدوائر الرسمية والموظفين ورفع علم الحكومة السورية وتعمل تحت سيطرة القوات النظامية، في حين تبقى البلدة وتسييرها تحت سيطرة "الفيلق الخامس" الذي شكلته روسيا، بسبب عدم السماح للميليشيات الأجنبية دخول درعا، كذلك تضمن الاتفاق "السماح" للأهالي والفصائل العسكرية الرافضيين للإتفاق إلى محافظة إدلب شمالي سوريا، وإجراء تسوية أوضاع للمطلوبين للقوات النظامية وإعطاء مهلة للمنشقين عنها المتخلفين عن الخدمة العسكرية الإلزامية مدة ستة أشهر للالتحاق بها.
والفصائل التي وقعت على الاتفاق هي "قوات شباب السنة" بقيادة أحمد العودة في مناطق نفوذها الممتد من حدود محافظة السويداء وحتى معبر نصيب، وفصائل "غرفة عمليات البنيان المرصوص" في مناطقها الممتدة من معبر نصيب وحتى قرية خراب الشحم، و"جيش الثورة" في مناطقه الممتدة من خراب الشحم إلى مدينة نوى، بينما لم توقع الفصائل المسيطرة على شمالي غربي درعا الممتد من مدينة نوى إلى منطقة "مثلث الموت" وحدود الجولان على الاتفاق.
صورة تُظهر نسخة عن الاتفاق الذي تمّ توقيعه بين فصائل الجنوب والجانب السوري/الروسي.
وكانت القوات النظامية السورية وحلفائها بدأت عملية عسكرية في محافظة درعا في 15 حزيران/يوليو 2018 وقتل منذ بدأئها عشرات الأشخاص ونزح عشرات الآلاف باتجاه الحدود السورية مع الأردن وشريط الجولان المحتل، حيث أبدت الأمم المتحدة قلقاً على حياة أكثر من 320000 نازح، وسط رفض الأردن فتح حدودها أمام النازحين وسماحها بإدخال مساعدات بسيطة لهم، لتتمكن القوات النظامية لاحقا من السيطرة على كامل الشريط الحدودي مع الأردن.، حيث سبق أن نشرت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة أخبار وتقاير مفصلة حول الأحداث.
[1] وهو الطريق الوحيد الذي يصل ريفي محافظة درعا الشرقي والغربي ببعضمها كما يصل بلدة نصيب بمحافظة السويداء.