الرئيسية تحقيقات مواضيعية وفاة طفل وإصابة ثمانية آخرين بحالات تسّمم غذائي في مخيم مبروكة غربي مدينة رأس العين/سري كانييه

وفاة طفل وإصابة ثمانية آخرين بحالات تسّمم غذائي في مخيم مبروكة غربي مدينة رأس العين/سري كانييه

ورد إلى المركز الطبي داخل المخيم خلال شهر أيار/مايو 2018، عدد من الحالات المصابة بتسّمم غذائي، وذلك عقب عدة أيام فقط من توزيع معونات غذائية منتهية الصلاحية على أهالي المخيم

بواسطة wael.m
309 مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية حجم الخط ع ع ع

مقدمة: شهد مخيم مبروكة الواقع غربي مدينة رأس العين/سري كانييه، وفاة أحد الأطفال وإصابة ثمانية آخرين بحالة تسّمم غذائي حاد، وذلك خلال شهر أيار/مايو 2018، وبحسب العديد من شهود العيان والإفادات التي حصلت عليها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فقد وردت إلى المركز الطبي داخل المخيم بتاريخ 22 أيار/مايو 2018، عدة حالات لأطفال كانوا قد أصيبوا بالتسّمم، وذلك عقب عد أيام فقط من توزيع معونات غذائية على أهالي المخيم، وبحسب ما أفاد به أحد المصادر الخاصة من إدارة المخيم، فإنّ هذه المعونات تضمنت معلّبات غذائية منتهية الصلاحية، وقد قامت إحدى المنظمات الإغاثيةالدولية وتدعى "Handicap"، بتوزيع هذه المعونات على أهالي المخيم.

وبحسب الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فقد سادت حالة من الخوف والذعر بين أهالي المخيم، عقب تعرَض عدد من الأطفال للإصابة بحالات تسّمم غذائي، فيما سيطر القلق على أعضاء الكادر الطبي العاملين داخل المخيم، وذلك بسبب خطورة الإصابات التي وردت إليهم، وعدم جهوزية المركز لاستقبال هكذا حالات، مشيراً إلى أنّ إدارة المخيم باشرت بإجراء تحقيق فوري حول هذه الحادثة.

وكان مخيم مبروكة قد شهد في وقت سابق من العام 2017، وفاة ثلاثة أطفال خلال شهر كانون الأول/ديسمبر 2017، وذلك نتيجة البرد القارس ونقص الخدمات الطبية، وكانت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة قد أعدت تقريراً مفصّلاً حول هذه الحادثة وحمل عنوان "البرد ونقص الخدمات الطبّية" يتسبّب في وفاة ثلاثة أطفال في مخيم مبروكة، يحتوي المخيم على أكثر من 8000 نازح قادمين من دير الزور والرقة."

ولم يكن مخيم مبروكة هو الوحيد الذي تمّ فيه تسجيل حالات وفاة، إذ شهد مخيم الهول الواقع شرقي مدينة الحسكة هو الآخر، تسجيل (24) حالة وفاة داخل المخيم خلال شهر آذار/مارس 2018، وذلك عقب انتشار مرض "الحمي التيفية" القاتل بصورة ملحوظة داخل المخيم، وقد كانت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة قد أعدت تقريراً حول هذا الموضوع، وحمل عنوان "حالات وفاة في مخيم الهول عقب انتشار مرض "الحمى التيفية، تمّ تسجيل (24) حالة وفاة داخل المخيم غالبيتهم من النساء والأطفال، وذلك حتى بداية شهر نيسان/أبريل 2018 مع وجود 269 إصابة أخرى."

كما كانت المنظمة قد أعدت في وقت سابق، ورقة حقائق حول مخيمات "النازحين داخلياً" والموجودة في مناطق الإدارة الذاتية في شمال سوريا، وقد عرضت هذه الورقة معلومات أساسية حول المخيمات المتواجدة في المناطق التي تخضع لقوات سوريا الديمقراطية.
 

