واصلت القوات النظامية السورية وحلفائها حملتها العسكرية الأعنف على مدن وبلدات ريف درعا الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة اعتباراً من تاريخ 15 حزيران/يونيو 2018. وشهد يوم 27 حزيران/يونيو 2018، سقوط عدد كبير من المدنيين ما بين قتلى وجرحى في مناطق ريف درعا الشرقي والغربي، وذلك إثر القصف الجوي العنيف الذي تعرّضت له تلك المناطق، بواسطة الطيران الحربي والمروحي التابع للقوات النظامية السورية وبمساندة سلاح الجو الروسي.
وبحسب الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فقد أدى القصف الجوي العنيف على بلدة الطيبة في ذلك اليوم، إلى وقوع مجزرة راح ضحيتها سبعة مدنيين بينهم ثلاثة أطفال من عائلة واحدة، بينما أدى القصف على بلدة داعل في اليوم ذاته إلى مقتل ستة مدنيين معظمهم من النساء والأطفال، كما أفاد بأنّ عدد الضحايا المدنيين الذين سقطوا إثر القصف والغارات الحكومية، وتحديداً في يوم 27 حزيران/يونيو 2018 وحده في عموم ريفي درعا الشرقي والغربي وصل إلى أكثر من أربعين مدنياً، بينما تجاوز عدد الجرحى مئة جريح، مشيراً إلى أنّ الطيران الحربي التابع للقوات النظامية كان قد ركزّ القصف على مناطق في ريف درعا الشرقي والغربي مثل (صيدا والمسيفرة والجيزة وكحيل ورخم وأم المياذن وطفس وإبطع وداعل)، علماً بأنّ هذه المناطق تحوي على آلاف النازحين داخلياً وخاصة هؤلاء الذين فروا من مناطقهم التي سيطرت عليها مؤخراً القوات النظامية السورية، كما لفت الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ عدد الغارات الجوية في يوم 27 حزيران/يونيو 2018، وحده وصلت إلى أكثر من (270) غارة، إضافة إلى (80) برميل متفجر كانت قد ألقته الطائرات المروحية، فضلاً عن المئات من قذائف المدفعية وراجمات الصواريخ.
وكانت القوات النظامية السورية وحلفائها قد تمكنت قبيل يوم واحد وتحديداً بتاريخ 26 حزيران/يونيو 2018، من السيطرة على أجزاء من مدينة بصر الحرير وبلدة مليحة العطش، وذلك بالتزامن مع سقوط قتلى وجرحى من المدنيين إثر عمليات القصف العنيفة على ريف درعا، وكانت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة قد أعدت خبراً عن ذلك، كما كانت المنظمة قد أصدرت خبراً آخراً حول إعلان بلدات ريف درعا الشرقي مناطق منكوبة بسبب تعرضها لهجمات العنيفة، إلى جانب أنها أعدت تقريراً حول عمليات القصف العنيفة التي تعرّض لها ريف درعا الشرقي والغربي، والتي تسببّت في وقوع ضحايا مدنيين، وذلك اعتباراً من تاريخ 15 حزيران/يونيو 2018 وحتى تاريخ 20 حزيران/يونيو 2018.
ومن الجدير ذكره بأنّ مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، كان قد أعرب في وقت سابق، عن القلق بشأن التقارير التي أفادت مؤخراً بوفاة وإصابة مدنيين بينهم أطفال في محافظة درعا، وذلك منذ بدء هجوم القوات الحكومية لاستعادة المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في جنوب غرب سوريا. وأشار إلى أن حياة نحو (750) ألف شخص معرضة للخطر بسبب القتال على الأرض والقصف الجوي.
صورة تظهر أحد الأطفال الذين راحوا ضحية القصف الجوي على بلدة الطيبة وذلك بتاريخ 27 حزيران/يونيو 2018، مصدر الصورة: نشطاء من بلدة الطيبة.
"حسن المقداد" وهو أحد ناشطي ريف درعا الشرقي، قال لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ القوات النظامية السورية وحلفائها كانت قد صعّدت من القصف الجوي مؤخراً على جميع مناطق سيطرة المعارضة المسلحة في محافظة درعا، مشيراً إلى أنّها تمكنت من السيطرة على عدة بلدات في يوم 27 حزيران/يونيو 2018، لكن بعد تدمير شبه كامل لهذه المناطق، مثل (المليحة الشرقية وناحتة)، وتابع قائلاً في هذا الصدد:
"أدى القصف على بلدات ومدن (صيدا والمسيفرة والجيزة) إلى خروج عدة مشافي ميدانية عن الخدمة، وذلك إثر قصفها بغارات من قبل الطيران الحربي السوري/الروسي، كما خرج مركز الدفاع المدني في مدينة المسيفرة عن الخدمة بعد تعرضه للغارات أيضاً، ووصل عدد النازحين من ريف درعا الشرقي إلى أكثر من (150) ألف مدني، جميعهم توجهوا إلى القرى الحدودية مع الأردن، ولكن قَصف النظام السوري بدأ بالوصول إلى هذه القرى، فاضطر المدنيون إلى الانتشار في السهول القريبة من الحدود مع الأردن والذي بدوره منع السوريين الفارّين من القصف من دخول أراضيه، وكانت قوات النظام قد منعت المدنيين من الدخول أيضاً إلى محافظة السويداء أو التوجه إلى دمشق، ومن الجدير ذكره بأنّ الأخيرة تتجه حالياً نحو مدينة الحراك ومدينة بصرى الشام الواقعة بالقرب من الحدود الأردنية، الأمر الذي ينذر بكارثة انسانية كبيرة."
صورة تظهر ضحايا أطفال مجهولي الهوية، كانوا قد قُتلوا إثر القصف الجوي العنيف الذي تعرضت لها بلدة الغارية الشرقية، وذلك بتاريخ 27 حزيران/يونيو 2018، مصدر الصورة: نشطاء من البلدة
كما شهد يوم 27 حزيران/يونيو 2018، إعلان القوات الحكومية السورية عن فتح ثلاثة معابر آمنة لخروج المدنيين من ريف درعا، الأول (معبر طريق الغارية الغربية-خربة غزالة) والثاني (طريق طفس-داعل- الأوتستراد الدولي)، إضافة إلى معبر (طريق كفرشمس-دير البخت)، وأعلنت أيضاً عن تجهيزها مركز إقامة مؤقتة بالقرب من بلدة جباب في ريف درعا الشمالي، ودعت المدنيين الخارجين من مناطق سيطرة المعارضة السورية للتوجه إليه.
ومن جهته أشار الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ أكثر من (700) عائلة من ريف درعا، كانت قد وصلت إلى مركز الإقامة بالقرب من بلدة جباب، ولم ترد تفاصيل أخرى عن أوضاعهم الحالية في ظل التشديد الأمني الكثيف في المنطقة.
صورة تظهر جانباً من تجمع المدنيين في معبر بلدة داعل في ريف درعا، من أجل التوجه إلى مراكز الإيواء التي أنشأتها القوات النظامية السورية وذلك بتاريخ 27 حزيران/يونيو 2018، مصدر الصورة: نشطاء من درعا.