أولاً: أين يقع مخيم مبروكة ومن يقطن فيه:

لمّا اندلعت الاشتباكات والمعارك ما بين القوات النظامية السورية من جهة وعناصر تنظيم "داعش" من جهة أخرى، وتحديداً في مناطق ريف دير الزور وريف الرقة في العام 2015، هرب العديد من أهالي تلك المناطق قاصدين ريف محافظة الحسكة الخاضعة لسيطرة للإدارة الذاتية من الجهة الجنوبية والجنوبية الغربية، حيث توافد النازحون -داخلياً- إلى أراضي ريف الحسكة لكنّ أعدادهم كانت قليلة بداية الأمر، فكانت الإدارة الذاتية تقوم إما بنقل النازحين إلى داخل المحافظة أو إلى مخيم الهول الذي كان جاهزاً آنذاك، لكن مع اشتداد المعارك ما بين الطرفين في العام 2016، وتوافد العديد من الأهالي باتجاه محافظة الحسكة، بدأت الإدارة الذاتية بتأهيل أرض زراعية تقع غربي مدينة رأس العين/سري كانييه بمسافة تقدر بحوالي (40) كلم، وبتاريخ 28 كانون الثاني/يناير 2016، تمكنت من تأسيس مخيم مبروكة من أجل استقبال النازحين هناك.

ويقطن في المخيم حوالي (4600) نازح -داخلياً- من مناطق ريف دير الزور والرقة، وذلك بحسب إحصائيات تمّ العمل عليها من قبل إدارة المخيم حتى تاريخ 24 أيار/مايو 2018.

صورة مأخوذة بواسطة القمر الصناعي، تبين الموقع التقريبي لمخيم مبروكة.

ثانياً: حالات تسّمم عقب توزيع معلّبات غذائية منتهية الصلاحية:

بتاريخ 16 أيار/مايو 2018، بدأت إحدى المنظمات الإغاثية وتدعى "Handicap"، بتوزيع مساعدات غذائية على النازحين داخل المخيم، ثمّ عاودت توزيع تلك المساعدات بتاريخ 20 أيار/مايو 2018، وكان أغلب تلك المساعدات عبارة عن معلّبات غذائية، وذلك بحسب "أبو محمد"/اسم مستعار، وهو أحد الأهالي الذين نزحوا من دير الزور إلى مخيم مبروكة وذلك في مطلع العام 2018، إذ تحدّث لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلاً:

"أغلب المساعدات التي تمّ توزيعها علينا كانت عبارة عن معلّبات غذائية (دجاج وسمك معلّب وجنبة معلّبة وفول وحمّص)، حيث حصلت كل عائلة مؤلفة من سبعة أشخاص أو أقل على سلّة معونات تحوي بداخلها حوالي (23) قطعة معلّبات، أما العائلات التي كانت تزيد عن السبعة أشخاص، فقد حصلوا على سلتين من المعونات، وقد لاحظت أنّ المعلبات كانت ذو إنتاج محلي وخاص بشركات تجارية، ولم تكن المنظمة قد أزالت ذلك الشعار بعكس غيرها من المنظمات التي لا ترّوج لأي شركة من الشركات الغذائية، كما قامت المنظمة بتوزيع المساعدات الغذائية على جميع أهالي المخيم."

وأضاف أبو محمد بأنّ ثلاثة أطفال توافدوا إلى المركز الطبي الذي تشرف عليه إدارة المخيم وذلك بتاريخ 22 أيار/مايو 2018، حيث أصيب ثلاثة أطفال بحالة تسّمم غذائي حاد وتمّ وضعهم تحت الرقابة الطبية مدة (24) ساعة، وخلال أقل من يوم توافد إلى المركز الطبي سبعة أطفال آخرين لا تتجاوز أعمارهم سبع سنوات، وكانوا مصابين بالتقيؤ الشديد وتمّ تشخيصهم على أنهم مصابين بحالات تسّمم، إلا أنّ أحد الأطفال ويبلغ من العمر أربعة أعوام، توفي عقب يوم واحد من إخضاعه للعناية المشدّدة دون معرفة سبب الوفاة، وذلك بتاريخ 24 أيار/مايو 2018.

أحد العاملين في المركز الطبي داخل المخيم، قال لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنهم صُدموا بمدى خطورة الحالات التي استقبلوها، والتي وردت إليهم دون سابق أي إنذار، وفي هذا الخصوص تحدّث قائلاً:

"خلال يومين استقبلنا (9) حالات لأطفال تمّ وضعهم تحت العناية المشدّدة نتيجة إصابتهم بالتقيؤ الحاد، كما تمّ إجراء غسيل معدة جزئي لهم، إلى جانب توصيل "السيرومات" لهم، إلا أنّ أحد الأطفال ويدعى "لؤي هيثم" ويبلغ من العمر أربع سنوات، كان قد فارق الحياة لأنّ بنيته الجسدية لم تحتمل التسمم والتقيؤ الشديد وهو ما أدى إلى الوفاة والجفاف، وبعد وفاة هذه الحالة، تمّ نقل خمس حالات أخرى خطرة إلى مشافي رأي العين القريبة من مخيم مبروكة من أجل علاجهم، وما حصل أنّ أغلب عائلات أولئك الأطفال كانوا قد أكدوا على عدم تناول أطفالهم إلا بعض المعلّبات الغذائية الجديدة وبعض الخبز والمياه لا أكثر، فقام الفريق الطبي بالبحث داخل خزانات المياه القريبة من مكان تواجد هذه العائلات، إلا أنها كانت نظيفة ولم يبقَ أمامهم إلا فحص سلة المعونات والمعلًبات، وقد تمّ رفع طلب إلى إدارة المخيم من أجل النظر في هذا الموضوع."

وأضاف المصدر الطبي بأنّ إدارة المخيم إضافة إلى بعض منسقي المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، قاموا بفحص السلل الغذائية التي تمّ توزيعها مؤخراً، وتبيّن لهم وجود أصناف منتهية الصلاحية منذ أكثر من شهر وخاصةّ من الدجاج المعلّب وبعض أصناف البقوليات، وهو ما استدعى تشكيل فريق فوري لسحب تلك المعلّبات من أهالي المخيم، مشيراً إلى أنه لم يتم حتى الآن تعويض النازحين بأي معونات إضافية ولم يتم النظر بالموضوع حتى.

وفي شهادة أخرى أدلى بها أحد أهالي المخيم وهو والد لطفلين كانا قد تعرضا للإصابة بحالة تسّمم، إذ قال لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّهم لاحظوا وجود بعض المياه داخل إحدى المعلّبات، إلا أنهم لم يعطوا للأمر أي أهمية وتابع قائلاً:

"لم نعطِ للأمر أي أهمية بما أنّ الجو كان حاراً ومن الممكن أن تحدث هذه الأمور، إلا أنّ أحد الجارة أخبرني بأنه قام برمي بعض المعلّبات بسبب عدم وجود تاريخ صلاحية عليها، وقد لاحظ هو الآخر وجود مياه ذات لون أبيض داخل العلبة، وعندما قمت بقراءة تاريخ الصلاحية على إحدى معلّبات الدجاج، صدمت عندما وجدت بأنّ تاريخ انتهاء الصلاحية كان 1 نيسان/أبريل 2017،  لكن يبدو أنني علمت بذلك متأخراً، فقد كان طفليّ الاثنين كانا قد تناولا إحدى معلّبات الدجاج، وفي الصباح أصيبا بحالة تقيؤ حادة، فانتظرنا بعض الوقت ولم تتحسن حالتهما، فقمنا بإسعافهما إلى المركز الطبي الوحيد داخل المخيم، وحينها رأينا أربعة أطفال آخرين يعانون من ذات الأعراض التي يعاني منها طفلاي، لكن والحمد لله فقد استجاب طفلاي للعلاج وبدأا بالتماثل للشفاء، لكن وعقب يومين من هذه الحادثة قامت إدارة المخيم بمصادرة جميع هذه المعلّبات ولم يتم تعويضنا عنها، بما أنّ هذه السلة كانت قوتنا لشهر رمضان."

وحسبما أفاد  أحد المصادر الخاصة من إدارة المخيم لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فإنّ الإدارة قامت بفحص أغلب المعلّبات الغذائية وخاصة تلك التي تحوي دجاجاً معلباً، وتبين لهم أنها معلّبات منتهية الصلاحية منذ أواخر العام 2017، مشيراً إلى أنّ الإدارة كانت قد سمحت لمنظمة "Handicap"، بتوزيع تلك المعونات، بما أنّ منظمة أجنبية ومعروفة، كما قال بأنهم سمحوا للمنظمة بالتوزيع دون أن يتمّ الكشف على تلك المعونات الغذائية، نظراً لأنّ لهم بروتوكول معين، وليس من حقّ الإدارة أن تقوم بفحص تلك المعونات بسبب وجود لجان مراقبة خاصة بالمنظمة، وتابع قائلاً:

"لقد قمنا بفتح تحقيق حول القضية، وطلبنا من المنظمة حضور جلسات داخل المخيم بمشاركة قوات الأسايش، إضافة إلى لجنة من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وذلك من أجل إعادة النظر فيما حدث، وأيضاً سنحاول تعويض النازحين المتضرّرين وخصوصاً أهالي الطفل الذي فقد حياته نتيجة التسمم."

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد